اسعد عزيز
الحوار المتمدن-العدد: 3469 - 2011 / 8 / 27 - 01:30
المحور:
كتابات ساخرة
تحدث ويتحدث معظم السياسيون بتفائل كبير حيال مااسموه الربيع العربي ومايليه ...
وهم عندما يتطرقون الى احتمالية وصول القاعدة والفكر المتشدد فان احدهم يقول انه لا يعتقد بامكانية ذلك !!!
والكلمة التي اريد ان اقف عندها هي كلمة لا اعتقد, فالامر اذن مجرد اعتقاد ,اعتقاد ان الثورات العربية لن تنتهي بين يدي التطرف .هذا الموقف يذكرني بموقف الرئيس الراحل انور السادات رحمه الله الذي لم يعتقد ان بث الروح في التيار الاسلامي بقصد دفعه نحو الشيوعين سيوصل طلقات خالد الاسلامبولي نحو رأسه .
وهذا الموقف الضبابي هو في رايي مدفوع باحدى سببين
فالاول هو قرائة متجردة للاحداث, وليس في ذلك من ضير ( الى حد ما )
والثاني-وفيه كل الجهل والضير - هو كره للحكومات الشمولية في بلداننا ورغبة بازاحتها وتعمد التغاضي عما سيليها .
ان على موقف الاعتقاد المتفائل بان القاعدة لن تستولي على الكعكعة ان يأخذ في التحليل حقيقة ان العناصر التي تدفع شعوبنا نحو الفكر الديني ( المعتدل ثم المتطرف ) ستبقى قائمة حتى بعد انتهاء الربيع الجميل هذا
فأحد اهم العناصر هو الصراع العربي الاسرائيلي وموقف الادارة الامريكية المنحاز لاسرائيل : هذا الموقف هو دافع رئيسي للشباب نحو الفكر الديني في هذا المرحلة, مرحلة امتدت من نهاية السبعينيات حين قيام التورة الايرانية و الى الان وبخط تصاعدي
ولعله من الحصيح القول انها بدات قبل ذلك حتى .
والعنصر الثاني هو الاقتصاد
فالدول التي مر ويمر بها الربيع تعاني من ضغوط اقتصادية كانت المحرك الرئيسي في الثورة ,والعامل الاقتصادي هذا غير مرشح للتغير الجذري في غضون السنوات القليلة القادمة,
فمن يتوقع ان تقفز دول مصر وسوريا وتونس الى مصاف الاقتصاديات المرفهه على مدى عامين اوخمسة اوعشر
وهذ العامل يميز الحراك السياسي في البلدان الاقل غنى عن الوضع السياسي في دول الخليج فدول الخليج دكتاتوريات ايضا ومواقفها من الصراع العربي مواقف مائعة وغير ثورية ولكن الربيع لم يمر بها كما فعل في غيرها .
والسبب الاهم هنا وعدا عن موقف الادارة الامريكية والغرب من هذه الدول –السبب الاهم هو وضعها الاقتصادي المرفهه.
. واذن فهذين العنصرين وهما الاقتصاد والقضية الفلسطينية
هما عنصران موجودان على الساحة ولغير قليل من السنين القادمة على احسن تقدير وهذان العاملان هما الاهم في تجيش التطرف والانتحاريين .
ولو مررنا على التاريخ في المنطقة لنستقرأ كوامن وتبعات التغيير فسنجد ان الصومال بعد الدكتاتور سياد بري آل حاله الى الشباب والقراصنة .
والعراق بعد سقوط صدام احتاج لسنتين فقط ليسقط كرة يتقاذفها الزرقاوي ومقتدى .
سنتين فقط هو ما احتاجته القاعدة لتتغلغل في مجتمع لم يكن يعرف اي شي عن القاعدة وبيئتها الفكرية, والعراق على ماهو عليه من بيئة كنا ندعي انها كانت معتدلة على مدى عقود .
والجزائر قبل العراق مثلا اخر فلقد سمحت العملية الديمقراطية الهشة الجديدة بحلول الربيع ممثلا بأنتخابات نزيهة اوصلت على الفور جماعة عباس مدني الى الواجهة ثم افرزث سريعا فكرا اشد تصلبا بكثير من الجبهة الاسلامية للاانقاذ وفي خلال مدة زمنية لم تتجاوز الاشهر وانتهى الربيع على صيف التطرف وكان صيفا احمر طويل .
والكويت مثال اخر مختلف بعض الشي فالديمقراطية النسبية التي طبقت بعد التحرير اوصلت قوى التشدد الاسلامية من السنة والشيعة الى مراكز صنع القرار, والوضع في الكويت معروف للمتابع .واخرها قبة البرلمان التي احيلت حلبة للملاكمة الطائفية .
.والان لناخذ الثورات العربية التي حصلت موخرا ففي تونس يلمع اسم الغنوشي وهواسلامي معتدل وفي سوريا يعلو صوت العرعور وهو غير معتدل على الاطلاق . وفي مصر فان الاخوان اولسلفين هم الاكثر قوة وتنظيما واما اليمن ففيها الفتى العولقي وفئته .
وفي ليبيا فلقد نسبت الى اسلاميين متطرفين قضية اغتيال قائد قوات المعارضة عبد الفتاح يونس ,والكثير من قيادات القاعدة هم من ليبيا ومصر .
وقد يعلل المتفائل نفسه بان الثورات لم توصل هؤلاء فعليا الي سدة الحكم وهذا صحيح الى الان, ولكن هذا المناخ الربيعي الديمقراطي هو بالضبط ماتحتاجه الحركات المتطرفة لتمنو وهي قادرة على النمو بسرعة هائلة في ضروف اقتصادية سيئة وبتغذية من الصراع العربي الاسرائيلي .فرجل الدين المتطرف يمتلك الحل لكلا العنصرين الافتصاد والقضية الفلسطينية والحل هو بكلمة واحدة – الجنة - فاذا فجرت نفسك عند العصر فستلحق على العشاء مع رسول الله ثم تبات قرير العين بين خمس من الحور العين في قصرك المطل على نهري الخمر واللبن ,وملعون ابو الدنيا .
واما من يراهن على بديل علماني معتدل فما هي شواخص هذا البديل
فالقوى العلمانية في كل هذه الدول قوى مهمشة ومنقسمة الى حد كبير والدلائل في مصر وسوريا وتونس كثيرة ,
ومعظمه هذه القوى تضطر الى مجاملة التيارات الدينية ومحاباتها فمحمد البرادعي احتاج للذهاب الى الجامع مع انطلاق الثورة المصرية محاولا ان يصبغ على نفسه صبغة دينية ولكي يصبح لقبه الشيخ الدكتور البرادعي فيختلط في ذهن البسطاء بلقب الشيخ الدكتور القرضاوي ويبدو انه فشل حتى مع هذا الطلاء.
والمعارضة السورية ليس لها عنوان علماني بارز في مواجهة العرعوريين.
والحكم في تونس انتقالي مهزوز وبانتضار التغيير .
. بل ان كلمة علمانية تتردد على الالسن في منطقتنا بخجل اذ انها تقارب في عقول العامة من الناس معاني الفسق والرذيلة والخروج على الدين .( العلمانية تعني البوس –التقبيل –في الشوارع في مفهوم احد المواطنين ممن شاركوا في ميدان التحرير –كما جاء في مقال لاحد الكتاب في هذا الموقع )
والعنصر الثالت الذي اضيفه الى عنصري الاقتصاد والقضية لفلسطينية هوحقيقة وجود اقليات كبيرة في المنطقة, وهذا سيساهم في حالة حصول توترات عرقية وسياسية الى دفع الشباب ممن ينتمون الى الاعتدال نحو التطرف, والعراق مثلا فما ان اندلع القتال الطائفيي حتى وجد الكثير من المعتدلين انفسهم في احدى الخندقين على طرفي القتال, والصورة في مصر بها كثير من عناصر التشابه فالاقباط اقلية مسيحية كبيرة ومتمسكة بشدة بديانتها .والتناحر الطائفي فرصة ذهبية للتطرف .
سوريا بسنتها وعلوييها ,واليمن بالحوثثيين والسنة وبشمالييه وجنوبييه وبقبليته هما مثالان اخران .
وطبعا فلو ان امريكا وجدت ان الشارع العربي يتحرك جديا نحو اسرائيل ونحوها فستعمل على تحريك النزاعات والاحتقانات كما حصل في العراق وما اسهل لتلك الخلافات ان تثار .
فكيف لنا ان نصف مايحدث الان بأنه ربيع ... وهل نحن مقبلون على صيف طويل قائظ ولهاب بفعل الاحتباس الحراري الديني ؟
#اسعد_عزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟