أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد جابر - اليسار اللبناني: سؤال الغياب















المزيد.....

اليسار اللبناني: سؤال الغياب


أحمد جابر

الحوار المتمدن-العدد: 214 - 2002 / 8 / 9 - 03:40
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


يقتضي التعامل مع الواقع السياسي اللبناني، الإلمام بمعطياته، والوقوف على وضعية قواه وتياراته، وهذا أجدى من التعجل في طرح اقتراحات الحلول، لأن هذا الامر يفترض ان تكون صورة الداعي واضحة، وأن تكون قدرته واعدة وجلية القسمات.
ضمن هذا التوجه، يأتي الكلام على واقع اليسار اللبناني، خاليا من افتراض جهوزية مسبقة يتمتع بها، ودون تصور كتلة اجتماعية (وتنظيمية استطرادا) ناجزة المعالم يصدر عنها، بل ان الحديث يضم في جنباته الموروث الذي ما زال ماثلا <<كمادة خام>>، وكيفية استعماله في الراهن، دون افتراض قبلي لاتصاله بوشائج فعل، آليا وبدون مقدمات، بمهمات المستقبل. بإيجاز، من المناسب والمجدي تناول واقع اليسار تشخيصا، قبل التطرق الى موقعه، فعلا وآليات تأثير.
في تناول واقع اليسار اللبناني، نجد من البداهة تقديم الصعيد الفكري، لأن مفتاح الهوية الفكرية مقرر في سواه من الأصعدة، وهو مؤشر على ميدان الفعل، وسهم دال الى مواقع العمل، وإلى وجهة المراكمة المنتجة في مختلف الحقول، والى الأفق العام الذي يشدّ التحرك ويرشده. الى ذلك فإن المجال الفكري يشكل بطاقة تعريف وتحديد، وهذا ذو أهمية بالغة في السياق اللبناني الحالي، حيث تتماهى الأقوال، وتضيع الحدود الفاصلة بين الخطب، بحيث يتعذر الفرز الجدي، بين طرف وآخر. وللتوضيح فالجدية هنا مقصودة في بعدها المسؤول، حيث يتلازم النص مع الواقع الجدي لقائله، ومع قدرته الجدية على النهوض بأعباء ما يقول، على صعيد ذاتي أولا، ومن خلال الإسهام الفاعل على صعيد مشترك.
ما الذي يطالع المراقب للحيوية الفكرية اليسارية؟ نكاد نقول لا شيء وازن، بل إن السائد هو غياب المحاولات الحقيقية في هذا المجال، مع ان كمّ القضايا اللبنانية يتطلب المسارعة الى الانخراط في ورشة التساؤلات والمقاربات التي لا يفيد في غيابها، دفن الرأس في الرمل، او الاكتفاء بترداد شعارات الحنين وأفكاره.
وصف الغياب هذا، يطال اليسار بمختلف مشاربه، وعلى تنوع تشكيلاته، وعلى تبدل مواقع بعض فرقائه. لقد حصل فرز وانتقال ضمن صفوف اليسار، وهو أمر يستوجب القراءة المتأنية، لكن نكتفي بالاشارة هنا، الى ان <<اليساريين>> الذين باتوا مشاركين في خليط التركيبة الحاكمة المتشكلة بعد اتفاق الطائف، لا يجدون أنفسهم مدفوعين الى التأمل في بنية خطابهم، وهم إن فعلوا فإنما يأتون ذلك من وجهين: أولا، العودة الى الارشيف واستلال برامجه وشعاراته السابقة، دون الأخذ بالاعتبار، الزمان السياسي والاجتماعي لتلك المنظومة البرنامجية والشعاراتية، وثانيا، <<تطوير>> خطاب الراهن من خلال إغنائه بمفردات تنتمي الى حصيلة التوازنات المستجدة بعد اتفاق الطائف، مطعمة ب<<شرعية تاريخية>> فيها الخليط التقدمي والاشتراكي والقومي و<<الديمقراطي>> بشكل عام. اي ان الامر لا يعدو تبرير القائم والسعي الى تثبيته، وهذا ليس من عالم الجديد الساعي الى التغيير، ونوضح ان التغيير ليس حكرا على يمين او يسار، فما نقصده هنا الحركية المفترضة، قبل نقاش مضمونها.
في ضفة اليسار المعارض، نقع بشكل أساسي وجوهري على الشيوعيين عموما، وهنا لا نقع على جديد في الطرح الفكري، ولا على فتح سجالات فكرية واعدة. حيال هذا الأمر تختلف أسباب الشيوعيين عموما، كما تختلف ممارساتهم. فإذا كان فريق منهم قد حاول، ثم رضي <<من الغنيمة بالإياب>> إلى مسقط رأسه الماركسي اللينيني، فإن فريقا آخر ما زال في اطار بلورة المحاولة. لا يعدل ذلك من الحكم العام: غياب شيوعي ايضا عن ساحة السجال الفكري الفاعل والمتفاعل، مع اختلاف الأسباب.
في خلاصة أولية، يقفز الى الواجهة سؤال الحضور السياسي الفاعل لليسار، في ظل غياب القدرة على اعادة تحديد الذات فكريا؟ ومن ثم على اعادة تأطيرها تنظيميا؟ ومن ثم تبيان أسس العلاقة الجديدة بين تشكيلات أي تنظيم، وصيغة العلاقة بالمجتمع؟ هذا السؤال المركب يمهد السبيل لسؤال الشرعية السياسية لليسار، التي من شروطها حمل مصالح وطنية واجتماعية كبرى، والنطق باسم فئات اجتماعية محددة، والسعي الى إكساب هذه المصالح والقضايا حضورا وازنا في جدول الاجتماع اللبناني العام كما في أولويات سياساته.
في ضوء ذلك ما واقع اليسار الاجتماعي حاليا؟ يمكن المغامرة بالقول ان اليسار اللبناني غير محدد اجتماعيا حاليا، اي غير معرّف ببيئة اجتماعية، وبقوى وبشرائح وبفاعليات، محددة هي الاخرى بتعريف وبخطاب وبآليات عمل وبأهداف. لا مجال للمطالبة هنا بإعادة قسر اليسار على التقوقع ضمن طبقة طليعية هنا، او افتراض دور طليعي لقوى وهوامش اجتماعية هناك، لكن الامر يفيد اذا أخذ على سبيل المقارنة. لقد كان لليسار سابقا تحديداته الاجتماعية الطبقية، فأين أصبح الامر الآن؟ هل ما زلنا أمام <<تحالف قوى الشعب العامل>>؟ والطبقة العاملة؟ أما زال التذبذب سمة البورجوازية الصغيرة فلا نقيم معها عهدا وثيقا؟ وماذا حل <<بالبروليتاريا الرثة>>، و<<حركة الطوائف المحرومة>>؟ هذه الاسئلة وغيرها عبّرت عن واقع تحديدات، وعن سبل قراءات وتحركات، وهي أشارت الى واقع نفوذ كان لليسار عموما ضمن هذه البيئات. لا يقدم اليسار في واقعه الحالي قراءة جديدة للوحة الاجتماعية اللبنانية، وبالتالي لا يعين لنفسه مواقع فعل واضحة، ولا يتبنى سلّم أولويات، لذلك يحل الاستنساب الموسمي (في التحرك)، محل الخطة الدائمة، ويتقدم استنساب الأطر التنظيمية التجميعية (التي تموت غالبا يوم ولادتها) على قراءة التأطير الاجتماعي، او الاستقطاب الأهلي، الذي آل إليه <<اجتماع>> اللبنانيين.
في خلاصة أولية على هذا الصعيد ايضا، لا يمكن الهروب من القول، ان نفوذ اليسار الاجتماعي قد تضاءل الى حد بعيد، وان رقعة تحركه ضاقت، بالتناسب مع انحسار انتشاره وهامشية وجوده حيث ما زال يحتفظ بشيء من هذا الوجود.
من نقطتي الهوية الفكرية الواضحة، والموقع الاجتماعي الوازن، اللتين يفتقر إليهما اليسار، اللبناني، في واقعه الراهن، نطل على الواقع السياسي لهذا الأخير.
يبدو اليسار هنا على الهامش من كل شيء. هو يسار الوقوف أمام تجربته دون التجرؤ على تقويمها ونقدها. وهذا يعني عدم الإقدام على فتح منافذ تنفس سياسي للبلد، خارج لغة الطوائف، وفي مواجهة ضجيج المذاهب، ووضعاً للأمور في نصابها في مقارعة قراءات التزوير والتلفيق. في هذه الساحة تخلّى اليسار عن سلاحه النقدي، وعن تحسس مواطئ أقدامه، وارتضت منوعاته خوض معارك سياسية من حالة الحركة الدائمة، فلا ثبات في موقع، ولا رسوخ في قناعة، ولا إقامة على تحالف. بذلك ساهم اليسار، بسبب من ترحاله بين الطروحات والمواقف والقوى، في زيادة هامشيته وفي بقائه <<قوة>> قيد الاستحضار، في معركة استقواء سياسي من قبل اللاعبين الاساسيين في التشكيلة السياسية، او في إطلالة اعلامية يطغى فيها الماضي (غير المساءل) على هموم ومهمات المستقبل، اي ان اليسار (بما تبقى منه)، بات راضيا بمجرد الحضور، دون السؤال في كثير من الأحيان عن كيفيته. لهذا السبب، شاهدنا تخبط اليسار في سعيه لتأمين حضوره ضمن المشهد السياسي، او على <<سطحه>> ما دام التأسيس في قلبه عزيز المنال، فلقد توالدت هيئات، وتناسلت منابر وتجمعات، واختلط طرح شعبوي بآخر ديمقراطي، <<بثالث ليبرالي>>، ثم انتهى الأمر، دون طرح سؤال <<لماذا>> حقيقي؟ عند التئام عقد المجتمعين، ومن غير طرح سؤال لماذا حقيقي؟ بعد انفراط هذا العقد!! السهولة السياسية أغرت الجميع، والاستسهال صار سياسة، وهذا واقع مغاير لما كان عليه أمر اليسار في السابق، عندما كان مسؤولا عن اشتقاق صيغه الخاصة، وعن مقارعة وتفنيد أطروحات القوى السياسية الاخرى، كأن اليسار الآن عالق في الهواء، فلا <<خصم>> يقارعه، ولا بوصلة يريد الاهتداء بها، ولا أرضية يريد الوقوف عليها.
ما ذهبنا إلى إيراده، يقدم اشارات ذات مغزى لما آل إليه واقع اليسار، ومغزاه الاهم كامن في تعطيل شطر أساسي من نصاب البلد السياسي، لكن ذلك يفتح الموضوع ولا يقفله. فتردي اوضاع اليسار، لا يلغي خانته، وضعفه الحالي لا يطيح بموقعه الموضوعي الذي يجب ان يعمل (اي اليسار) ليكتسب أهلية احتلاله، ذلك لأننا نزعم أنه من دون خطاب وطني عام، يتجاوز الخطاب الطائفي السائد، لا يمكن استئناف مسار سياسي لبناني سويّ، ونزعم ايضا ان اليسار اللبناني مرشح لأن يكون قوة الدفع الأولى في هذا التجاوز.
() كاتب لبناني.
جريدة السفير


#أحمد_جابر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النخبة السياسية الفلسطينية في موقع المعارضة: السلوك والذهنية ...


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد جابر - اليسار اللبناني: سؤال الغياب