وداعا عبد الرحيم علول دلك الطائر المتخن بالجراح

رشيد الادريسي

الحوار المتمدن-العدد: 3369 - 2011 / 5 / 18 - 15:26
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    

وداعا عبد الرحيم علول دلك الطائر المثخن بالجراح
توفي اليوم الخميس 12 ماي 2011 المناضل عبد الرحيم علول بمراكش بعد معاناة مع المرض بعد أن اجري بعض العمليات في الرباط، حيت كان يتلقى العلاج .والفقيد من ضحايا القمع السياسي ببلادنا، اعتقل سنة 1984 ضمن مجموعة مراكش على اثر أحداث مراكش،1984 حكم بخمسة سنوات سجنا نافدة، بعد محاكمات لم تتوفر فيها أي شروط للمحاكمة العادلة ،قضاها بين سجن مراكش والصويرة، في السجن خاض إلى جانب رفاقه نضالات من اجل تحسين أوضاع السجن. ولقد عانى كباقي المعتقلين من مخلفات الاعتقال من الأمراض ومعاناة اجتماعية ، خاض إلى جانب رفاقه المعتقلين السياسيين السابقين العديد من المعارك النضالية من اعتصامات وإضرابات عن الطعام من اجل الإنصاف والإدماج الاجتماعين ،ارتبط بالمنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف وتحمل مسؤولية في مكاتبه وظل علول مرتبطا بالحركة التقدمية حاضرا في فعالياتها وأنشطتها بمراكش.
علول من مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بمراكش ، نشط في تنظيماته بكلية العلوم جامعة القاضي عياض، حيث كان يتابع دراسته الجامعية ، لقد مثل الاعتقال بالنسبة إليه كما بالنسبة للعديد محنة ومصادرة لمسار حياة وتفويت للعديد من الفرص ، لكن مثل كذلك عنوان لتضحيات جيل من اجل الحرية والديمقراطية، جيل ملأ صدره بنفس الكرامة والحرية والتطلع للخلاص من القهر والاستبداد وخرج باحثا عنها.
لقد ظل عبد الرحيم يصارع من اجل الحياة ومن اجل الأسرة الصغيرة ، عمل في ميدان التعليم الخاص وسبر أغواره وعاش تقلباته وطور نفسه في مجالات معرفية وثقافية لم يكن له صلة بها من قبل من اجل إن يواجه متطلبات الحياة، التي أتعبت جسده وروحه، ولهدا حين سقط مريضا بمرض مفترس، قاوم لكن المرض كان الأقوى والافتك لم يمهله ولم يستادنه،اقتحمه في غفلة من الزمن ، كأنه كان يتربص بجسد اتخنته الجراح والمعاناة .
ترك الفقيد ابنين وزوجة ظلت بجانبه ، واجهت معه المعاناة والظروف الصعبة ، والآمل هو أن يتم الاهتمام بهده الأسرة وان يتم إنصافها .وان تتضافر كل الجهود من اجل كرامة وحقوق الأسرة الغيرة للفقيد التي كافح من اجلها
لقد شكل غيابه صدمة لنا جميعا ليس لان الموت اختطفا صديقا ورفيق او إنسانا ومناضلا، وهولم يتخطى عقده الخامس بل لأنه عاش حياة مليئة بالمعاناة التي سببها واصلها القمع السياسي ، سببها نهج سلطوي واستبدادي اعتبر القمع أداة للتحكم في المجتمع ، أداة لإخضاع شعب يتطلع للحرية ، أداة للقضاء على أصوات حرة، سببها دولة صادرت حرية الإنسان وصادرت حقه في حياة كريمة وصادرت أحلامه وطموحاته وفرضت عليه مسار خاص ، أكيد أن الفقيد كانت انتصارات الشعب المغربي تشكل له العزاء والتعويض ، وأكيد أن لحرية الشعب ثمن ولكرامته ثمن وان عشق الوطن والارتباط بقضاياه له ثمن وهو ما نعتز به
.لقد ظل عبد الرحيم يمثل لنا رفيقا وصديقا، ليس في المحن حيث سجن مراكش والصويرة احد محطاتها،وخصوصا إحدى الزنازين بالصويرة التي رغم ضيقها فإنها كانت واسعة بالمحبة والتآزر والتضامن،كانت فضاء للحوار والتأمل والمساءلة والقلق الفكري الذي لا يطمئن للجاهز ولكن يجعل العقل دائم الحركة كما قال غرا مشي( تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة)، لقد ظل عبد الرحيم رغم إننا تهنا في منعرجات الحياة والاهتمامات والانشغالات المختلفة.. ولكن ظلت علاقة الود والصدق والمحبة حاضرة،لأننا قضينا لحظات كان سلاحنا فيها في مواجهة الموت البطيء وارادةالجلادهو التحامنا ووحدتنا وإصرارنا الجماعي على التحدي..في ركن صغير من العالم ، ركن تحوم حوله نوارس جائعة ، وتجف فيه انهار، ركن صغير في مساحته، لكن كبير في معانيه أي معاني الصمود والمقاومة، ركن دافئ رغم رطوبة وبرودة المدينة، ركن حي يشتعل بأخبار الثورات والانتصارات والانكسارات...
لقد شاءت الظروف إن ازور قريتك أولاد خلخال في إقليم قلعة السراغنة والقريبة من دمنات بكليمترات، والقريبة كذلك من مسقط رأس الفقيد مصطفى اكحيري، لأحضر مراسيم دفنك إلى جانب بعض رفاقك، قرية جميلة كنت قد حدثتني عنها وعن ذكرياتك فيها وتواعدنا على زيارتها أكثر من مرة ، لكن لم يحصل دلك إلا بعد رحيلك.
وهاهي أشجار الزيتون وحقول القمح..... تحضنك وتمنح جسدك المتعب وروحك الدفء والأمان.لقد خرج المئات من الرجال والشباب والنساء والأطفال والحزن يعتصر قلوبهم ليودعوك ابنا مخلصا حمل هموم البسطاء وأمالهم بين ضلوعه ورحل ،رحل بعيدا ،لكن ظل قريبا منهم ولهدا أصروا على ترتاح بينهم، وان تستظل بظلال أشجار الزيتون الشامخة التي تسلقتها، وأنت طفل يانع وجريت بين حقول ممتدة، في أفق رحب يتنفس الحرية ، يتذوق معنى الحياة بعفوية وبراءة ولذة طفل يتيه فرحا مع أطفال قرية يلاحقون الفراشات كما يلاحقون الشمس الساطعة.
خرجوا ليودعوك لأنهم ظلوا شهود على مااصاب الأسرة و، حين جاءت تلك الأيادي السوداء التي تقتات من الظلام والتي أدمنت الرعب والظلم لتخطفك في تلك الليالي الباردة من سنة 1984 ، ولتظل الأسئلة تتناسل حول ما معنى إن يتحول الوطن غالى قفص كبير ن تصادر فيه حرية الإنسان وكرامته ومواطنته الكاملة
عبد الرحيم، ستظل ذكراك وروحك بيننا ،وستظل تجربتك ومسارك بكل ما حمل من معاناة عنوانا بارزا لمحنة شعب وابناه الأوفياء في مسيرته التاريخية من الكرامة والحرية والديمقراطية.
رشيد الإدريسي
مراكش السبت 14 ماي2011

#رشيد_الادريسي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات