أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد الحسب - مسرح سامي عبد الحميد الانتقائي والتجريبي















المزيد.....

مسرح سامي عبد الحميد الانتقائي والتجريبي


جواد الحسب

الحوار المتمدن-العدد: 3203 - 2010 / 12 / 2 - 23:08
المحور: الادب والفن
    


اشتغل المخرج المسرحي (سامي عبد الحميد) على اتجاهات وأساليب مختلفة، أكد من خلالها على تبنيه منهج (الانتقائية) و(التجريب) في مجمل العروض التي عمل عليها، فهو دائم البحث عن الأمكنة البكر الجديدة، التي لم تقدم عليها عروض مسرحية قبله، وإن قدمت عليها عروض، إلا أنه يغير قليلاً أو كثيراً من مألوفيتها، فيجعلها غير تقليدية، لهذا غادر في بعض أعماله مسرح (العلبة الإيطالية)، وقدم أعمالاً أخرى في المسرح المذكور نفسه. فهو مخرج (تجريبي) و(أنتقائي) عرفت عنه في بعض الأعمال أنصب هدفه في نقل التجارب العالمية وتطويعها محلياً للنهوض بمستوى المسرح في العراق. وعلى نطاق التأليف، طرق النص المحلي والعربي والعالمي، وعلى نطاق الاتجاهات المسرحية تصدى لاتجاهات عدة ابتداء من المسرح الواقعي إلى المسرح الرمزي، والمسرح التعبيري، والمسرح الملحمي، ومسرح اللامعقول أيضاً، وحتى المسرح الشعبي المحلي، لذلك يصنف (عبد الحميد) من المخرجين التجريبيين، فهو لا يستقر على نهج معين، وإنما يعمل بمختلف الاتجاهات، وهو يعتقد أن العمل في اتجاه واحد يقود أحياناً إلى نوع من الرتابة، ويؤدي إلى اللابداع، لهذا تجده يبحث عن كل جديد لتوظيفه في العرض. وعن بداياته في الإخراج، عمل على نصوص (يوسف العاني) وكان هاجسه أن يؤكد ذاته من خلال العمل على هذه المسرحيات (ذات الفصل الواحد)، فكانت خبرته بسيطة، وتتخللها بعض الهفوات، بدأ نضوجه الفني في مجال الإخراج المسرحي، عندما درس في معهد الفنون الجميلة، فقد درس مبادئ الإخراج المسرحي، وترعرعت موهبته وصقلت على يد أساتذة في قسم المسرح، ومن هنا بدأ تأثره بهم، ولاسيما أنهم قد جاؤوا بمناهج وأسايب حديثة في الإخراج المسرحي، عندما مهدت لهم فرصة الدراسة في الخارج، وفي بلدان، أوربية وآسيوية مختلفة، فحملوا معهم تجارب العالم، في هذا المجال، على المستوى النظري والعملي، لكي تكون مواد تدريسية وتطبيقية في المعهد. فقد درس الإخراج بالأسلوب الواقعي المعاصر، ومعرفته بأستخدام الديكور المسرحي المجسم. بعد ما كان الديكور يمثل خلفية مرسومة. ودرس كذلك العلاقات بين الشخصيات الدرامية على الخشبة، (دائرة العلاقات)، التي تفتح منفذ الولوج إلى الحكاية، وتتوضح الأهداف، وسير الأحداث، واستخلاص المعنى من كل هذا. ودرس الشغل المسرحي، وإلمامه بالتمثيل (الصامت) البانتومايم ، من خلال حركة الممثل وإيماءاته وإشاراته كلغة تعبيرية مدركة، وهي في أحيان كثيرة تكون البديل عن اللغة المنطوقة، أي أن تكون عرضاً قائماً بذاته (بانتو مايم). وقد أخذ على عاتقه عندما أكمل دراسته في المعهد، أصبح باحثاً يستلهم من قراءاته عملية التجريب، حيث تعامل مع مفردات العرض بطرق جديدة، مبتعداً عن كل ماهو سائد وتقليدي ومستساغ، وحقق من خلال هذا، كيفية ربط الخشبة بالصالة كعلاقة وألفة بلا حدود بين الممثل والمتلقي. فالعلاقة تستوجب النظر العميق، من حيث الاستجابة والمتعة والمشاركة الوجدانية، وفي ما يؤول إليها استدلالاً، أو يمحصها قيمة، حيث أن المسألة أكبر من اعتبارها موقعية خشبة وصالة، بمعنى ممثل ومتفرج، وإنما هناك التحكم بالحالات النفسية وطرق التأثير عليها بأسلوبية معينة، وهذا ما أدركه (عبد الحميد) وشرع بتطبيقة، حينما كسر الحواجز الفاصلة بين الممثل والمتفرج، واشتغل على المساحات المفتوحة التي تتحقق من خلالها الألفة والاستجابة للطرفين. إن شغفه الدائم بالبحث ومتابعة الكثير من المستجدات التي يعمل بها المسرح في العالم، تظل هي واجهة الأسباب التي تدفع بـه أن يبقى دائم التفكير بهدف التغيير في أستراتيجية المسرح، وفي استخدامه للأساليب الحديثة و(التجريبية)، والعمل في مسالك غير مألوفة حتى يتمكن أكثر من شد المتفرج (للعرض) ومتابعة ما يجري من أحداث وأفعال (للشخصيات) الدرامية على الخشبة. لقد أكدت معظم أعماله على أنه قد أولى اهتماماً كبيراً بالممثل، بحيث جعله أن يكون أهم عنصر في المنظومة البصرية، جاعلاً كل عناصر السينوغرافيا تعمق من فعله وداعمة له ومساهمة معه، بمعنى أن كل العناصر تعمل من أجله. لهذا حاول أن يبني عروضه على إمكانيات وقدرات الممثل وطاقته التعبيرية، فهو يخوض في حيثيات النص، الذي يبغي إخراجه، بأن يعمل عليه سواء يمازجه بنصوص أخرى، أو يقوم بالتكثيف وحذف المشاهد والشخصيات الخاملة والضعيفة، التي لم تؤثر في سير الأحداث إذا أسُتئصِلَت منه، فيقوم بعملية خلق النص من جديد، وذلك من خلال مجمل التغييرات والتعديلات والأضافات والحذوفات، الذي يبغي إعادة ترتيبه وفق رؤيته الإخراجية، إن صياغته للنص من جديد لايعني أنه يلغي دور المؤلف بل على العكس بقي أميناً على أفكاره وتطلعاته في النص الأصلي، وفي أحيان كثيرة يستعين بارشاداته السينوغرافية. فيقول: " إني لا أقوم بذلك من باب التطاول على المؤلف، ولكن من باب توظيف النص مع التطور والرؤية الإخراجية."( ) فالعرض عند (عبد الحميد) محكم خالٍ من الترهل والإطالة الرتيبة، وقد عمل مع ممثلين شباب لديهم الرغبة في جعل أجسادهم مطواعة لتأدية كل ما يطلب منهم من أفعال صعبة على مستوى التجسيد والحركة والمحاكاة. فالمخرج والممثل في نظره تقع على عاتقهما المهمة الصعبة، حيث يدليان بشهادتهما على الواقع الذي يعيشان فيه من خلال تفعيل فكرة المؤلف ورؤية المخرج، لينحو بها إلى حيث الصورة والفعل والحركة. وهما بهذا يُعَدَّان صوت الحقيقة وصرخة الحق بوجه الظلم. وقد يرتفع (الممثل) بحسه الصوتي التعبيري إلى ما فوق الصرخة والدخول لعالم الفعل الدرامي والتجسيد في الفضاء المسرحي. ويمهد المخرج (عبد الحميد) للممثل أن يبلغ أوج حالاته التعبيرية ويمنحه الحرية الكافية ليحقق مضمون مقولته بصدق مجازي يلعب على حساسية التعبير وبلاغته وبيانه الأسلوبي خارج السياقات التقليدية في التفعيل والتدليل والتصوير. وهنا يمكن أن يؤكد (عبد الحميد) أيضاً على أن العرض ينفتح على تحويل الوقائعي المرتهن بآليات الواقع إلى واقع فني، يستطيع من خلاله أن يكثف ويفتح مسارب جديدة تعتمد جميعها على التأويل والنظر القرائي والتحليلي، فهو بلا شك يمنح كل ذلك المتعة (للمتلقي)، ولعل هدف المخرج في إطار الرؤية والفكرة والفعل المتميز، هو أن يخلق لأسلوبه (التجريبي)، تجربة أكثر تأملية تتصف بطابعها المميز، من حيث الموضوعية في مجمل طروحاتها عن طريق العرض الذي لا يرتكن للمألوفية من خلال صياغته لأشكال وصور غير تقليدية. ولأنه تجريبي وموغل في إرهاصات البحث، وتفانيه في معرفة الجديد، إذ لا تجده يميل إلى الثبات أوتبني أسلوب محدد، ذلك يعني تحاشيه الوقوع في التكرار، الذي يؤدي به بالظرورة إلى الجمود والتوقف، فيقول: "إن التكرار معناه الجمود، وأنا متحرك جسمانياً وفكرياً وأساليبي هي الأخرى متحركة نحو الهدف الذي أبغيه لأن الأسلوب الثابت تصل إليه وتقف وتتجمد، وأنا ضد التوقف والجمود، لذلك أساليبي تتجدد وبتجدد الأعمال"( ).
وقد نقل إلى المسرح في العراق تجارب متعددة وأساليب متنوعة أثرت في حركة المسرح وتطوره، وقد طبق الأساليب المتعددة وكان دخوله في معترك المسرح الجديد الذي ينفي أساليبه التقليدية البالية، لهذا تراه لا يتقيد في السير في اتجاه معين، ويخلط في عمله أساليب شتى، حيث يخرج بهذا النهج المستهجن بأروع العروض، فهو مطمئن لقدراته الإبداعية الخلاقة، ومؤمن بأن نجاحات المسرح تتم بثلاث دعائم، مخرج مُجرب، وممثل متمكن، وجمهور واعٍ. فقدم أعماله خارج إطار (مسرح العلبة) وهي: (الملا عبود الكرخي، هاملت عربياً، كلكامش، بيت برنارد البا، احتفال تهريجي للسود عطيل في المطبخ، أصطياد الشمس، إلى أشعار آخر، وطقوس النوم والدم) والأخيرة سيقوم الباحث بتحليلها كعينة تؤكد أسلوب وعمل (عبد الحميد) التجريبي في بناء العرض المسرحي. وقد قدم هذا العرض في (بلاتو) دائرة السينما والمسرح. وقد أقام عروضه في أماكن مختلفة منها ملحمة (كلكامش) التي قدمها في المسرح (البابلي) ومسرحية (بيت برنارد البا)، التي عرضها في وسط قاعة (مسرح بغداد)، ومسرحية (احتفال تهريجي للسود)، التي عرضت في (المسرح الدائري) في كلية الفنون الجميلة/ بغداد، ومسرحية (عطيل في المطبخ) عرضت في (كافتيريا) دائرة السينما والمسرح ومسرحية (اصطياد الشمس) ومسرحية (طقوس النوم والدم) اللتان عرضتا في (البلاتو) التابع لدائرة السينما والمسرح. حيث قام بتطويع النص وفقاً لمتطلبات الخشبة، وكذلك وفقاً لرؤيته التي تختلف في بعض الأحيان مع رؤية المؤلف قليلاً أو كثيراً، وهذه هي منهجيته حتى مع النصوص التي يكون شديد الإعجاب بها. إنه لا يتخذ من خشبة المسرح مجرد مكان شكلي، تنصهر فيه الأحداث والوقائع المتخيلة في بوتقة المنجز المسرحي، وإنما يشكل المسرح وخشبته المكان الحقيقي للتصور المعرفي والتطور الحضاري، فحينما بدأ التطور يشمل العلوم الإنسانية، تأثر المسرح بهذه العلوم، ومنها الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا وعلم الجمال وعلم الظواهر وعلم الحركة التي تبحث في حركة الممثل وتعابير وجهه. لهذا تجده يؤمن بأن المسرح وسيلة من وسائل التطور الإنساني، وغاية نبيلة تكشف عن مكامن الطبائع البشرية والأخلاقية.
لهذا فهو يرسم تصوراته عن العرض قبل الشروع في التمارين، وأدرك أن الأماكن غير المألوفة تحقق الدهشة وتعطي جواً مناسباً لأحداث العرض، ومن ثمة تحقق تواصلها مع المتلقي دون انقطاع، ذلك للمسافة القريبة وأحياناً غير الفاصلة بين (المتلقي) وبين (الممثل).
يرى الباحث فيما تقدم أن (عبد الحميد). مزج في أعماله المسرحية الاتجاهات والأساليب المتعددة، فهو يسعى دائماً في تقريب وجهات النظر بينه وبين من يعمل بمعيته، ويمنح الحرية الكافية في تبادل الآراء حتى يستخلص من هذا ما يعزز رؤيته الإخراجية، وقد تبلورت لديه أيضاً مفاهيم جديدة، ولاسيما بعد الحرب الأمريكية على العراق، عام 1991، حيث قدم عروضاً مهمة تقترب وتحاكي هموم الناس وأوجاعهم وهذا ما عرف عنه بشكل دائم.

المصادر
1. علي حسين، سامي عبد الحميد في محكمة المسرح،جريدة القادسية،ع/2028، بغداد، 7/2/1986.
2. محمد عبد فيحان، الفنان سامي عبد الحميد يتحدث، جريدة اليرموك، ع/ 358، في 12/1/1986.



#جواد_الحسب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرات من أعمال جواد الأسدي في المسرح
- طقوس سامي عبد الحميد في مكبث (**)
- تجليات مسرح الصورة عند القصب


المزيد.....




- مسلسل المتوحش الحلقة 32 على قصة عشق باللغة العربية.. موت روي ...
- اخيرا HD.. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 ( مترجمة للعرب ...
- مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر قناة الفجر الج ...
- -من أعلام الثقافة العربية الأصيلة-.. هكذا وصف تركي الفيصل ال ...
- خطوة جرئية من 50 فناناً امريكياً وبريطانياً لدعم فلسطين!
- الفنان محمد عبده يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان
- مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20 ...
- دق الباب.. اغنية أنثى السنجاب للأطفال الجديدة شغليها لعيالك ...
- بعد أنباء -إصابته بالسرطان-.. مدير أعمال الفنان محمد عبده يك ...
- شارك بـ-تيتانيك- و-سيد الخواتم-.. رحيل الممثل البريطاني برنا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد الحسب - مسرح سامي عبد الحميد الانتقائي والتجريبي