أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد صبرى أبو زيد - ياملوثى النقاء انتحروا















المزيد.....

ياملوثى النقاء انتحروا


محمد صبرى أبو زيد

الحوار المتمدن-العدد: 960 - 2004 / 9 / 18 - 05:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كنت أنظر إلى تلك الشجرة الصغيرة فى وسط الحديقة الخلفية لكليتى وقد أطلقت لخيالى العنان فعلت الكآبة وجهى على الفور، فقد كان ما يجول بخاطرى فى تلك اللحظة أمرا شنيعاً قاسيا لا يمكن احتماله...
لقد اعتدت دوما أن أجلس تحت تلك الشجرة الصغيرة مستنداً بظهرى إلى ساقها الرطب الحنون ممسكا بيد حبيبتى الرقيقة بينما تريح هى رأسها المعطر الدقيق على كتفى الغليظة.. ولم نكن نتكلم مطلقا .. فظلال الشجرة التى نفترشها وذلك العصفور الوجل الذى يراقبنا خلسة ورذاذ الماء الذى يتناثر من حولنا لينعش وجهينا والسماء التى أكاد أقسم أننى أرى ابتسامتها وسعادتها ، إن كل هذا ليس بحاجة إلى كلمات .. ليس بحاجة إلى "جدل"، فالجدل وسيلة للتعامل مع مشكلات الواقع وأزماته ، بينما قلب حبيبتى الهش لا يعرف شيئاً البتة عن ذلك الواقع الكريه ، ولقد كان ذلك هو فحوى الخاطر الذى أزعجنى بغتة بينما كنت أنظر فى هدوء لتلك الجنة الخضراء التى طالما باركتها السماء وطوقتها بدعوات ملائكتها النوارنيين!
إن هاتان العينان النقيتان لا يمكن تتوقعا مطلقاً أنه فى يوم ما من الممكن أن تأتى طائرة عسكرية فظة لتقصف الشجرة الصغيرة والحديقة ذات الحشائش القصيرة الأليفة وتلوث صفحة السماء الصافية وتغشى ابتسامتها الطاهرة بسحابة سوداء كريهة وتقتل أحلامها وأحلامى وتلطخ الأرض المرتوية الراضية بدماء العصفور الخجول ، ثم ترفع فى النهاية لافتة كبيرة بعنوان: آخر صيحات الموضة فى الحرية والديموقراطية على الطريقة الأمريكية !!
أعرف أن مجرد التفكير فى ذلك الأمر لا يتعدى كونه سذاجة فكرية أو تهويلاً سخيفاً مبنياً على افتراض عبثى غير متوقع بأى حال ثبوت صحته .. ذلك ان العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية لا بأس بها على الإطلاق وهى لا تخرج عن نطاق التفاعل إلى نطاق التناحر، وإن كان ذلك لا ينفى وجود إدارة أمريكية خرقاء لا يستحقها - بحق - الشعب الأمريكى العظيم .. إدارة تعيد هيكلة كل شئ وفقا لرؤية ضيقة محدودة تتعلق بمصالحها وحدها , إدارة تمقت التفاعل مع الآخرين وتفضل إطلاق الثنائيات التعميمية السخيفة مثل: (الغرب والإسلام .. أعدائنا وحلفائنا .... الخ) كحقائق مطلقة ضاربة بعرض الحائط كافة الحقائق العلمية البسيطة التى ترفض تماماً مثل هذا التسطيح والتبسيط المخلان للواقع المبنى أساساً على التفاعل الدائم!
إدارة تسببت حماقتها المتعددة -على كافة المستويات - فى تشويه قيم عظيمة ليست وليدة الشعب الأمريكى وحده أو الشعوب الغربية - بصفة عامة - وحدها , وإنما هى وليدة كفاح ونضال شعوب العالم أجمع .. القيم التى لا يمكن لأى مواطن فى أى وقت وفى أية بقعة من بقاع العالم أن يعيش بدونها .. وأول وأعظم وأنبل هذه القيم هى الحرية بالمعنى الحرفى للكلمة .. الحرية التى تقول: "لا" حين تؤمن تلك الفئة الحاكمة بخرافات دينية قريبة من خرافات الصهاينة وتعتقد فى امتلاكها للحقيقة المطلقة وتحاول جذب أنف الواقع - إن كان لديه أنفاً بالفعل - نحو منطلقات كارثية تبرر فيما بعد قرارات وتوجهات الإدارة الأمريكية .. فكيف يمكن شن الحرب على العراق إن لم أكن قد أعطيته مسبقا الأسلحة التى سيعطى وجودها فيما بعد المبرر القوى لشن تلك الحرب؟!
كيف يمكن خوض معركة سخيفة فى أفغانستان لمطاردة بعض الحمقى إلا بعد أن أكون قد مكنت هؤلاء الحمقى فى الماضى من أن يصيروا إرهابيين وعملاء وتجار مخدرات ومتطرفون دينياً (وإن كنت أشك فى وجود دين لهم أصلا)؟!!
الإدارة الأمريكية إذن - فى رأيى - تصنع الكارثة ثم تهرول من أجل مكافحتها لتبرر بذلك ما سوف تفعله فى مراحل لاحقة !!
فهى - كما اعتقد - تصنع الإرهاب أولاً ثم تحاربه ثانياً لتبرر بعد ذلك قراراتها التدخلية التعسفية فى شئون الدول الأخرى (اللاصديقة) لأجل مصالحها السياسية والاقتصاية والإستراتيجية وحدها ولأجل بعض الرؤى الدينية الزائفة التى يؤمن بها معظم ممثلو الإدارة الأمريكية حتى وإن كانت تناقض مصالحهم (الأرضية اللاسماوية) فى بعض الأحيان !!
لكنى مطمئن إلى أن الشعب الأمريكى العظيم ليس بالغر الساذج الذى يرى قيم الحرية والديموقراطية والمساواة تنهار أمام عينيه بعد كفاح ونضال مرير عظيم خاضته البشرية بأكملها وعلى مر العصور ثم يقف ساكناً بلا حراك ..
من أجل هذه القيم كانت الشعوب تناضل وتكافح وتبذل دمائها , وفى كل مرة كانت تنتصر ..
الحرية والإخاء والمساواة فى فرنسا .. إنهاء الملكية فى مصر .. حركات التحرر الوطنى فى الجزائر.....الخ.
الأمثلة لا تنتهى أبدا ولن تنتهى أيضا .. فالحرية والديموقراطية ليست مطالب أمريكية - كما يروج لذلك بعض مفكرى السلطة - وإنما هى مطالب شعبية حتمية أبدية لا يمكن إلا لأحمق أن يتنازل عنها بدعوى الحفاظ على الصالح العام أو تطبيقاً لشريعة السماء!
إن النقاء الفكرى - كما أتصوره - يجعلنا ننظر للواقع على أنه كوباً زجاجياً شفافاً .. لا يمكن لهذا لكوب أن يكون ممتلئاً تماماً أو فارغاً تماماً ( لانه لاتوجد حقيقة مطلقة ) وإنما هناك دوما صراعاً بين القوى التى تحاول ملئ الكوب بقيم الحرية والديموقراطية والمساواة والقوى الظلامية الأخرى التى لا تكف عن سكب الكوب وإنقاصه ... وهكذا دوماً .. فالحياة صراع بين القيم واللاقيم ! وهذا التصور لا يعد إخلالاً بالقواعد العلمية أو ضرباً من الثنائيات التعميمية (التى تهواها القوى الظلامية كثيرا) وإنما هو بمثابة تصور شامل للنظام الكونى بأكمله! ولا يمكن الاختلاف بشأنه لحظة واحدة .. فالأديان جميعها جاءت من أجل التحرر .. التحرر وحده .. حتى إن الرب ذاته لم يفرض عبادته على احد من الناس وإنما اكتفى بتحريرهم من قيد العبودية (المناقضة للحرية والمساواة) وأوضح أن لا إله إلا هو .. وأخبرنا بأن: من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر !!
هذا هو الإسلام الحقيقى .. الإسلام الذى يرفض فرض أى فكر بشرى يدعى القداسة .. الإسلام الذى يرفض قطع الرؤوس بطريقة وحشية قذرة تتقلص لها أمعاء الأنقياء ويطرب لها أصحاب العقول العطنة المعتمة التى ترفض النظر للجانب الممتلئ من الكوب وتصر على رؤية الجانب الفارغ لتزيده فراغاً بعد ذلك!
هذا هو الإسلام الذى يرفض النظرة الدونية التى ينظر بها المتطرفون والمتأسلمون، ومنهم أساتذة جامعيون وحملة ألقاب وشهادات علمية ( علمية جداً ) لا يستحقونها فى الواقع (مثل الدكتور: محمد عمارة) لإخواننا المسيحيون! باعتبارهم مجرد أقلية تعيش هانئة راضية فى كنف الإسلام (لست أدرى أى نوع منه فقد صارت له أنواع عديدة !) والمسلمين (المتأسلمين أحياناً) أو بإعتبارهم فئة تمارس حقوقها فى العبادة فى جو من السلام والأمن و..و.. إلى آخر هذا الهراء الفكرى...
إننى أطالب بالعلمانية فالإسلام دين علمانى لا يفرض نفسه على شعباً أو إقليماً أو حكومة ذات سيادة .. الإسلام دين علمانى ينظر للجميع على أنهم مواطنون أحرار لهم الحق فى حكم وطنهم بقيم الحرية والديموقراطية والمساواة..
إن الرب بعظمته وجلال سلطانه لم يعط لذاته الحق فى أن يجعل جميع من بالأرض يؤمن به فهل ندعى نحن امتلاكنا لحقوق إلهية تجعلنا نطالب بأسلمة العالم أجمع!!
إن نضالنا وكفاحنا من أجل الحرية يحتم علينا التفاعل مع كل القوى التى تناصر أنبل القيم وأشرفها حتى وإن كانت أمريكية أو بريطانية أو إسرائيلية .. نعم .. حتى وإن كانت إسرائيلية .. ولدينا مثال رائع على ذلك فى كفاح الخبير العظيم "موردخاى فاعنونو" من أجل الشفافية ونشر الحقائق...
وإننى لأشعر بأنه من الواجب علينا أن نتحرر أولاً قبل أن نبكى من أجل الآخرين وننزلق فى هاوية الرثاء السلبى واستعذاب الظلم بدلاً من الكفاح والنضال المستميت مع كافة قوى المجتمع وبالأخص منظمات المجتمع المدنى (التى أرفض كافة آراء هيغل بشأنها واتهامها بالخصوصية واللاعقلانية!) من أجل مناصرة قيم العدالة والمساواة والديموقراطية وقبل كل ذلك الحرية ..
وها أنا أتذكر تلك الفقرة العظيمة التى جاءت فى خاتمة قصة (الجريمة والعقاب) للكاتب الروسى العظيم: "فيودور ميخائيلوفيتش ديستيوفسكى" ويتحدث فيها عن بطل الرواية "راسكولنيكوف" أو "روديون رومانوفتش" كالآتى:
" لقد حلم طوال مدة مرضه ، بأن العالم كله قد كتب عليه أن تلم به مصيبة رهيبة لا عهد بمثلها من قبل ، مصيبة وفدت من آخر آسيا ونزلت بأوروبا ؛ وأن جميع الناس سيهلكون إلا قلة قليلة مختارة .. إن طفيليات من نوع جديد قد ظهرت ، واختارت أجسام البشر مسكنا لها.
غير أن هذه المخلوقات الميكروسكوبية كائنات مزودة بعقل وإرادة ؛ والبشر الذين تدخل أجسامهم يصبحون على الفور مجانين مسعورين ، ولكنهم يعدون أنفسهم على ذكاء عظيم لم يزعمه البشر لأنفسهم فى يوم من الأيام قط ؛ فهم يعتقدون بأنهم معصومون من الزلل مبرأون من الخطأ ، فى أحكامهم ، فى نتائجهم العلمية ، فى مبادئهم الأخلاقية والدينية،
إن قرى ومدناً وأمماً بأكملها قد سرت إليها هذه العدوى ، وفقدت العقل ، أصبح أفرادها يعيشون فى حالة جنون ، لا يفهم بعضهم عن بعض شيئا، لا يفهم أحد منهم عن أحد شيئا؛ كل واحد يؤمن بأنه الإنسان الوحيد الذى يمتلك الحقيقة ، فإذا نظر إلى الآخرين تألم وبكى ولطم صدره وعقف يديه لوعة وحسرة.
أصبح الناس لا يستطيعون أن يتفاهموا على ما ينبغى أن يعد شراً وما ينبغى أن يعد خيراً. أصبحوا لا يستطيعون لا أن يدينوا ولا أن يبرئوا، أصبح البشر يقتل بعضهم بعضاً تحت سيطرة بغض لا معنى له وكره لا يفهم. هم يجتمعون ليؤلفوا جيوشاً كبيرة ، فما أن يدخلوا معركة حتى يندلع الشقاق فى جميع الصفوف فتنحل الجيوش ، ويأخذ الجنود يهجم بعضهم على بعض ، فيعض بعضهم بعضاً ، ويذبح بعضهم بعضاً ، ويلتهم بعضهم بعضاً. فى المدن يدق ناقوس الخطر طوال النهار، ويستنفر الشعب. ولكن من الذى يستنفره؟ ولماذا يستنفره؟ ذلك أمر لا يعرف أحد عنه شيئا. الرعب يستبد بجميع الخلق. المهن العادية هجرها أصحابها ، لأن كل واحد يعرض آراءه وإصلاحاته ، وما من أحد يستطيع أن يتفق مع أحد.
الزراعة أهملت إهمالاً تاماً ، هنا وهناك يجتمع أناس فيشكلون جماعات ويتفاهمون على القيام بعمل مشترك ، متعاهدين بأغلظ الإيمان على أن لا يفترقوا قط ، ولكنهم ما يلبثون أن يشرعوا فى شئ لا يمت بأية صلة إلى ما عقدوا النية على القيام به، ثم ما يلبثون أن يأخذوا فى التراشق بالتهم ، ثم مايلبثون أن يقتتلوا فيذبح بعضهم بعضاً ، وتشتعل الحرائق، وتظهر المجاعة. كل شئ يصيبه الدمار، وجميع الناس تقريباً يهلكون.
البلاء ما ينفك يشتد قوة ويتسع مدى ، ولا ينجو من البلاء إلا عدد قليل من الناس: هم الأنقياء الأطهار، المصطفون الأخيار، الذين كتب عليهم أن ينشئوا جنساً جديداً وأن يقيموا حياة جديدة ، أن يجددوا الأرض ويطهروها ، غير أن أحداً لم ير أولئك الأفراد فى مكان ، ولا سمع أقوالهم ولا سمع أصواتهم".
إن كلمات ذلك الأديب العبقرى العظيم الذى عاش ومات فى روسيا القيصرية فى الفترة من (1821 - 1881) تؤكد أن الفكرة التى ترفض وجود أية حقائق أو حقيقة مطلقة ليست وليدة مؤامرة أمريكية كما يصر أنصار الظلام والجهل على إدعاء ذلك من أجل مصالحهم البغيضة وحدها .. من أجل تسويق أدعيتهم الدينية (الخاصة) وصورهم المقززة السخيفة وتكتيل الشباب - تلك القوة العظمى المبددة - وراء شعارات مضحكة ومطالب غبية.. من أجل تعظيم مكاسبهم المادية وحدها فحسب..
هؤلاء الأوغاد لا يريدون خيراً لوطن ولا عزة لمواطن مسلماً كان أو مسيحياً هذه الطغمة الحقيرة من الرعاع ذوى العمامة والجلباب والمسبحة (عدة النصب الشهيرة المعتادة) لا تتورع عن اتهام واحداً من أعظم المفكرين التنويريين بالكفر ومطالبتهم بتطبيق ذلك الحد السخيف جداً (الذى يدعونه: حد الردة !) عليه والتفريق بينه وبين زوجته .. واعتقد أن قضية الدكتور التنويرى العظيم: "نصر حامد أبو زيد" معروفة للجميع ولايجب ان نسمح بأن تنسى أوتهمش بالتقادم .. وأعتقد أيضا أن قصة سجود أشهر شيوخ مصر (السلطويين) للرب شكراً له على الهزيمة أو النكسة التى منينا بها عام 1967 بدعوى أنها هزيمة للشيوعيين الملاحدة الكفرة (فكل من يختلف معهم لابد ان يكون كذلك بالمناسبة) ، اعتقد أنها قصة معروفة أيضاً للجميع ( ومنهم من لايزال يقدس الشيخ ويعتبره إلهاً متواضعاً قرر العيش فى الأرض من اجل هداية الدهماء ) وبدلاً من التسليم بخيانته للوطن ( الذى صنع منه إلهاً فى لحظات ضعفه وفى ظل حاجته الملحة لإكتساب بعض ال شرعيةالسياسية وتخدير الشعب ) التى كان يستحق بسببها الإعدام شنقاً أو رمياً بالرصاص فى أكبر ميادين القاهرة .. نمجده وننعيه بمسلسل تليفزيونى سخيف لايقدم شيئاً !
لكننا فى دولة رائعة بالفعل .. دولة نجد فيها الحكومة أو - للإنصاف - بعض عناصر الحكومة مولعين بإطلاق الشعارات البراقة كالحرية والديموقراطية والشفافية والمصارحة طيلة الوقت , وحين تأت مبادرة التنفيذ الإصلاحى يقنعون الشعب بأن تلك المطالب (الأبدية فى الواقع) هى صناعة أمريكية ومن ثم لا يجب الإذعان لها!
نحن فى دولة تنصاع لدعاوى الظلاميين الذين يستثمرون قوى الشعب وعواطفه الطيبة النبيلة لأجل خدمة أهدافهم الدنسة ومصالحهم الخاصة وحدها..
نحن فى دولة عظيمة عريقة لديها حضارة يعجز القلم عن مجرد وصفها وبرغم ذلك لم تستطع بعد التخلص من هؤلاء الأوغاد والحمقى المتاجرين باسم الدين!!
إننى أخشى أن تصير مصر، هذه الغادة المشرقة الرقيقة التى تبتسم فى وجوه الجميع وترحب بهم دوما ,أخشى ان تصير فى يوم ما دولة يعامل فيها المواطنون السائحين بفظاظة لأنهم لا يدينون بالإسلام أو لأنهم كفرة (إى والله كفرة يا عباد الله!) .
أخشى أن تصير مصر العظيمة فى يوم ما مرتعاً لتزييف الوعى وتكتيل القوى الظلامية .. أخشى أن نجد فى يوم ما من يرحب بتفجير الكنائس فى العراق العظيم ذو الحضارة المهيبة الجليلة .. العراق الذى فقد رونقه وصفاؤه فى لحظة سيطرت فيها إدارة ظلامية تحتكر الحقيقة وتقنع ذاتها بأوهام وخيالات مركبة كان حصيلتها ضياع كل شئ .. هكذا فجأة وبدون إتاحة فرصة للإستيعاب .. تسقط بغداد "العروس الجميلة"، وتصير فى لحظة واحدة مجرد مدينة محتلة تتصارع عليها كافة القوى الظلامية بدءاً من قوى الاحتلال واستنزافها لموارد العراق وتأميمها لصالحها وانتهاءاً بهؤلاء الأوغاد الذين يسمون أنفسهم بالإسلاميين والذين يشعلون الفتنة الطائفية فيفجرون الكنائس ويوجهون عرباتهم المفخخة لصدور العراقيين ويذبحون الأبرياء على مسمع ومرأى من العالم أجمع ثم - وبكل هدوء - يعلنون أن هذا هو الإسلام .. أو - للدقة - الجانب العملى فى الإسلام!!
آه ه ه يا دعاة التنوير .. متى يستمع لكم أنصار الحقائق المطلقة؟؟؟!
غارقاً فى هذه الخواطر المفزعة، كنت انظر إلى تلك الشجرة الصغيرة فى وسط الحديقة الخلفية لكليتى وقد أطلقت لخيالى العنان فـ..... ففوجئت بيد حانية كالنسيم معطرة كالزهرة تغمى عيناى وسمعت همساً ملائكياً لا ينتمى بصلة الى هذا العالم ..
لقد كانت تغنى برقة:
عصفور طل من الشباك وقال لى يا نونو
خبينى عندك خبينى دخلك يا نونو!
آه .. إنها حبيبتى .. أختطفت يديها الصغيرتان ولثمتهما بلهفة وكدت اسمع صوت أصابعها وهى تتهشم من فرط رقتها ..
وتحت تلك الشجرة الصغيرة ظللنا نغنى سوياً وقد أطلقنا لأحلامنا العنان .. أحلام بسيطة ومشروعة هى .. أحلامنا فى أن يكف ملوثوا النقاء عن الحياة ويقرروا أن ينتحروا ..
من أجل البشرية يجب أن ينتحروا .. وليفعلوا شيئاً خيراً وحيداً فى حياتهم هذه!
قلتله لا تخاف أطلع شوف الشمس اللى رح تطلع واطلـع ع الغابـة وشـاف أمـواج الحرية بتلمع!

نعم يا ملاكى الرقيق فلنقلها سوياً ولكن بصوت عال هذه المرة:
يا ملوثى النقاء .... إنتحرواااا !



#محمد_صبرى_أبو_زيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا يكون الحب
- هذا مايدعونه حقوق إنسان
- الكفر بقداسة الفكر


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد صبرى أبو زيد - ياملوثى النقاء انتحروا