أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - منى الحاج - من وحي ذاكرة ربيعنا العراقي














المزيد.....

من وحي ذاكرة ربيعنا العراقي


منى الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 3677 - 2012 / 3 / 24 - 11:08
المحور: سيرة ذاتية
    


من وحي ذاكرة ربيعنا العراقي

ان تطأ قدمك احدى سيارات الأجرة (الكيا) فالعاقبة هي الإنصات لمزيد من الأحاديث التي تنهال على مسامعك برغبة ام بدونها هكذا اعتدنا منذ تهاوى صنم البعثيين ، بعد ان وجدت افكارنا واحاديثنا فضاءات تحتويها وجُلها يتخذ من شأننا العراقي زادا له فبين حانق ومتذمر لمآل الأوضاع بعد 2003 ،وآمل بغد يمحو سيئات ابناء لم يدّخروا سيئة إلا واجتروها على اديم خطواتنا ، لكن الحال بدأ مختلفا هذه المرة فما ان شاطرتني تلك السيدة المسنّة المقعد الأمامي حتى جمعنا قاسما مشتركا قرّب المسافات بيننا حين بدأت تقصُّ حكايتهم بعد ان ضاقت بهم الأرض بما رحبت وكيف ان القدر امهلهم باقي المتبقي من حياة أُريد لها ان تكون كاحتباس فضاءات كوننا المتهاوية على عروشها وعادت بها ذاكرتها إلى حيث جنوبها المغضوب عليه لا لذنب إلا لكونه الجنوب وكأني بها تتحدث بضمير الذاكرة الجمعية لشعب استُبيحت حرماته على حين غفلة من زمن ماجن ، فبدأت بسرد احداثا لحكاية تأبى النهاية ، فكّرتُ في سري ربما هي تراجيديا حداثوية وكما ينظّر لها نقديا إذ النهاية تنفتح على احتمالات عديدة ! ، كانت نوبات السعال الهاجمة دون هوادة جزأ من ذلك العمل التراجيدي ؛ فسنوات الجوع والخوف أبت إلا أن تنقش آثارها في جسد من الضعف على المقاومة حتى بدت وكأنها في أواخر شيخوختها ، لكنها حين تأتي على ذكر بعض الأحداث القريبة كحرب الثمان سنوات وان بكرها للتوّ دخل الجامعة فهذا يبدد احتمالية السن التي توحي بها هيأتها ، "ازيزها يطنُّ في أذني تلك الطائرات التي وزعت الموت بعبث جنوني" ظلت تردد هذه العبارة مستدركة القول "كنّا نلوذ بالنخيل علّه يحمينا" ولتطلقها حسرة تحرق بها قذارات الكان وربما الكائن الذي خذلهم بنيّة مسبقة ،
كانت ترغب بالحديث بشراهة لا تقل عن شراهة الإستماع التي اكتنفتني ربما لإشتراكنا بالمأساة ذاتها ، لكن (مع السلامة خاله ) ... ولتتبعني موجات من الدعاء تبعد عني كل مكروه ، إذ إنني ترجلت من السيارة إلى حيث دائرتي مضيت بخطوات اثقلها كم المصائب التي جادت بها لحظات عابثة قيل انها عمرنا المهدور ، وتذكرت ذلك الربيع الذي استحيلت به الحياة نهرا قانيا تعومه رغبات مسعورة كنّا لمّا نزل طلاب في الجامعة وكانت الأنباء تتوالى علينا عن قرب حدوث كارثة اسموها حرب الخليج الثانية وكأن الأولى ذات الثمان سنوات التي أتت على الأخضر دون اليابس لم تغن عن جوعهم شيئا وحانت الساعة ولنجد انفسنا في عطلة قسرية يفرضها المزاج الحربي ، ايام ثقيلة كثقل قنابلهم المقذوفة على ارواح لمّا تشهق بعد ،
ياستار تعالت الأصوات في باحة إستعلامات الدائرة وهو ما اعتيد عليه بعد كل دويٍّ يخلِّفه انفجار ملتهما مكانا ما في خريطة ارواحنا ، لم آبه له فقط حاولت التخلص من الجوّ الكئيب الذي وضعني فيه أنين تلك المرأة التي تمنتني ان اكون موظفة في المصرف الذي تتقاضى منه حقوق زوجها وولديها الذين ذهبوا مع ريح الإنتفاضة ابان التسعينيات والتي سرعان ماأُخمد جذوتها نعيب الغربان وفحيح العربان ، ما حدث لا ولن يتخيله عقل سوي فتوحدت الإرادة مع من لا إرادة لهم واتخذ القرار وكأن وقرا لفّ ارجاء (المعمورة !) ، ولتذهب ادراج الرياح صرخات الأستغاثة لشعب اعزل لا جريرة له إلا انه كان من الحالمين بحياة تحترم آدميته ، واستحالت بعدها ارض الأجداد مقبرة تترنم بنشيد من جاوز ببصيرته حدود بصرهم عندما سأل صاحبه ان يخفف الوطء إذ ان أديم الأرض من الأجساد ، اجل ايها المعري وكأني بصيحتك لم تجد لها موطأ قدم إلا في رحاب ارضنا المدماة فصار الموت لصيق خطواتنا المتعثرة بحظها العاثر ولتتوالى بعدها الحكايات على بلد الألف حكاية وحكاية ، حكايات يغلب عليها الطابع الفنطازي لكنها فنطازيا الواقع الذي ينشب اظفاره في أديم ارضنا السوداء مقتلعا نخلة هنا وخانقا شهقة هناك ، ولتغيب عن ناظريه حقيقة تصدح اننا سليلوا من بحثوا عن نبتة تمنح الحياة خلودها .



#منى_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثرثرة اسئله
- نصوص مشذبه
- وللذاكرة هديرها
- سذاجه
- ما اكثر مبدعوك ياعراق !
- محض دخان ...!
- انفاس لزمن محتبس
- هواجس ...لابدمنها
- يقينيات سومريه_2
- يقينيات سومريه
- الجواهري ...النهر الثالث**
- طور تاسيس وبناء....ام محاكاة وتقليد....؟
- مشهد ضبابي
- ما بين الامس واليوم
- ألأن....؟
- ارض السواد
- مهلا....انه السيد العراق
- قمم حجريه
- ضئيل على الانصهار
- حجر بيضوي


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - منى الحاج - من وحي ذاكرة ربيعنا العراقي