أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوسف الكلاخي - التاريخ الذي لم ينته بعد















المزيد.....

التاريخ الذي لم ينته بعد


يوسف الكلاخي

الحوار المتمدن-العدد: 3600 - 2012 / 1 / 7 - 02:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بعد سقوط النظام الشيوعي بزعامة الاتحاد السوفياتي سنة 1991، وبعد سقوط جدار برلين سنة 1989في ألمانيا ونهاية تاريخ الاديولوجيات وصراعها الذي دام عقود، وظهور نظام أحادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية الذي يسترشد معالمه من النظام الرأسمالي ويؤسس شرعيته على الديمقراطية، تعالت صيحات تندر بنهاية التاريخ أمام بروز هذا النظام الذي أنتجته السياقات والأحداث التاريخية التي عرفها العالم ابتداء من القرن السابع عشر، ومرورا بالحربين العالمية الأولى والثانية تم الحرب الباردة. وعلى رأس من تبنى هذه الأطروحة (نهاية التاريخ) فرنسيس فوكو ياما الذي اعتبر أن نهاية الحرب الباردة إنما نهاية للتاريخ، وذلك عن طريق وضع حد للأفكار الأيديولوجية في التاريخ الإنساني وانتشار قيم الليبرالية الديمقراطية الغربية.
وللدفاع عن هذه الأطروحة وما مدى إخضاعها لفكرة نهاية التاريخ، اعتبر فوكوياما أن الديمقراطية المعاصرة قد بدأت في النمو منذ بداية القرن التاسع عشر، وانتشرت بالتدرج كبديل حضاري في مختلف أنحاء العالم ضد الأنظمة الديكتاتورية. وفي نظره أن فكرة الصراع التاريخي المتكرر بين " السادة" و"العبيد" لا يمكن أن يجد له نهاية واقعية سوى في الديمقراطيات الغربية واقتصاد السوق الحر. كما أن الاشتراكية الراديكالية أو الشيوعية لا يمكنها لأسباب عدة أن تتنافس مع الديمقراطية الحديثة، وبالتالي فإن المستقبل سيكون للرأسمالية أو الاشتراكية الديمقراطية. وطبقا لنظرية فوكوياما، فإن الديمقراطية قد أثبتت في تجارب متكررة منذ الثورة الفرنسية وحتى وقتنا هذا أنها أفضل النظم التي عرفها الإنسان أخلاقيا وسياسيا واقتصاديا. ولا يعني فوكوياما أن نهاية أحداث الظلم والاضطهاد في التاريخ قد انتهت، وإنما التاريخ هو الذي انتهى، حتى وإن عادت نظم استبدادية للحكم في مكان ما، فإن الديمقراطية كنظام وفلسفة ستقوى أكثر مما قبل.
رغم التجاوب الذي لقيته هذه الأطروحة في صفوف عدد كبير من المفكرين والساسة ابتداء من سنة نشرها 1989، إلا أن التاريخ نفسه يعود من جديد ليقوم بتنفيذها وضحدها ويثبت من جديد أن تاريخ الإنسانية يسير نحو التقدم وليس له نهاية معينة كما اعتقد فرنسيس فوكوياما واعتبر أن النظام الرأسمالي والديمقراطية الأمريكية هي أحد أشكال وتجلي نهاية التاريخ.
إن ما يعيشه العالم اليوم من ثورات وأزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية وإنسانية، يجعل المرء يؤمن أن التاريخ لا نهاية له. فقد أكدت هذه الثورات فشل النظام الرأسمالي والديمقراطية، فبقدر ما واعد هذا النظام الرأسمالي المجتمعات بالرخاء والمساواة والعدالة الاجتماعية والحرية، بقدر ما جلب لها الويلات والمعانات، فقد تسبب هذا النظام في تفقير عدد كبير من الفئات المجتمعية سواء في أوروبا أو في دول العالم الثالث وفي ضياع الحقوق وظهور طبقة مالكة لوسائل الإنتاج ومحتكرة لها بلغة ماركس إن شئنا القول وطبقة تعيش على عتبة الفقر والحرمان والتهميش، كما تسبب هذا النظام في ضياع أغلى ما يملك الإنسان ألا وهي الكرامة الإنسانية التي طالما دافع عنها الشرفاء والمناضلون، فقد أصبح كل شيء في زمن النظام الرأسمالي سلعة يتاجر بها في الأسواق التجارية الكبرى التي يقوم بتسييرها كبار الرأسماليين، فحتى الجسد في نظرهم سلعة تباع في السوق ويتهافت عليها مساسو الدماء، ومن تبعات النظام الرأسمالي أنه قضى على الطبقة الوسطى وقسم الناس بالقوة إلي فقراء وأغنياء، أغنياء يزدادون غنا وفقراء يزدادون فقرا، وما يسري على النظام الرأسمالي يسري على الديمقراطية التي مافتئت أمريكا في كل المحافل الدولية والملتقيات تطبل باسمها وتتخذها قرآنا ينبغي حفظه في كل لحظة كما لو كان وحيا، فباسم الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة أبادت أمريكا شعب الهنود الحمر لا لاشيء إلا لأنها شعوب همجية وبربرية لا تستحق العيش، وباسم الديمقراطية دخلت أمريكا العراق ونكلت بأسيادها وجعلتهم عبيدا في زمن نهاية العبودية، ولازلت إلى حد الآن تنشر ديمقراطيتها عن طريق منظمات المجتمع المدني وهيئاته وتقيم الندوات والمؤتمرات من أجل أن تنشر هذه الديمقراطية التي أصبحت في حكم العرف واهية.
إن الثورات والأزمات التي يشهدها العالم خلال هذا العقد الأخير، وخصوصا الثورات العربية هي صرخة مدوية في وجه النظام الرأسمالي المتوحش وفي وجه الديمقراطية الأمريكية، وفي وجه من أرادوا أن يجعلوا الإنسان مجرد سلعة وآلة تخضع لمشيئتهم وإرادتهم. لقد أعادت الثورات العربية سؤال التاريخ الذي اعتقد فيه فوكو ياما أنه انتهي ليتم بدايته من جديد على شاكلة ملهاة وتراجيديا ومأساة، لقد أعادت هذه الثورات كذلك موضوع الإنسان وحريته في تقرير مصيره كفرد قادر على المساهمة في بناء الحاضر واستشراف المستقبل، لقد أعادت هذه الثورات سؤال ما جدوى السياسة والذين يمارسونها إن لم تكن تخدم الصالح العام للمجتمعات وما جدوى جلوس الحكام في كراسي لا تتحرك، وإن تحركت يحركها فقط الموت، كما تم العودة في هذه الثورات إلي ما معنى أن يكون الإنسان إنسانا، فمعنى أن تكون إنسانا في نظر من قادوا الثورة وماتوا من أجلها هو أن تشعر أنك موجود ليس بالفعل ولكن بالقوة، هو أن تحس أن لك كرامة لا ينتهكها أحد سواء أكان هذا الأحد ذا نفوذ أو قوة، هو أن يكون لك حق في الصحة والتعليم والشغل والمشاركة السياسية والمجتمعية، هو أن تكون مواطنا فاعلا وليس مفعولا به، كما أن هذه الثورات ساهمت بشكل كبير في تأسيس ديمقراطية المشاركة التي تنبع من مشاركة أكبر فئة عريضة من الناس في إتحاد القرار، ولا أدل على ذلك الانتخابات التي شهدتها مصر وتونس التي عرفت مشاركة حقيقة، لم يشهد مثلها تاريخ مصر ولا تونس وقد كان الرابح الأكبر في هذه الانتخابات هي الديمقراطية، فقد اعتبر بعض الاعلامين في مصر أن هذه الانتخابات لم تعرفها مصر مند الحضارة الفرعونية، ومن حسنات هذه الثورات كذلك أنها أعادت الفضاء العمومي والشارع إلى وظيفته الأصلية، فلم يبقى الفضاء العمومي حكرا على جماعة أو فئة معينة أو مكان للضبط والمراقبة بلغة مشال فوكو، ولكن فضاء للنقاش والحوار وتبادل الآراء ومحاولة الوصول إلي توافق رغم الاختلاف في الرأي، فحتى الأقليات أصبحت تشارك بشكل كبير في صنع القرار انطلاقا من الفضاء العمومي، بالإضافة إلى هذا فقد أرجعت الثورات العربية النقاش الإيديولوجي الذي انسحب خلال عقود فتم العودة إلى الماركسية ورفع شعاراتها في الوقفات الاحتجاجية والتشهير بصور شيغفارا كرمز تاريخي ونضالي.
إن وصف مميزات وخصائص الثورات التي عرفتها الشعوب العربية لا تعد ولا تحصى، لكنها تجيب بشكل ضمني على أطروحة نهاية التاريخ التي اشتهر بها فوكوياما ودعمها بعض الساسة من الأمريكيين، وتؤكد على أن قدر التاريخ ليس في ديمقراطية الواجهة ولا في النظام الرأسمالي المتوحش الذي يرجع الإنسان لمجرد شيء وإنما مسارات التاريخ ودور الإنسان فيه كفاعل أساسي في صنع الحدث.



#يوسف_الكلاخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم المواطنة بين النظرية والممارسة
- قراءة في كتاب أخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية لماكس فيبر
- مفهوم التقدم في التاريخ


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوسف الكلاخي - التاريخ الذي لم ينته بعد