أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - صفية النجار - ياسر عرفات..أليس الصبح بقريب















المزيد.....

ياسر عرفات..أليس الصبح بقريب


صفية النجار

الحوار المتمدن-العدد: 3181 - 2010 / 11 / 10 - 00:56
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


يروي لنا يحيى يخلف في روايته التسجيلية -تلك الليلة الطويلة- وقائع حادث سقوط
طائرة الرئيس ياسر عرفات في الصحراء الليبية

تبدأ أحداث الرواية في معسكر القوات الفلسطينية في صحراء السارة الليبية ,تلك الصحراء التي تحولت بمجيء المقاتلين الفلسطينيين إلى أراضٍ مأهولة ,عامرة ومضيئة,تناثرت فيها هنا وهناك شجيرات صغيرة غرستها الأيادي الطيبة,

كان كل شيء يسير على مايرام داخل المعسكر,ولم يكن هناك مايثير الريبة ,غير أن تلك العاصفة التي انطلقت شرارتها كانت هذه المرة أشد قوة وأكثر ضراوة مما اعتاده المقاتلون منذ مجيئهم إلى هنا, ولم يدر بخلد العقيد عبد الرحيم أن العالم بأسره سوف يتحول خلال ساعات معدودات بأسماعه وأنظاره إلى صحراء السارة ليتابع معه وقائع اشتداد العاصفة....وكان كل مايشغل العقيد عبد الرحيم في تلك اللحظة من خلف نافذة مكتبه , هو تلك السيقان الرقيقة والأوراق الصغيرة لنبات مسك الليل التي أحضرها له أحد المقاتلين معه من القاهرة..وهل ستقاوم وحدها هجوم الرياح الضاري..

تعالى صوت الريح مزمجرة وكأنها شيطان أفلت من عقاله, وتوالت أحداث متداخلة تنبيء عن خطب جلل, بدأ بمكالمة هاتفية من غرفة عمليات مطار السارة طلب خلالها من قيادة المعسكر عدداً من السيارات لتنضم إلى سيارات المطار لإضاءة المدرج, حيث اضطرت الظروف الجوية إحدى الطائرات إلى الهبوط.

عندما وصل العميد خالد سلطان قائد القوات إلى مطار السارة, كانت سرعة العاصفة قد وصلت إلى ستين عقدة في الساعة, وأصبحت الرؤية شبه معدومة, فتوجه على الفور وبصعوبة شديدة إلى غرفة العمليات الأرضية بالمطار, ليتابع عن كثب تطورات الحدث, ....

لم يكن الاتصال بالأرض هو مشكلة الطائرة ولكن الوصول إلى الأرض كان المشكلة, فأخذت تدور محاولة الهبوط في مكان ملائم, أو الوصول إلى مدرج المطار, ولكن استحال ذلك والعاصفة آخذة في الاشتداد وبدأ الوقود في النفاذ , وبات من المحتم التفكير باتجاه آخر وكان الهبوط الاضطراري هو المخرج الوحيد امام الكابتن طيار محمد درويش ومساعديه كابتن طيار غسان ياسين ومهندس طيار- تيودور جيورجي- الطيار الروماني الذي كانت هذه هي رحلته الأولى مع الرئيس,

الوضع داخل الطا ئرة ليس على مايرام ,. توجه الرئيس إلى كابينة القيادة , وقال موجها حديثه إلى الكابتن درويش: انت القائد الآن وأنت ربان السفينة...وعاد ياسر عرفات إلى مكانه , وأول مافكر فيه كان زيه العسكري, ومسدسه الخاص , ..خلع ملابسه الرياضية ,
ارتدى الزي العسكري
وضع الكوفية
أحكم العقال
امتشق سلاحه
وجلس مستعداً لملاقاة من سبقوه على الدرب

توزعت المهام , وتسارع الجميع إلى التنفيذ والالتزام , , فهم رجال المواقف الصعبة, من رحم المحنة جاؤوا, وبين أسوار المحنة حوصروا مراراً , ولكنها ماقهرتهم يوماً ولاألانت لهم جانباً, وهم في تلك اللحظة الحرجة إنما يحضنون املهم ويذودون عن رمز ثورتهم ...,نثروا الوسائد من حوله ليحموه بأجسادهم....

ارتطمت الطائرة بالأرض, ارتفعت واصطدمت , وارتفعت ثانية واصطدمت حتى انشطرت إلى نصفين, وتناثرت أجزاؤها, وباتت كابينة القيادة وكأنها فخٌ محكمٌ أطبق تماماً على من فيه...اندفعت الأجساد من داخل الطائرة إلى خارجها بفعل قوة الدفع..وأخذ كل من حملته رجلاه يتحسس طريقه إلى الآخرين ولكن هل هناك آخرون؟؟؟؟

لعل -عماد- كان أول من أفاق من صدمته, نادى بأعلى صوته...ياأخ أبو عمار ..ياأخ أبو عمار
وعندما لم يسمع جوابا تلمّس طريقه وقفز من نافذة الطواريء, فسقط إلى جوار الرئيس, ...هل انت بخير أخ أبو عمار, كان هناك جسداً آخر ممدد إلى جوار الرئيس إنه- فتحي البحرية-.. إنه مصاب وينزف ..وفجأة انضم إليهم رفيق رابع , إنه -عبد الرحيم.-.إنه حيّ, احتضنه الر ئيس,. ولكن أين محمد الرواس؟ لقد كان مريضاً, هاهو قادم بدون الكاميرا التي لاتفارقه , فهو مصور الرئيس, وكان آخر ماسجله بكاميرته مراسيم وداع الرئيس في الخرطوم, انضم الرواس إلى رفاقه , وتبعه -خلدون- ثم -خليل الجمل- ثم فتحي الليبي, جميعهم رافقوا الرئيس في رحلته وجميعهم حموه بأجسادهم ..

حاول الشباب ومعهم الرئيس إطفاء النيران المشتعلة في مقدمة الطائرة, فمازال هناك أمل في إنقاذ بقية الرفاق ,الكابتن درويش والكابتن غسان , المهندس جيورجي, المهندس علي وماهر.,ولكن ذاك القفص الحديدي اللعين كان قد اطبق على من فيه, وباتوا محاصرين بالحديد والنيران المشتعلة, تعالت صيحات الألم وأصر الرئيس على تفقد الكابينة بالرغم من تحذيرات الرفاق من خطر انفجار الطائرة فقد طلبوا منه الابتعاد ليتمكنوا من إطفاء النيران إلا انه أصرّ على رأيه وتوجه إلى المحاصرين يهديء من روع الجرحى ويحاول طمأنتهم وشد أزرهم حتى يتماسكوا لحين وصول النجدة او بزوغ الضوء..فقد كان الظلام شديداً

الأسياخ الحديدية التي أطبقت على ضلوعهم كانت قد استنفذت ماتبقى في أجسادهم من همة بلا رحمة ولاهوادة, وهل للحديد قلب ليعرف أي افئدة يعتصر بين دفتيه..

الكابتن درويش ..الطيار المقاتل , الذي تعلم في باكستان وطاف في بلادٍ شتى أصر على أن تتلقى مقدمة الطائرة الصدمة الأولى , كان هذا مااتفق عليه مع طاقم طائرته , وهاهو يحتضر , تخرج الكلمات من بين شفاهه متقطعةً تعبى..
تعبان ياأخ ابوعمار
أخرجوني,تعبان
لقد كان درويش يخطط للزواج ,وبرغم نوبات الربو التي كانت تعاوده وبرغم حساسية الصدر التي كان يعاني منها, إلا أنه لم يمت مختنقاً بفعل رائحة الغبار, لقد استشهد وهو يقاتل بجسده فقط , يحاصره من الخارج عالمٌ فقد عدالته منذ قابيل وهابيل , ويحاصره على القرب حديد بلا قلب ...

أما غسان ياسين مساعد الكابتن درويش فقد كان سبقه إلى الزواج, إنه عريس منذ ثلاثة أسابيع مضت , أكان من الضروري أن يرافقهم في هذه الرحلة , لماذا لم يبق مع عروسه أسبو عاً آخر , ولكنه مقاتل, ولكنه على موعدٍ مع الشهادة ,

استشهد العريس , زفته الملائكة إلى مجدٍ مابعده مجد, حيث لاصحارى ولاطائرات, حيث لاشرٌ متجذّر ولاحق تذروه الرياح, رحل العريس إلى البراح حيث لاحدود ولاحديد

انهمرت دموع الرجل وهو يرى أبناءه يقضون أمامه, وهم في ريعان الشباب , ولكن عليه ان يتماسك من أجل الآخرين , من أجل الجرحى الذين راحوا يتلون عليه وصاياهم
أخ ابو عمار ..وصيتك أمي ..مالها غيري
أخ ابو عمار ...وصيتك اولادي
كلماتهم جمرات تحرّق قلبه..إنهم أبناءه الذين عبروا معه من محنةٍ إلى محنة
قال الرئيس مهدءاً من روعهم.حاولوا ترتاحوا.الفجر قرّب , وجلس عند باب الطائرة يحرس من حرسوه بالأمس, شاهراً مسدسه في وجه الليل والظلمة , منادياً من أعماقه خيوط الفجر ,..يرونها بعيدة ونراها قريبة وإنّا لصادقون,..أقرب الكلمات إلى قلبه وروحه ولسانه..

جيورجي...المهندس الروماني الصديق, لم يحتمل تأخر الفجر أسلم الروح ليصبح ثالث الشهداء ..الله الله ماأجملها من ثورة ...

انطلق -الريفي - بزيه العربي الليبي , يطوي الصحراء بسيارة لاند كروز صنعت خصيصاً لخوض غمارها,مندفعاً عبر الريح الهوجاء المجنونة وكأنه يخاطبها أن لستِ أكثر جنوناً مني ,

كان الدليل الليبي الريفي ومعه زميله -عيسى - يتبعهم خمسة عشر دليلاً يشقون غبار الصحراء بسياراتهم المجهزة , يرافقهم الجنود والضباط اللليبيون ومن خلفهم سيارة العميد خالد سلطان قائد القوات الفلسطينية ومعه رجاله المجهزون بكافة الاحتمالات...

الدليل الريفي يسابق الريح وكأنه يرى مالايراه الآخرون, كيف لا وهذه الصحراء قد عرفته وعرفها, خبرها وطواها مراتٍ ومرات .إنها ملعبه

في تلك الأثناء كان الرئيس ورفاقه يحاولون توسيع الثغرة التي تفضي إلى -ماهر -إلا أن الثغرة كانت ضيقة والضوء ضعيفاً
في نفس الوقت كان المصور محمد الرواس يعاني من الحمى , ويفتح عينيه بين الحين والآخر , متألماً تارة, وتارةً أخرى صارخاً من رؤية ذئبٍ على مرمى البصر ..إنها الحمى, وذيل الطائرة الذي تحركه الريح فيترائى له وكأنه وحشٌ مقبل....

بزغ الفجر..قام الرئيس ,أدى صلاته وناجى ربه, ...

كان فتحي الليبي يحاول جمع ماتناثر من أوراق الرئيس إثر تحطم الطائرة عندما لمح غباراً كثيفاً , في البداية ظنها عاصفة جديدة ,إلا أنها تأتي من اتجاهٍ واحد,وهاهي أجسام صغيرة تلمع على البعد وتقترب.إنها النجدة., وانطلق لاهثاً
أخ ابو عمار .حضرت النجدة

خرّ الرئيس ساجداً,وصلى ركعتين.إن الله لايخلف وعده.إن اللله لايخلف وعده

دوّت الهتافات, رددت الصحراء صدى صيحات الرجال وبللت رمالها الدموع الصادقة وهلل الجميع الله أكبر .الله أكبر
لقد نجا. لقد نجا

انطلقت السيارات مرةًً أخرى تحمل الأسماء الحركية للثورة.مقاتل . جريح. شهيد

حلّقت طيور السنونو فوق السيارة التي تقلّ الشهداء, وكأنها تزفهم إلى العلياء

وصل الرئيس إلى مقر القوات ..وتكرر المشهد, دموع وأحضان وهتافات ورصاص , وبالرغم من أوامر العقيد عبد الرحيم عبر الهاتف العسكري بالكف عن إطلاق الرصاص وإعادة الانضباط إلى الموقع, إلا أن الرصاص ظل يلعلع في الفضاء , ولم يغضب العقيد عبد الرحيم فقد كان في قرارة نفسه يتمنى لو يفعل مثلهم

وقبل إقلاع الرئيس بالطائرة النفاثة لملاقاة الأخ العقيد معمر القذافي في مصراته , كان الجنود وضباط الصف قد تحلّقوا حوله ينقلون له ماسمعوه من المذياع عن صدى الحادث في الوطن المحتل والمخيمات وفي كل مكان ..وهنا نقل العقيد عبد الرحيم للرئيس ما أذاعته وكالات الأنباء عن الأقمار الصناعية الأمريكية التي طٌلب إليها البحث عن طائرة الرئيس وتحديد مكانها , فابتسم الرئيس وأجاب

لم أرَ أقماراً اصطناعية, لقد رأيت قمراً عربياً اسمه-الريفي-...

أبا عمار.....أيها الفدائي الجميل...إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب...



#صفية_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفاق
- ومابينهما...
- إحسان
- حين تنساني
- جاؤوا
- علّمني الغياب
- مولانا
- أحمد شعبان المصري


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - صفية النجار - ياسر عرفات..أليس الصبح بقريب