أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - قراءة في أوراق ضائعة














المزيد.....

قراءة في أوراق ضائعة


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 3585 - 2011 / 12 / 23 - 08:31
المحور: الادب والفن
    



لو قُدّر لتل الزعتر أن يفتح ملفاته يوماً, ويزيل قشرة الصدأ والقيح عن جراحاته ويروي حكاية ابنائه , ممن كتبوا تاريخ المخيم الاسطورة بدم الوريد , وأقاموا من اجسادهم متاريس تحمي نساء المخيم واطفاله الحفاة العراة بين الجثث المحروقة واجساد محاربين لا يملكون هوية الا بطاقة العودة لم توقّع بعد .
بين الرحيلين ليس اكثر من عقد من السنوات اثقلها الهمّ,وأصابها بالتخمّة الوجع والموت والحصار . عشر سنوات تفصل بين حرب المخيمات وسقوط تل الزعتر عام 1976 تلك المجزرة التي نفذّها خدمة للعدو الصهيوني فرسان العروبة وأبطالها . تلك احداث تراجيدية صنعت ابطالا اسطوريين يعجز عنهم الوصف , وتقصر الصفات . كانت في العقد الثالث من العمر , رمحا من رماح بني مازن الانسانة والمرأة المولودة في سحماتا في الجليل الفلسطيني عام 1945 نعمات محمود قدورة ,كانت فتاة يافعة حين سقط زوجها أحمد في تل الزعتر شهيدا , في العقد الرابع وفي نهايته من العمر الذي توزعت سنواته كحبات الذرة على ارض , وزوايا المخيم واوحاله ودروبه حين خسرت في مخيم شاتيلا ولدها عصمت , امرأة تمتلك شجاعة كل الرجال فلم تنكسر شوكتها يوما ولم تنهزم .
كانت هي الحفّار والدفّان والقارئ على شاهدة القبور . والمنتفعون من نكبتنا يساومون خلف الابواب المغلقة على بيع بقايا الوطن الذي لا يعني بالنسبة لهم شيئا ما دامت قصورهم عامرة تظل وكنوزهم لم تمسّ واعضاؤهم سليمة معافاة لم يُصبها التشّوهُ تحافظ على جماليتها وخلقتها الربانية , حيث السماء انطبقت على الارض تسحق الفلسطيني المشرّد بلا هوية وطن وتدق عظمه حدّ النخاع .
كان سقوط مخيم تل الزعتر في 12 آب 1976 علامة فارقة في حياة سكان المخيم وفي حياتها بشكل خاص . ان حصاراً لمخيمٍ سكانه عزّل من كل شيئ الا إيمانهم بأحقيتهم في العيش أفرز بطولات تصّنف في باب الخرافةِ اذا ما قورنت وقيست بآلة القمع والموت , فقطعُ مياه الشرب عن اهل المخيم الذي دفع ثلاثة آلاف من ابنائه شهداء , بسبب الموقف الانساني دفع نعمات لأن تتحدى القناصة الذين وجدوا فرصة اصطياد ضحاياهم في اولئك الذين طلبوا السقاية , فالموت عطشاً في أرض فجرّ الله فيها كل العيون والانهار أمر يرفض المرء تصديقه , ولكي لا تتكرر مأساة الحسين بن علي الموت عطشاً تدرّعت نعمات المرأة والانسانة التي تخشاها حتى قيادات الثورة الفلسطينية واصحاب المسؤولية في الدولة المعروضة في مزادات الثوار , بالموت وغامرت بحياتها من أجل سقاية أُناس محاصرون بالموت عطشاً, فكانت تتسلل ليلاً الى حنفيةً الماء المصيدة وعيون القناصة ترصد وتترصد القادم الى الماء كي تزخّه بالرصاص وحيث قتل عندها العشرات وجرح المئات , في ظاهرة تدخل في باب التحدي وتسقي العطاش . فكانت بذلك انموذجا يستحق التقدير والاعجاب والاقتداء .
ما كنت أولي هذه الانسانة هذا القدر من الاهتمام لو لم أجد فيها تفردا في المواقف وصلابة فاقت ادعاءات كل الأمعات والمزاودين في الحانات الليلية , وجبروت منحها قوة التحدي , لكنه جبروت اصطدم بوحشية ابطال القومية , لكنها ظلت قامة لم تتردد في خياراتها يوما ولم تتراجع وذلك نابع من ثقتها بأن الغد قادم لا بدّ.
تحية وفاء لك منّا نعمات .
...وفي حضرة نعمات الانسانة , لا أنسى ابا الطيب المتنبي في قولته : مَنْ يَهُنْ يَسهَلُ الهوانُ عليه
ما لِجُرْحٍ بميْتٍ إيلامُ
محمود كلّم - بودابست



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناجي وعلي / لو غابوا او تغيبوا !!! من يمسك الريشة والقلم


المزيد.....




- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...
- “سلي طفلك الان” نزل تردد طيور الجنة بيبي الجديد 2024 وشاهد أ ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - قراءة في أوراق ضائعة