أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربيعة العربي - زغرودة- قصة قصيرة














المزيد.....

زغرودة- قصة قصيرة


ربيعة العربي

الحوار المتمدن-العدد: 3446 - 2011 / 8 / 3 - 15:10
المحور: الادب والفن
    



و هذا الليل الذي يأبى أن ينجلي...كم سهرت أعد نجومه...كم ركضت خيولي في سمواته.و هذا الصهيل .و الذكرى...الذكرى تأبى الرحيل.طيف خيال يعلن حضوره.يعلن خلوده. يعلن امتداده...أمامي.خلفي.يتربع عرش ذاكرتي.طيف خيال.ابتسامة تشرق .دمعة تسيل.دعابة ماكرة. ضحكة رنانة تسكن أرجاء البيت و القلب:أيوب.
كالعمر تنساب بين أناملي نسمات الليل...كالعمر.تغتالني الذكرى ما بين دمعة و بسمة و صورة أيوب. عيناه شاردتان في المدى و الأفق مسدود و القلب يوجعه الأمل و ألم الانتظار.أيوب.أسمع جارتي تناديني:
- يا أم الشهيد
أطل من نافذتي الصغيرة.
- أصدقاء أيوب أتوا.إنهم يرغبون في رؤيتك و التحدث معك.
- مرحبا بهم.
نزلت السلم جريا. أصدقاء أيوب تختلف ملامحهم و لا أرى فيهم إلا ملامح أيوب....تختلف نبرات أصواتهم و لا أسمع منهم إلا نبرات صوت أيوب. فتحت الباب دخل أيوب بنسخ متكررة و فتاة كالبدر.إنها غالية زميلة أيوب في الدراسة.عانقتهم.قبلتهم.دعوتهم للجلوس.قالوا بصوت واحد:
- كيف حالك أم الشهيد
...
نعم .أم الشهيد.أيوب ابني الوحيد جعلني ما بين يوم و ليلة أم الشهيد...و تلح الذكرى.أم الشهيد . و تنساب دمعة. ليتني علمته أن يرضخ و يرضى. يوم غادرت قريتي الصغيرة، حملت معي الأمل في أن تهديني المدينة ركنا و رغيفا.أهدتني فرحة العمر:أيوب .و الذكرى. ربيته ما بين غفلة عن الزمن و غفلة.اشتغلت خادمة بالبيوت.تقبلت الفتات... و كانت كسوتي و كسوة أيوب من بقايا ما تمن به علي الأيادي.أنحني أقبل الأيادي، يلهج لساني بالدعوات.أمني النفس.أقول لها :اصبري.سيكبر أيوب.
و ...كبر أيوب.نال شهادة الإجازة. يومها اجتمعت الجارات في منزلي. أكلن الحلوى و شربن الشاي. تضاحكن و أجمعن كلهن على كلمة واحدة:
- لن تضطري للعمل بعد اليوم. صبرت و نلت.
كانت فرحتي كبيرة و الحلم بداخلي احتل مسافات. رقصت. غنيت. زغردت. قبلت جاراتي. وزعت البسمات. و بت ليلتي أمني النفس...أراقب النجوم. أحاول عدها...عددتها و القمر حسبته قمرين: قمر لي و قمر لأيوب. قلت لنفسي: لم يبق إلا القليل. أيوب مجاز . سيجد عملا محترما. ما أسعدني.
... و بدأت الخطوات تسير في درب طويل. و كان يعود في كل مساء إلى البيت مهموما.غابت البسمة و حل الأنين.
- اليوم أيضا بحثت عن عمل بدون جدوى.
و تسير الخطوات في درب طويل. و حين يعود لا يقول شيئا . وحدها نظرته تخبرني ألا جدوى.نصحته أن يقبل أي عمل.العمل ليس عيبا.و تقبل نصيحتي. اشتغل حمالا...اشتغل بوابا...اشتغل بائعا جوالا.
- نعم أمي العمل ليس عيبا.
غير أن حرارة الأمل كانت تخمد بداخله.أصبح قليل الكلام. مرة وجدت سيجارة في جيبه. صرخت في وجهه:
- ألشراء هذا السم تشتغل طوال النهار؟
فتح فمه ليتكلم، بادرته قائلة:
-لا أريد أن أسمع منك أي كلمة .لقد خيبت ظني.
و مكث أيوب في البيت عشرة أيام لا يخرج. كنا لا نتحدث إلا لماما. في اليوم العاشر قلت له:
-اذهب عند الحلاق و قص شعرك.لا أريد أن أراك بهذا المنظر.
ذهب أيوب عند الحلاق. قص شعره. عاد إلى عمله. أصبح جد متكتم و خلا وجهه من فرح الصبا.أصبح يتأخر في العودة إلى البيت. سألته عن السبب. ألححت في السؤال، فقال:
- أمي لا تخشي شيئا.لقد انضممت إلى جمعية للمعطلين. نحن نطالب بحقنا في العمل...تأكدي أمي، غدا سيكون أفضل.
توالت الاجتماعات. صيغت المطالب. رفعت الشعارات. عاد الأمل...كبر الأمل.
...أذكر ذاك اليوم أذكره، تفاصيله محفورة كالجمر في ذاكرتي. ذاك اليوم ،استيقظت باكرا كعادتي.هيأت الفطور و أيقظت أيوب.قام بسرعة و كأنه على موعد مع القدر.تناول فطوره.قبل جبيني و خرج.
- إذا لم أعد باكرا أمي لا تقلقي علي.
يومها لم يعد أيوب.أحسست بانقباض شديد و بألم في صدري. خرجت أبحث عنه...أسأل عنه في كل الدروب، و لما قفلت راجعة علني أجده في البيت. لعله قد رجع. وجدت أصدقاء أيوب ينتظرونني أمام الباب و سمعت زغاريد النساء...أسرعت الخطا لكي أستطلع الخبر.توجهت النظرات كلها إلي و انبرى صوت يقول لي:
- زغردي...أم الشهيد.



#ربيعة_العربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة
- الصورة النمطية للمرأة المسلمة في الغرب


المزيد.....




- ممثل حماس في لبنان: لا نتعامل مع الرواية الإسرائيلية بشأن اس ...
- متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 مترجمة عبر قناة Tr ...
- تطوير -النبي دانيال-.. قبلة حياة لمجمع الأديان ومحراب الثقاف ...
- مشهد خطف الأنظار.. قطة تتبختر على المسرح خلال عرض أوركسترا ف ...
- موشحة بالخراب.. بؤرة الموصل الثقافية تحتضر
- ليست للقطط فقط.. لقطات طريفة ومضحكة من مسابقة التصوير الكومي ...
- تَابع مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 مترجمة المؤسس عثمان الجزء ...
- مصر.. إحالة 5 من مطربي المهرجانات الشعبية للمحاكمة
- بوتين: روسيا تحمل الثقافة الأوروبية التقليدية
- مصادر تفنّد للجزيرة الرواية الإسرائيلية لتبرير مجزرة النصيرا ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربيعة العربي - زغرودة- قصة قصيرة