أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - خليل محمد الربيعي - النظرة الإزدواجية للمرأة في المجتمعات المتمدنة















المزيد.....

النظرة الإزدواجية للمرأة في المجتمعات المتمدنة


خليل محمد الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3262 - 2011 / 1 / 30 - 13:05
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


هل يمكن أن يتطور العلم بالبشرية ليأتي يوم قد نجد فيه مناظير زجاجية تجعل الرجل إذا لبس إحداها يرى المرأة أمامه مثيرة خليعة فاتنة وهي تدعوه إليها، ثم يخلع المنظار ويضع منظارا آخر فيرى المرأة ذاتها محتشمة وقورة حييّـة وهي تناقشه في قضية أخلاقية ؟؟ ربما سيكون ذلك اليوم بداية لتوحيد نظرة الرجال للمرأة، بعد توزيع نوع واحد من المناظير عليهم طبعا.. لكن هل يمكن هذا؟؟ لا أعرف، إلا أنني أعرف متأكدا أنه لن يجرؤ شخص سوي على استخدام (منظار الشهوة) لكي يرى أمه عارية ًمشتهاة ً، ولن يفكر رجل في استخدام (منظار الوقار) وهو مع زوجته في غرفة النوم.
إن العين البشرية يستحيل عليها أن تبصر شيئين مختلفين في آن واحد، ولكنّ الرجل في المجتمعات المتحضرة اليوم يحاول شيئا مماثلا عندما ينظر إلى المرأة، لأنه يريد أن ينظر معها في نفس الوقت إلى القانون الأخلاقي الذي يحكمه، مما أدى غالبا إلى رؤية ثنائية مشوهة لا تمتّ إلى الحقيقة الأنثوية بصلة..وهو عيب يقع على المتدينين والعلمانيين بالسواء، وهم وإن كانوا يقفون في جهتين متعاكستين من تلك الحقيقة، إلا أنهم يشتركون في البعد عنها بنفس المسافة.
وأريد أن أبين هنا أنه لا توجد ثنائية حقيقية في النظرة إلى المرأة إلا عند الذين لا يؤمنون حقا بما يدّعونه في كلا الجانبين...إذ أن النفاق الاجتماعي عند هؤلاء يجعلهم ينظرون للمرأة دائما نظرة ازدواجية تقدّس المرأة في ناحية وتعود لتلعنها في ناحية أخرى...فقد نرى بعض المتدينين المتزمتين في مجتمعنا والذين يكثرون من الكلام عن قدسية المرأة واعتبارها قيمة معنوية تقتضي الحماية وأمانة ً ينبغي الحفاظ عليها وتنتفخ أوداجهم وهم يجأرون بالدعاء من أجل أن تتستـّر النساء وتتحجّب الفتيات – نرى ونسمع كل ذلك ثم نفاجأ عند البحث عن سيرتهم بأن نساءهم سافرات غير محتشمات أو أن بناتهم متحررات وقد يدخلن الجامعة ويدرسن في محافظة أخرى أو بلد آخر (بكل حرية).. ثم نوجه أبصارنا تلقاء أصحاب التحرر والتعهـّر والنظر الشهواني المتجرد إلى النساء جميعا (فيما يدّعون) فنرى أحدهم يتمعّر وجهه إذا تكلم شخص ما عن جمال أمه أو فتنة زوجته، وقد يرتكب جريمة إذا رأى أخته تمشي مع صديق لها...على أن هذه الازدواجية تظهر بجلاء أكبر في المجتمعات الغربية الحديثة، فالرجل هناك لايمنع ابنته من أن تتخذ خليلا (boyfriend) لها تدخل وتخرج معه، لكنه يغضب كثيرا إذا رآهما في وضع حميمي أو وصله خبر عن ذلك – فهو مؤمن بالحرية الجنسية لابنته كمبدأ نظري لكنه كافر بها كواقع ملموس..وكأن هذا الداء قد أصابت عدواه مدّعي الحرية في مجتمعاتنا، وخذ ما تحدث به أحد نجوم السينما العربية عندما سئل عن ابنته وهل يمانع أن تصبح ممثلة كأبيها فقال: أجل أمانع، لأني أعرف من تجربتي أن الممثلة قد تمنح عملها من جسدها وعفتها ما لا يمكن أن أسمح به كأب..وهو الذي اشتهر بأفلامه التي غالبا ما تشتمل على لقطات حميمية حمراء ومخجلة مع كثير من الممثلات –وهنّ نساء أيضا–
وإذا نحن وسّعنا النظر والتأمل في هذه الظاهرة وجدناها أكثر شمولا في المجتمعات الغربية– فهناك تتسع دائرة الازدواجية وتنتشر عدوى اللامبدأية من الأشخاص والأفراد إلى المجتمعات والدول لتظهر حتى في قوانينها ودساتيرها ومبادئ تعاملها مع بعضها..فعلاقة الرئيس الأمريكي السابق كلينتون مع (مونيكا) وعلاقة الرئيس الإيطالي الحالي مع الراقصة (روبي) مؤخرا لا تعارضها قوانين الدولة ولا أعراف المجتمع بل هي تدخل في نطاق الحريات الشخصية التي يكفلها الدستور ومبادئ احترام الخصوصية (مادامت باتفاق الطرفين)، لكنّ العلاقة الأولى كانت مما أضعف شعبية الرئيس وأطاح به والعلاقة الثانية جعلت الرئيس الايطالي في وضع سياسي مترنح أمام شعبه...وكلتاهما أوردهما الإعلام كفضيحة (scandal)..فكيف يكون الجنس حرية مطلقة في القانون وهو في نفس الوقت فضيحة مشينة قد تضطر الرئيس للتنحي عن الرئاسة؟ هل الجنس حرية أم فضيحة؟ هذا يدفعنا إلى أن نصوغ السؤال ليشمل مدى أبعد فنقول: هل القانون الذي يحدد الحرية الجنسية في الدول الغربية يمثل تطلعات الشعوب ويضمن حرّياتها أم هو يمثل أهواء الشعوب وشهواتها ويعمق تناقضاتها؟؟
ومن المفارقة هنا أن الغربيين هم الذين أبدعوا مصطلح (الخيانة الزوجية) للرجال أو النساء الذين يمارسون الجنس خارج نطاق الزوجية مع أن القانون لا يعاقب على ذلك ولا يعتبرها مخالفة..وأنت إذا تأملت كلمة خيانة عند هؤلاء وكلمة أمانة عند المتدينين عندنا وجدتهما تتعلقان بقيمة أخلاقية واحدة تثبت وحدة التوجه الإنساني في هذه المسألة علما أنهما صادرتان من جهتين صارختين في التناقض...وهنا تجد أن منحنــِيي دائرة النفاق الإجتماعي يتصلان عند هذه النقطة لتكتمل حلقتها المفرغة. هناك حرية جنس فعلية يناقضها عُرف أخلاقي لا تأثير له، وهنا قانون ديني جامد تحيـّده شهوة مهيمنة.
نعم.. إن المشكلة الحقيقية في اختلاف طبيعة النظرة إلى المرأة هي عدم الصدق في التمسك بالأفكار والعقائد من قبل أصحابها، وأظن أن المتدينين (أيا كان دينهم) والعلمانيين (أيا كان توجههم) لو أمكن أن يكونوا صادقين حقا فيما يدّعونه لاجتمعوا جميعا على قول واحد. ومن العجيب أن السبب الأكبر في عدم صدق المختلفين في المرأة هو المرأة نفسها !! إذ جُبلت في طبيعتها على الاستمالة والإغواء مع التمنع والتصنع في أساليب متنوعة ومتطورة باستمرار من زمن حواء حتى اليوم..وكأنها تتعمد دائما أن تهزأ بكل القوانين والعقائد التي تحدد طبيعة نظرة الرجل إليها وتجهد في محاولة تفسيرها، لتشكل المرأة دائما قوة جذب للرجل تخرجه من أي دائرة أخلاقية أو عقائدية قد يضع نفسه داخلها...ولذلك ترى المترهبين الذين يعتزلون النساء –إن صدقوا– يقضون حياتهم في جهاد مرير، لأنهم باختصار يتحركون بعكس الجاذبية الأنثوية !!
ولما كانت المرأة هي السبب في صعوبة تمسك الأخلاقيين بما يقولون ويظنونه فيها، وهي التي تعبث بهم وتجرهم إلى فعل ما يحذرون، فقد جعلتها الطبيعة أيضا مفتاح الفرج لهؤلاء الأخلاقيين (من متدينين وعلمانيين)، إذ هي المشكلة وهي الحل في نفس الوقت. ولو أمكن أن يصدُقَ الرجال جميعا في نظرتهم الأخلاقية للمرأة لما استطاعوا جعلها تتخلى عن إغوائها وجذبها، لكنّها تعطي ذلك من نفسها إذا اقتنعت وصدَقت فقط..ومن هنا نرى أن المجتمعات الملتزمة أخلاقيا بحق هي المجتمعات التي قُـدّر لنسائها أن يكنّ صادقات في تعففهن عن الإغواء والجذب..ونرى غيرها من المجتمعات (وهي الأكثرية في هذا القرن) تعيش حالة من الخواء المعنوي والازدواجية الأخلاقية، ولو أنك مشيت في أسواق مجتمع متديـّن اليوم لرأيت المرأة تلبس الحجاب الضيق الذي يزيدها إثارة وفتنة، والخمار الشفيف الذي يزيد عينيها إغواءً، وتضع المكياج الفاقع الذي يذكّر كل من رآها بجو الفراش..وبالمقابل لو اطلعت على مدينة علمانية متحضرة لرأيت المرأة تلبس البنطال اللاصق بدعوى تسهيل عملها كمهندسة، والبلوزة المسبـّعة بدعوى الانفتاح وتجنب ضيق الصدر، وتمضغ العلكة وتحضع في كلامها لتنجح كسكرتيرة...وكل هذه المظاهر الإزدواجية التي صنعتها المرأة تنعكس على نظرة الرجال إليها في تلك المجتمعات.
قد ينتج من هذا الفهم–إن كان صحيحا– فائدة خطيرة: وهي أن الدعوات الأخلاقية في المجتمعات يجب أن تتوجه إلى المرأة وتعمل على إقناعها واستمالتها لا أن تقنع الرجل ثم تسلطه على المرأة –متقويا ً بالتقاليد أو الأعراف أو الدين أو القانون– ليكرهها على العفة أو الأخلاق، إذ أن ذلك يشبه الطلبَ من المرأة التوقف َ عن أن تكون امرأة !
أظن أن النظرة الإزدواجية للمرأة لن تعود كذلك إذا نظر الجميع –ومنهم المرأة نفسها– إلى طبيعتها الفطرية البسيطة وابتعدوا عن الفلسفة وإلباس الحقيقة ألوان الشهوات والميول لأن النظر في مرآة صافية يعكس الصورة الحقيقية للأشياء وبشكل أفضل من ماسة متعددة الأوجه وإن كانت الصور في هذه الأخيرة تظهر ماسيـّة ومتألقة !



#خليل_محمد_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إسرائيل.. إصابة امرأة بجروح في إطلاق صواريخ من غزة
- -تم إسكاتي-... جدل يغلف مسابقة ملكة جمال أميركا
- تقارير تكشف عن تفاصيل جديدة في قضية عصابة -التيك توك- المتهم ...
- لبنان: ارتفاع جرائم قتل النساء بـ300 % عام 2023!
- وانتم، لقيتوا متعتكم ازاي؟ اعملوا subscribe عشان تشوفوا الفي ...
- “ابسط العيال طول الاجازة!!”.. استقبل تردد قنوات الاطفال الجد ...
- “سجل عبر spf.gov.om”.. خطوات التسجيل في منحة منفعة الأسرة 20 ...
- السودان.. قوات الدعم السريع ترتكب جرائم تطهير عرقي في دارفور ...
- جامعة أريزونا تطرد أستاذا اعتدى على امرأة محجبة مؤيدة لفلسطي ...
- فيديو مروّع لاغتصاب ملثم امرأة وخنقها بين السيارات في أحد شو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - خليل محمد الربيعي - النظرة الإزدواجية للمرأة في المجتمعات المتمدنة