أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - عمار مها حسامو - طفلة أمست أُمّاً للعِيال















المزيد.....

طفلة أمست أُمّاً للعِيال


عمار مها حسامو

الحوار المتمدن-العدد: 3573 - 2011 / 12 / 11 - 04:28
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


مع توالي الأيام ومع ازدياد الوعي المترافق بزيادة أعداد الساكنين في أرجاء المعمورة ، تزداد المشاكل المُجتمعيّة ، و رُبّما يزداد المهتمين بها والسّعاعين لعلاجها والحدِّ منها .
تحتل مشكلة التمييز بين الذّكر والأُنثى في المراتب الأولى والمُتقدِمة من المشاكل والأمراض المُجتّمعيّة ، كونها تُشكل نصف المجتمع ، ذاك النصف المُضطَّهد بالفطرة ، الموروث والقانون أيضاً .
يتفنّن المُجتمع و وحوشه في ابتداع أساليب لقهر مكانة المرأة والحدِّ من إنسانيتها فجرائم الدِّفاع عن الشّرف ، المهر ، زواج الصّغيرات ، الإرث ، النّسب ، الجنسية ، العمل والزواج .
يُعرّف الزواج في اللغة على أنّه الإقتران والإزدواج ، زوّج الشيء أي جعله زوجاً " اثنان " وأقرنهما ببعض ، لكن اصطلاحاً يختلف تماماّ عمّا هو عليه في اللغة ، فالزواج هو عبارة عن عقدٍ اجتماعيٍ طرفيه هما الذّكر والأنثى ،عقدٌ قائمٌ على التوافق والإنسجام العقلي ، العاطفي والمنطقي وعلى أساسه يتكاثر الآباء فتتشكل الأُسر التي تكون البُنية التحتيّة والأساسيّة لنشوءِ المجتمعات السَّليمة في حين توافرت تلك الشروط السابقة .
الخطبة وهي إعلان الرّغبة في الزواج ، عبارة عن مدة زمنية تبدأ بالتقدم والإعلان عن مشروع الزواج وتنتهي بالزواج .
عند الجماعات البدائية التي كانت تعيش على الصيد والقنص ، يقوم الرجل بإعلان رغبته إلى المرأة التي اختارها مباشرةً ، ولها كامل الحق في الرفض والقبول بأساليبٍ مختلفة تختلف باختلاف عادات وتقاليد البيئة ، فعند بعضها يأتي الخاطب ببعض صيده فيلقيه أمام المرأة ، فإن أخذته فقد رضيت به زوجاً ، وعند بعضها يأتي الرجل إلى كوخ المرأة فإن أحسنت استقباله فقد قبلت به زوجاً لها و إذا أكل مما قدّمته إليه ، عُقِد الزواج واصطحبها إلى كوخه .
وعلى الرغم أنه كان عصر الحياة البدائية والهمجية " كما يُسمى" لكِنه أكثر تطوراً بما هو عليه الواقع الآن ، إذا راعينا اختلاف الأزمنة بالطبع .
اليوم يتم عقد الزواج بين الخاطب و ولي أمر المخطوبة " أب ، أخ ، عم ، خال ، أيَّ ذكر مِش مُهم ، مُمكن ابن الجيران " يتوسطهما الكاتب الشرعي أو رجل الدين ، قد يعرِفا بعضهما أو ربما فقط شاهدها في صورة و ربما لم يعرف عنها سوى أنها أنثى .

ويتم العقد بعد الإتفاق على المهر في جلسة خاصة تشابه كثيراً جلسة التجار في المزاد و تبتعد كثيراً عن جلسة البشر في إنسانيتهم .
تنتشر في مجتمعاتنا الشرقية ظاهرة "جريمة " زواج الصغيرات تزامُناً مع إنتشار مفهوم " السِّترة " المُتجسِّد في الزواج و الخوف من إنحراف أو شذوذ عن مسير و رغبة العائلة من قبل الفتاة ، فالفتاة وعذُبيّتها عِبارة عن همٍّ ثقيل يقع على عاتِق الأب و ما لهُ إلّا أن يتخلّص منه في أقرب وقت وبالذّات إن توافرت مُغريات وكان المال أهمها ، مع تواجد الشرعية الكاملة للمال المقبوض بما يُمسمى المهر - فغلط الأنثى كفر وغشاء بكارتها هوعماد شرفها وشرف عائلتها - إنه لتجارة مُقوّماتها الظروف الاجتماعية والإقتصادية ، و سيادة العادات والتقاليد التي تعصِف بِمصير الفتيات .
نجود علي الأهدل الطفلة اليمنية ذات ثمانية سنين ، لم يبلغها الحيض بعد ، طفلة تهوى اللعب في أزقة الشوارع ، ترغب بالدراسة والحصول على الإجازة في الحقوق أو الصحافة ، في وجهها ترى القوة والجِرأة كجبال العيبان (1) في وعرها ، زوِّجت في الثامنة بشابٍ يبلغ من العمر ستً وثلاثين عاماً رتبّت لها أمها شعرها الطويل واصطحبتها إلى بيت زوجها ، لبّستها الفُستان الأبيض ، نجود لم تفرح بالفستان الأبيض وطرحته المُنسدِلة كباقي الفتيات ، فبكت .
اغتصبها عدّة مرات أرادت الهروب فكان خوفها الوحيد من أهلها ، لتتجرأ وتذهب إلى المحكمة وحيدة تُطالب بالطلاق والخلاص ، طُلِّقت بعد أن أصبحت قضيتها قضية رأي عالمي وعربي ... لها ما أرادت التخلص من العبوديّة الزوجيّة ، نجود ليست الحالة الفريدة في زواجها فهناك أروى وريم والكثيرات ، لكِنها كانت الفريدة في جرأتها وقوتها ، لم تتخلى عن طفولتها و إنسانيّتها .
كذلك راجاني الطفلة الهندية ذات الخمس سنوات ، استغرقت في نومها قبل بدء مراسم الزواج ، جاء أحد أقاربها لإيقاظها ، حاول كثيراً لكنه لم يستطع كان النوم يغلبها ، فحملها وهي نائمة إلى الكاهن ، عُقد الزواج ومن ثم عاد بها إلى فراشها لتُكمِل نومها .
عائشة " الطفلة ذات العشرة أعوام " أمرها زوجها أن تُخفي وجهها بارتداء النِقاب و الكعب العالي كي تبدو أطول من فتيات العاشرة ، وذلك خوفاً من الشرطة والقانون .
كذلك رهاف " طفلة في الثانية عشر من عمرها " زوّجها والدها من مُسنّ ثمانيني بدون عِلم والدتها " طليقته " ، علِمت الأم بزواج طفلتها مؤخراً فتقدّمت للقاضي الشرعي بدعوة طلاق وبذريعة رفضها للزواج المُبكر ، وفي الجلسة الأخيرة من المحكمة قررّت الأم سحب الدعوة الموجهة ضد طليقها تحت شروط كان أولها ألّا يقيم عليها طليقها أيّ دعوة وأن يُلزَم طليقها بحضانة طفلها الثاني عِوضاً عنها ، رُغم ذلك رفض القاضي أن يغلِق هذه القضية لكنّ الطفلة " رهاف " رفضت أن يُعاد فتح القضيّة مرةً أُخرى وعبّرت بالرغبة بذلك المُسن بِراً بوالديها و لدرء المشاكل بينهما ، رهاف كانت ضحية لراحة الآخرين .
ماذا لو أنهنّ قد تعرضنّ للاغتصاب من ثلاثيني ، خمسيني أو ثمانيني .. لن يقبل بها الأهل ولا رجال الدّين والقانون وحتى المجتمع ، وستأخذ الحكومة أشد التدابير حزماً ... عندها سيعودون إلى اتفاقية حقوق الطفل وسيداو التي يتغافلون عنها الآن لكن ما الفرق بين هذا الزواج والاغتصاب ... هل عقد النكاح يُبرر ذلك !!!
يُبرر رجال الدّين والقانون موافقتهم على عقد هذا الزواج وإتمامه أن الطفلة قد بلّغتهم موافقتها الكاملة وبناءً على ذلك أمضت على صك الزواج ، لكن أليس من المعيب أن يُأخذ هنا بموافقة الطفلة و في البيع والشراء والانتخاب تُعامل على أنّها لم تبلغ سن الرُّشد بعد .
طفلة البارحة ، إمرأة اليوم تلعب بريشة المكياج عِوضاً عن ريشة الرسم لترسم الحياة كما أحبتها ، الحياة الأحلى ، تخُطُ بأحمر الشفاه شفتيها الصغيرتين بعد أن كانت تخطُ الحرف الأول من اسمها والحرف الأول من اسم أعز أصدقائها من الصبيان لتكتُب يساوي حُب .
كانت ترغب أن تتأرجح في مدينة الملاهي كُل عيدٍ ويوم عطلة ، الآن تتصدر المنزل وتتقبل التبريكات ، كانت تدرُس لتصنع طموحاً الآن تُعلم أبنائها كيف لهم أن يصنعوا الطموح ، تنتظر الإستراحة الصّفيّة لتتناول السندويشة ، الآن تراها تعِدّ هذه السندويشة لأبنائها ... إنها طفلة أمست أماً لِأطفال .
حُرمت من الطفولة ببراءتها وحِراكها ... هل ستصلح هذه الطفلة أن تكون أماً ، سيدة المنزل ، مؤسِّسة لأُسرة سليمة ، هل يقوى جسدها الصغير على الحمل والإرضاع ، هل ستُفرز هرمونات الحمل و الإرضاع بشكل طبيعي ، هل سيكون وليدها سوياً أم أنها ستموت بعد الإصابة بالتسمم الحملي (2) والنزيف الدّموي الحاد أو سينفجر رحمها الصغير ولن تحدث الولادة ، أم أنها ستُصاب بأمراضٍ مزمنة في الجهاز العصبي و العظمي ، هل ستكون نتيجة هذا الزواج أسرة فاشلة ، ولد غير سوي ، أمٌ ضعيفة لا تقوى على الحياة بشكلٍ سليم وطبيعي !!

=========
(1)- جبال وعرة تقع في مدينة صنعاء شمال اليمن تُسمى بحصن صنعاء الغربي .
(2)- يُصيب الكثيرات من النسوة أثناء الحمل لكن آثاره السلبية تكون أكثر ضرراً في الزواج المُبكر .



#عمار_مها_حسامو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وفي ميدان التحرير الحُرة تُضرب


المزيد.....




- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...
- الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...
- إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
- تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت ...
- محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - عمار مها حسامو - طفلة أمست أُمّاً للعِيال