أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف عزالدين - غربة العبيدي وقلقه النفسي















المزيد.....

غربة العبيدي وقلقه النفسي


يوسف عزالدين

الحوار المتمدن-العدد: 3230 - 2010 / 12 / 29 - 17:29
المحور: الادب والفن
    


أ. د. يوسف عزالدين

غربة العبيدي وقلقه النفسي*

الشعر هو العاطفة الصادقة للمشاعر الكامنة في اللاشعور التي يسجلها الشاعر المبدع يرسم فيها المشاعر الانسانية بكل وضوح وصدق وفيه السجل الحقيقي للاحساس الانسانية دون زيف او تدايس. متى كان المبدع قادراً على رسم الصور الدقيقة سو للانسانية التي تهز الملتقى وتمتع العقل الواعي وترفعه الى سماوات الخيال الجهد والابداع النبيل والمتع اللذيذة وقد سجل الشاعر وديع جانباً واضحاً من هذه المشاعر العميقة وجم مايدور في النفس الانسانية من افكار ورسم حالة المشاعر الكامنة في نفسه صور والقلق العميق من الغربة الروحية التي سيطرت عليه من آثر التجارب التي مر بها فكانت صدى هذه الغربة الروحية التي تحمل من طياتها الحزن العميق من الذكريات المتعددة والرؤية الدفينة النابعة من تراكم الآلام التي مرت من عمره فتسمى همس حياته تدفع وتفث من ماضيه الحزين عناء حياته.
وقد وظف شعره لرسم هذه المعاناة النفسية التي تراكمت عبر حياة في شعره.
الشاعر وديع نظم الشعر صغيراً فقد نضحت في تفسه براعم الانغام الفدية في حروفه ونفح فيها شذى الازاهير العبقة، وغرد لطير على الافق الشعرية كونه المبكرة العذبة ، وقد نشرت له الصحف والمجلات بواكير ابداعه ونقديراً لموهبته حصل على جائزة الشعر في مسابقة تلفاز ميسان على صعيد العراق وكان نثره وهيب شعره في القصة والرواية والمقالات كما كان صوته يدوي في المناسبات العامة والمهرجانات الشعرية. فليس غريباً انه يفوز شاعر لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره على الجائزة مادام يملك هذا الحس الشاعري والذوق الادبي الرفيع كان شديد التعلق بالثقافة والعلم فكان في الجيش ومعه كتبه ومراجع الادب والشعر والنقد . وكان اخوه صديقه وحبيبه (علي) فقد لفه القدر في معركة الفاو فأشتد المه وتضاعف حزنه وبكى الحب الاصيل والاخوة والبراءة كان اخوه اخوه يرد غربته الروحية ويملأ فراغ النفس عند معرفته بكى بحرارة على الجثمان وصرخ في حرقة على الحدث وجمع ماقاله في الفقيد شعره الحزن واللوعة الشجية وزادت المصيبة ضاع المحبوعة فضاع ذكره في قصائده لكنه وما نسيه في شعره فالقاؤئ يحس ألم الغربة في طيات دواوينه .
كانت حياته في الجيش سجلاً جديداً من الشعر العربي الحديث فقد رسم صور الحرب وولادتها ووقف في حيرة وتساءل علام يقاتل الناس بعضهم بعضاً ؟ وهذا التساءل الابدي في تاريخ البشرية. أليس مصير الحروب خراب العمران وتحطيم البشرية؟ سجل الشاعر حياة المقاتل اليومية والانفعالات العصبية التي تصوره وتظهر ذلك في قصيدته (ترمكين) فقد حدث في ما قالته النخلة للعشاق. اجمل الشعر المبكر.
زاد الالم والحسرة ابتعاده عن ارض الوطن وعمقه الحسرة وفاة ابوه وامه في غربته بعيداً عنهما فهزت موتهما عواطفه وزاد في حزنه فانسابت كلمة (اليتيم) من شعره وتجد ذلك في قصيدته (وقوفا على ابواب تدمر) وقد عنيت به الصحافة الاردنية وقدم من مهركان شعري أجمل قصائده الذي حضره كبار المسؤولين والمفكرين والادباء مثل وزير التعليم العالي ورشيس مجلس النواب وغيرهم.
الغربة بدأت في فقدان أخيه وزادها موت والديه ولكن قوة الارادة والصبر الجميل على المكارة والشباب خير عون على تحمل هذه المصائب.
وصف نفسه بقوله
انا مثل عربة بعجلتين
يدفعها شرطي اعور
يبيع فاكهة فاسدة
لااظن شعره الافاكهة فهي في الرقة ناضجة في الشعر والفكر وصدق الاحاسيس.
شعره كثير الحرية تطلق في الرأى لاتحده الحدود العامة. إنه يفصح عن مكنونات العقل الباطن للشاعر الكبير ابتعد عن تقليد كبار الشعراء وكون لنفسه منهجاً جديداً واسلوباً متميزاً فجاء بالجديد وسجل الحديث في الفكر والرأي والعاطفة انه صاحب رسالة في الشعر يريد ان يوصلها الى القارئ بكل صدق، له رؤية واضحة عندما ينظم شعره ظهرت فيه الثقافة الواسعة والمطالعات الكثيرة في شعره ففي شعر فكر وهدف وعاطفة انه اراد الاصلاح في اسلوبه الشعري الجميل.
كان بودي ان اسجل التطور الشعري والصور الجميلة والهدف السامي الذي اراده الشاعر وقد تركت ذلك لباحث يكتب عنه درجة الماجستير ليستوفي شعره فهو واضح المدى كبير الاتساع .
للشاعر عدد من الدواوين فقد طبع في بغداد وطن الحب.. وطن الكبرياء ، وما قالته النخلة للعشاق وتأملات قبل السفر ، وفي مدريد سلطان الكلام وفي مراكش اغنية الغبار. ولا بد ان انوه بالكتاب النقدي الذي كتبه عن (يوسف عز الدين حياته وشعره) فقد برهن على قابليته النقدية وحس مرهف وشاعرية عميقة وقد كان لهذا الكتاب صدى عند كتاب النقد والادب وتداولته ايدي طلاب العلم بالرضا والاعجاب والتقدير. واشهد انه فاق في هذا الكتاب الكتب التي كتبت عني في سبرغور احاسيس وتطور الادب في حياتي"1"
وسأقف وقفة سريعة عند آخر دواوينه (اغنية الغبار) انا سدقف ان شعره بعيد الجذور ولغته تنم عن هزات لفظية عميقة وان كانت بعض صوره غامضة في التركيب للفظي الا انها جميلة في الموسيقى لان القرائن المشحونة لصدق العاطفة لاتختاج الى تغير كبير وفي شعره تحدي واضح في التجديد اللفظي بسهر الالفاظ البعيدة عن البحث بل واخترق هذا العنت في محاولة صادقة باستعاضة في قضايا التعبير الفني وصلتها بالحياة التي عاشتها وعانى من غربيها فاعتمد على النغم اكثر من اهتمامه برصف الكلمات واختيار الألفاظ فيه تغير كبير في اسلوبه وفكره مقارنة في ديوانه الاول وطن الحب . له نغم فريد فيه ابتكار لكن جذور الحياة التي عانها تشربت في كل همسة او لفظة.
ان الشعر الحديث على اختلاف التسميات جاء باسلوب غريب وبمن المجتمع العربي لان الشعراء قلدوا الادب الغربي دون احتواء دوافعه وفهم جذوره السياسية والدينية وقد كتبت اكثر من كتاب عن هذا الشعر آخر (قديم لايعيش وحديث لايعيش) لان هؤلاء قلدوا ادب ايلوت وعزرايا وندوكافكا وجويس ويبقى تقليدا اعمى وما عرفوا بان ترانيم الحضاري وارتهم الفني متأثر بالتراث الديني ولهم ملامح تكاد تكون مشتركة اذا درسها الناقد المتصفح فلا نجد فرقاً كبيراً في الجزم بين وردزورت وشلى وكولرج عن من سبقهم في الشعر قضية الاحزان والصلب والخطيئة والصليب.
اعجبني العبيدي بانه استفاد من حياته في الغرب واساطيره وتجديده ولكن جذور الاصلية مازالت نشر في طيات شعره فوجدنا انفاس امرئ القيس وذكر الفراهيدي وما تم بوابة البصرة وفاطمة امرئ القيس وذكر السندباد وباب الخليقة وسرمر وسبع سنين عجاف وزوجة الغدير وكل قدم بما عندهم فرحون واذا المسؤدة سئلت باي ذنب قتلت. ان نهض من التراث وجدد رجاء بثوب جميل واسلوب رائق واحتواء للتراث العربي والاسلامي الاصيل .
وكانت صلته بالمجتمع في العراق واضحة فانت بانه شاعر من العراق وانه شاعر من ديالى فبذكر شاعر الانسانية في عمق العاطفة والخيال المنجح جمع الشاعر بين الانسانية الواسعة والاحاسيس الوطنية والجزئيات البلدانية وقد سرت رغم آلامه آمال في الحياة والنمو والتطور ولم يغامره الياس وتذهله الهزيمة وتحده عن التفاؤل
مجنون تبره ضربة الدراويش
فاعتقلوه عند الحان
واضطهدوه واغيصبوه في رابعة الاضواء
ينسى الحن لوثته
ويقس الانس لعنه
ونقح له الافاق
كان ما كان
فيا مجد سلمان
ويا سمر خراسان
ويا سيف بني مروان
ويا مفتاح دلمدن
ويا من جاور الصين
وضاعوا حنق صقين
وانتهكو فلسطين
على قائمة الجدران
مذبوح من الاذان
جاء ليغسل عن ناصية الانسان
من نير حزيران
فين الآن
اين الآن
اين الآن
انه امل بان الامة التي لها جذورها العريقة سوف تصل الى مجد وان طال المدى وتوالت السنون والآمال ان ما حاف بالامة العربية كان نتيجة الاضطهاد والتسلط الفردي وعدم حرية الرأي ولو كان للمفكر رأي ليسمع وقول يستجاب لما كان حال العرب هذا التعرف والتمزق والدمار وسيطرة الاجنبي عليها اكد الشاعر على الحرية وترددت في ادبه وهو هدف المفكر البعيد النظر.
ان اغنية الغبار خلاصة ممتاز لاراء الشاعر الناضجة ومن دراستها المتأنية تجد الفكر الحر والرأي الجرئ في طيات شعره ولااريد ان اضرب الامثلة لانها كثيرة .
فقد قال:
اعلق روحي على سقف نخلة
يرقص كل النخيل احتفاء
ولا يقبل الانحناء
محاصرة كل اشواقنا بالسيوف
محاصرة كل احلامنا بالبغاء
محاصرة كل اعراسنا بالدفوف
محاصرة كل اعوامنا بالغباء
محاصرة كل اشجارنا بالجفاف
وازهارنا بالذبول
محاصرة بالثلوج
طرقات البلاد
ووجه السماء انحنى
ىصقاً بالجبال
ومع هذا يشرق الامل
ايا وطناً علمته الطيور الغناء
وعلمه الصقر ان ينطلق
في الفضاء
فبنى الرثا له داره
ويخعل بستانه
في تخوم السماء
ايا وطناً
علمني الكبرياء
كل قصيدة موسوعة افكار وطنية وسجل عاطفة صادقة فيها المرارة والحب والامل والحسرة فيها تناقضات العربي الذي يرى وطنه المستباح يكن تحت جرائم الغرباء ولكن لايفقد الامل في المستقبل ويرجو الخير والازدهار لامته.
وفي ختام القول اكثر الذين احتفوا بالشاعر فقد احتفوا بالادب العربي وقد احتفوا بشاعر يستحق الرعاية واجمل ما في الحياة تقدير الانسان حياً وومعرفة فضله جانباً وتكريم الاديب اريم للادب والفكر والوطن والوفاء فبورك بالمحتفي والمحتفى به فقد سعدت بهذه المبادرة التي كانت مفقودة في بلدتي المحبوبة بعقوبة


*نشر هذا الموضوع كمقدمة للمجموعة الشعرية - دخول في خبر كان- للشاعر وديع العبيدي والصادرة عن دار الأمين في القاهرة لسنة 2006، ويعاد نشرها هنا من قبل الشاعر تحية للاستاذ الدكتور يوسف عزالدين، وتوثيق ما كتب عن الشاعر وتجميعا لها.



#يوسف_عزالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية سري الخطير بين الحجب والاستنطاق
- تهميش الانثی في مملکة الذکور
- أشياء في متاهه‌ حلم
- ماوراء البوابة القديمة
- اشياء في متاهه‌ حلم
- حلم جسد بموتها


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف عزالدين - غربة العبيدي وقلقه النفسي