أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - باسم عبدو - الكلمة أم طلقة الرصاص؟!














المزيد.....

الكلمة أم طلقة الرصاص؟!


باسم عبدو

الحوار المتمدن-العدد: 3473 - 2011 / 8 / 31 - 15:39
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الكلمة الصادقة الساخرة التهكّمية أحياناً أقوى من طلقة الرصاص، فهي تثقب جدار الذاكرة، وتغمر القلب بطيف من الفرح، وتملأ النفس بهجة وانشراحاً، ويمكن أن تفتح الأبهر وتوقف خثرة تكاد تقتل شخصاً ما، دون أن تنزل قطرة دماء. أما الرصاصة فهي قاتلة إن أصابت الرأس أو القلب أو أي عضو حساس . ويمكن أن تثقب الجسم وتَعْبر دون رسوم أو تفتيش، لكنّها تُحدث عاهة أو تسبب إعاقة للشخص.
السخرية تعبّر عن ألم أو حزن أو خوف يعشّش في النفس البشرية، ولم تجدِ الأدوية نفعاً، ولا الطب النفسي أيضاً. وتظلّ العلّة باقية ما دام السبب باقياً! ولكنّها من جهة أخرى تخفف أو تزيل بعض الآلام إذا كانت مضحكة. والضحك علاج ينصح به الأطباء، فهو يفرج الهمّ وإن كان مؤقتاً. ويساعد الشخص المتألم الذي يعاني مرارة العيش، أو نتائج زلزال هزَّ كيان الأسرة. والإنسان في حياته القصيرة (سبعين أو ثمانين عاماً)، لا يمكن أن يظل مكبوتاً ومتألّماً طيلة هذه العقود. ولا بدَّ من وجود(شفرة حادة) يصنعها ساخر كي يخرج الدماء الفاسدة المؤدية إلى تورّم النفس البشرية، وإحداث انفراج وإدخال أوكسجين جديد ونقيٍّ إلى الجسد المتهاوي.
وأجمل الكتابة الساخرة التي تكتب باللهجة الشعبية المحلية وبلغة أهلها، لأنها تحمل نكهتهم وأسلوب عيشهم ونمط حياتهم، أو كتابتها باللهجة الأكثر انتشاراً في البلاد(اللهجة التي يفهمها معظم الناس).
لقد تنوَّعت أشكال الأدب الساخر، من قصة وشعر ومقالة صحفية وخاطرة، خاصة التي تتناول قضايا الناس ومعاناتهم وهمومهم وأحلامهم. وكثيرون كتبوا الأدب الساخر ونجحوا وحققوا شهرة كبيرة خارج حدود بلادهم. ومن هؤلاء (زكريا تامر من سورية، إميل حبيبي، غسان كنفاني من فلسطين، أحمد قنديل من السعودية، أحمد رجب ومجدي صابر من مصر..وغيرهم..).
إذا كان الكاتب الساخر مقيداً وكلمته محاصرة بالرقابة، لا يستطيع أن يعبر بصراحة وشفافية، وأن يوصل أفكاره إلى الناس. والشرطي الداخلي دائماً يلكزه بهراوته، ويخز أفكاره..وتظل صورته ماثلة أمامه وهو يحمل الغلّ (الكلبجة)، خاصة في المسائل السياسية وفي الأمور المسكوت عنها، والمحرَّمات أو ما يسمى بـ (المقدسات) في المجتمع الذكوري المحمي من السلطة القمعية. والكاتب الساخر القادر على التعبير الذي يمتلك قلماً وفكراً ورؤية ثاقبة، هو القادر على المرور من بوابة المراقبة، واجتياز حاجز الرقيب بسهولة، دون ترك نتائج أو مسببات لمحاسبته، فهو الذي يغطي عيني الرقيب ، ويحجب رؤيته ويبلبل أفكاره ويرطّبها ويخلخل حيرته، كيلا يمسك عليه أي ممسك يؤدي إلى أذيَّته.
وفي كتاب(حكايات مجنونة) للكاتب المصري (مجدي صابر) الصادر عن (دار الأمين) للنشر والتوزيع، قرأتُ ثلاث حكايات أعجبتني، وستعجب قارئ هذه المقالة حتماً.
الحكاية الأولى، يقول فيها لم نفهم سر المسألة إلاَّ بعد الحادث الثالث..ففي المرة الأولى عندما كنَّا عائدين من الإسكندرية بسيارتي واصطدمت السيارة، كانت النتيجة إصابتنا جميعاً بكسور وارتجاجات في المخ أنا وزوجتي وأخي. وكانت الوحيدة التي خرجت سليمة هي حماتي (تسعين عاماً)، والتي أصيبت فقط بكسر في كعب حذائها!
وفي المرة الثانية، عندما ذهبت حماتي لزيارة صديقة لها في (دار المسنين)، انهارت الدار على رؤوس الجميع، ولم يخرج منها أحد حيَّاً غير حماتي. وكانت إصابتها طفيفة.. مجرّد تمزّق في ذيل فستانها!
وفي المرة الثالثة، عندما شبَّ حريق في (دار السينما) التي تعرض أفلاماً هندية في حينا، والتي كانت حماتي تذهب إليها ثلاث مرات في اليوم، لم ينجُ أحد من الحريق غير حماتي طبعاً، التي لم يحترق منها شيء غير (أعصابها)، وذلك لأن الحريق منعها من مشاهدة نهاية الفيلم، ومعرفة ماذا ستفعل البطلة، عندما تكتشف أن حبيبها هو أخوها، وأن أُمَّها ليست أمّها، وأن الشرير الوحيد في الفيلم هو أبوها!
المواطن العربي اليوم، أصبح بحاجة أكثر من أي وقت مضى، إلى الأدب الساخر والأغنية الساخرة، كي ينسى ما سبَّبه النظام العربي من آلام طيلة العقود المنصرمة.
السؤال الذي يُطرح هل ينجح الأدب الساخر في تخفيف آلام المواطن العربي، الذي يبحث عن عمل يؤمن له حياة كريمة خالية من القهر والذل والاستبداد؟
وتأتي الأجوبة الصحيحة واحدة موحدة، من 90 في المئة من عدد سكان العالم العربي، البالغ 350 مليون نسمة تظلُّ الكلمة الصادقة إن كانت ساخرة أم غير ساخرة، أفضل بمليون مرَّة من طلقة الرصاص..!



#باسم_عبدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحدث والمصطلح
- الحوار الديمقراطي الأساس الصلب في توحيد الشيوعيين السوريين


المزيد.....




- العدد الأسبوعي (554 من 2 إلى 8 ماي 2024) من جريدة النهج الدي ...
- الاستشراق والإمبريالية والتغطية الإعلامية السائدة لفلسطين
- نتائج المؤثمر الجهوي الثاني لحزب النهج الديمقراطي العمالي بج ...
- ب?ياننام?ي ??کخراوي ب?ديلي ک?م?نيستي ل? عيراق ب? ب?ن?ي م?رگي ...
- حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا ...
- قادة جامعات أميركية يواجهون -دعوات للمحاسبة- بعد اعتقال متظا ...
- دعوات لسحب تأشيرات الطلاب الأجانب المتظاهرين في امريكا ضد عد ...
- “بأي حالٍ عُدت يا عيد”!.. العمال وأرشيف القهر
- إبعاد متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين من حفل تخرج جامعة ميشيغان ...
- لقاء مع عدد من الناشطات والناشطين العماليين في العراق بمناسب ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - باسم عبدو - الكلمة أم طلقة الرصاص؟!