أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الاستبداد والوعي التاريخي














المزيد.....

الاستبداد والوعي التاريخي


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 3382 - 2011 / 5 / 31 - 00:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بادئ ذي بدء، ينبغي القول بأن "الاستبداد" لايجسِّد حالة طبيعية وفطرية فردية. فالإنسان الفرد لا يمثل شرطاً وحيداً لنشأة الاستبداد وممارسته، بقدر ما الإنسان الفرد هذا يمثل ظاهرة اجتماعية جماعية. ومن ثم، نجد أن الحاضنة الأصلية لهذه الظاهرة لابد أن تفصح عن نفسها في تجمع بشري مشروط بالإنتاج المادي عموماً والاقتصادي بخاصة. أما مَنْ ملك ويملك ثمار هذا الإنتاج فقد تحدد بمستوى العلاقات الاجتماعية بين الناس وبطبيعتها وبالقوى البشرية العاملة فيها.

وكان من خصائص الحياة الاجتماعية الأولى أن يكون الجميع مرغمين على العمل بهدف تحقيق الحد الأدنى الضروري من حاجات البشر، نساءً ورجالاً وأطفالاً قادرين إلى حدٍ ما من تحصيل احتياجاتهم، دون القدرة على تخزين تلك الحاجات إلا لأوقات دنيا. ها هنا، لم توجد إعالة فريق من فريق آخر، إلا لصغار الصغار، ومع تحسن وتطور وسائل العمل، نشأت ظروف اقتصادية تحتمل الإعالة، خصوصاً للنساء قبل الرجال.


في تلك الظروف السوسيواقتصادية مادية، نشأ تمايز في الحياة العامة، ومن ثم في التملك وفي نتائجه وحيثياته واحتمالاته، ومن ضمن ذلك في السلطة القضائية والهيمنة السياسية والقيمية...إلخ. في هذا وذاك وغيره، راح الفريق الأقوى في الثروة والسلطة وغيرهما، يفرض منظوماته القيمية والوجودية والجمالية، بقدر أو بآخر. وراح هذا الفرْض القائم على "التفوق"، يتحول إلى ما يقترب من الهيمنة على مرجعيات المجتمع ومداخله واحتمالاته، بقدْر جعل تلك الهيمنة نافذة في الحياة العامة، على الأقل بدرجة أولية حاسمة.

ها هنا، ينبغي التوقف عند ذلك المسار التاريخي، الذي راح يبدو كأنه حالة فطرية من طبيعة المجموعة الاجتماعية المهيمنة، مما قاد إلى أفكار التميز الأولى لهذه المجموعة على من تبقّى من الفئات الاجتماعية.

وإذا كانت تلك المجموعة المهيمنة قد حققت بعض نمو لوعي تاريخي عرفوا عبره أن تميزهم وقف وراءه سياق تاريخي بشري معين، إلا أنهم - وخصوصاً فريقاً منهم- راحوا يمنحون منجزاتهم التاريخية طابعاً إطلاقياً يجعلها ظاهرة مستديمة. وهذا ما راح يوجِد أسباباً للقول بأبديتهم وإطلاقيتهم. وإذا وصلنا إلى هذا المفرَق نجد أن هذه الفكرة اللاهوتية تتحول في أزمنة لاحقة إلى حضور وهمي فاعل في المجتمع. والآن، حيث نضع هذا في إطار هيمنة المجموعة المذكورة على السلطة والثروة والمرجعية العامة، فإن حالة تنشأ تحت حدّ "الهيمنة السياسية والأيديولوجية والقيمية الأبدية".

والآن وبعد تحولات تاريخية كبرى طرأت على البشرية، يبرز التساؤل التالي وارداً في إطار تلك الهيمنة: كيف تطالبوننا بالإصلاح، وأنتم تعلمون أن هذا ليس شأنكم ولا علاقة لكم به أولاً، وكيف تتجرأون على مطالبتنا بإصلاح يقتضي تنفيذ مبدأ التداول السلمي للسلطة، وأنتم تعلمون أن سلطتنا "أبدية" ثانياً. ونلاحظ أن هذا النمط من الحكام العرب الراهنين يسعون، بجل طاقتهم، لتكريس مفهوم "الأبدية" هذا، الذي لا ينتمي للتاريخ ولا للوعي التاريخي، أي لهذين اللذين يعلنان أن كل حدث اجتماعي ذو طابع وانتماء تاريخي. على هذا النحو، يبرز الموقف اللاتاريخي والغبي معرفياً، من مسألة الإصلاح، الذي تطالب به الشعوب العربية.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمات في عمل جدير بالقراءة


المزيد.....




- أمريكا تعلق على إعلان أوكرانيا عن إحباط محاولة لاغتيال زيلين ...
- أبو ظبي تحتضن قمة AIM للاستثمار
- مصر.. الأزهر يدين الاقتحام الإسرائيلي لمعبر رفح ويطالب المجت ...
- -هآرتس-: شركة أمن أمريكية خاصة ستتولى إدارة معبر رفح الحدودي ...
- البنتاغون يعلن إنجاز الجيش الأمريكي لبناء الميناء العائم قبا ...
- الملك عبد الله الثاني يؤكد من الولايات المتحدة على ضرورة منع ...
- الولايات المتحدة تطلق مناورات عسكرية واسعة في أوروبا
- أمير الكويت في تركيا لبحث قضايا المنطقة
- استخباراتي أمريكي سابق يكشف طريقة لإرسال قوات الناتو إلى أوك ...
- وكالة الطاقة الذرية تدعو إيران إلى اتخاذ -إجراءات ملموسة وعم ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الاستبداد والوعي التاريخي