أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى خليل - لا أمام سوى العقل













المزيد.....

لا أمام سوى العقل


مجدى خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3623 - 2012 / 1 / 30 - 09:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنت أسمع فى الأمثال الشعبية المصرية مقولة " العقل والدين يا رب"،أى دعوة لله ليثبتهم على العقل وعلى الدين، فالعقل منحة الهية جبارة، ليس فقط كجهاز معقد تتجلى فيه قدرة الخالق وإعجازه الفريد، ولكن أيضا حرية العقل هى المنحة الألهية الكبرى للإنسان، وعلى مدى التاريخ كبلت السلطات الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية العقل بكثير من القيود البالية لكى تستعبد الإنسان وتدخله الحظيرة،فكل أشكال الإستبداد لا تخاف سوى من العقل الحر، فالحرية والديموقراطية الليبرالية والتنوير والمعرفة والحداثة والعلمانية والتسامح والكرامة الإنسانية والإبداع والتفرد والانفتاح وقبول الآخر بل والثورة كلها منتجات للعقل الحر المتمرد على القيود، وفى المقابل فأن التخلف والجمود والعنصرية والإرهاب والدوجما وضيق الأفق وكراهية الآخرين والإستعلاء الدينى هى منتجات للعقل غير الحر، المستعبد والمقيد بموروثات دينية أو نتاج أستبداد سياسى أو تعليم فاسد أو ثقافة شيفونية أو مناخ أجتماعى مغلق ومتخلف.ولهذا صدق ابو العلاء المعرى فى مقولته الخالدة " كذب الظن لا أمام سوى العقل"، بل أن كانط الاب الروحى لمصطلح التنوير عرفه بأنه الأستخدام الحر للعقل أى إعمال العقل، وعرف القصور بأنه حالة العجز عن إستخدام العقل خارج قيادة الآخرين، والكسل والجبن كما يقول هما الأسباب الرئيسية لتخلى الإنسان عن عقله الحر وتسليمه للآخرين، وهناك مقولة جميلة تقول " كن شجاعا واستخدم عقلك". والمثل أنجليزى يقول " قول الحقيقة عمل ثورى"، وأنا اضيف أن أستخدام العقل هو عمل ثورى، فلا يوجد ثورة أهم من ثورة العقل.
كنت أتصفح مذكرات شخصية كتبها عالم أمراض السرطان اللبنانى البارز الدكتور فيليب أديب سالم، الحائز على جائزة الحرية من الكونجرس، ووسام كومانديتور من إيطاليا، وميدالية شرف آليس ايلند التى تمنح للشخصيات الكبرى التى قدمت خدمة عظيمة للحضارة الأمريكية، وهو يتكلم عن عظمة وسلطان العقل حيث كتب فى شهادته الثمينة "فى عيادتى أكون اقرب ما يمكن أن أكون إلى الله. هذه هى كنيستى، هنا أصلى طول النهار، مدى النهار، وصلاتى هى مشاركة المرضى فى آلامهم وعذاباتهم، وبعث الآمل والحياة فيهم. هنا رهبة المسئولية، مسئولية الحياة والموت. وهنا رهبة القداسة،إذ إن القداسة تكون فى الارتقاء إلى فوق. بأن تنسى من أنت ومن تكون،وأن تعمل من آجل الآخرين،بأن تذوب الأنا،وأصبح أنا أنت. وفى عيادتى،أنت أنسان مهدد بالموت،وأنا إنسان طبيب اعمل على سلخ الموت عنك وعلى بعث الحياة فيك. الله وحده قادر على بعث الحياة،الا أن الله قد انعم على الإنسان ومنحه العقل. هذا العقل هو شئ منه، وهو أعظم ما خلقته يداه، هذا العقل هو أعلى مراتب الوجود، ودونه لا يكون الوجود. لقد خلق الله العقل ليتمكن الإنسان من صنع المعرفة التى هى ضرورية للقضاء على المرض والموت. والمعرفة دائما هى حالة ديناميكية متغيرة متطورة كل يوم، وهى تحدد ماهية الطب وعظمته، ودونها يصبح الطب شعوذة. وفى الطب ليس هناك شئ خارج المعرفة. وهنا أود أن اعترف أمام الله أنه فى الواحد والأربعين سنة التى عشتها أستاذا وباحثا وطبيبا فى معالجة الأمراض السرطانية،لم ار يوما مريضا واحدا تم شفاؤه من خارج المعرفة، ولم ار أعجوبة واحدة خارج أعجوبة العقل. هذا عن المعرفة،الا أن السر الذى قد يجهله الكثير من الناس والمرضى والأطباء هو أن المعرفة وحدها لا تكفى، فالمعرفة تحتاج إلى أشياء كثيرة ليتمكن الطبيب والمريض من الغلبة على المرض والانتصار على الموت. أهم هذه الأشياء أربعة: المحبة والرجاء والجرأة والنفس الطويل".
فى بعض الأوقات اتصفح الجديد فى عالم التكنولوجيا واندهش كيف حقق العقل الإنسانى كل هذا التطور المذهل فى أقل من عقدين من الزمان، فى عمر الأرض الذى مر عليه آلاف السنين،قرأت أنه خلال عدة سنوات سينتهى عصر الساتلايت والكابل حيث كل شئ سيكون عبر الانترنت، قرأت عن جهاز تليفزيون انتج بالفعل سيكون قادرا على التقاط ومضات من الأنترنت تستطيع نقل المحطات التليفزيونية من الانترنت مباشرة بصورة شديدة الوضوح(هذا يختلف عن ال آى بى تى فى الموجود بالفعل)، قرأت عن تليفزيون آخر ستستعمله فى معظم حوائجك: عليه يرن تليفونك وجرس منزلك ومتصل بكميوترك وبمحطات العالم كله،أى أن حياتك كلها تقريبا متجمعة أمام هذا التليفزيون، قرأت عن تليفزيون آخر تستطيع أنت أن تتحكم فى حجمه مثل السينما، ولكنه تليفزيون ينقل جميع المحطات وبيرموت تغيره مثل التليفزيون العادى، قرأت عن كتاب صدر فى بريطانيا يقول أن الصحفى الذى لا يستخدم الفيس بوك والتويتر مثله مثل الصحفى الذى كان لا يقرأ الجرائد منذ عدة عقود.
كنت فى جلسة مع استاذ صديق فى مستشفى أمريكى شهير وكنا نتحدث عن الخلايا الجذعية، وشرح لى بقوله أنه فى خلال عدة سنوات قليلة ستحدث ثورة فى الطب لا مثيل لها من قبل تضاهى أختراع الأنترنت، نتيجة لهذه الخلايا الجذعية التى سوف تحل معظم المشاكل الطبية الكبيرة. واستغربت من أن الرئيس السابق جورج دبليو بوش كان يرفض تمويل أبحاث الخلايا الجذعية لأنه سلم عقله لخرافات دينية عقيمة تعادى العقل الحر.
إن ما لفت نظرى فى شهادة د. فيليب سالم هى قوله لم ير شيئا خارج سلطة المعرفة ولم يعرف معجزة تفوق العقل، ولهذا عندما يعجز البشر عن التسلح بالمعرفة والاحتكام اليها يلجئون إلى الخرافات أو يتوهمون معجزات دينية هى بحكم تعريفها الدينى معجزة،أى حالة استثنائية ، ولكنهم يعمموها على كافة مناحى حياتهم، وبدلا من العمل والاجتهاد والمثابرة والنضال ينتظرون قوى خفية تحميهم وتشفيهم وتدافع عنهم وتنتصر بدلا منهم وتنتقم لهم وتطارد اعداءهم، ويتفرغون لمطاردة الوهم وترويج الخرافة وتغييب العقل وتجريف المعرفة واحتقار الاجتهاد والتهوين من نتائج الكفاح والنضال والتعويل على العالم الغيبى...
لقد كذب الوهم والظن ولا أمام سوى العقل... والمعرفة قوة.



#مجدى_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكم خطير وهام للمحكمة الدستورية العليا
- تحية للبرادعى
- هجرة الأقباط بعد ثورة 25 يناير
- عام الغضب الشعبي
- شخصيات الثورة المصرية لعام 2011: رؤية شخصية
- ماذا يعنى سقوط الدولة؟
- كيف اختطف الإسلاميون الثورات العربية - كتاب جديد لجون برادلى ...
- هافيل والشحات وأشياء أخرى
- الخطأ الأمريكى الأستراتيجى الثانى فى التقارب الجديد مع الإسل ...
- هل يصطدم الأخوان بالعسكر؟
- ثورة ولا مش ثورة؟
- الصفقة السياسية المفضوحة
- ماذا يعنى أختيار الجنزورى؟
- العسكر والإنتخابات وأشياء أخرى
- أهمية الإنتخابات القادمة: فى حالة عدم تأجيلها
- خطاب عنصرى للشيخ القرضاوى
- ماذا يقول تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان؟
- ماذا يريد المجلس العسكرى من المصريين؟
- هل يتعظون من القذافى؟
- دروس من أنتخابات نقابة أطباء الأسكندرية


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى خليل - لا أمام سوى العقل