أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شريف حتاتة - تمرد الطبقة الوسطى لا يصنع ثورة















المزيد.....

تمرد الطبقة الوسطى لا يصنع ثورة


شريف حتاتة

الحوار المتمدن-العدد: 3456 - 2011 / 8 / 14 - 02:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إذا اعتبرنا أن ما حدث في مصر يوم 25 يناير وبعده من تطورات ليس ثورة، وإنما خطوات أو محاولات جزئية لإصلاح أو حتى تجميل وجه النظام، فمعنى هذا أن مهمة قوى الثورة الأساسية هي العمل مع جماهير الشعب لخلق التنظيمات والنظم السياسية القادرة على تحقيق الثورة، على بنائها خطوة بعد خطوة في رحم المجتمع، أي في إطار النظام القائم بحيث يتحول إلى شيء آخر، أي عليها أن تخوض معركة تحول ديموقراطي طويلة المدى. إذاً المرحلة أو المراحل القائمة أمام المسيرة الثورية ستمتد لفترة من الزمن أطول بكثير مما بدا في أول المشوار، وقد تتخللها مراحل عدة من التقدم والتراجع، وتنفجر أثناءها انتفاضة أو انتفاضات أخرى بسبب تمترس النظام المستند إلى قوى دولية عاتية، وماكرة، وبسبب استشراء النفوذ السياسي للتيارات الدينية. ومن شأن هذا التقويم للموقف، إن صح، أن يفرض على قوى الشباب، وقوى اليسار، والقوى الليبرالية الديموقراطية أن تراعي مسائل عدة:
المسألة الأولى هي ألا تؤدي المعارك الطويلة المتتالية إلى انهاك قواها. أن تكون هناك مراعاة لوتيرة المعارك، وفترات من الراحة، والمراجعة. أن يتم الجمع بين التظاهر، والاعتصام، والاحتجاجات الجماهيرية المليونية وغير المليونية التي تتم في المدن الأساسية وخارجها في الأقاليم، وبين العمل اليومي المنظم والصبور الذي يتسم بشيء من التمهل. أن تُثبت قوى الثورة قواعدها بين الجماهير، وتتفادى قدر الإمكان الإرهاق والإحباط اللذين قد يُصيبان المناضلين، والناس عموماً نتيجة مشاركتهم المستمرة في ما تعتبر معارك ثورية، تتفق مع اعتبار ما حدث بعد 25 يناير ثورة مستمرة.
لذلك ربما يجب أن يتخذ أسلوب العمل طابعاً جديداً يُركز على المعارك التي تُساعد على إقامة الائتلافات، والتحالفات، على بناء النقابات، أو تدعيم ما هو قائم منها وتطهيرها، على تشكيل الأحزاب، والجمعيات ومختلف تنظيمات القطاع المدني وتوسيع قواعدها الجماهيرية. وهذا يتطلب الجمع بين النضال من أجل الأهداف السياسية مثل إقرار دستور جديد، وإجراء انتخابات وفق نظام يضمن فعاليتها ونزاهتها، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، ومحاصرة أنصار النظام القديم، وكشفهم، وعزلهم، وغيرها من الأهداف السياسية، وبين جذب جماهير العمال والفلاحين، والموظفين، والمهنيين، وصغار التجار، وأصحاب الورش إلى المسيرة الثورية من طريق مشاركتهم النضال من أجل مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية الفئوية. فالتصدي لأوضاعهم المتردية، لمشاكل الأجور، والبطالة، وتدهور الخدمات هو الذي سيجذبهم قبل أي شيء آخر إلى النضال الديموقراطي السياسي. الطبقة الوسطى، الشباب الواعي والمتعلم نسبياً هو الذي يهتم أكثر من غيره بالأوضاع والمطالب السياسية، لكن لا يمكن أن تُحقق الطبقة الوسطى تغييراً ثورياً، أي ثورة وحدها. لا بد لها من حلفاء، من إقامة تحالف وتعاون مع قيادات وجماهير العمال والفلاحين. هذا التحالف وحده هو الكفيل بتحقيق الثورة، وهو الذي سيُساعد في حماية النشطين من الطبقة الوسطى من ضربات قد توجه إليهم، وهو الذي يضمن ألا تنقلب هذه الفئات والطبقات ضد الثورة نتيجة المصاعب والقدر من الفوضى التي لا بد من أن ترتبط بالمسيرة الثورية في مراحلها الأولى، والتي قد تستغرق عدداً من السنين قبل أن تستقر الأوضاع في بلادنا.
انضمام الطبقة العاملة ومساهمتها الفعالة في مسيرة الثورة شرط أساسي لتحقيقها. حاولت الطبقة الوسطى من قبل أن تحقق ثورة سياسية اجتماعية بمفردها وفشلت. سنة 1968 تحركت جماهيرها بقوة في عدد من البلدان فحوصرت وأُحبطت الثورة لأن جماهير الطبقة العاملة لم تنضم إليها.
أما ثورة تموز (يوليو) 1952 فقد انتهت بتكوين طبقة رأسمالية جديدة ترعرعت داخل القطاع العام، وانفردت بالحكم، تاركة الطبقة العاملة، وجماهير الشعب الأخرى خارج نطاق الفعل والمبادرة فقامت هذه الطبقة الرأسمالية الجديدة مع بقايا الرأسمالية القديمة، والإقطاع بثورة مضادة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وبالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية.
الطبقة العاملة في مصر تعاني الآن قدراً كبيراً من الضعف والتشتت، مع ذلك ما زالت تمثل قوة جماهيرية واقتصادية لها وزنها. كذلك الحال بالنسبة الى الطبقة الوسطى. فالاقتصاد في بلادنا طابعه ريعي، ولذلك فالقاعدة الاقتصادية للطبقة الوسطى هشة ولا تستند إلى أساس مادي متين يدعم وجودها. الليبرالية في مصر محدودة النطاق، يظل دورها السياسي والثقافي محدود، فليست لها جذور قوية في المجتمع، كما تحاصرها الرأسمالية المضاربة والطفيلية المعتمدة أساساً على الريع والسيطرة على الحكم.
ما ينطبق على التحالف مع العمال يسري أيضاً على فقراء الفلاحين والعمال الزراعيين في الريف. في غيبة هؤلاء الحلفاء يسهل حصار الطبقة الوسطى. إذا أضفنا إلى ذلك أن قطاعات من الطبقة الوسطى، من موظفي الدولة والمهنيين، والتجار، وأصحاب المصانع المتوسطة الحجم والورش، وشباب الجامعات والمعاهد والمدارس انضموا إلى ركب الحركات الدينية السياسية الإسلامية والمسيحية المحافظة والسلفية، فإن هذه العوامل مجتمعة تستدعي ضرورة كسر الحصار الذي يُحيط بالشباب ومجموعاتهم، أن يكون لهم حلفاء، أن يُشارك معهم في المسيرة العمال والفلاحون المنتشرون في مختلف أنحاء القطر، ألاَّ يسبحوا وحدهم في الخضم.



هذا يتطلب في الوقت نفسه التقدم ببرنامج عام يتبلور من طريق النضال المشترك اليومي في كل المجالات، وعلى الحوارات الواسعة النطاق، أي أن يتكون ما يُمكن اعتباره مشروعاً قومياً يسمح بجذب الحلفاء، ويُساعد على تنسيق وتوحيد جهود مختلف القوى والتيارات والأحزاب، والتنظيمات والجمعيات التي تعمل في القطاع المدني، والتي تسعى في شكل أو آخر لتحقيق التحول الديموقراطي الذي تُريده جماهير الشعب، ذلك التحول الديموقراطي الذي ألهم مجموعات الشباب طوال السنين الماضية التفكير، والتنظيم، والعمل المستمر. لكن هذا لن يتحقق إذا لم تتجمع القوى المشتتة والمبعثرة للشباب، للطبقة الوسطى، والطبقات العاملة في المدينة والريف، لكل الذين يحلمون بثورة تُحقق للمواطنين والمواطنات مجتمعاً ينعمون فيه بالحرية، والعدالة، وفرص التقدم. هذه الثورة، هذا الحلم لا يمكن أن يتحقق إذا لم تتبلور قوى جماهيرية منظمة تملأ الفراغ السياسي الذي صنعته سنون الاستبداد والفساد والقهر، قوى قادرة على إعادة تشكيل المجتمع، على تغيير نظام الحكم، على بناء الهيئات والمؤسسات القومية التي تعبر فعلاً عن إرادة من تدّعي تمثيلهم، قوى قادرة يمد النشطون في صفوفها فكرهم خارج حدود الوطن أيضاً ليروا القوى الموحدة أو المتصارعة التي تُشكل النظام العالمي، ليروا الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي، وحلف الناتو، والبنك الدولي، وغيرها، ليدرسوا سياساتها، ويعوا أثرها على نضالهم، ليدرسوا أيضاً الصين، والهند، والبرازيل، وبلاد أميركا اللاتينية، ليمدوا أواصر الكفاح المشترك إلى القوى الشعبية التي تسعى مثلهم نحو إنجاز تحول ديموقراطي عالمي عميق الجذور يُحقق الحرية والعدالة، والكرامة الإنسانية في بلاد المنطقة العربية والبلاد التي تُدعى جنوب العالم. إننا في حاجة إلى تحالف شعبي يقيم سلطته معتمداً على الجماهير، يحاصر الأعداء ويشلّ إرادتهم، يعيد بناء المجتمع ونظام الحكم بالنضال الديموقراطي الصبور الذي يدحض المصاعب ويبدد أصوات اليأس.



#شريف_حتاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار وإنقاذ الرأسمالية
- العولمة والعولمة البديلة
- شقة إلي جوار الكنيسة
- العولمة والأصولية يُدعمان الأسرة الأبوية
- هذا الكلام الجميل عن الديمقراطية
- افساح الطريق امام السيطرة الامريكية الاسرائيلية الامبريالية ...
- الخطاب الاصولي والمرأة وفكر ما بعد الحداثة


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شريف حتاتة - تمرد الطبقة الوسطى لا يصنع ثورة