أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الغني سلامه - محاولة في فهم الاسلام السياسي - الجزء 2















المزيد.....

محاولة في فهم الاسلام السياسي - الجزء 2


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 3309 - 2011 / 3 / 18 - 12:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وفي هذا المجال يقول الكاتب برير العبادي في مقالته عن العنف السياسي بين الاسلاميين والدولة الحديثة، أنه يتوجب فهم البيئة الفكرية والمنطلقات العقائدية للجماعات الأصولية ودراسة العوامل الاقتصادية والاجتماعية المحفزة لتنامي قوة هذه الجماعات ومعرفة أهدافها النهائية، ومن الخطأ اللجوء لأسلوب التهجم والإنتقاد بحيث تختلط الحقائق مع الأوهام والوقائع مع الصور المتخيلة، وفي النهاية تضيع الحقيقة وسط دخان كثيف من الاستنتاجات المغلوطة والتبريرات المضللة التي سيطلقها الطرفان، فمن السهل القول بأن فلان إنتحاري وموتور ومضَلَّلْ .. ولكن مع ذلك لا بد أن نعرف ما الذي يدفعه لأن يقطع آلاف الأميال ويتعرض للأهوال والمخاطر ليصل إلى سوق شعبي في بلد ليس بلده وليخوض معركة ليست معركته ويفجر نفسه هناك !! فالموت ليس خيارا بسيطا يلجأ إليه الناس كل يوم، والقتل ليس قراراً سهلاً يمارسه الإنسان الطبيعي كما لو أنه يتناول وجبة طعامه !
قد يكون بالفعل هؤلاء الناس من جماعات التكفير والتفجير متعصبون، ذوو عقول متحجرة وعقليات متخلفة، ويتبعون أيديولوجية فاشية، ولكن هنالك من يُصْدِر قرار العنف والمواجهة بتخطيط مسبق ومحكم وعن يقين وقناعة راسخة، وهؤلاء من نمط مختلف ويتبعون بيئة مختلفة عن أولئك الذين يسوقونهم للموت، ومختلفين عنهم في الأهداف والمنطلقات ، ويفوقونهم ذكاءً وقسوة.
الفئة الأولى هم في أحسن الاحوال عقائديون متزمتون، أو مثاليون طوباويون ذوو مشروع خيالي في معالمه الأساسية والعامة، أو مغفلون ضلّلوا الطريق، وزاغت بهم الأبصار، أو فهموا النصوص الشرعية بطريقة غير صحيحة، أو متسرعون لتحقيق أهدافهم السياسية والاجتماعية، أو مندفعون للحد الأقصى بردود أفعالهم على عنف الدولة وعلى الظلم الموجه ضدهم، وهم في نفس الوقت مغامرون تراودهم أحلام النصر السريع، وقد يكونون عصابات وزعران، أو مرضى مصابون بداء الإغتراب، وعصابيون لا يستطيعون التعايش مع واقعهم والانسجام مع خط الحضارة المتصاعد، قد يكونون أي من هؤلاء أو كلهم ،، ولكن قياداتهم شيء مختلف تماما، إنهم أناس مدركون لأهدافهم ويعملون على تحقيقها بكل الأساليب وبشتى السبل دون أدنى اعتبار للقيم التي يتغنون بها ولا بالمثل التي يضللون بها أتباعهم، إنهم يحملون مشروعا يَعُونَهُ جيدا ويعملون عليه ليل نهار.
يمكن القول أن قوى الإسلام السياسي كانت منذ بداياتها حركات سياسية اجتماعية تعاني القهر وتكابد الظلم وتبحث عن فرصتها في التعبير عن ذاتها، ولكن مع خنق صوتها وإضعافه لدرجة أنّه أصبح غير مسموع، ومع إغلاق أبواب الأمل وانعدام فرص التغيير بالطرق السلمية، ومع تفشي العنف والإستبداد والقمع السلطوي، ومع توالي الهزائم والإنكسارات وسقوط النماذج الكبرى، تولّدَ العنف المضاد، واكتملت دورة العنف السياسي لتهيمن على الحياة العامة، ولتأتي النتائج المدمرة على أكثر من صعيد.
ومع أن عنف الجماعات الإصولية ظهر كتصادم عنيف بين السلطة الحاكمة والقوى المعارضة، وأن أسباب الصراع اجتماعية وسياسية محلية، إلا أن هذا الصراع تسرب إلى خارج الحدود الإقليمية والدولية، وصارت له مرجعياته السياسية والدينية الخاصة، وصار يغذيه خطاب أيديولوجي عقائدي، وتتحكم في مجرياته مراكز القرار البعيدة عن مواطن الصراع، وصارت حيثياته وسياقاته بعيدة عما بدأت به ومختلفة في رؤية ما ستصل إليه، وصارت ولاءات تلك الجماعات عابرة للحدود ومتناقضة مع القواسم الوطنية الجامعة، فإذا كانت الجماعات الأصولية لها برامج وأجندات إقليمية وعالمية، فإنه في الجهة المقابلة أدت العولمة من ضمن ما أدت إليه إلى عولمة الأصولية ذاتها من خلال عولمة الحرب على الإرهاب، وفي النتيجة صارت الأصولية ظاهرة محلية ذات تأثيرات عالمية وتفرض حضورها على الخارطة السياسية الدولية.
ففي البداية لعبت مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية دورا هاما في خلق البيئات الملائمة لتكوّن الجماعات الأصولية بخطابها المتشدد، ومنها استبداد النظم السياسية وغياب المشاركة الشعبية، التي أدت إلى حرمان القوى السياسية من حرية العمل والتعبير، سيما أنه لا توجد مؤسسات موثوقة من قبل الجماعات السياسية لتوصل صوتها إلى السلطة، ومع اعتماد الدولة أساليب قهرية في تعاملها مع المواطنين كالتعذيب والاغتيالات والسجون، وبسبب انسداد آفاق التغيير وسيادة الاحباط واليأس من إمكانية تغيير السلطة أو تداولها بطريقة سلمية، كنتيجة لغياب الحوار الوطني وعدم وجود إجماع وطني حول القضايا الأساسية والمصيرية.
وهذه الأسباب لم تتكون صدفة، بل هي نتاج طبيعي لسياسة النظم الاستبدادية التي ليس لها أي مصلحة بالديموقراطية ولا تؤمن بالمشاركة الشعبية، وبالتالي فهي أسباب مرتبطة عضويا بطبيعة النظام وتركيبته ودوره الوظيفي المنوط به، ناهيك عن غياب العدالة الاجتماعية وتزايد التفاوت الطبقي، وعجز الدولة عن تلبية الحاجات الأساسية للمواطن كالعمل والتعليم والإسكان والعلاج، وإخفاق خطط التنمية وتفشي الفساد واحتكار السلطة ومقربيها للثروة والفعاليات الاقتصادية.
في ظل الأوضاع التي أشرنا إليها ستظهر القوى المهمشة التي تعيش الاغتراب والإهمال، وتشعر بعدم اكتراث السلطة لمصيرها ومستقبلها، وسيستشري الفساد الاخلاقي والقيمي وتسيطر ثقافة الاستهلاك على مختلف شرائح المجتمع، ومع عجز الدولة عن استيعاب واحتواء القوى الاجتماعية الجديدة، وعجز وإخفاق المشروع الوطني أو القومي أو الاسلامي الحضاري الذي يحظى بالشرعية والاجماع ويحقق الطموحات ويزرع الأمل في النفوس، ستكون كل الظروف قد تهيأت والمسرح قد أُعد لاستقبال اللاعب الجديد.
وليس مصادفة بأن تركز جماعات الإسلام السياسي في استقطابها على الشباب الساخط والمحطم والمهمش في رفع رايتها تحت راية الإسلام ومختبئة في ظله، فالشباب هم الوقود الحيوي لهذه الجماعات الذين يسهل قيادتهم وتوجيههم خاصة بعد أن وصلوا إلى مرحلة تستوي فيها الحياة والموت في نظرهم.
أما الإسلام فقد كان دائماً ملاذ الاُمّة حينما يشتد عليها الكرب وتتعقد الأزمة .. كما هو الدين ملاذٌ للإنسان في حالات الفزع والضيق، ولكن الإسلام الذي تلجأ إليه الأمة هو الإسلام بالمعنى السياسي الاجتماعي، قبل أن يكون بالمعنى الفقهي والشعائري، الإسلام الذي يجد فيه الناس الملجأ والأمان والأمل حتى لو كان بتمنيات حالمة وبأفكار غيبية ساذجة، لكن هذا الإسلام صار على يد الجماعات الأصولية السيف الذي ترفعه في وجه الانظمة المستبدة تارةً، ثم في وجه الجماهير تارةً أخرى، وذلك حسب ما تقتضيه مصلحتها.
ومن هنا نستطيع القول بأن بذرة العنف بدأت في أحضان النظم الاستبدادية والقمعية – وأحيانا بتشجيع منها - ونَمَتْ مع الخيبات والهزائم التي منيت بها الأمة، وكبرت مع الأزمات السياسية والاجتماعية، وقد رعتها دول وجماعات وقيادات تحمل مشروعا أمميا صار يعرف باسم مشروع الإسلام السياسي، الذي له أهدافا وغايات تختلف كليا عن المضمون الذي يحمله مشروع النهضة والحداثة القومي الوطني التقدمي.
ومن المؤكد أنه لولا التراجعات والأخطاء الكبرى والإخفاقات والسياسات الغبية والتكتيكات المتسرعة والمغامرات غير المحسوبة والاستراتيجيات التي ليس لها أفق التي وقعت بها ومارستها قيادات ورموز المشروع القومي، ربما لنجح مشروعها التقدمي، وبالتالي كنا سنتناول الإسلام السياسي الآن كجزء من التاريخ وليس كمحرك أساسي له كما هو الحال اليوم.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة في فهم الإسلام السياسي - الجزء 1
- يوم المرأة في ربيع الديمقراطية العربية
- هل هنالك صحوة إسلامية ؟!
- نماذج عبثية في تطبيق الشريعة وإهدار قيمة الإنسان


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الغني سلامه - محاولة في فهم الاسلام السياسي - الجزء 2