أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فراس المصري - المثقفون السوريون وملابس الإمبرطور الجديدة














المزيد.....

المثقفون السوريون وملابس الإمبرطور الجديدة


فراس المصري

الحوار المتمدن-العدد: 3223 - 2010 / 12 / 22 - 14:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تقول القصة المعروفة عن الإمبرطور الذي استعرض أمام الجماهير ملابسه الجديدة التي لاتستر شيئاً أنه لم يجرأ أحدعلى قول الحقيقة و هي أن الإمبرطور عريان سوى طفل برئ شجع الجموع الصامتة على التصريح بما تراه بأم أعينها. السكوت عن قول الحق و كشف الأخطاء يمكن أن يأخذ أبعاداً سريالية و مأساوية إذا تخلى المصلحون والمثقفون عن دورهم. و في ثقافتنا الإسلامية نجد قوله تعالى:"ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون",والمقصود بالأمة هنا المصلحون و أهل الرأي والعلم. فالنخبة المثقفة تتحمل مسؤولية النهوض أو السقوط خاصة في المنعطفات المهمة والمراحل الحرجة في تاريخ الأمم, وقديماً كانت هذه النخبة تسير في كثير من الأحيان في ركاب النخبة الطبيعية من امراء وأعيان, ومنذ نشوء الدولة الحديثة في القرن التاسع عشر بدأ المثقفون يستقلون عن النخبة الطبيعية ليندمجوا غالباً على شكل موظفين في مؤسسات الدولة.
وفي حين كانت أدوات الدولة ومهماتها محدودة قديماً, تضخمت هذه المهمات في الدولة الحديثة لتطال حياة الأفراد في جل تفاصيلها. وهذا الامر يحتم وجود دور فاعل للمثقفين و المفكرين و المؤسسات الأهلية والمعارضة السياسية للحد من السيطرة المطلقة للطبقة الحاكمة, وبدون هذا الدور تتراكم الأخطاء وتتفاقم المشكلات وينتهي مصير المجتمع والبلاد إلى هاوية سحيقة.
في الفترة الأخيرة من عمر الخلافة العثمانية وضع الشيخ عبدالرحمن الكواكبي يده على الداء الذي يردي بالمجتمعات والدول ألا وهو الاستبداد وكأنه يتنبأ بزوال الخلافة. وفي نفس الفترة اعتبر الشيخ رشيد رضا أن الإسلام يشكل سبيلاً لنهضة المجتمع وخير البشرية, ليكون بذلك الأب الروحي لدعوة الشيخ حسن البنا ومصطفى السباعي حيث مبدأ الحرية ركن من أركان هذه الدعوة.
وفي عهد الفرنسي نجد انخراطاً واسعاً للمفكرين والعلماء والزعماء المحليين في النضال من أجل استقلال سوريا. أما في الفترة التي أعقبت خروج المستعمر في نهاية الأربعينيات وفي الخمسينيات فنجد تبلور أفكار عن القومية العربية والاشتراكية ودور الإسلام سياسياً لدى المثقفين ونرى أن كل فريق أصبح يقدم مشروعه للمجتمع والدولة, ولكننا نلاحظ في نفس الوقت وعياً وإحساساً بالمسؤولية لإنجاح تجربة النظام البرلماني توج ذلك بوضع دستور يكفل الحريات الأساسية.
ولكن الضرة القاصمة التي مني بها النظام البرلماتي حصلت عندما أصيبت النخبة السياسية بغيبوبة في سياق الوحدة مع مصر وتخلي الأحزاب والقادة السياسيين عن دورهم بحل أحزابهم وإلغاء النظام البرلماني, وكأن دولة الوحدة تمثل نهاية المطاف و لا تستدعي معها وجود ديمقراطية أو حريات لحمايتها من الفردية الديكتاتورية والفساد.
ونتيجة لتسييس الجيش من خلال وجود ضباط لهم ولاءات حزبية أصبحت هذه الأحزاب وقادتها أسرى لتعطش هؤلاء الضباط للسلطة وتحينهم الفرصة للإنقضاض عليها, كما حصل في 8 آذار عام 1963 ليتسلم حزب البعث مقاليد الحكم ويعلن حالة الطوارئ.
وعندما يتسلم العسكر السلطة كما هو الحال بعد الحركة التصحيحية التي قام بها حافظ الأسد فإن الأفكار و المبادئ حول الوحدة والحرية والاشتراكية تصبح في مرتبة ثانوية مقارنة بأولوية الحفاظ على السلطة بواسطة أجهزة أمنية لا ترعى حرمة لحقوق الإنسان, وأصبح حزب البعث واجهة لحكم اسستبدادي عائلي يعتبر سوريا كلها مزرعة خاصة له يرتع فيها بلا حسيب ولا رقيب.
كانت الفكرة المركزية التي استولت على ذهن حافظ الأسد هي القضاء على النخبة المثقفة بتدجينها وتأميمها تماماً كما أممت وسائل الإعلام لأن القضاء على هذه النخبة يعني استفراده التام دون إزعاج من نقد أو رأي حر. ولم يتورع حافظ الأسد عن استخدام السجون والتصفية الجسدية لقمع المثقفين, وقد ترتب على غياب دور المثقفين الذين لا يسيرون في ركاب السلطة آثار كارثية على مجمل الأوضاع في سوريا.
وقد استغل حافظ الأسد صراعه الدموي مع الإخوان المسلمين للإجهاز النهائي على أصحاب الفكر وناشطي المجتمع المدني وخاصة بعد أن دعا قادة المجتمع المدني النظام إلى الإصلاح في مطلع الثمانينات.
أما الرئيس بشار الأسد فقد سار على نهج والده في قمع الرأي الآخر وإيداع دعاة الإصلاح السياسي وحقوق الإنسان في السجون, بل امتد هذا القمع ليطال المدونين الشباب و كأن بشار الأسد يريد أن يقول أن لا مكان في سوريا للعقل والفكر الحر. وتضخمت في نفس الوقت فئة من المثقفين العلمانيين المتطرفين الذين يغردون بعيداً عن هموم الوطن و المواطن. كما انتعشت نزعات ماقبل الدولة الوطنية من مذهبية و قبلية و نمت ظواهر دينية إنعزالية لا تعير اهتماماً لقضايا الإنسان والمجتمع.
والآن بعد أن حول الاستبداد خلال عقود عديدة سوريا إلى بيت خرب سيسقط على رؤوس الجميع أما آن للمثقفين أن يقولوا كلمتهم في ملابس الإمبرطور الجديدة, أم أن عليهم أن ينتظروا طفلاً أو طفلة كالمدونة المعتقلة طل الملوحي لتفجر عودة الوعي و الحياة في عقولنا وإرادتنا.
د.فراس المصري
ناشط سوري - السويد



#فراس_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فراس المصري - المثقفون السوريون وملابس الإمبرطور الجديدة