أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد القرافلي - شذرات من حطام الكائن














المزيد.....

شذرات من حطام الكائن


محمد القرافلي

الحوار المتمدن-العدد: 3463 - 2011 / 8 / 21 - 20:26
المحور: الادب والفن
    


شذرات من حطام الكائن

- لعبة الحياة

ما أجمل الحياة وما أصعبها تمارس علينا غوايتها وتتذلل، عند الطفولة تظل تتربص بنا وتتلاعب ورغم ذلك لا نسقط في شباكها بل نتمكن من الإيقاع بها ونصطادها مثل فراشة لنسحقها على عانتنا أملا أن يتجدر شعرها ويخصب، كم استهنا بآدابها وأخلاقها. وحينما بدأنا نتحسس ذكورتنا أيضا سخرنا من قواعد لعبتها، كل واحد منا اختصرها في قصيدة يحاول إمساك حروفها الشريدة ويتباهى بإلقائها في الحلقات أو يتباهى بها أمام المعجبات، أو وجدها في فلسفة أو عقيدة يمتطي فرسها ويجندها سيفا يحارب به خفافيش الظلام، أو تمثلها في كاس جعة رديئة كالحمض الفسفوري يلهب معدته الظمأى، أو في عيون غجرية يبيت قائما ينفث دخان سجائره السوداء على سماء عينيها الزرقاوين إلى أن تحولت جزرا قاحلة ملبدة تشبه بقع زيت البترول الأسود على صفحات زرقة المحيطـ، أو في فردوس موعود كل ما دنا منه توارى خلف الأفق... وحينما يشارف المرء الأربعينيات وبعد مراكمة سلسلة من البطولات، ومن المغامرات الدونكيشوتية، وأعباء من الخيبات، يتكسر شموخه و تلف الحياة عنقه بحبل الواجب وتعيد تطويعه لتأدية المهمة التي وجد من اجلها.

- الإنسان ابن المرآة ابن الصورة

مع المرآة ولدت الصورة ومن الصورة انبثق الإنسان، هل كان يخطر على "سقراط" قول يا أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك بدون أن يرى وجهه في المرآة،أو لأونارسيس أن يخلد شهيد الصورة بدون أن يفتتن بصورته على مرآة الغدير أو لإبليس أن يتمرد على الإله بدون رؤية صورة المخلوق الآدمي. ماذا قبل عهود المرآة والصورة؟ تاه الإنسان في ربوع الكون باحثا عن شكله وعن وجهه ولما أتعبته غربته وغرابته وعز النظير تراءى له انه ليس من هذا العالم فهو لا محالة ينحدر من سلالة الآلهة أو أنصافهم وأشباههم أو من خدمهم المطيعين أحيانا أو المتمردين أحيانا أخرى، على شاكلة بروميتيوس سارق النار المقدسة من الإله زيوس، أو يشبه شخصية فاوست عند "غوته"، وعاش في هذه الرؤى أمدا طويلا. وبعدما تيقن من أن بذور الفناء والفساد يتهددان طبيعته ويحكمان عليه بالنفي والطرد من عالم الآلهة، تحسس أطرافه وساح في الأرض يبحث في أديمها عن عناصر مادته ،هي الأرض أمه ومهد وجوده منها خرج ولها يعود، فهو يحمل بديع عناصرها من تراب وماء ونار وهواء ومن كيفياتها من حرارة واعتدال، وكون وفساد، ومن أحوالها من ربيع العمر وخريفه...وانه قد اخذ عن كل مخلوقات الأرض اسمي طباعها، من الطائر ملكة الحلم والتحديق بعيدا ومن الفرس خاصية الحركة والركض ومن الكلب الإخلاص واليقظة...لكن ما الذي حصل مع عصر المرآة والصورة؟ تناثرت الصور وتكاترث وانغرست المرايا على كل واجهات الإنسان، وتاه من جديد الإنسان خلف صوره ومراياه المرئية منها واللامرئية وانبرى وجوده خلف ألفة وغرابة، ووراء حضور وغياب لم تشهد البشرية لهما نظيرا. هكذا اخذ الإنسان على عاتقه مهمة إعادة تشكيل صورته على طريقته الخاصة ولن يتأتاه ذلك إلا بالنبش في ركامات التواريخ التي أنجبتها صوره والعمل على تعريتها رغبة في التخلص منها أو في إعادة انتحالها أو تقمصها متى دعت المناسبة لذلك، فلا نندهش اليوم إن رأينا حضور صورة الإنسان العاري والإنسان العاقل، الإنسان المتفرج والإنسان المتفرج عليه، الإنسان الجلاد والإنسان الضحية، المستغل والمستغل....عند نفس الشخص ولدى الشعب الواحد أو بلغة "ميشيل فوكو" خاصية الحضارة المعاصرة باعتبارها حضارة شيطانية، فهي بألف صورة وصورة وبألف وجه ووجه وتشبه قناع "مايا" في الأسطورة اليونانية. فالاستغراق في الصور غرق فيها،وإحراقها تأبيد لحضورها وفناء فيها، وغيابها حضور وطلب للمكوث فيه، وبميلاد المرآة الصورة ولدت الأنا الذات والانت الغير، الجمال والقبح، الألفة والغرابة، الحضور والغياب. ترى ماذا بعد زوال عهود الصورة المرآة؟



#محمد_القرافلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول البؤس السياسي
- الفية المغرب الثالثة بين سياسة الصبار وسياسة الزيتون
- من وحي الربيع العربي تاملات في دلالة الحدث ورهاناته 2 رهانات ...
- من وحي الربيع العربي تاملات في دلالة الحدث ورمزيته


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد القرافلي - شذرات من حطام الكائن