أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد الحروب - الانتخابات الفلسطينية: حل أم مشكلة؟















المزيد.....

الانتخابات الفلسطينية: حل أم مشكلة؟


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 3615 - 2012 / 1 / 22 - 23:44
المحور: القضية الفلسطينية
    


الاتفاق المبدئي على إجراء انتخابات فلسطينية في شهر مايو القادم كإحدى خلاصات المصالحة الفلسطينية أمر يُرحب به من دون أدنى شك، فالمحافظة على الانتخابات الدورية في أي نظام سياسي هي إحدى علامات سلامة وصحة ذلك النظام، ومكون مركزي من ديمقراطيته، إذ تهدف الانتخابات إلى توفير آلية للتداول السلمي على السلطة وتقنين التنافس والصراع بين المجموعات السياسية في إطار الكيان السياسي الواحد. والتنافس والصراع، وليس الوحدة والانسجام، هما سمة التكتلات السياسية في أي فضاء شبه مفتوح، وهذا شيء طبيعي وملازم لنشوء وتكون المجتمعات البشرية تاريخيّاً وجغرافيّاً. وعلى مدى قرون كانت "آلية" حسم التنافس والصراع بين المتنافسين السياسيين تتمثل في الاحتكام إلى قوة السلاح والتغلب. وإن حظي طرف أو مجموعة بالغلبة (والشوكة) فإنه قد يخضع الأطراف الأخرى بالقوة والقمع. والديمقراطية آلية توصلت إليها المجتمعات الحديثة كي تتخلى عن منطق الاحتكام إلى القوة لفض الصراعات والتنافسات الداخلية. وهي مرة أخرى مجرد "آلية" وليست أداة سحرية لحل المشكلات والمعضلات التي تواجه المجتمعات. وهذه نقطة أساسية في فهم الديمقراطية (والانتخابات أيضاً)، ذلك أن كثيراً من الفهم السائد للديمقراطية وخاصة في مجتمعات الانتقال الديمقراطي، أو مجتمعات الاستبداد، يخلع عليها إمكانيات لا تدعيها. فالديمقراطية في التصور التخيلي للبعض ستجلب حلًا سريعاً وقاطعاً لكل المعضلات ودفعة واحدة: الفقر، البطالة، الفساد، العدالة الاجتماعية، مواجهة التدخلات الخارجية.. الخ. وهي بهذا تتحول إلى "برنامج سياسي" أو إيديولوجية مطلوب منها تحقيق قائمة طويلة من المطالب التي تراكمت في عهود وعقود الاستبداد المنقضية.

على العكس من ذلك لا تتجاوز وظيفة الديمقراطية توفير الأجواء الصحية والسلمية للبرامج السياسية والإيديولوجيات المختلفة كي تتنافس وتصل إلى السلطة. ووقتئذ، أي حال تسلم الظافر منها السلطة، يصبح مطلوباً منه تطبيق البرنامج السياسي الذي يريد من خلاله معالجة المعضلات التي تواجه المجتمع. وفي هذه المرحلة، أي مرحلة ما بعد الانتخابات، فإن دور الديمقراطية يتحول إلى تعزيز المحاسبة وترسيخ مجتمع الشفافية وإسناد القضاء المستقل والإعلام الحر بهدف محاصرة السلطة بالرقابة الدائمة وقطع الطريق على أي سوء استغلال للسلطة. وكل ذلك يتم في نطاق سيادة واستقلال تامين، وعلى أرضية دستورية وقانونية متوافق عليها مسبقاً تحدد الأسس المركزية التي تستند عليها العملية الديمقراطية برمتها، والاجتماع السياسي للمجموعة الوطنية والبشرية المعنية. وهنا فإن الأرضية الأكثر صلابة لقيام ديمقراطية حقيقية وفاعلة هي الدستور الذي يؤكد على مدنية الدولة والمساواة التامة بين الأفراد على قاعدة المواطنة وليس على أية قاعدة إثنية أو دينية أو طائفية مهما كانت غالبة في المجتمع المعني. وبشكل أكثر مباشرة فإن الدستور الذي ينص على أولوية إثنية معينة على بقية الإثنيات، أو دين على بقية الأديان، لا يؤسس لديمقراطية أو مناخ سياسي عادل وصحي وراسخ. وكل ما سبق هو سيرورة سياق حدوثها كيان سياسي مستقل وسيادي، وهو مختلف عن الوضع الفلسطيني.

فلسطينيّاً، تتم الانتخابات تحت سقف الاحتلال الإسرائيلي وفي غياب سيادة تامة، وفي ظرف تاريخي لا يزال الشعب الفلسطيني يناضل فيه من أجل التحرير والحرية. وبهذا فإن "المشروع الديمقراطي" في فلسطين يواجه معضلات بنيوية هائلة لا يواجهها ذات المشروع في البلدان الأخرى التي تمر بعمليات انتقال ديمقراطي. ولكن هذا لا يعني بأي حال إدارة الظهر، فلسطينيّاً، للديمقراطية والعملية الانتخابية، إذ على رغم كل المعوقات الناشئة عن الوضع غير الطبيعي تبقى ممارسة "نصف ديمقراطية" أفضل ألف مرة من غيابها كاملة. ولكن الوضع غير الطبيعي يستلزم مقاربة مختلفة ومبدعة للديمقراطية وللانتخابات التي هي مكونها الأساسي. والفلسطينيون لا يتحركون في فضاء حر يستطيعون فيه ممارسة حرية الانتخابات وتخويل صندوق الاقتراع للقيام بحسم الصراع والتنافس السياسي الداخلي بطريقة طبيعية كما يحدث في وضع طبيعي يتسم بالسيادة والاستقلال. فالعالم كله يقف على أطراف أصابعه إذا نظمت انتخابات فلسطينية، وكل طرف يستعد للانقضاض على النتيجة: إسرائيل، الدول الإقليمية، الولايات المتحدة، أوروبا، الأمم المتحدة، وهكذا. فـ"صندوق الانتخابات الفلسطيني" هو أكثر صندوق في العالم يخضع للمراقبة ونتيجته تؤثر في معادلات وسياسات وقد تقلب أموراً كثيرة رأساً على عقب. وما أفرزه هذا الصندوق عام 2006، بفوز "حماس" في الانتخابات، قاد إلى حصار إسرائيلي قاتل لقطاع غزة، ثم حرب عليها، وداخليّاً تسبب في انقسام فلسطيني مدمر. والسبب الجوهري في ذلك أن العملية الديمقراطية وانتخاباتها تمت تحت الاحتلال وفي ظل غياب السيادة والتحرر.

وما زالت الشروط البنيوية المسيطرة على الوضع الفلسطيني هي ذاتها: احتلال إسرائيل والتغول الدائم لغطرستها، وتهديدات الولايات المتحدة، وانحياز الغرب، إضافة إلى غياب السيادة الفلسطينية والإرادة الحرة التي توفر للفائز بالانتخابات المناخ الصحي والحر لتطبيق برنامجه السياسي. وفي الوقت نفسه هناك حاجة فلسطينية ماسة للانتخابات لأن الشرعية السياسية للوضع القائم سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة قد تهاوت إن لم نقل انتهت. ففترة رئاسة أبو مازن انتهت، وفترة حكم "حماس" القائمة على شرعية الفوز بانتخابات 2006 انتهت هي الأخرى، وبالتالي هناك ضرورة ملحة لشرعية جديدة. ولكن الخطورة هنا أن "صندوق الانتخابات الفلسطيني" قد يأتي بنتيجة تعيد تأزيم الأمور (نظراً للمعضلات البنيوية التي ذكرت) في الوقت نفسه الذي يؤسس فيه لشرعية جديدة. وبمعنى آخر، لو فازت "حماس" مرة أخرى في الانتخابات، وبقيت مسيطرة على قطاع غزة، فما الذي سيختلف؟ أو ماذا لو فازت "فتح" في قطاع غزة، هل ستتخلى "حماس" عن بنيتها الأمنية وسيطرتها هناك؟ وماذا لو فازت "حماس" في الضفة الغربية؟ هل تستطيع في هذه الحالة إدارة الأمور والضفة كلها بشكل أو بآخر هي في قلب الحوت الإسرائيلي؟

إن أحد الحلول لهذه المشكلات يتمثل في بعض الأفكار الخلاقة التي يطرحها الدكتور ناصر الشاعر، وزير التربية السابق، من خلال الوصول إلى توافقات مسبقة بين الكتل المتنافسة المختلفة. وأهم هذه التوافقات هو عدم خوض الانتخابات بهدف الحسم بل بهدف المشاركة فقط. أي أن كلاً من "فتح" و"حماس" وغيرهما لا يخوض الانتخابات لاكتساحها، لأن احتكار أي طرف للنتيجة سيعيد الأمور للمربع الأول ويضيع سنوات أخرى على الفلسطينيين. ولو فازت "فتح" في الضفة وغزة، مثلاً، فإن معارضة "حماس" ستفشل أية سياسة قادمة، والعكس صحيح. ولذا فالحل الأفضل هو الاتفاق على خوض الانتخابات للوصول إلى نتيجة انتخابية "جبهوية" يتمثل فيها الجميع في المجلس التشريعي وفي الحكومة، وكل ذلك للتعامل مع عملية التحول "نصف الديمقراطي" في الحالة الفلسطينية التي لا يزال الاحتلال هو المتحكم فيها.



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسارات الرواية العربية
- النظام السوري... وفزاعة التدويل
- تاريخ مرير... وبعث بلا قيامة!
- -حماس- والمصالحة... والمقاومة السلمية
- الهجوم على برهان غليون: من -اغتيال العقل- إلى -اغتيال السياس ...
- تفاقم العنصرية الأميركية ضد الفلسطينيين
- الإسلاميون والسلطة: نهاية الإيديولوجيا
- النظام السوري واستقرار إسرائيل
- ما البديل عن التدخل الخارجي؟
- الثورات العربية والانقسامات الطائفية
- الشعوب بين الإصلاح والثورات
- معنى الثورة: النهر ضد المستنقع
- هل يبرز فكر قومي جديد؟
- فلسطين وبدائل -الدعم- الأميركي
- إلغاء -الرباعية- الدولية
- فلسطين: تغيير قواعد اللعبة!
- الملكيات العربية: إما الملكية الدستورية ... وإما النهاية
- الإسلاميون وسذاجة فهم العلمانية
- نهاية عصر العجرفة الإسرائيلية!
- جدل التدين والمواطَنة


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد الحروب - الانتخابات الفلسطينية: حل أم مشكلة؟