أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جلال برجس - علاقة النساء والشباب العربيين بوسائل الاتصال الحديثة















المزيد.....



علاقة النساء والشباب العربيين بوسائل الاتصال الحديثة


جلال برجس

الحوار المتمدن-العدد: 3329 - 2011 / 4 / 7 - 00:11
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


علاقة النساء والشباب العربيين بوسائل الاتصال الحديثة
"رؤية انطباعية"


* جلال برجس

مقدمة

تكاد "ثورة الاتصالات" أن تكون من أهم المكاسب التكنولوجية التي حظي بها الإنسان في هذا القرن، وتكاد الأشكال المتنوعة للتواصل عبر فضاءها الالكتروني، أو ما اصطلح على تسميته "العالم الافتراضي" تكون أهم مفرزاتها ، وقد صارت متاحة لنسبة كبيرة لا يستهان بها من سكان هذه الكرة الأرضية، والمجتمع العربي جزء منها، مما جسر هوة شاسعة بين أبناء المنظومة الإنسانية، بتعدد أشكال وتنوع ثقافاتها. وهذا التطور الكوني اللافت، خلق حالة من الحوار، رسخت نفسها كأهم السلطات الاجتماعية، التي لم تتقاطع مع أشكال السلطات الأخرى، بل غايرتها، إذ أصبح العالم، ونحن نشهد تناقلاً وتداولاً منقطع النظير للمعلومة بكل أنواعها، قرية مفتوحة على بعضها البعض. ومع بروز هذا التطور طرأت مفاهيم جديدة، وتلاشت مفاهيم أخرى كانت سائدة. إذ أطيْحَ بنظم، وكيانات سياسية، وإيديولوجيات، كنا نعتقد أنها أبدية لانهائية. فما عادت المسافة عائقاً أمام الحاجة الإنسانية للتواصل، فقد فرض عالم (الانترنت) نفسه كحل في هذا الشأن، وربما من وجهة نظر أخرى كبديل صارخ لأشكال التواصل التقليدية. فقد تنوعت تلك البوابات الالكترونية التي عبرها يمكن لأي شخص في أي مكان من العالم أن يحقق رغبته بالتواصل بأي شخص آخر مهما كان حجم المسافة التي تفصلهما، وبالتالي طرح ومشاركة الآخرين آرائه. ذلك التواصل الذي جعل من ثقافات البشر، عبر حالات الحوار، وتناقل المعلومة، والسجالات بكل ألوانها ومواضيعها، صفحة مفتوحة خاضعة للحوار وبالتالي التعاطي معها من باب ظاهرة الاختلاف والتنوع الصحيين. فقد رسخت هذا الحالة، إلى جانب جهود عالمية أخرى، إرهاصات أولى لثقافة إنسانية ، تدعو لاحترام الآخر، واحترام ثقافته، هذا الاحترام المبني على ثيمة التنوع والاختلاف. وقد استوْعِبت هذه النقلة النوعية في مجال تكنولوجيا الاتصالات، ووسائل الإعلام والاتصال الحديثة، في البداية على أنها تقليعة، انتشرت حمى اقتنائها وتداولها بسرعة منقطعة النظير، إلا أن مضي سنوات على ولادة هذا الانجاز الإنساني، جعل الأمر يأخذ طابعا آخر مختلفاً عما كان عليه في البداية، وهذا عائد لطبيعة الصدمات والتحولات الكبرى، التي ما أن تتجه نحو التوازن، بعد ميزتها الأولى المرتبكة، حتى تصبح أكثر قابلية للفهم والإدراك الواعيين. ومما لاشك فيه أن هنالك عوامل كان لها الدور الكبير في تنامي هذه الثقافة الجديدة- أي ثقافة وسائل الاتصال الحديثة- أو من جهة أخرى يمكن القول أنها مهدت الطريق نحو استيعابها، أهمها التبدلات العالمية، اقتصادياً، سياسياً، اجتماعياً وثقافياً، إذ صار الإنسان إثر تلك العوامل، بحاجة ملحة للتعبير عن نفسه أكثر من ذي قبل، إضافة إلى رغبته في تلقي المعلومة والمشاركة الفاعلة في جهود البناء الإنساني والتفاعل مع الإحداث والأزمات، التي بفضل هذه الثورة الهائلة في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، لم تصبح حكراً من حيث الانتباه لها والتعاطي بها على البلد التي تحدث به فقط. ويضاف أيضاً إلى ما سبق ذكره أن الصفة العامة للعالم الحديث، وهي صفة السرعة التي بات الزمن الحديث يسمى بها (زمن السرعة) بكل تجلياتها، دفعت باتجاه استيعاب هذا الشكل الذي رآه كثيرون بأنه بديلا عن أشكال التواصل الأخرى، والتي تتعارض في ميزاتها مع تفاصيل اليوم الحديث، وتعيقها في كثير من الأحيان. فالتفاعل مع قضايا المرأة على مستوى العالم، اتخذ شكلاً آخر عما كان عليه في السابق، وذلك يتجلى عبر التفاعل مع حدث ما على سبيل المثال يخص شؤون المرأة وقضاياها من خلال المواقع الالكترونية وخصوصاً الاجتماعية، مما خلق وجهة نظر اجتماعية عالمية تدفع باتجاه التغيير، هذا التغيير الذي جاء كحاجة ليس فيما يتعلق بقضايا المرأة فقط، إنما بكثير من القضاياٍ التي باتت تهم العالم بأسره، عبر كثير من الوسائل التكنو اتصالاتيه. فقد أفرزت ثورة الاتصالات اهتماما واضحاً بثقافة الصورة والكلمة، وذلك يتبدى عبر الانجازات الكثيرة لأولئك الذين هم في الأصل ليسوا صحفيين درسوا المهنة ومارسوها، بل نصبوا أنفسهم كسلطة صحفية خامسة هم كتابها ومحرروها ورقبائها. وقد تجلى ذلك عبر الأعداد الهائلة من الأفلام على موقع You tube ومواقع أخرى مشابهة، بتنوع مواضيعها، بحيث صارت مرجعاً مهماً وأساسياً للباحثين عن المعلومة عبر الصوت والصورة في آن واحد، إضافة إلى المقالات العديدة والمتابعات التي طالت شتى المواضيع التي تهم الإنسان، سياسياُ واقتصادياً وثقافياً وفكرياً وترفيهياً. إذ أوجدت هذه الثقافة الجديدة انتباهاً عالمياً إلى أن هنالك ثقافة إعلامية تعبيرية تفرض نفسها، وهي في حالة ملفتة للنظر من حيث تناميها بسرعة مذهلة، عبر تفرّدها بميزات تجعلها قادرة على الاستمرارية وأهمها الخصوصية وتعدد ألوانها .
ومن هذا المنطلق تصبح المواقع الاجتماعية ( مدونات، منتديات، You tube ،صفحات على Face book، Twitter، HI5, my space غرف المحادثة سواء على الهوت ميل Hotmail أو الياهو مسنجر yahoo messenger) أهم منجزات تكنولوجيا الاتصالات، وصارت تُدعى ب"الواقع الافتراضي" تلك التي خلقت حالة إشكالية جديدة من التواصل بين بني الإنسان دون الارتهان لأي شكل من أشكال السلطة جغرافياً وسياسياًً. وما حدث من تغيير على الصعيد السياسي في تونس وفي مصر وفي ليبيا دليل صارخ على أهمية وسائل الاتصال الحديثة التي كانت بمثابة منابر، وأماكن تلاقي وتعبير وحشد الآراء، لجيل الشباب.

◄ ثورة الاتصالات، هوة شاسعة بين الغرْب والعَرب

عندما أتطرق إلى شأن يخص الإنسان في مجتمعنا العربي وبالتالي نذهب باتجاه باب المقارنة، بين الغرب والمجتمع العربي، فان تلك المقارنة ترتهن إلى قيمة النسبة، بين منطقتنا العربية والغرب. والارتهان للنسب العامة في معرض هذه الرؤية ترتهن إلى الرغبة الحقيقية في التقدم، فعلى سبيل المثال، لو اتكأنا على النسبة القليلة مقارنة مع قيمتها في المجتمع العربي للاستخدامات السطحية في الغرب، لبقينا نراوح في مكاننا دون تفكيك الأزمة وبالتالي سنبقى نراوح في مكاننا، فعندما نتطرق إلى نسبة التفاعلية "الحقيقية" مع مدخلات ومخرجات ثورة الاتصالات، واختلافها حين نقارنها بين الغرب والمجتمع العربي نلاحظ ذلك الخلل الحاصل. فمثلما تتواجد أمية الحاسوب، وضعف التفاعلية ، وحصاد التعاطي الحقيقي مع ثورة الاتصالات ، في المجتمع العربي، فإنها تتواجد في الغرب أيضاً، فلا هم قديسين في هذا الشأن ولا نحن كفرة. فرغم أن وسائل الإعلام والاتصال الحديثة، لم تصبح في متناول الجميع على مستوى العالم للآن، إلا إنها اكتسبت صفة العالمية تقريبا، إما من حيث اقتناءها وتداولها في كثير من الدول، حتى النامية منها. أو الرغبة في امتلاكها. لكن البون شاسع بين اقتناء واقتناء، وبين تداول وتداول، حيث نلاحظ بشكل جلي أن المنطقة العربية لم ترق للآن إلى مستوى "التفاعلية الحقيقية" مع هذا المُعطى التقني المهم. والتفاعلية الحقيقية مع هذا الشأن لا تقتصر فقط على اقتناء التكنولوجيا Hardware و Soft wareو واستخدامها فقط، لكن تمتد إلى ضرورة التوصل إلى حاجة العربي للمعرفة الحديثة، وسبل وصوله لها، خصوصاً ونحن نشهد تدفقاً هائلاً للمعلومة عبر فضاء عالم الانترنت. وهذا الأمر اقترن بعوامل عديدة جعلت هنالك اختلافاً ٍواضحاً، وخصوصاً عندما نتتبع النتائج من وجهة نظر تحليلية، بين من يستخدمون الانترنت في الغرب، وبين من يستخدمونه في المجتمعات العربية. وأراني هنا مضطراً لسوق مثال ربما يفيد في تبسيط ما أود قوله بصورة أكثر وضوحاً، وهذا المثال ربما هو صاحب ارتباط وثيق بماهية استيعاب ثورة الاتصالات والتعاطي معها . فإثر النتائج الكارثية للحربين الكونيتين برزت الحداثة بكل أطيافها، كردة فعل على السائد آنذاك، ذلك السائد الذي لم يكن بوسعه من وجهة نظر منظّري تلك المرحلة أن يتفادى الحربين اللتين أنتجتا خراباً هائلاًَ على الصعيدين الداخلي والخارجي ، فجاءت الحداثة متمردة وجنونية غيّرت كثيرا من ملامح العالم. وبدورها نتيجة للتواصل والتلاقح الثقافيين، راحت المنطقة العربية تنخرط في تلك المنظومة وثقافتها، إذ انتقل العالم غير الثالث فيما بعد، إلى ما بعد الحداثة ونحن في المنطقة العربية مازلنا عند البوابة الأولى لفهم الحداثة وسبل التعاطي معها، وهذا عائد إلى اختلافات عديدة من حيث الثقافات الاجتماعية والسياسية والفكرية، بين الشمال والجنوب والشرق والغرب. فقد تداول الغربُ الحاسوبَ منذ وقت مبكر، عبر تأسيسات علمية ومعرفية لتفهم حاجة المجتمع المتطور لها، بينما كانت المنطقة العربية غارقة في أزماتها. وبهذه الحالة، ترسخت تلك الهوة الشاسعة تكنولوجيا في مجال علم الحاسوب، كما في مجالات أخرى. فمع طلوع كل شمس يوم على وجه هذه البسيطة، يطرأ تطور ما على علم الحاسوب ومخرجاته، بحيث صار هذا العلم، كقطار سريع لا ينتظر أحداً ولا يقف في محطة. فصعوده يتطلب سرعة تضاهي سرعته، للحاق به أولاً وثم الانضمام إلى مرتاديه. ففي المجمل العام تعتبر المنطقة العربية، فيٍ هذا النطاق مستخدمة USER ، لا منتجة. إلا من بعض الإرهاصات الأولى المتواضعة في هذا الصدد مقارنة بالكم الإنتاجي والتفاعلي على مستوى العالم. فمثلما تعاطينا في المجتمع العربي مع الحداثة، بالتالي وقع ذلك الارتباك الكبير، بحيث أننا أصبحنا غير قادرين على إيجاد حداثتنا الخاصة، نتعاطى الآن مع علم الحاسوب، ووسائل الاتصال والإعلام، ونحن غير مهيَّئين ولا مؤهلين بالشكل الكافي لاستيعاب هذا الانجاز العالمي المهم، رغم المحاولات التي تؤسس لهذا الشأن. ومن الأهمية بمكان أن أشير هنا، إلى أن العولمة بكل توجهاتها، هي التي كانت وما زالت وراء التعميم السريع لوسائل الاتصالات والإعلام لإغراض اقتصادية، مستغلة بذلك الجهد التكنولوجي الموجه في الأصل لتحقيق رغبة الإنسانية في المعرفة، متخطية بذلك الفوارق الكبيرة وأهما الهوة الشاسعة تكنولوجياً، بحيث يبرز الخلل الواضح في طرائق، وأهداف، ونتائج التعاطي مع ثورة الاتصالات الهائلة والتي تتنامى سريعاً. ومع تفاؤلنا في المجتمعات العربية، بأننا بدأنا في جني ثمار الجهود المنصبة على محو أمية القراءة والكتابة، نشرع الآن في تلقي نتائج أمية الحاسوب، والتعامل مع وسائل الاتصال الحديثة، تلك الأمية التي لا تقتصر على اقتناء حاسوب فقط والقدرة على التجوال عبر نوافذه، إنما يتعدى الأمر إلى كيفية التعاطي مع ذلك الحاسوب معرفياً ومع وسائل الاتصال الحديثة تلك. أي بمعنى آخر ضعف القدرة للفرد العربي في ارتقاءه إلى مستوى التفاعلية الحقيقة في هذا الشأن. وهذا الضعف في القدرة التفاعلية مع ثورة الاتصالات، وهو احد دلائل الهوة الشاسعة مابين الغرب والمنطقة العربية، عائد لأسباب وعوامل يكمن حلها في تغيير كثير من المفاهيم التي رافقت تداولنا لنتائج التحولات العالمية سواء كانت تكنولوجية معرفية، أو اقتصادية، أو ثقافية، أو فنية. فهذه الازدواجية جعلتنا نحظى بالقشور دون اللب، ولا أريد لأي أحد كان أن يتبادر إلى ذهنه بأنني مكلل بالتشاؤم، أو أنني احتوي في داخلي عقدة ( الخواجا) أو أنني أرى الصورة سوداوية إلى هذا الحد، لكنني من باب وضع الحالة برمتها على الطاولة أسعى إلى جانب الكثير، للتوصل لطريق ربما توصلنا ذات يوم بالبوابة التي من الممكن لها أن تفضي بنا إلى فضاءات أكثر رحابة. فالمكاسب الغربية على صعيد الحرية بكل تجلياتها وألوانها، والتركيز الحقيقي على مدخلات ومخرجات البحث العلمي، وتعميق المفاهيم التي ترتقي بسوية العقل، والبناء الاجتماعي السليم، كلها عوامل أسست لاستيعاب ثورة الاتصالات كما ينبغي. وعلى العكس من ذلك فضعف الحرية بمفهومها الشامل، وغياب البناء الحقيقي للعقل، وضياع البناء الاجتماعي العربي في مفاهيم اجتماعية معيقة، وتنامي وتيرة الخرافة والمفاهيم الخاطئة، جميعها أسست لهوة شاسعة بين الغرب والعرب، ليس على صعيد ثورة الاتصالات فقط إنما على أكثر من صعيد وشأن.








◄ المرأة والشباب العربيين في وسائل الاتصال الحديثة/المواقع الاجتماعية

عدما نتحدث عن المرأة والشباب العربيين في وسائل الاتصال الحديثة، فإن تطرُّقنا هذا يطال المجتمع العربي برمته، دون التطرق إلى منطقة بعينها، وذلك عائد لخصوصية المجتمع العربي الذي يلتقي بميزات كثيرة، إلى جانب ثقافته، ودينه، ولغته، فواقع حال المرأة والشباب فيما يتعلق بوسائل الاتصال الحديثة متشابه من حيث الدوافع والمجريات والنتائج، بل أن الحال واحد، إذ تزداد كل يوم نسبة مستخدمي الانترنت، في المجتمعات العربية، وخصوصاً المواقع الاجتماعية التي تقدم مساحات الكترونية للتواصل والحوار وطرح الآراء، والترويج. بحيث تحضى مواقع اجتماعية بعينها بشعبية واسعة في المجتمعات العربية، مثل ( الفيس بوك، التويتر، الهاي فايف، ماي سبيس، نت بلوغ، تاغد، مدونات مكتوب، مدونات غوغل، مدونات جيران، مدونات ورد برس، اضافة الى المدونات المستقلة) ويتصدر موقع الفيس بوك Facebook قائمة تلك المواقع الاجتماعية التي يزداد عدد المسجلين بها على مدار الساعة، وخصوصاً بعد قيام الثورة التونسية والمصرية انطلاقا من ذلك الموقع الافتراضي . وأفراد المجتمعات العربية جزء ممن يتكالبون على تلك المواقع الاجتماعية . وقد أصبحت تلك المواقع بسبب تزايد عدد مرتاديها نافذة مهمة للإعلانات التجارية، حتى أن بعض الصفحات الشخصية في بعض المواقع الاجتماعية صارت تحظى بإعلانات تجارية مدفوعة الأجر بسبب عدد زوارها .
وقد وجدت المرأة العربية ضالتها، عبر هذا المنبر الافتراضي، مستخدمة إمكاناتها للدفاع عن قضاياها، والتعبير عن نفسها ، وقد خرقت في هذه الحالة سلطة المجتمع العربي الذكورية، فأصبح لها صوتاً يُسمع، وانجازات على أكثر من صعيد غيرت الصورة النمطية ولو جزئيا عن واقع المرأة العربية التي أثبت الحال أنها يمكن أن تكون شريكا حقيقياً في البناء الإنساني، تماماً كما هو الحال في المجتمعات الغربية الديمقراطية التي تنظر للمرأة بمنظار مختلف. بحيث صار إسهام المرأة العربية وتواجدها في فضاءات ثورة الاتصالات موازي لدور الشباب إن لم يتعداه في بعض الدول العربية . فالمرأة العربية التي رآها البعض حبيسة الجدران ومناطة بها أعمال المطبخ، وخدمة الزوج والأولاد فقط، أضافت إلى دورها كربّة منزل، دوراً جديداً تميز بنتاجها الثقافي والفكري والسياسي ، عبر عوالم الانترنت، مما جعلها تتمرد على سلطتي الزمان والمكان، مستغلة هذا الواقع الافتراضي للإعلاء من شأنها. وقد رأينا تواجد المرأة في ثورتي تونس ومصر بشكل ملفت للنظر، بحيث اقترن تفاعلها مع الرغبة في التغيير على صفحات الفيس بوك، بنزولها للشارع وبالتالي التعبير عن مطالبها والدفاع عن حقها في وظيفة البناء الإنساني. لكن هذه النسبة رغم كثرتها إلا أنها مازالت قليلة إزاء مجمل النساء العربيات اللواتي يستخدمن وسائل الاتصال الحديثة في حين لم ينسحب عليهن ما انسحب على تلك الشريحة النسائية التي أثبتت وجودها عبر تلك الوسائل.
وفي استطلاع قمت به بشكل شخصي لغرض الدراسة، توصلتُ الى أن ارتياد هذه المواقع يأتي نتيجة لدوافع معينة، تعتبر المحرك الأساسي للجهد الذي يبذله ذلك الشخص أثناء الوقت الذي يمضيه في تلك المواقع، وبناء عليه يختلف مستوى تحقق شرط "التفاعلية" من دافع إلى آخر، بل يكاد غير موجود عند بعض المستخدمين لمفرزات ثورة الاتصالات في نتائج بعض الدوافع. فقد تصدر دافع ( وقت الفراغ) قائمة الدوافع التي تقف وراء التعاطي مع تلك المواقع الاجتماعية، يليه الدافع ( العاطفي) الذي يشكل سبباً واضحاً لدخول عدد كبير من مستخدمي المواقع الاجتماعية في المجتمعات العربية، تلك المواقع التي تمنح مساحات عامة وخصوصية للتواصل والحوار، تشجع على التعبير عن المكامن العاطفية المستترة في جزء كبير منها لخصوصية المجتمع العربي. ويجيء الدافع (السياسي) ثالث تلك الدوافع، وأهمها رغم تصدره المرتبة الثالثة عند ملايين من المستخدمين العرب لوسائل الاتصال الحديثة، إذ أن الخصوصية الممنوحة شجعت الكثير لاتخاذ تلك المواقع كمنابر للتعبير عن الآراء السياسية حيال كثير من القضايا. يليه الدافع ( الثقافي) الذي يُقسم إلى قسمين، أولهما الرغبة في متابعة وقراءة المستجدات على الصعيد الثقافي، حاضراً وقديماً، أما القسم الثاني فهم أولئك الكتاب والكاتبات الذين يتخذون من تلك المواقع وسائل للتعريف بأنفسهم ولترويج نتاجهم الثقافي، إذ تفوقت تلك المواقع على عوالم النشر الورقي. ويأتي الدافع ( الاجتماعي ) آخر تلك الدوافع وراء ارتياد المواقع الاجتماعية في المجتمعات العربية. هذا الدافع الذي كان وما يزال وراء بعض الانجازات الاجتماعية في العالم الافتراضي، حيث ابتدأت بعض الجمعيات في الوطن العربي نشاطاتها الخيرية على صفحات المواقع الاجتماعية ثم امتدت إلى ساحة التطبيق الواقعي.



■ دافع وقت الفراغ
يجلس الكثير من مستخدمي الانترنت، وراء شاشات الحواسيب، دون هدف يجب السير باتجاهه وبالتالي العمل على انجازه. وفي هذه الحالة يصير التجوال في عوالم الانترنت كمن يسير في مدينة ولا يعلم ماذا يريد، ويصبح مرشحاً لفعل أي شيء يصادفه أو يخطر بباله، وهنا تكمن الخطورة ، إذ أن كثيرا من التصرفات السلبية تنشأ من هذا الاستخدام الفاقد للهدف والرؤيا الحقيقية التي تصنع شرط التفاعلية مع مفرزات ثورة الاتصالات، وبالمناسبة فان هذه الحالة تنطبق ليس فقط على استخدام الانترنت كوسيلة رئيسية ومهمة من وسائل الاتصال الحديثة، إنما ينسحب ذلك حتى على استخدام الهواتف النقالة، والكاميرات الحديثة، وكثيرا من وسائل الاتصال الحديثة .
في عوالم الانترنت نجد كثيرا من المستخدمين الذين دفعهم وقت الفراغ لتبديد وقتهم في فضاءات هذا الانجاز العلمي الرفيع، حيث التجوال في المواقع الإباحية، والمواقع الاجتماعية، وخانات الدردشة يمضون كثيرا من وقتهم دون الحصول على الجانب المهم في هذه الوسيلة التي يمكن لها أن تصنع الكثير الكثير في مسار التطور الإنساني. ويتميز أفراد هذه الشريحة بتدني المستوى الثقافي، والعلمي، والفكري ، الذي يمكن له أن يؤهلهم لتبني أفكار يمكن لها أن تكون ناجحة عبر التعاطي معها من خلال وسائل الاتصال الحديثة. وفي هذا الشأن تصير وسيلة الاتصال الحديثة هذه من خلال تعاطيهم العشوائي معها والفاقد للهدف، عائقا أمام النمو ، وسبباً جديداً من أسباب الانزواء والتراجع في الشخصية التي من المفترض لها أن تكتسب عناصر القوة والنمو. فيغيب شرط التفاعلية مع ثورة الاتصالات عند هذه الشريحة التي لا يستهان بعددها، فهي متواجدة في الشريحة العربية الاجتماعية مثلما هي موجودة في الشريحة الاجتماعية العالمية ولكن الاختلاف هنا فقط في النسب.


■ الدافع العاطفي
تختلف التركيبات الاجتماعية بعضها عن البعض، وذلك تبعاً لثقافاتها، والتي تتحكم بانجازها مجموعة من العوامل السياسية والفكرية والبيئية الاجتماعية والثقافية والدينية. فيختلف منسوب الديمقراطية سواء على المستوى الداخلي(مستوى البيت) أو المستوى الخارجي(المستوى العام) . ومع تدني مستوى الديمقراطية في إطار البيت وبالتالي تدني مستوى الحرية، يفرض الكبت نفسه في هذه الحالة بقوة، ويصبح عائقاً أمام نمو الشخصية بشكلها السليم، وبالتالي يصبح شرط التفاعلية مع مُكوّن الحياة بشكل عام ضعيفاً، أو حتى غير موجود. ومع استقبالنا لمفرزات ثورة الاتصالات، باتت وسائل الاتصال الحديثة أداة عند فئة من المجتمع، للتنفيس عن تلك المكبوتات العاطفية والجنسية وذلك بارتياد المواقع الاجتماعية التي تقدم نوافذ للتواصل المباشر بالصوت والصورة. فعلى الجانب العاطفي، يرتاد البعض تلك المواقع بحثاً عن طرف آخر تُعقد معه علاقة عاطفية مكانها العالم الافتراضي ، يتم التأسيس لها على تفاصيل ومعلومات شخصية هي في الأصل وهمية، وهذا عائد للخصوصية المراد ممارستها في هذا الشأن، ففي فضاءات العالم الافتراضي وباسم وهمي ومكان وهمي ، يمكن قول الكثير في حالة المستخدم العاطفية وهذه تندرج تحت باب التنفيس ، من قبل رجال متزوجين وعزاب ونساء متزوجات وعازبات، إذ تتحول منابر العالم الافتراضي إلى مساحات للتعبير عن خفايا نفسية، ومكبوتات تقف أمام الإعلان عنها جملة من العوائق. ففي هذه الحالة يصير لنا أن نفهم أسباب حالات الانزواء وراء شاشات الكمبيوتر في أوقات متأخرة من الليل ، وفي غرفة خاصة بعيدة عن إطلاع الآخرين ، والدخول إلى عوالم تلك المواقع باسم وهمي وتفاصيل وهمية . إذ أننا هنا إزاء حالة من ازدواجية الشخصية وتبديل الأقنعة، نلك الحالة التي تشي بغياب التفاعلية مع مفرزات ثورة الاتصالات عند تلك الشريحة من مستخدمي وسائل الاتصال الحديثة.

■ الدافع السياسي
في هذا الباب الذي نتحدث عبره عن الدافع السياسي كأحد الدوافع وراء اقتناء واستخدام الشباب لوسائل الاتصال الحديثة، لابد من القول بداية، أن هذا الدافع لا يشمل كل الشباب العربي، والذي يمثل الشريحة العظمى من مكوّن المجتمع العربي، ولكنها مهما اتسعت هذه الشريحة فيما يخص استخدام وسائل الاتصال الحديثة، إلا أنها تبقى نسبة، تضاف إلى النسب الأخرى فيما يخص التعاطي بالشأن السياسي. إذ يواجه المجتمع العربي أزمات سياسية كثيرة، على أكثر من صعيد، أهمها الحريات العامة التي أضحت حرية التعبير، أحد أكثر ضحاياها في بعض البلدان العربية، وهذا عائد لطبيعة المجتمع العربي السياسية، تلك الطبيعة التي أتت بفعل عوامل تاريخية وسياسية عديدة. إذ يتفاوت الحراك الديمقراطي من بلد عربي إلى آخر، وبهذا التفاوت يتفاوت منسوب الحريات العامة، الذي أصبح في الآونة الأخيرة حاجة أساسية من الخطأ القفز عنها. كما ويواجه الفرد العربي نتائج الأزمات والكوارث السياسية والعسكرية التي مني بها ابتداء من حرب ال48 في فلسطين مروراُ بهزيمة ال67 وانتهاء بسقوط بغداد، الذي رأى البعض أن الجسد العربي بذلك السقوط قد لفظ أنفاسه الأخيرة ، إذ توالت بعد تلك المرحلة التاريخية السياسية الفاصلة، الأزمات على الصعيد الداخلي للفرد العربي ، وعلى الصعيد الخارجي، أي فضاءه العربي الذي بات أكثر إشكالية، فقد بات الفرد العربي يعيش حالة اغتراب واضحة. ومع تبلور المنظومة العالمية باتجاه أن يصير العالم قرية واحدة، وبولادة ثورة الاتصالات وجد الفرد العربي ، وخصوصاً جيل الشباب، تلك النافذة التي يطل منها ويعبر عن نفسه، ويمارس الدفاع عن قضاياه، خصوصاً وهو يقع في تلك الحالة من المقارنة بين مفهوم وتطبيقات ونتائج الحريات في المجتمعات الغربية، التي تبنت الثقافة الديمقراطية بمؤسساتها وقانونها، وبين مجتمعه العربي الذي مازال يراوح مكانه في هذا الصدد، فأصبح عالم الانترنت في هذه الحالة منبره الأول للتعبير عن ذاته التي لا يمكن اختزال الفعل السياسي منها كونه في البدء إنسانا ،وبالتالي هو معني بابتكار حياته. فقد تعددت صفحات المدونات والمنتديات، والمواقع الاجتماعية التي خلقت جيلاً من المدونين بوسائل بسيطة لكنهم أصبحوا قادرين على التعبير عن وجهات نظرهم حيال كثير من القضايا المفصلية في جسد المجتمع العربي ، ففضاءات الانترنت فسيحة يمكن لها أن تحتوي العديد العديد من الآراء والتحقيقات والمقالات ووجهات النظر، المكتوبة والمرئية والمسموعة، و"الفييس بوك" مثال واضح في هذا الشأن إذ بات التفاعل مع كثير من القضايا السياسية أمر واضح ومهم، حيث المواضيع الأكثر سخونة مثل عدم رضى الناس عن الحالة السياسية والاقتصادية في بلدانهم، و قضية فلسطين،والاحتلال الأمريكي للعراق، وانفصال الجنوب السوداني عن شماله، وحالة التيارات الإسلامية الأصولية ، وموقف الغرب من الإسلام وبالتالي العرب، والواقع السياسي المعقد في لبنان. وهنا يصبح الدافع السياسي أحد العوامل التي دفعت جيلا من الشباب لاستيعاب ثورة الاتصالات ، وحينما ننظر إلى ما حدث في تونس وفي مصر وليبيا واليمن والبحرين وكثير من الدول العربية، من تغييرات ومطالب بالتغيير،والإصلاح السياسيين ، وماهية الشرارة الأولى لاندلاع موجة الغضب التي أطاحت بنظامين عربيين، نتوصل إلى أن وسائل الاتصال الحديثة من انترنت وأجهزة نقالة، وكاميرات، كانت المساعد الأول لهؤلاء الشباب الذي عبروا عن وجهة نظرهم حول السائد الذين رأوه غير متوافق مع حاجاتهم للعيش. وفي الحوارات والأحاديث التي بدأت تدور فيما بعد هذا التغيير غير المتوقع، بات كثير من السياسيون والمحللون، يرون أن( الشباب الفيسبوكييون) قلبوا نظاميين حاكمين بسرعة مذهلة، وهنا تقع الإشكالية، إذ أن هؤلاء الشباب الذين أتقنوا استخدام وسائل الاتصال الحديثة غير مسيسين، أي أن جلهم لا ينتمون لحزب، ولا يحملون بالتالي فكراً سياسياً يرسخ نفسه كبديل للنظام الذي أطيح به. فالدافع السياسي الذي أتحدث عنه هنا كدافع للتعاطي مع وسائل الاتصال الحديثة لا يتقاطع مع الدوافع السياسية الكلاسيكية على سبيل المثال، رغم أننا أصبحنا نرى محطات فضائية وإذاعات وصحف، راحت تبث أغاني ثورية وتطرح شعارات ثورية لم يناد بها هؤلاء الشباب. فتلاقيهم – أي الشباب- في فضاء العالم الافتراضي أدى إلى تبادل الأفكار التي كانت تجيء في مجملها حول صعوبة العيش التي تكللت بالبطالة، وغياب حرية التعبير، وغياب العدالة في توزيع الثروة، وإذ أورد هذا الرأي فأنني لا أنصّل الشباب من جهدهم الكبير في تغيير نظامين عربيين، ولكنني أعرض الحالة بشكلها الواقعي، ففي لقاء مع " وائل غنيم" الناشط في أحداث مصر، قال إثر سقوط نظام مبارك، أن دوره الآن انتهى وبالتالي دور من يقودهم، بحيث حلت الأحزاب والقيادات السياسية التي لم تكن صاحبة الدور الأكبر في التغيير، محل أولائك الشباب الذين، حلموا بالتغيير. لكن في هذا الباب الذي نتطرق فيه إلى الدافع السياسي كدافع وراء اقتناء واستخدام وسائل الاتصال الحديثة، لابد من التأكيد على أن " التفاعلية" مع وسائل الاتصال الحديثة في الشأن قد تحققت، بحيث تمت الاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة بشكل غير متوقع، إذ صارت المنابر الالكترونية في الواقع الافتراضي أماكن تلاقي وحشد وانطلاق لتلك الشريحة من الشباب ، فحصل التغيير.

■ الدافع الثقافي
بما أن جزء كبيراً من عملية الثقافة مبني على القراءة والاطلاع والتواصل، أضحت وسائل الاتصال الحديثة وسيلة سهلة لتحقيق هذا الغاية، من قراءة للصحف، والمجلات، والمواقع التي تقدم للقارئ أخباراً وتقاريراً وتحقيقات، هذا بالإضافة للاطلاع على الاصدرات الجديدة في عالم الكتب وحتى تحميل كثير من الكتب بنسختها الالكترونية. ومع تبدل النمط العالمي إثر ثورة الاتصالات ، صارت عملية التثقيف والتثاقف عبر العالم الافتراضي أكثر يسراً من عالم الثقافة ورقياً، وقد ساهم تنامي ارتفاع أسعار الكتب والمجلات والصحف، في خضم أزمة عالمية اقتصادية، في تبني اقتناء وقراءة الكتب والمجلات بنسخها الالكترونية، بحيث أن اقتناء مكتبات في المنازل، وما يحوط هذه العادة من جماليات، صار مهددا بحلول مكتبات الكترونية في ملف صغير في الحاسوب، مكان تلك المكتبة في العالم الواقعي. ومع تبدل النمط العالمي صارت عملية نشر وترويج النتاج الثقافي من قِبل كتّابه أكثر يسراً من ذي قبل، أي بمعنى آخر صارت عملية النشر الالكتروني سواء للكتب أو المقالات أو المواد الإبداعية، أفضل طريقاً للتعريف بالنتاج الثقافي وبمُنْتِجه ، من النشر ورقياً. وفي هذا الشأن فرضت مواقع التواصل الاجتماعي نفسها على المثقفين- وأهما الفيس بوك- كوسيلة ناجعة لترويج نتاجهم الإبداعي، والتواصل مع قراءهم، ومد الجسور بين نظرائهم من الكتّاب في مختلف أنحاء العالم. إذ أصبحنا نرى أن لكثير من الكتاب والصحفيين والسياسيين والمفكرين والفنانين، صفحات وحسابات على كثير من المواقع الاجتماعية، والمدونات، والمنتديات واليوتيوب ، تلك الصفحات التي تشهد عمليات نشر لنتاجهم، وبالتالي حوارات وسجالات حول كثير من المواضيع ذات العلاقة بمنتجهم، مما خلق حالة من الحراك التي جعلت المثقف يهبط من برجه العاجي ويجلس وجها لوجه على طاولة الكترونية مع قارئه، وهذا بالطبع يعلي من شأن العملية الثقافية ويغني تجربة المثقف والمتلقي. وبما أن الثقافة ليست فقط الشعر والرواية والقصة والمسرح وهذا بالطبع له مريديه ورواده في وسائل الاتصال الحديثة، فقد اتجه جزء من مستخدمي الانترنت في العالم العربي للثقافة بمفهومها الشامل والذي ينسحب على متابعة عادات الشعوب وتقاليدهم، واللغات والأديان، وجغرافيات الأمكنة والبلدان. لكن في هذا الشأن لا يمكن لنا أن نجزم بأن هذه الشريحة قد وصلت الى مستوى التفاعلية الحقيقة ، بخلاف شريحة بسيطة من شريحة المثقفين الذين يستخدمون وسائل الاتصال الحديثة، وهذا بالطبع عائد لكون المجتمع العربي مازال مستخدما لهذه الأداة، بل ومستخدماً جديداً.

■ الدافع الاجتماعي
مع التبدلات الكونية الكبرى التي طالت كل شيء، أصبحت وسائل الاتصال الحديثة، ، شبه بديل عن أشكال التواصل الاجتماعي التقليدية، في بعض البلدان العربية، التي تعاطت مع ثورة الاتصالات ومفرزاتها. فقد صار التلاقي الاجتماعي عند جزء من الشريحة الاجتماعية العربية، يتجه نحو صفحات العالم الافتراضي. سواء مع من تربطهم علاقات ببعضهم البعض، أو بمن تعارفوا في عوالم تلك الوسائل، بحيث يفرض العالم الافتراضي هنا نفسه كبديل عن العالم الواقعي والذي من المؤكد أن طقوسه- أي العالم الواقعي- تغاير طقوس ذلك العالم الذي ينتهي بمجرد إقفال شاشة الحاسوب. وهذه سلبية اجتماعية فرضها شكل العالم الجديد بميزة السرعة التي انطلت على كل شيء.إذ أننا إزاء تلاشي الطقوس الاجتماعية الإنسانية، العريقة، والتي لا يمكن العيش السليم من دونها. هذا من جانب، ومن جانب آخر، أصبحت القضايا الاجتماعية التي تأخذ طابعا عاماً، كقضايا المرأة، والمسنين، والمعاقين، وأطفال الشوارع، وحوادث السير، إضافة إلى كثير من القضايا في هذا الشأن، تجتذب الكثير من مستخدمي وسائل الاتصال الحديثة للتفاعل معها، وذلك يتجلى عبر الأفلام التي يتم تحميلها على يوتيوب مثلاً، وكتابة التقارير الصحفية والتحقيقات والمواد الأدبية ، إذ تحقق شرط التفاعية في هذا الجانب، فقد نبعت أفكار كثيرة من واقع العالم الافتراضي لجمعيات وهيئات تعنى بتلك القضايا وتحولت إلى جمعيات على أرض الواقع لها نشاطاتها وإسهاماتها الايجابية.

خاتمة
في هذه الرؤية الانطباعية التي تطرقتْ إلى علاقة المرأة والشباب العربيين بوسائل الاتصال الحديثة ، وددت القول، أن النظر إلى النسبة الكلية من مستخدمي وسائل الاتصال الحديثة عالمياً، تحيلنا إلى التساؤل حول " شرط التفاعلية" الحقيقي مع ثورة الاتصالات، ومدى تحققه في المجتمع العربي، الذي رغم انجازه على الصعيد السياسي من خلال تعاطيه مع هذه الوسيلة، إلا أنه مازال مستخدماً لها، ورغم الإرهاصات الأولى للإنتاج في هذا الشأن، إلا أننا مازلنا نلاحظ البون الشاسع بين التعاطي مع وسائل الاتصال الحديثة في الغرب كمثال، وبين التعاطي معها في المجتمع العربي ، وهذا بالتأكيد عائد لأسباب كثيرة، اقتصادية وسياسية وثقافية وفكرية، والجهود من قبل الجهات الرسمية والأهلية والفردية يجب أن ينصب جزء منها للدفع باتجاه جيل يحقق شرط التفاعلية الحقيقية مع ثورة الاتصالات ووسائل الاتصال الحديثة، علمياً وثقافياً وفكرياً واقتصادياً وسياسياً.


* شاعر وكاتب أردني
[email protected]



#جلال_برجس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka ...
- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جلال برجس - علاقة النساء والشباب العربيين بوسائل الاتصال الحديثة