أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نجلاء الخالدي - عين لا تفارق السماء














المزيد.....

عين لا تفارق السماء


نجلاء الخالدي

الحوار المتمدن-العدد: 3227 - 2010 / 12 / 26 - 23:35
المحور: سيرة ذاتية
    


من ذاكرة الحرب

حينما اندلعت الحرب العراقية الايرانية 1980 كنت طفلة لا اعرف ما هي الحرب... وماذا تعني؟
لدرجة انني كنت اتخيل ان الحرب مكانها السماء... ولا اعرف لماذا تصورت الحرب تجري في السماء... ربما هو محض خيال... وربما لان ذاكرتي تربت على"حكايات جدتي " التي كانت تحيل كل الاشياء التي تعلمها او لا تجد لها تفسيراً الى عالم الغيب والسماء ، واتذكر انني كلما سمعت حديثاً عن الحرب اوبياناً على شاشة التلفزة تسللت الى سطح المنزل اراقب... السماء.... وارسم في خيالي صوراً لجنود ومعارك وحرب مسرحها السماء وبعد عشر اعوام تحققت الصور التي رسمها خيالي للحرب لتتجسد امامي بالفعل على سماء الواقع.
وظلت عيني كما في الحرب الاولى لا تفارق السماء... وفي الحرب الاخيرة التي انتهت باحتلال بغداد... كنت كما الكثير من سكان العاصمة بغداد اراقب السماء... بعد ان تناقلت الانباء في تلك الليلة ان اول مجموعة من الصواريخ قد انطلقت من قواعدها في طريقها الى بغداد لتعلن بدء الحرب .
وعلى مدى ايام الحرب ظلت عيني مشدودة الى السماء، وبينما كانت سماء بغداد تضج باصوات القنابل والانفجارات وهدير الطائرات... كانت شوارعها موحشة تغط بالخوف والقلق والسكون... بعد ان هجرها اهلها بحثاً عن مكان اقل خطورة واكثر امناً يقيهم الموت القادم من السماء...
وعدت انا مرة اخرى لطفولتي ... اتسلل الى سطح المنزل لاراقب حرب السماء او سماء الحرب....
كنت اراقب الصواريخ واحرص على متابعتها ما استطعت الى حيث تسقط بعد ان هيأت نفسي لسماع دوي انفجاراتها...ومع تقدم الايام ... وتوارد الانباء عن اقتراب القوات الامريكية من بغداد... تحول شارعنا الى منطقة مهجورة... لقد بدأ السكان يغادرون...
ولم يبق في شارعنا الا نحن وجيراننا فكنا امام خيارين اما ان نترك دارنا او نواجه قدرنا هنا...
واخترنا ان نبقى نحن وجيراننا وان يكون منزلنا هو افضل مكان للموت.
لن انسى ابداً الليلة ما قبل الاخيرة للحرب كانت ليلة مجنونة وكنت انا مثلها مجنونة... حينما اقتربت القوات الامريكية من اسوار بغداد غير المحصنة... وتحول حينا الى منطقة عمليات حربية كانت القنابل والصواريخ تمر فوق رؤوسنا... والطائرات تلقي معهما من القنابل على بعد مرمى بصرمني...
كانت ليلة مرعبة... لم تمنحنا فرصة لنلتقط انفاسنا... وصمتها اكثر رعباًفهو اذان لجولة اخرى من الرعب... تبدأ عبر طائرة استطلاع صغيرة تمشط سماء بغداد وارضها...
مستهزئة بالمقاومات العاجزة عن اسقاطها مع ان ارتفاعها كان واطئاً جداً... وما ان تختفي هذه الطائرة...
حتى تشن الطائرات حملة جديدة على اهداف متفرقة...
حينها ادركني الخوف.... وانا اكتم استغاثتي.... يا الله اي موت ستصنعه لنا السماء...
وصرخت حينما استباح الفزع كل اركاني... يا سماء بغداد ايتها السماء المحملة بالاقمار ما عدت سماءنا ... لماذا تتخلين عنا... لماذا تتحولين الى وحش من ناب ورعب و اخرى موت ودمار... الصواريخ تتدافع... والانفجارات حولت منزلنا الى ارجوحة... تحطمت واقفلت كل منافذ الخلاص امامنا حتى صارت النجاة مخاضاً عسيراً
اي عين تنام اذا خاطبتها الرزايا وطوقها الرعب الزاحف اليها من كل اتجاه...
كنت اجاهد بعناد منقطع النظير اجنحة الرعب المحلقة في السماء وانا امني النفس بصباح يقبل........ ويمسح اثار وندبات الفزع ويمنحها املاً بالحياة ويمنح العين استراحة .....هاقد مرت ثمانية اعوام على الحرب واسدل ستار على ذلك الفصل من تاريخ العراق الا ان اثارها ومشاهدها ظلت محفورة في ذاكرة روحي... وظلت عيني لا تفارق السماء .. وظلت مثل كل العيون تحلم بسماء وطن تحلق فيه الطيور بحرية وامان .



#نجلاء_الخالدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستقواء بالرجل


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نجلاء الخالدي - عين لا تفارق السماء