أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - رسالة من بلطجي إلى المصريين














المزيد.....

رسالة من بلطجي إلى المصريين


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 3415 - 2011 / 7 / 3 - 09:14
المحور: حقوق الانسان
    


بعضُ الوظائف تحتاج إلى شهادات كانت معلقة على الحائط، أو مخبئة في الأدراج!
وبعض الوظائف تشترط خبرة لا تقل عن عدد معين من السنوات، لكن وظيفتي تلك تستمد شرعيتها من قلب صخري لا يلين ولو قرأت على صاحبه كل الكتب السماوية، ويومياتي مليئة بالكراهية، فأنا أكره نفسي، وأهلي، وجيراني، وأبناء وطني، والكون كله.
هل رأيتم صورة لي وأنا أتصدى لمتظاهرين مسالمين خلال انتخابات البرلمان المصري وقد أمدتني الشرطة بعصا مطاطية أو سلاح أبيض أو مطواة قرن غزال؟
صدر مفتوح، وعضلات مفتولة، ووجه ماتت خلاياه فبقي منه الجزء الصلد الخارجة منه عينان تمطران الخصوم بشرر لا يبقي ولا يذر.
إنني أنافس الكلاب شراسة، والذئاب افتراساً، والضباع غدراً، وأتلقى التوجيهات فأقوم بتنفيذها قبل أن ينتهي سيدي من القائها على مسامعي.
هل رأيتموني في موقعة الجمل؟
عشرات الآلاف من الصور التي تم التقاطها لي ولزملاء المهنة، وتم نشرها، وتوزيعها، وحفظ ملايين المصريين أشكالنا، وألواننا، وتعبيرات وجوهنا الصماء، وأذرعنا التي تنتهي بأصابع قـُدَّتْ من قرون الشياطين، ومع ذلك فأنا في حماية كاملة من قوى، معروفة أو مجهولة، بل إنني أشعر أنه لا يوجد مصري يأمن على حياته مثل البلطجي.
لا أسدد ضرائب على مرتبي، ولا تعرف لجنة الكسب غير المشروع مصادر دخلي، ولا أحد في الدولة يرصد ما يدخل جيبي وما يخرج منه، فقد يأتيني رزقي بمكالمة تليفونية من وراء القضبان في معتقل طرة، أو من سياسي كبير أو رجل حزبي جابت شهرته، سابقا، مصر كلها من نيلها إلى بحرها.
كل كبار رجال الدولة يعرفونني حق المعرفة، ولو أراد أحدهم أن ينهي عصر عضلاتي، وأن يحرر الشارع من قبضتي فسيقف في وجهه من هو أكبر منه، فأنا هنا سيد الحارة تماما كما كانت السينما تصور الفتوة حاملا نبّوتـَه فلا يرتفع صوت فوق صوته، ولا تحملق عيون في وجهه.
لكنني أيضا أختفي خلف وجوه لا حصر لها، وأتسلل لأجساد فأتلبسها كما يتلبس الجان جسد مريض يقف مرتعشاً أمام مشعوذ يزعم أنه يأمرني بالخروج في غرفته المعبئة بأبخرة ملونة، فأنا، مثلا، قد أكون وزيرا أو محافظاً أو رئيس حزب أو أمير جماعة أو مدير تحرير صحيفة أو ضابط أمن أو رجل أعمال أو مفتياً فضائيا تخرج من بين شفتيه فتاوى قتل وتكفير تكفي لاحراق وطنه بكل من يمشي على أرضه.
وأنا قد أكون زعيم بلد أو سكرتير رئيس الجمهورية أو رئيس قسم اخباري بقناة تلفزيونية أو مؤسساً لحزب جديد سيقلب الوطن عاليه سافله.
وأنا قد أكون عدالة بطيئة تمنح الفرصة للمجرمين أن يقوموا بتسوية أمورهم، والفرصة للزمن أن يتولى مهمة اشغال الناس بهموم أخرى تنسيهم كبار المطلوبين للعدالة.
أنا بلطجي وقاتل ومن اصحاب السوابق وملفي في الداخلية مليء بالادانات المعلقة في رقبتي حتى أظل كلباً لأسيادي، وينبغي أن أعترف لكم بأنني أعمل أوفرتايم بعد الثورة، فأرباب الثورة المضادة يكرمونني بسخاء، ويعطونني ما يزيد عن حاجتي، ويتولون حمايتي مهما بلغت درجة القسوة في بطشي بخصوم أسيادي.
لا تصدقوا من يزعم أنه لا يعرفني، وإذا أراد صاحب السلطة اعتقالنا جميعا، وتنظيف الشارع من تواجدنا فلن يستغرق الأمر يوماً أو بعض يوم، لكن تحرير مصر من براثننا ليست متوفرة لدى أحد ممن يتولوّن أمور البلاد والعباد.
لا أخفي عليكم أننا على استعداد تام لاشعال مصر كلها من صعيدها إلى ثغرها، ونحن إذا تلقينا التوجيهات بذبح شباب الثورة فسنأتيهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم، وسنجعل جمعاتهم الصيفية جمرات من نار، فقد تجاوزوا حدودهم، وهم يطالبون بمحاكمة مبارك وعائلته، ويبحثون عن كيفية استرداد أموالكم، ويريدون القضاء على كل مخلفات العهد البائد، لكن اللعب مع الكبار له ثمن، والحيتان مربوطة خياشيمها ببعضها حتى إذا غرق أحدها تداعى له الآخرون في القاع.
أنا بلطجي لكنني سيد عليكم طالما كان أي نظام قائم يتنفس برئتي الرئيس المخلوع، ولا تغرنكم ملابسي ومظهري الخارجي فأنا قد أرتدي ملابس رثة أو قميصا مفتوح الصدر كلاعبي الكاراتيه أو يونيفورماً أبيضاً أو أسوداً أو .. كاكياً تتراقص فوق أكتافي نجوم ونسور وتزين صدري نياشين كتلك التي يرتديها جنرالات الساحة الحمراء في الكرملين.
أنا أمير الثورة المضادة، وأنا روح مبارك وشلة طرة، عدو المصريين البديل عن عدو المصريين في جناحه الفاخر بمستشفى شرم الشيخ.
كلهم يعرفونني كما يعرفون أصابع أيديهم، لكن مصلحتهم في بقائي أكبر من مصلحتهم في رضا الشعب عنهم.
انتظروني يوم الثامن من يوليو فأنا متعطش للدماء، وربما تقوم القوى الدينية إياها بالدعاء في صلاة تهجد أن ينصر الله البلطجية على شباب الثورة، فكل الأشياء قابلة للتبرير، وإذا زعم إبليس أنه مبعوث العناية السماوية فلا ريب في أن هناك من سيصدقه.
أيها المصريون،
أنا سيدكم لأن روح مبارك لا تزال تعطي توجيهاته لأركان نظامه، فالبلطجة تكليف وتشريف في آن واحد، وبطشي هذه المرة لن يكون هيناً مثل يوم الخيل والبغال والحمير، لكنه سيكون يوم تتعلمون أن البلطجة هي صناعة الطاغية التي لا تموت بموته.
تنتظروني بقوة إيمانكم بعظمة واخلاص وحنكة وذكاء شباب الثورة، وأنا أنتظر بدهاء ومال وسطوة وَرَثة الرئيس المخلوع، أليس 8 يوليو بقريب؟



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر بدون مبارك كما شاهدتها الحلقة 5
- الفتاوى الصحيحة في الرد على العلمانية القبيحة
- رسالة مفتوحة إلى مصاص الدماء!
- عودة مواطن مصري من الجبهة
- مصر بدون مبارك كما شاهدتها الحلقة 4
- مصر بدون مبارك كما شاهدتها الحلقة 3
- سيدي القاتل .. نضمن لك خروجا آمنا
- مصر بدون مبارك كما شاهدتها الحلقة 2
- أعداء مصر في 27 مايو
- مصر بدون مبارك كما شاهدتها .. الحلقة 1
- هنا القاهرة .. لكنني لا أُصَدِّق!
- الأسد وذئابه يفترسون السوريين
- العد التنازلي لسفاح اليمن
- روح مبارك تتلبس خليفة عمرو موسى!
- أيها الفلسطينيون: انتفضوا، يرحمكم الله!
- مجلس الشعب كما أحلم به!
- أيها السودانيون: انتفضوا، يرحمكم الله!
- شهداء وشهود ومجانين في المشهد المصري
- شروط الحصاد لثورة شباب مصر
- لكن الأسد لا يزأر في دمشق!


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد المجيد - رسالة من بلطجي إلى المصريين