أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر علاونه - رحيل قبل الأوان














المزيد.....

رحيل قبل الأوان


ياسر علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3361 - 2011 / 5 / 10 - 00:12
المحور: الادب والفن
    


نقرأ، ثم نقرأ، ثم نفكر، ونسافر في الخيال إلى حيث نشاء، نتأمل ونطيل التأمل وفي النهاية نتذكر ونتحدث ونكتب عن من يتركون أثراً في حياتنا لا رائحة، عن الذين يرحلون أو نقرر الرحيل عنهم قبل الأوان احتراماً وحباً ليس أكثر من ذاك، فعدة أسباب للرحيل باكراً تجعلك هناك لا هنا، تضعك أمام الأسئلة الصعبة التي لا تريد الإجابة عنها ليس خوفا ولكن ربما لا تريد.
دائماً بالحديث مع الذات وأنا شارد الذهن حراً متحرراً من كل القيود بأنواعها ألبس عباءة الحالم والخيالي والمثالي المتجرد من كل شيء حتى من نفسه، تاركاً مشاغل الحياة وهمومها، أتساءل هل علينا الرحيل قبل الأوان دوماً، لا أخفي بأنني أحبذ الرحيل قبل أوانه لأنه هناك ثمة قناعة لدي تقول أن على الإنسان أن يغادر باكراً وهو في قمة العطاء، الأمل، الجمال، لا اليأس، وهناك الملايين مثلي يفضلون الرحيل قبل الأوان، وهناك الآخرين الذين ينتظرون الرحيل في الأوان-أنا إذا عكسهم سيكون خياري الرحيل قبل الأوان كلما استطعت إلى ذلك سبيلا- هكذا دوماً أحبذ.
أربع سنوات مرت على اللقاء مع صديقي صدقي في عمان، وقتها أصر على أن نتناول الغداء في أحد المطاعم، وتبادلنا أطراف الحديث المطول حول الأهل والأصدقاء والشأن العام، لم يخل سكنه المتواضع في الهاشمي الشمالي من بعض الكتب والروايات، كعهدي به شغوف بالثقافة والأدب، رحلت عنه قبل الأوان ورجعت إلى الوطن، وعندما عاد، قضينا وقتاً في الهرولة معا في شوارع رام الله، وكان الحديث يدور حول الرحيل قبل الأوان وجمالية ذلك مع الاختلاف متى نقرر ذلك ومتى يكون ممكنا.
في الصباح إذا سأصحو قبل الأوان فرحا بنهار جميل سأقف على شرفة المنزل لأرى الغمام ينقشع ويتجلى النهار بكل جماله، وسأنظر إلى السماء بارتفاعها وارفع يداي نحوها مفعما بالأمل والغد الجميل، أنا لا أعيش في الماضي حتى لا أصير تمثالاً من الصخر، ربما حتى لا يموت الحلم، وأموت معه.
غادرت صديقتي رام الله في مركبة الفضاء نحو السماء لتكون محطتها الأخيرة ألمانيا، لم تقل شيئاً سوى كلمات قليلة غادرت بكل أناقة وجمال تاركة أثراً وذكريات جميلة لا يمكن أن تنسى من الذاكرة والقلب والروح، غادرت وتركت أثراً لا رائحة، فالرائحة ستزول حتما مع مرور الزمن، هل اختارت الرحيل باكرا قبل الأوان؟ ولماذا؟ لماذا غادرت قبل الأوان تاركة كل هذا الأثر الجميل؟ هل كان قررها الرحيل باكرا لكي تبقي أثرا لا رائحة؟ هل يفعل كل الحالمين ذلك؟ يقررون الرحيل قبل الأوان احتراما وحباً؟!.
قبل أيام قليلة، غادر صديق لي من الأرض إلى السماء في اللقاء الأخير، لم يقل لي أنه يريد الرحيل قبل الأوان، لم يبعث لي حتى رسالة نصية، لم يكتب وصيته أو حتى نصه الأخير، لم يقل لي ماذا اكتب عنه، لم يخطر بباله حتى أن يودعني، لم يقل لي عن أي لون لضريحه يفضل أو يريد، رحل تاركاً حلما جميلا خلفه، هكذا دوماً يغادر الأعزاء دونما استأذن ويرحلون عنا قبل الأوان رحيلهم الأبدي.
هل كان علي أن أرحل قبل الأوان؟!! بعد الحديث المطول مع صديقتي التي حاولت البائسات الشريرات أن يرسمن لها صورة مشوهة عني كما يفعل الاستعمار في الأرض المحتلة، من تشويه للواقع وجغرافية المكان وثقافة الشعب، ولكن في النهاية الحقيقة تنتصر ويقاوم الشعب الاستعمار وتنكشف صورته البشعة، طبعا مثلما يفعل المحتل في الأرض ستحاول الشريرات خلق وزرع صورة غير جميلة عني؟!!! لن اكترث بذلك، ما يجعلك بنصك تخاطب الآخر وتثير الأسئلة التي ربما لا تنتهي، لماذا يفعل الآخرون ما يفعله الاستعمار والمحتل؟! لماذا يتدخلون لرسم صورة عن الآخرين؟! أليس نحن قادرين أن نكون صورة وانطباعا عن الآخر؟ لماذا لا يترك الأشرار لنا معرفة الآخر؟! ألا يعرف الأشرار والبائسات الشريرات أننا لسنا بحاجة إلى فضولهن في كثير من الأحيان؟! الآخر هو أنا وأنت والآخرين جميعاً، في كثير من الأحيان أرفض وأصاب في حالة هستيرية عندما يقدم لي شرحا عن الآخرين أو الأخريات، وأردد لا علاقة لي بالشأن الخاص مطلقاً، لدي القدرة لمعرفتهم بدون فضولكم.
على الآخرين – أعني الأشرار والشريرات- أن يعرفوا بأن هناك عقولا لنا نستطيع التفكير بها لا أن يحاولوا زرع أفكارهم الاستعمارية فينا، إنني لا أحبذ أن يعرفني الآخر عن طريق حديث الآخرين وانطباعاتهم، ولا أحبذ أن يكون لدى الآخرين أفكارهم المسبقة عني سواء سلباً أو إيجاباً، صديقتي التي تقول بأنها لم تكون فكرة عني من الأشرار والبائسات الشريرات –الاستعماريات- يبدو كما هي متأثرة بأفكارهن، وفي النقاش الدائر يطفو ذلك مثلما يطفو الزيت فوق الماء، وأقول مهما حاول الاستعمار زرع أفكاره سيفشل، وهل خطر ببال صديقتي أن الشريرات من الممكن أنهن حاولن زرع وغرس أفكارهن المسمومة في؟!! ومحاولة التدخل لتكوين صورتهن الاستعمارية عنها؟!!
هل كان علي أن أبحث عن نصف مكان آخر؟!، وأصمت، وأضحك على عبثهن وخيبة أملهن، وأسير نحو الغد بكل خطى واثقة، وأكرر، هل كان مطلوباً مني أغادر قبل الأوان مثل حلم جميل في منتصف النوم، ربما لو التقينا في مكان وزمان آخر لما كان هذا السؤال.



#ياسر_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر علاونه - رحيل قبل الأوان