صادق هاشم الدليمي
الحوار المتمدن-العدد: 3311 - 2011 / 3 / 20 - 13:35
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
قطار عمري تجاوز محطته الخمسين من رحلة عمره ..وقلمي لما يزلْ يرتجف’ بين أناملي كلما أردت الكتابة عن الجندي المجهول في بطولاته.. عن سيدي(المعلم ) هذا المعلم الذي تعلمت على يديه الكريمتين أول مبادئ الصدق ونقاء الضمير , وتبينت الإخلاص في عينيه والصدق في نبرات صوته .. حين اشرع بالكتابة عن معلم (واثق الخطوة يمشي ملكا ) يتملكني الخوف والرهبة عمن صلى بمحراب الكلمات فصلت الكلمات عليه ؛اشعر كأنني طفل يتعلم كيف يكتب الأبجدية أمام عبقرية المعلم مع أني إنسان احمل القلم منذ زمن ,فماذا أقول ياخواطري الحاضرة الغائبة ؟ بحضرة من امتطى صهوة المجد بشموخ الكلمات وكلمات الشموخ . يالله يامعلمي لن تسعفني ينابيع الشعر وعيونه ولا شلالات النثر وفنونه لأختصر عند حبك كل بلاغة ووصف وتموت في حضرتك كل العناوين والأسماء . ماأقدس مذهبك وما أعطر دربك وردا ويا سمينا . قراناك كتابا مقدسا ينشر بيننا تعاليم السماء سماحة وطيبة وخلقاً وأدبا رفيعاً . كنت شجرةً طيبةً ظلالها وارفة وثمارها يانعة وقطوفها دانية . كنت نبعاً صافياً يفيض بالعطاء ونجماً سماوياً ساطعاً يتلألأ بالضياء .علمتنا الطيبة والوفاء إذ كنت تقول:
لئن ساءني أن نلتني بمساءة لقد سرني أني خطرت ببالكا
كم اشتاق إليك يامعلمي كاشتياق السجين للحرية ؛ وكم كنت انتظر درسك كما ينتظر الأطفال عيدهم لأفرح بك كفرحهم ولأستمع إلى تلك السيمفونية من الكلمات التي طالما تراقصت على شفتيك بإذن ظمأى وكنت كلما ازددت حديثاً ازددت ظمأ إليك .
فأي عبقري أنت أيها المعلم الذي جعلت من الماء جذوة نار ليكون السيد (......) اللاأسمي وكيلا لوزارة(......) أملأ ألفراغات بما يناسبك لاأقول بما يناسبها . وكان الأجدر بالوكيل أن يكون وكيلا لحصة غذائية بائسة فقدت غذائيتها إذ راح الوكيل ينعت المعلم بما لايليق ويرمي عالي ثمره بحجارة جهله ,فما كان عليك أيها الوكيل إلا رد الجميل لاالتنكيل بالمعلم الجليل ,وأعلم أن منصبك القليل مازاد ك إلا ألكثير من القليل .
كل الملوك والرؤساء والقياصرة والأكاسرة في مشارق الأرض ومغاربها ألا يتذكرون اليوم الأول في الصف الأول والمعلم الأول الذي علمهم الحرف الأول ؟ فأي تمثال استحق رسول العلم هذا أن تحفره في دواخلك وفاءً وإجلالا للذي سقاك كأس التعلم لئلا تتجرع مدى دهرك حنظل الجهل . فشكراً لك ياأستاذنا ياوكيلنا (الوفي ) كافأ ت الإحسان بالإساءة والشهد بالحنظل . ويبدو انك لم تعلم أن هرم أي مجتمع حضاري متقدم أساس بنائه هوا لمعلم باعتباره حجر الزاوية لكل بناء . لذا نجد أن رعاية المعلم وإسناده تعني رعاية الأجيال وإسنادها وإعدادها إعدادا حضارياً متقدماً لان المعلم هو الإنسان الوحيد الذي يعنى بصناعة العقل وصياغته وغرس القيم النبيلة والمثل العليا . وإلا أنى لك أن تعتلي القمة دون أن تمر بالوادي ؟ واني لك أن تقطف الثمر الحلو دون الاعتناء بسقي جذور أشجارها حد الارتواء ؟ أني لأستغرب من تصريحاتك اللا منطقيه ولااجد تفسيراً لتصرفك هذا أيها (الوكيل ) من أنار دربك ؟ من أضاء لك كل الزوايا المعتمة التي لاتسمح للنور أن يمر بظلمتها عفواً (بظلمتك ) والأفصح (بظلمك لمعلمك ) فأنت مدين لمعلمك الذي جعلك تبصر الدنيا وأنت أعمى وأسمعك بلاغة كان صداها عندك كالبرق والرعد وما كان لها في قلبك من حضور ولعل الشاعر أبا الطيب المتنبي قال بلسان المعلم :-
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم
عذراً سيدي أيها المعلم ..يدفعني الوفاء أليك إلى البكاء ممن لايعطيك حقك ويبخس ثمنك فوا لله (ماكدت )أن تكون بل ( كنت ) رسولا . رسول الكلمة الصادقة المجاهدة في دروب الكفاح ضد الطغاة مؤذنا فينا حي على السلاح.. سلاح العلم والمعرفة في ميدان أنت فارسه وجنوده القرطاس والقلم . لتكون رغيف خبز بيد جائع ورسول حق لصوت ضائع ورسول عدل في حضرة الباطل .
لن ننساك ما دمنا قد شربنا من عينيك نبع النقاء وارتوينا من مناهل علمك الصفاء ومن حديثك حلو السمر ومن شمائلك عظيم الخصال لقاؤك أيها الحبيب زهر مندى..حديث موشى ..أحلام وأمان..لقاؤك كالنور حلو كالأمل لقاؤك يحلو فيه الهوى وتطير الهموم ,يا من أفنيت عمرك في خدمة التعليم مهنة الأنبياء والرسل إذ وزن مداد قلمك بدم الشهداء .قال النبي (ًص ):- ( يوزن مداد العلماء ودماء الشهداء يوم القيامة فلا يفضل أحدهما على الأخر) .
دخلت المهنة النبيلة السامية شابا وسيما متألقا لتخرج منها مودعا إياها بنورس شعرك متكأ بشموخ على عصاتك مودعا حقولك الخضراء التي أسقيتها ماء زلالا, مودعا جيلا سجد ظلام ليله لفجرك الوضاء ليعلن أن لصوت الله أكبر بلالا حبشيا يطوف فوق أبنية التعليم قائلا للسيد الوكيل ( .....):-
قم للمعلم وفه التبجيلا ....ليذكر بفضل المعلم (الو كيلا ).
يروى أن عجوزا اليوم (أستاذ متقاعد ) شكت إلى أمير مدينتها أن لصوصا سرقوا غنمها ليلا وهي نائمة فقال لها الأمير(الأستاذ ):-
من يمتلك هذا العدد من الأغنام كان عليه أن لاينام ليله فقالت العجوز بلسان الحكمة لأميرها :- حسبتك أنت الساهر أيها الأمير على رعيتك فنمت .
ورب تلميح أبلغ من تصريح
#صادق_هاشم_الدليمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟