أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - بلعمري اسماعيل - أيّها الوطن الناكر للجميل, لن تكون لك عظامي















المزيد.....

أيّها الوطن الناكر للجميل, لن تكون لك عظامي


بلعمري اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3550 - 2011 / 11 / 18 - 20:34
المحور: حقوق الانسان
    



تعالت عويل النسوة وبكائهن على عتبات مصلحة حفظ الجثت في اءحدى مستشفيات مستغانم -غرب الجزائر-. بينما بالكاد وقف شيخ سبعيني مستعينا بعصاه محدقا اءلى باب المصلحة التي خرج منها لتوه كأنما ليودعها وليودع معها ابنه ذو السبع و العشرين عاما و السبعة الأخرين الذين غرقوا معه و لفظت أمواج البحر جثتهم اءلى أهلهم ربما مع رسالة يقرؤها المبصرون, في البر لا في البحر معاشكم ومحياكم و مماتكم يأيّها البشر, ولو علم هذا البحر ما في هذا البر الذي خرج منه غرقاه ما أعادهم اءليه أحياءا ولا أمواتا.
ثمانية جثت صفّت جنبا اءلى جنب و عرضت على المئات من المواطنين المتوافدين من قرى الولاية ومن قرى الولايا ت المجاورة,ملهوفين لمعرفة مصير أبنائهم المختفين منذ عدة أيّام . .
كتم الشيخ فاجعته في صدره ولم يرى المعزون الذين أحاطوا به غير وجهه الشاحب المنهك ونظرته العميقة التائهة, وكل ذلك مألوف عنه لا ميزة فيه اليوم عن الأمس ولا عن أيّ من سالف الأيام ,
ثمانية جثت كلها عدا جثة واحدة لشباب من نفس القرية, قرية سيدي لخضر, قرية الشاعر الّلغز, الذي بدأ شبابه بحياة الخلاعة و المجون وبشعر من صنف شعر أبي نواس, قبل أن تقلب رؤيا حياته ليصير أشهر شعراء الجزائر في مدح النبي محمد عليه الصلاة والسلام, ما تراه كان سيقول لو شهد هذا اليوم المريع في حياة قريته, تلك القرية المحاصرة من الجبال و البحرو الفقر و شياطين الجمهورية ,
ففي جزائر اليوم لا تخلوا صحفها لاءسبوع واحد من أخبار ما أصبح يعرف عالميا الآن بالحراقة, و هو مصطلح جزائري اّخر يدخل العالمية بعد أن سبقه اءليها مصطلح الحقرة الشبيه به ,و هو مصطلح أجهد أساتذة الاءجتماع و النفس و اللغة أنفسهم في اءيجاد نظير له في أيّ من لغات العالم الأخرى من دون جدوى,
الحقرة ليست مصطلح لمفهوم واحد, الحقرة هي مجموع مصطلحات أوجزت في هذا اللفظ ليستعيض بها الجزائري مستغنيا على الاءطناب في مواجهة حالات متكررة, الحقرة هي الظلم و هي الاءضطهاد و هي الاءحتقار الذي اشتقت منه الكلمة, الحقرة هي صرخة البسطاء في الجزائر العميقة السحيقة,المسحوقة تحت أقدام شياطين الجمهورية و أربابها,
الحقرة هي التي دفعت و تدفع اليوم شباب الجزائر في زهرة أعمارهم لركوب قوارب الصيد و الهروب بها من الجمهورية الشحاذين و الاءقطاعيين الجدد,
ليس الفقر ولا الجوع ولا الحاجة من تدفع الشباب اءلى هذا الخيار اليائس و الاءنتحاري, فالفقر والجوع و الحاجة عرفهم الجزائريون و معهم عرف الخوف و الرعب قديما و حديثا حتى رسخ في وجدان البعض أن هذا قدرهم المحتوم, و قابلوا ذلك بصبر و تسليم, ولكنها الحقرة, تلك الكلمة الملعونة التي لاتعني في أدبيات الجزائريين شيئأ واحدا بل أشياء عديدة أولها الظلم و اّخرها الاءحتقار,
الذين ركبوا البحر قاصدين ما وراءه فعلوا ذلك يئسا في ما خلّفوا ورائهم لاأملا في ما وراء هذا البحر, لقد ولّوا بوجوههم عن بلاد لم تعد لهم بعد أن صارت سبيّا لفئة تركها الاءستعمار تمشي حافية القدمين و بالكاد تشبع جوعها, مثلها مثل باقي الشعب الجزائري سواءا بسواء,فئة جعلت منها البيروقراطية المسيّجة الوارثة المحظوظة لفئة المعمريين الفرنسيين, وجعل منها الفساد المنفلت من عقاله و المنفلت من أي حساب أو مساءلة تتورم ثراءا لم تعمل في كسبه جهد يوم واحدا من أيام بناء لايشبع أبنائه اذا شبع هو, فئة لا تكتمل نشوتها ءالا ءاذا استفزت بثرائها باقي فئات الجزائر المسحوقة, متأسية بقارون وحرصه على الخروج لقومه في كامل زينته ءامعانا في المباهاة و ءاشباعا لنزوة الاءستعلاء, فئة تمشي الخيلاء في أروقة السلطة و تدوس في كل خطوة من خطواتها رؤوسا كرؤوس ذلك الشيخ و تلك المرأة و أولئك المعزّين الذين اجتمعوا حول جثت أبنائهم و جيرانهم و أحبائهم وقد أعادها البحر ءاليهم صلبة باردة ساكنة, لم تبلغ مبلغها الذي أمّلت النفس به و لم تغرق ءالى الأعماق السحيقة كتلك التي فرت منها, عسى ذلك لو كان أن يغذيّ أملا كاذبا في نفوس أهاليهم يعيشون به و معه ما تبقى لهم من عمر في هذه الحياة البائسه التعيسة .
ها قد عادت جمهورية الشحّاذين ومسّاحي الأحذية, هاهي ذي تزحف على ما تبقى من سهولنا الخصبة في المتيجة و في غيرها لتشيّدة لسادتها الجدد قصورا كقصور بني أمية و بني العباس, هاهيّ ذي تهب ضرعها خالصا لهم ليحلبوا منه ما شاؤوا لهم ولأبنائهم من دون باقي أبنائها, ها هي ذي جمهورية الأمراء و البؤساء قد عادت بعد أن بشر الجزائريون بزوالها عن أرضهم,
ألم يقل لهم رئيسهم ذات يوم من عام 1963 في ما صار يتداول على أنه طرفة, هل ترون ذلك البرجوازي المتبجّح,ءانه لن يرتاح بالي حتى أجعله مثلكم. –كلمات الرئيس بن بلة وهو يخطب في جمع من الفلاحين و قد مر بهم ثري في سيارته- و قوبلت كلماته بتصفيق الفلاحين, فلا بأس بها من فكرة, ءاذ أن الفقر الموزع بالتساوي هو كذلك ثروة موزعة بعدل, ألم يقل الاءمام علي /ما اغتنى غنيّ ءالا من مال فقير/, أموال من هذه التي يتسلط بها أمراء الجمهورية على رقاب أمثال أولئك الغرقى و الثكلى وعلى الذين سيأتون من بعدهم, كيف يعقل أن لا يقوم سوى نصف العشر من ءاقتصاد البلد على غير المحروقات و في نفس الوقت يحصي البلد هذا الكم الهائل من الأثرياء الجدد الذين لا بسطة تميزهم عن غيرهم في علم ولا في جسم, ولا عملوا عملا خارقا فتح الله لهم به باب رزقا مشروع, هؤلاء لا تعرف لهم غيرميزة التواجد في مناصب جعلت منها البيروقراطية مناصب الوصاية على ريع البلاد و رزق شعبها و قوته.
ها قد سلت جمهورية الأمراء سيف قانونها لتجرّم الحرقة بوصفها هجرة غير شرعية, ها هو برلمان الجمهورية يصادق على قانون تجريم الحرقة, و ها هي ذي محاكم جمهورية الأمراء تجر ءالى أروقتها من خاب مسعاه في الهروب منها و نجا من موج البحرليمثل أمامها بديلا عن سرّاق المال العام, و ناهبي أخصب أراضي البلاد, هاهي ذي تتلقفهم من السجن الفسيح لتلقي بهم في في السجن الضيق, لا يريدونهم بعيدا عنهم, و لا يريدونهم قريبا جدا, فقط في مدى بصقاتهم.
أمام المحاكم التي يسميها البعض عدالة يعرض أبناء الجزائر الغير نافعة, جزائر العبئ , جزائر بيوت الصفيح, جزائر الأعماق السحيقة, ليحاسبوا على الفرار من النعيم ءالى الجحيم. .
هؤلاء الذين يحاكمون في بلادهم كمجرمين لا ذنب لهم سوى محاولتهم الخروج فرارا من أرض يخرج باطنها كنوزه وافرة لتضعها تحت سمعهم و بصرهم و أمالهم في يد و جيب فئة أفسدت عليهم بلادهم حتى صارت غير صالحة لحياتهم و لا لمماتهم¸ فئة أفسدت بمالها قيم المجتمع و تاجرت بأعراض أبنائه و بناته و استرخصت حياتهم و كرامتهم حتي صارت الكلى تباع و تشترى في جزائر اليوم, و يباع فيها الرضّع سلعة لأصحاب النعيم, و لو كانت الأعمار تباع لباع فيها فقراءها لأغنيائها أعمارهم لأطعام أبنائهم و التعجيل بالرحيل عن دنيا حكمت عليهم العيش في بلاد لا كرامة فيها لفقير و لا عزة فيها له.
ها قد عادت جمهورية الخمّاسة / فلاح في أرض غيره له خمس الغلة/ , ها قد عادت جمهورية الاءقطاع لتغرق شباب البلاد في بحر الروم بعد أن أغرقها أبائهم و أجدادهم في بحر دمائهم المسفوكة على مذبح الحرية.
يا لها من جمهورية, يا لها من ناكرة للجميل.



#بلعمري_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - بلعمري اسماعيل - أيّها الوطن الناكر للجميل, لن تكون لك عظامي