أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم نافل والي - قصة قصيرة بعنوان / الحدث















المزيد.....

قصة قصيرة بعنوان / الحدث


هيثم نافل والي

الحوار المتمدن-العدد: 3371 - 2011 / 5 / 20 - 18:49
المحور: الادب والفن
    



لقد كانَ المنظرُ مرعباً ، فالطريق مزدحماً جداً ، ولم يكن هكذا من قبل ، فسيارات الإسعاف والبوليس والإطفاء كلها تتجمع بسرعة مذهلة كالنحل على العسل !، بينما ترتفعُ أصواتها التي تنذرُ بالشؤم حينَ تسمعها ، لتعرف بأنَ هناك مصيبة حصلت أو ستقع ...... ، وفيما هم مازالوا جالسين في السيارة معَ أولادهم فراس وحكمت ، ينظرون بفزعٍ ورهبة بعدَ أن سد عليهم الطريق فاضطروا إلى التوقف والانتظار ، سألَ فاروق بحيرة وقلق زوجته مريم : ماذا تعتقدين ما الذي يجري هناك ؟. أشارت له غامزة وكأنها تغازلهُ ، فعضت شفتيها بقوة وكأنها تريد أكلها فقالت : لابدَ من شيء خطير قد حدث ، وإلا لماذا يتجمعون ويهرولون كل من رجال البوليس والإطفاء والأطباء ...... ، ثمَ أردفت بهدوء وكأنها تصلي ، الله همة أجعلهُ خيراً ، ولم ينتظر فاروق طويلاً ، فردَ عليها كالراهب ، آمين ......!.
الموقف بدا أكثر تطوراً وإيلاماً ، فالناس يهرعون من كلٍ صوبٍ ويتوجهون للدخول من خلال البوابة الكبيرة التي يسعون هم أيضاً الدخول من خلالها ، ولكن منعهم من السير في الشارع ، أجّلَ ترجلهم ، بينما من يأتي سائراً يستطيع الدخول وبصحبتهم ألآت التصوير محدثين ضجة عارمة ، ويطلقون أصوات مبهمة وكأنهم في جنازة ، بينما يزدحم الكثير ممن لم يسمح لهم الدخول ، أمام البوابة وكأنهم في طابور جمعية تعاونية ....... فقال فاروق محدثاً نفسه : لقد رأيت هذا المنظر في صعيد مصر عندما يتجمعون الناس بطوابير طويلة حولَ أفران الخبز !، لكن الوضع هنا مختلف ، فالناس لا يتصارعون على الخبز ، بل فقط على الرأي عندما يغتصب منهم !، ثمَ شرعَ يقول بصوتٍ مرتفع ، لكن المكان هنا لا يوحي بتظاهرة أو مسيرة احتجاج !، بل أنه مكان ...........، تسمع في تلك اللحظات نقرٌ على زجاج السيارة ، وإذا برجل البوليس يصرخ وكأنه فقدَ صوابه !، أفسحوا المجال لسيارات الإسعاف التي ورائكم بالمرور ......... هيا تحركوا بسرعة جانباً ........
ثمَ يزداد موقفهم حرجاً وهلعاً ، وبدءوا يشعرون بالخوف فعلاً ، فهرعَ أبنهم الصغير ، فراس باكياً وهو يدمدم : أريدُ أن أرجع إلى المنزل ، ويكفي ما رأيناه الآن ........ .
بينما يجيبهُ أخوه حكمت بقلق : أنا لا أريد أن أموت ، ثمَ بدأ هو الآخر بالصراخ وهو في حالة ذعر كبير ، ليبدو وكأنهم فعلاً سيهلكون لا محال ......... ثمَ قالَ الأب متهالكاً : إذن سأتصلُ بأمي وأقول لها بحزم ، عليها أن لا تغادر المنزل الآن ....!! . في حين حاولت مريم زوجته تهدئة الجميع بعدَ أن طفحَ كيل صبرها ، فقالت أرجوكم أهدئوا ما هذا أعوذُ بالله ، إنها مجرد أزمة وستزول ...... لا داعي للقلق ، أننا نعيش هنا منذ أكثر من عشرين عاماً ولم نتعرض لمثل هذا الموقف المتأزم ، ولكن أنظروا حولنا ، فيتلفت الجميع بفزع وكأنَ هناك حيوان مفترس يطمع بمهاجمتهم ، فأردفت وهي ترفع يدها كشاعر يلقي قصيدة !، هناك الكثير ممن ينتظر أيضاً ، فلا داعي للخوف ، أرجوكم ......... أهدئوا .......، ثمَ يصرخُ زوجها فجأة كالملدوغ وهو يرتعش وأعصابه مضطربة وجسمه مشدود كالوتر !، فقال أنظروا هناك .... ثمَ يشير هناك ...... ، يلتفت الجميع نحو المكان المشار إليه ، ليروا أناس يحملون زهوراً ولا فتات وهم يهرعون صوب البوابة ، ثمَ شرعَ يقول وقلبه يدق بعنف ، أستغفر الله ، ما الذي يجري ؟، لابد هناك من أمرٌ خطير يحدث ، أمر لا يمكن لنا توقعه ، أمرٌ كبير قد لا نستطيع تصديقه حتى ولو رأيناه بأم أعيننا ........ قالَ ذلك ونظرَ إلى زوجته فرآها شاحبة لا ترد وكأنها خرساء كالسمكة !، فلم يتمالك نفسه بعد ، فقالَ لهم بحزم آمراً : سأترجل من السيارة ، وأنتم تنتظرون هنا ، سأتحرى الأمر بنفسي وأرجع حالاً ........ ، بعدَ أن نفدَ صبره فقالَ لزوجته سأترك لكِ تولي قيادة الأسرة الآن وسأعتمد عليك ولا تخيبِ أملي فيك !، كوني حازمة بقراراتك ، ودعِ عقلك هو من يتخذ القرار المناسب عندَ الضرورة ، ثمَ لوحَ بيده دونَ معنى وأردف ، أنتِ ستكونين مسئولة عن نفسك وعن الأولاد وفي حالة حصول أي أمر طارئ ، بعدَ أن توقف في كل كلمة يقولها للتأكيد فقال كوني ....... قوية ، فنحن ....... لا نعلم ..... ما سيحدث ، فقبلها ثمَ قبلَ الأولاد وكأنه سيذهب للموت !، فطفرت الدموع من عينيه وبدأ يبكي كالأطفال وكأنه سيرحل عنهم فعلاً دونَ رجعة .....!، عندها لم يستطع أبنهم الصغير السيطرة على نفسه ، بعدَ أن رأى تصرف أبيه وهي يبكي وينتحب أمامه ، فزاد من خوفه وقلقه ورعبه فصرخَ دونَ شعور قائلاً : لا تذهب يا بابا ، لا داعي يا بابا ، فأنا أحبك يا بابا ....... ثمَ على صوت البكاء والصراخ داخل السيارة وكأنهم في مأتم عربي !، فقالَ الأب متوسلاً ..... أرجوكم كفى ، ما هذا الذي يحصل ؟، حرام عليكم تعذبون أنفسكم هكذا ، ثمَ شرعَ ليخطفني الشيطان ، أرجو المعذرة فهذا استهتار ، وهو يزر عينيه كالمقامر الذي لا نقود لديه وهو يحوم حولَ موائد اللعب !، فقالَ جازماً : سأسأل أحدهم وأرجع ، هذا كل ما في الموضوع ، ثمَ ذهبَ مسرعاً بعدَ أن تركهم في السيارة بعدَ غلقها .
بعدَ دقائق قليلة رجعَ لهم بصدرٍ منفوخ وكأنه كيس مملوء بالهواء ، ورأسه عالياً وكأنه ليسَ له !، فتحَ باب السيارة وجلسَ بصمت كالظل للحظات ........ ، فيما ينظرون عائلته له بفضول كبير وكأنه من عالم آخر ، فشعر بالحرج ، فقال مصرحاً : أسمعوا ما سأقوله جيداً ..... ثمَ صمت مجدداً وكأنه يلعب معهم لعبةٌ ما !، فصرخت به زوجته دونَ شعور ...... أرجوك ، لم نعد نتحمل ، قل ما يدور هناك .... ، ثمَ أردفت وهي ترتجف ، أنظر إلى أولادك يا رجل ، فهم شاحبون كالموتى ، قل بسرعة ما الذي يجري حولنا ....... ولا تجعلنا نفقد عقلنا .......! .
عدلَ من جلسته وقال بتباطؤ عن قصد ، في الحقيقة ، أنهم أناس يستحقون العيش بسلام ، ثمَ أنتبه وإذا بأولاده ينظرون له بنظرة غريبة وكأنهم يحقدون عليه !، فقالَ جاداً : لقد ماتَ الدب الأبيض الوحيد والأخير من سلالته قبلَ دقائق ، وقد حاولوا إسعافه دونَ فائدة وستغلق حديقة الحيوان أبوابها اليوم والأيام الثلاث القادمة أجلالاً وإكراما لموت الدب .......!!، ثمَ أردفَ بهدوء وكأنه يصلي :
إنا لله وأنا إليه راجعون ........!. فهمسَ بصوت غير مسموع كالمخدوع ، قائلاً : سوفَ لن أغفر لنفسي ما فعلته أمام أسرتي من تصرفات خرقاء غير مسئولة ، ما حييت أبداً ............. .



#هيثم_نافل_والي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة بعنوان / سوء فهم
- قصة قصيرة بعنوان / شهرة
- حكاية بعنوان / رجل من الشرق
- قصة قصيرة بعنوان / حب في زمن الأخلاق
- قصة قصيرة بعنوان / الوداع
- قصة قصيرة بعنوان / رقم 101
- الدين وعلماء العصر الحديث
- قصة قصيرة بعنوان / مبارزة
- قصة قصيرة بعنوان / السر
- قصة قصيرة بعنوان / جنون الحزن
- قصة قصيرة - بعنوان قرار
- السحر وعلاقته بالدين
- قصة قصيرة بعنوان لا مبالاة
- مشهد بعنوان مصير الشيطان
- قصة قصيرة بعنوان الصرخة
- قصة قصيرة


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم نافل والي - قصة قصيرة بعنوان / الحدث