كريم المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 3293 - 2011 / 3 / 2 - 04:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مرة أخرى أتوقف ساخرا أمام المواقف الأمريكية في شتى القضايا وخصوصا فيما يخص العراق , ولكن هذه المرة , السخرية أمام تصريح وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس الذي أكد فيه أن قطع البحرية الأمريكية التي صدرت أوامر لها بالتوجه إلى البحر المتوسط، قبالة الشواطئ الليبية، يتم نشرها في المنطقة لتقديم "مساعدات إنسانية" !!! وأتوقف هنا عند كلمة " المساعدات الإنسانية " وأعود بكم إلى مثل هذه التصريحات إذ بان الحرب الأمريكية الأطلسية على العراق عندما أحتلت القوات الأمريكية " ميناء أم قصر " في محافظ البصرة وباشرت منذ اليوم لاحتلاله بإعادة تأهيله وجعله صالحا لإستقبال السفن الكبيرة خلال أسبوعين بحجة تأمين وصول " المساعدات الإنسانية " إلى العراقيين " المحررين " بسرعة ويسر !!! , وبالتالي والوضع هذه ! لم يرى العراقيون وحسب مثلهم المأثور ( لا أبو علي ولا مسحاته ) !!! لم تصل المساعدات , وبات الميناء مرتعا لناقلات النفط الأمريكية التي تحصل على النفط دون حسيب أو رقيب !!!! .
القوات الأمريكية والأطلسية التي أحاطت بالعراق من كل حد وصوب , قيل أنها جاءت للتخلص من أسلحة الدمار الشامل التي أكدتها تقارير " السيد البرادعي " وقبله ايكيوس وبليكس وأسماء أخرى ما أنزل الله بها من سلطان !!! والقضاء على نظام قالوا عنه بأنه يدعم " القاعدة " !!! والنتيجة ماذا !!! إعتراف دولي بأن العراق لم يكن يمتلك مثل هذه الأسلحة " المزعومة " ولم يثبت أي شخص سواء أكان أمريكيا أو غربيا تورط العراق في التعامل مع من نظمهم الأمريكان لمقارعة السوفيت في أفغانستان " القاعدة " .
قالوا لنا بأن العراق الجديد سيكون حرا وديمقراطيا وسينعم شعبه بالرفاهية والطمأنينة !! وسيحصل العراقي على حقوقه كاملة غير منقوصة !! والنتيجة ماذا !!! دمر بلد الرافدين من أقصاه إلى أقصاه , ونهب تراثه , وسرقت ثرواته لم تنته حتى الآن بدءا من سيء الصيت " برايمر " الذي على ما يبدو أكتفى لوحده بقطع ( 12 ) مليار دولار من كعكة العراق الغنية ( بالفيتامينات ) بعلم حكومته " الرشيدة " , مرورا بالذين يعيثون الفساد في ( العراق الجديد ) والحال من أسوأ إلى أسوا , فالبطالة أصبحت ظاهرة لا يمكن السكوت عليها , وفقدان الأمن جعل الجريمة تسكن الشوارع عجزت الحكومة حتى الآن من الحد منها لا التخلص منها !!! أما الطائفية فهي سلاح دول الجوار العرب منهم قبل العجم !! يغذونها ويدعمونها بشتى السبل لزرع الفتنة في شعب هو أكبر من هكذا مؤامرة , والفقر بات حالة متلازمة لشعب يمتلك ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم . و . و والقائمة طويلة , أضف لها أن العراق ورغم ( التحرير ) لازالت أمريكا و ( الأخوة الأعداء ) يصرون على إبقاءه تحت ما يسمونه ( بالفصل السابع ) من قرارات مجلس الأمن ( سيء الصيت ) , لخنق العراق والاستمرار في إيقاعه تحت الهيمنة الاستعمارية .
فيا أيها الليبيون أفيقوا لأنفسكم وخذوا العبرة ممن أعتبر قبلكم , ومن دروس لا زلنا نعيشها اليوم ,, فالخطاب الأمريكي لم يتغير , وفيكم من المثقفين والمدركين للأمور يفرق بين الحق والباطل ,, ولا أعتقد أن تنجلي عليكم كذبة توجه السفينتين الحربيتين "كيرسارج" و"بونسي" إلى البحر المتوسط، ضمن خطة وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" لنشر مزيد من القوات قرب سواحل ليبيا وحاملة الطائرات "USS أنتربرايز"، وسفينة الهجوم البرمائية "USS كيرسارج"، المتواجدتان في البحر الأحمر فهي ليست كما يدعون لتقديم " المساعدات الإنسانية " وإنقاذكم من " الكارثة الإنسانية " التي أنتم فيها حسب إدعائهم !!!! ، وعمليات إنقاذ مع فرار تونسيين إلى أوروبا ، وتوقع موجة فرار مماثلة من ليبيا إلى أوروبا كما يدعون , ولأنكم أنتم من فتح شهيتهم لنفط بلادكم وثرواته المعدنية الأخرى !! فتواجدها سيكون حتما لأغراض ( في نفس أمريكا ) !!!! .
وعلى ما يبدو أن صور نضالكم ضد الطليان لازالت مرسومة في ذاكرتهم , وبذلك فهم يتحينون الفرصة لدخول بلادكم مرة أخرى من مبدأ ( الاقٌربون أولى بالمعروف ) !! وتحدثت صحفهم هذه الأيام بأن إيطاليا بدأت في حشد قواتها جنوب البلاد استعدادا لتدخل عسكري في ليبيا، وأن أوامر من روما صدرت إلى قيادة الجيش بالاستعداد لتنفيذ أوامر بالتدخل العسكري في بلادكم !!! و بدأت الحكومة الإيطالية مشاورات مع شركاءها الأوروبيين بخصوص أي تدخل عسكري إيطالي في ليبيا،وسط توقعات بإمكانية انضمام قوات الردع الأوروبية المشتركة أو الناتو إلى العملية !!!
أيها الأخوة الليبيون ,, إني أتكلم معكم بكلام صادق ومن القلب إلى القلب , ولا أجامل أحد على حساب الأخر , فإني لم أزر ليبيا يوما ( وإن كنت أتمنى ذلك ) ولم أرتبط مع أية مؤسسة ليبية في أي عمل أو نشاط , ولست راضيا على كل الزعماء العرب , لأن فيهم من الخسة والنذالة ما دفعتنا بأن نكون من أكثر الأمم تخلفا في كل شيء كي يسهل عليهم السيطرة علينا , ولكي يبقوا على كراسيهم لأطول مدة , أقول لكم بان مثال ما حصل في بلدي يجعلني ملزما أن أقول لكم و ( بالفم المليان ) ما يحدث في بلدكم حرام في حرام ( هذه ليست فتوى مثل فتاوى المأسوف على اسمه القرضاوي ) !!! أدعوكم للحوار فيما بينكم , لآن ما يجري في بلدكم هو شأنكم أنتم وحدكم ,, ولأنه السبيل الوحيد لإنقاذ بلدكم من الإتزلاق في النفق المظلم الذي يحاول أعداؤكم أن يدخلونكم فيه عنوة وأنتم راضون غير مدركين لمخاطر عواقبه !!!
معرفتي المتواضعة بالبنية الإجتماعية في ليبيا ,, والأحداث هذه تجعلني على ثقة بان البلاد ستكون عرضة سهلة لخطر الانقسام ، وخطر الحرب الأهلية ، وهو ما سيثير أيضا خطر التدخل الخارجي، خصوصا وإن العديد من الزعماء الأوربيون عبروا عن رفضهم الشديد من وجود إمارة إسلامية على البحر الأبيض المتوسط ، وإمكانية أن يتعرض البترول في ليبيا لسيطرة مجموعات إسلامية، أو قبائل. وهذا يعني أنهم لن يقفوا متفرجين عندما ينهار الحكم في ليبيا. ربما لن يتدخلوا لحماية الشعب الليبي، ولكن بالتأكيد سيتدخلون لحماية مصالحهم !!!!
المجتمع القبلي في ليبيا وولائه قد يكون في بعض الأحيان للعصبية القبلية أكثر من المؤسسة الوطنية وما نراه اليوم في ليبيا انقساما واضحا داخل المؤسسة العسكرية الليبية بين هذا الذي ينصاع إلى أوامر قائده الأعلى ويطلق النار على المواطنين الليبيين وآخر يرفض تنفيذ الأوامر ويهرب بأسلحته أو ينضم بها إلى المتظاهرين, وهذا سيفضي حتما إلى انقسام في الجيش ومن ثم إلى حرب أهلية وصراع بين القبائل وبالتالي سيكون الصراع ليبي- ليبي , ينذر بتزايد أعداد الضحايا والقتلى والجرحى وقد تصل إلى درجة جرائم الحرب والمجازر بحق الشعب الليبي.
أيها الليبيون , تيقظوا , !!! فأنكم الآن أمام مفترق طرق , أحلاهما مر ,, أما أن تسدوا آذانكم للأبواق ( النشاز ) التي تنطلق سواء من ( إخواننا العرب ) أو من حلفاؤهم الغربيون !! وما يحاولون أن يسوقونه لكم بالغش والخداع والكذب والتزوير , والوعود الكاذبة بأنهم سيحملون أليكم ( جنات النعيم ) , وأن تتحكموا للعقل والسوية , وأن تشمروا سواعدكم لبناء بلدكم بالحوار السلمي والديمقراطي وأن تقودوا ثورة للإصلاح تزيل كل أخطاء الماضي , والنهوض ببلدكم دون إراقة نقطة دم واحدة , فدمائكم غالية علينا , فما بالكم وأنتم أبناء البلد الواحد !!! فأنتم لستم بحاجة إلى " مساعدات إنسانية " !!!! أو إلى الحرية والرفاهية و الإستقرار ( الأمريكي ) الموعود !!!
وأما أن تكونون طوعى في أياد أناس باتت نواياهم اليوم ليست بالخفية , تبذل الغالي والنفيس ليس حبا بكم , أو رأفة لما تتعرضون له اليوم , بل لزيادة الفرقة بينكم , وتعيث ببلدكم الدمار والخراب , لأنها تموت غيضا من وحدتكم , وبالتالي ستكونون عبرة أخرى لمن لا يعتبرون !!!
#كريم_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
