أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - المجلس العسكري وحكمة الجنرال -علي زيوار-















المزيد.....

المجلس العسكري وحكمة الجنرال -علي زيوار-


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 3368 - 2011 / 5 / 17 - 15:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



في العام الأول من حكم السادات كان كاتب هذه السطور طالبًا في الكلية الحربية، المنقولة وقتذاك إلى منطقة خزان جبل الأولياء بجنوب السودان، تفاديًا لغارات العدو في العمق المصري. وكان يجرى للطلبة اختبار رياضي أسبوعي في اختراق الضاحية لمسافة سبعة كيلومترات. ولما كان العبد لله عداءً متفوقًا، فما إن بدأ أول سباق حتى أطلقت ساقي للريح، غير أنني فوجئت بصوت جهوري رنان يصرخ في قائلاً:
- أنت يا طالب بتسوَّح زمايلك ؟
وكلمة (بتسوح) في العامية المصرية تعني أنني أضيع زملائي..
كان صاحب الصوت هو كبير معلمي الكلية وقتذاك العميد "علي زيوار" مذيع مباريات كرة القدم الشهير.. أما عن التسويح فقد أفهمني أن الطالب الذي يحقق المركز الأول يحصل على عشرة من عشرة من الدرجات، وكل طالب يأتي متأخرًا دقيقة تخصم منه درجة.. ولذلك طلب منا أن نعدو متجاورين حتى نصل لخط النهاية في وقت واحد تقريبًا..
قلت له إن زملائي قد يتفوقون علي في تمارين أخرى مثل تمرين القرفصاء والضغط.. فقال لي بعد أسابيع سترتفع اللياقة البدنية عند الجميع ويومها ليكن التنافس بينكم على أشده.. ثم لكزني في كتفي وأعادني إلى السباق المحكوم..
ورغم أنني قد أخرجت من الكلية مبكرًا بفعل التقارير إياها من الجهاز الذي أسقطته ثورة يناير المصرية.. فإن هذه الواقعة لم تغادر ذهني.. ولكنها قفزت بقوة إلى سطح ذاكرتي في الأسابيع الأخيرة.. وبالذات بعدما أصدر المجلس العسكري القانون الذي يلزم الأحزاب الجديدة بشروط تعجيزية كشرط جمع خمسة آلاف عضو، وشرط نشر أسماء الأعضاء في صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار.. الأمر الذي يوجب على كل حزب جديد أن يجمع عددًا كبيرًا من الأعضاء وينفق ملايين الجنيهات في غضون ستة أشهر فقط بعد عقود من الحظر الفعلي على الحياة الحزبية..
وإذا كان الحزب الوطني العرمرم قد تبخرت عضويته المليونية بعد ساعات من الثورة.. ألا يجعلنا هذا نفكر في أن عدد الأعضاء ليس الأساس وإنما فاعلية الحزب ونفوذه..
كما أن أحزاب الفقراء مثل الحزب الناصري وحزب التجمع تعاني اليوم من هجمة هائلة لرأس المال تغزو الأحزاب القائمة والجديدة، ليبرالية كانت أم دينية.. وتنفق الآن أموالاً طائلة في سوق السياسة الحزبية.. وانظروا فقط إلى ما أطلقوا عليها "مناظرة" الأحزاب الليبرالية في فندق فخم على النيل.. وها هي أحزاب تمتلك حتى قبل أن تبدأ قنوات تلفزيونية وقدرات إعلامية ومالية مهولة..
وتزداد الأمور سوءًا مع الأحزاب اليسارية الجديدة التي تحاول شق طريقها في هذه المنافسة غير المتكافئة مع الرأسماليين والاحتكاريين سواء من أصحاب الزي الأفرنجي أم من أصحاب اللحى والجلابيب. فهي مثل التجمع والناصري، أحزاب تنوي أن تناضل من أجل الفقراء فمن أين تأتي بالملايين كي تحصل على رخصة العمل الحزبي..
نقول للسادة أعضاء المجلس العسكري إنه بعد كل ثورة يصبح الأساس هو الإباحة وليس التقييد على تشكيل الأحزاب. ونعلم أن القيادات العسكرية قد تكون بعيدة عن تصور المناخ السياسي، ومستويات الوعي الجماهيري، ودرجة الاستعداد للانخراط في نشاط حزبي، ومدى إمكانية قيام أحزاب كبيرة منذ الوهلة الأولى لإنشائها.
ومن الواجب أن يعلموا أنه من الظواهر الطبيعية بعد فترة طويلة من القهر السياسي والجفاف الحزبي أن يكون عدد الأحزاب كبيرًا نوعًا ما، ومن الطبيعي أكثر ألا يمر وقت طويل قبل أن تسعى الأحزاب المتقاربة فكريًا وسياسيًا إلى الاندماج والائتلاف. فلماذا التعجل في فرض أوضاع على القوى السياسية والجماهيرية لم يحن أوانها بعد.
كما ننبه إلى أن الأحزاب قد تضطر إلى التحايل على الشروط التعجيزية فتقوم باندماجات غير مبدئية فيما بينها حتى تحصل على الترخيص، وبعد هذا ستندلع الصراعات الحتمية داخل كل حزب.. فلصالح من تُجبَر الأحزاب على أن تنشأ منقسمة ومفتتة أصلاً.. مما سيضيف المزيد من التشوش واللجج الحزبي.
ونفهم أن تواجد عدد كبير من الأحزاب يصعب مهمة الانتخابات لو جرت بالقائمة النسبية.. وإن كان من الممكن علاج هذا عن طريق الائتلافات واتفاقيات تجميع الأصوات بين الأحزاب المختلفة في حالة عدم تمكن حزب من الحصول على ما يكفي من الأصوات لنيل مقعد واحد في المجلس النيابي.. بل ومن الممكن أيضًا تطبيق نظام الاتفاقيات هذا بطريقة ما حتى في الانتخابات الفردية.
أخيرًا.. نرجو أن يعطي المجلس العسكري القوى الوطنية المصرية الوقت الكافي لتنظيم الشعب سياسيًا وحزبيًا على أسس مبدئية سليمة.. كما أن وجود عدد كبير من الأحزاب لا يعني بالضرورة تعريض الوحدة الوطنية للخطر، بل إن سياسة التجفيف الحزبي التي اتبعها النظام السابق هي التي أوجدت التوتر..
ومن المعلوم للمجلس أن تشكيل حزب بحجم يقارب حجم "لواءين" هو أمر صعب، كما أن عملية تشكيل أي لواء تبدأ بالقادة فالضباط فصف الضباط وهلم جرا.. كذلك الأحزاب تبدأ بالكوادر.. بل لا بد وأن تبدأ بالكوادر.. لأن مرحلة الإنشاء هي مرحلة صياغة الخط الفكري والسياسي والتنظيمي.. أما النمو الجماهيري للحزب فلا يأتي إلا بعد أن يكتسب شرعيته، ومن ثم تكون له أدواته الإعلامية القانونية.. وهكذا فإن حجم "الكتيبة" هو الحجم الأمثل الذي نتطلع أن يوافق عليه المجلس لتعديل القانون..
بالأحرى لا تزال مصر وثورتها وقواها الثورية والشعبية بحاجة إلى مزيد من الوقت بتوسيع الفترة الانتقالية حتى تتمكن من كسر الاحتكار السياسي للنخب في العاصمة..
ولعل هذا يفسر إصرار الإخوان على إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أسرع وقت ممكن حتى يكون لهم القسط الأعظم في صياغة الدستور على مقاس أفكارهم.. أي أنهم يريدون أن (يسوحونا) على رأي على زيوار..
هنا تتضح أهمية حكمة الجنرال/ الكابتن.. فلا بد في بداية الفترة الانتقالية من بدء السباق من نقاط متقاربة.. فنحن في حاجة إلى مهلة منطقية أو حتى "تمييز إيجابي" لمصلحة الفئات المستضعفة أو القوى الجديدة التي لعبت الدور الأكبر في صنع الثورة.. ثم تفتح المنافسة على أشدها بعد فترة من استقرار قواعد اللعبة الديمقراطية، وإلا كنا بصدد إعادة إنتاج النظام الجديد سواء اتخذ مظهرًا مدنيًا أم دينيًا.. لأن جوهر الاحتكار السياسي سيظل كما هو.. أما الفئات الشعبية الحقيقية، وخاصة الفقراء ومتوسطي الدخل والمهمشين والأقليات وسكان العشوائيات والشباب والمرأة والمعاقين.. الخ فسيجدون أنفسهم في حالة اغتراب متجدد عن النظام السياسي.. لأنه سيكون نظامًا سياسيًا لاستبداد الأثرياء من أنصار المدنية والدينية على السواء.



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة كأمر واقع .. الحالة المصرية
- إلا السيناريو السلفي


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - المجلس العسكري وحكمة الجنرال -علي زيوار-