أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - عقل عبدالله - جرائم الشرف.. تغليب سلطة التقاليد على القانون















المزيد.....

جرائم الشرف.. تغليب سلطة التقاليد على القانون


عقل عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3142 - 2010 / 10 / 2 - 11:47
المحور: بوابة التمدن
    


امان

تثير جرائم الشرف بنسبتها المتزايدة في الدول العربية والاسلامية، جدلاً مطولاً بين هذه الدول ومنظمات حقوق الانسان، ونخب المثقفين من العرب والمسلمين ذوي الاتجاهات العلمانية، والموالين للغرب في ثقافتهم وتفكيرهم الذين يعتبرون هذه الجرائم اعتداءً واضحاً وكبيراً على حقوق الانسان وتجاوزاً خطيراً لحقوق المرأة، بينما يدافع مسؤولو الحكومات العربية والاسلامية ومعهم اغلبية كبيرة من ابناء شعوبهم عن مرتكبي هذه الجرائم انطلاقاً من الثقافة الدينية والاجتماعية، وما يرتبط بها من اخلاقيات عامة في مجتمعات عربية وإسلامية يغلب عليها الطابع المحافظ. وفي تحقيق مطول له نشرته «الإندبندنت» البريطانية يسرد الصحافي البريطاني المخضرم والخبير المتعمق في شؤون الشرق الاوسط روبرت فيسك، الكثير من التفاصيل الغريبة والمثيرة من مشاهداته عن جرائم الشرف، وقصص من التقاهم وسمع منهم في باكستان ومصر والأردن وتركيا عن هذه القضية الحساسة.

المرأة كورقة النقد

ويروي فيسك حكاية تنطوي على بعض الغرابة، ويقول: «خرج علينا - جول الشيخ - الملاّ- الباكستاني المسن ووضع على الطاولة أمامنا ورقتي عملة، الأولى بقيمة 50 روبية والأخرى بقيمة 100 روبية ثم بادرني بسؤاله المفاجئ، أي من الورقتين أكبر قيمة؟ وبعد ان أبديت عجزي عن فهم مغزى السؤال اللغز، سارع برفع ورقة الـ100 روبية، وقادني عبر ممر ضيق إلى غرفة نوم صغيرة تحتوي على سرير ومذياع وخزنة كبيرة، حيث وضع الورقة النقدية داخلها وأقفلها، ثم سألته بجملة خطابية حادة حول أهمية تلك الورقة النقدية، فقال لي: «هذه مثل المرأة، يجب أن تحيطها حماية مشددة ويُغلق عليها الباب، لأنها أغلى قيمة منا». وعن مغزى الحكاية وعلاقتها بموضوع جرائم الشرف، يقول فيسك، إن ما هاله وأدهشه هو اعتبار الشيخ الباكستاني المرأة كالعملة النقدية، كلاهما بالنسبة له يحمل القيمة المادية ذاتها.

ولا يتوقف ارتكاب جرائم الشرف في الدول العربية والاسلامية، وعندما يقدم عليها والد الفتاة أو المرأة أو شقيقها يكون قد استبدّ به الغضب الشديد الى حد خطير يعطل عقله عن التفكير في اي شيء عقلاني او منطقي، فلا يلجأ إلى إصلاح الخطأ بالمنطق او الدبلوماسية او الصبر، بل للثأر واستعادة الحق بالقانون ولا يعبأ بمواقف الآخرين ممن يستنكرونها او يحاربونها، ولا يعير اي اهتمام لمواقف جماعات حقوق الانسان وحقوق المرأة. كما ان جرائم الشرف لا تقتصر على المسلمين وحدهم، وانما يرتكبها ايضاً مسيحيون يعيشون مع العرب والمسلمين ويشاطرونهم ثقافة اجتماعية وعادات وتقاليد محافظة.

وفي مصر، يقول فيسك: «استمعت الى الكثير من الحكايات عن هروب فتيات مع من أحببنهم واصرارهن على اقامة علاقات معهم بلغت نقطة اللا عودة خارج اطار الزواج»، ما زاده حيرة إزاء عالم جرائم الشرف المتشعب والكثير التعقيد. وفي مدينة الإسكندرية استمع إلى صديق قديم له حذره من مغبة متابعة مثل هذا الموضوع الحساس والشائك قائلاً: «هناك من سيتهمك بالحديث بسخرية او استهجان عن عقوبتي الجلد والرجم، وفي هذا اهانة للدين الاسلامي والامة العربية والاسلامية وثقافتها».

وفي الاردن، يعرفنا الكاتب الى المحامي المعروف أحمد النجداوي، الذي اشتهر بدفاعه عن مرتكبي جرائم شرف، ومن يبررون قتل الزوجات أو البنات أو الأخوات دفاعاً عن شرف العائلة، عندما تقترف إحداهن فعلاً ما ترى أسرتها أنه يشكل مسّاً بشرفها، إذ يعتقد النجداوي أن موضوع جرائم الشرف جرى تضخيمه بشكل كبير للغاية لأغراض سياسية بحتة، وذلك لأن المسلمين باتوا هدفاً سهلاً لاعدائهم، وأن جرائم الشرف تحدث في العالم كله على الرغم من أن معظمها يتعلق بالثقافات الشرقية تحديداً. ويدافع النجداوي عن موقفه بالعودة الى ما كان يحدث في زمن الدولة العثمانية، وكيف أن قواعد وأعراف تلك الفترة هي التي صاغت القوانين البدائية التي دافعت عن العادات البدائية السائدة، وكيف أن العادات هي - غالباً - أقوى من القوانين.

ولكن المواقف تختلف تماماً في مكتب المحامية والوزيرة الاردنية السابقة أسماء خضر، التي أسهبت في شرح كيف أعدها والدها في سن مبكرة لتكون مدافعة شرسة عن حقوق الإنسان. وتقول إنها تدافع بكل ما تستطيع عن النساء في مجتمع تكثر فيه جرائم الشرف التي يكنّ غالباً هنّ ضحاياها ووقودها. واستناداً الى مصادر محلية فإن نسبة جرائم الشرف بين الاقلية المسيحية في الاردن هي اعلى من مثيلاتها لدى المسلمين بنسبتهم الى العدد الاجمالي لسكان الاردن الذي يراوح بين خمسة وستة ملايين نسمة.

مقارنة مع الغرب

وفي محاولة منه لاضفاء الموضوعية على ما استمع اليه وما شاهده في مناطق الشرق المختلفة، يعقد فيسك مقارنة بين ما سمعه وشاهده في باكستان ومصر والاردن عن جرائم الشرف، وبين ما كان يجري فعلاً للنساء في الغرب في حال إدانتهن بالزنا، إذ يقول إن من كانت تقيم علاقة عاطفية محرمة او خارج اطار الزواج في السابق كانت تواجه عقوبة الحرق أو الحبس وراء أبواب مغلقة. كما يسوق لنا بعض النماذج من ضحايا هذه الجرائم، مثل الفتاة الباكستانية تولاي جوران التي لم تتجاوز الـ16 عاماً، عندما قتلها والدها دون رحمة، رغم حبه الشديد لها حفاظاً على الشرف العائلي، والفتاة اللبنانية لافينيا التي واجهت مصيراً مماثلاً، ورابعة في باكستان سلط عليها ابوها واشقاؤها الكلاب المسعورة التي نهشتها حتى الموت على مرأى ومسمع منهم.

وحشية وقسوة

ومن اللافت أن حوادث قتل لفتيات بدعوى الحفاظ على الشرف وسمعة العائلة، يتم ارتكابها في بعض البلدان الغربية، مثل بريطانيا التي تعيش فيها جاليات عربية ومسلمة كبيرة وتتمسك بعاداتها وتقاليدها الشرقية المحافظة وثقافتها الدينية، ولا تلقي بالاً او اهتماماً لأجواء الحرية والانفتاح التي تحيط بها والتي تقتحم عليها تفاصيل حياتها اليومية من خلال التلفزيون والصحف والمجلات والانترنت.

فظاعات «أبوغريب»

وفي العراق، تعرض عدد غير قليل من النساء، في سجن ابوغريب السيئ الذكر، للاغتصاب على أيدي الجنود والحراس الاميركيين على مدى السنوات الماضية، غير أن ذوي معظمهن اقدموا على قتلهن للتخلص من العار وتنظيف سمعة العائلة والقبيلة. وتقول العراقية ليما نبيل التي تشرف على مركز لحماية الفتيات الهاربات ومساعدتهن: «تعرضت النساء في ذلك السجن للتعذيب اكثر من الرجال، وانها شاهدت بأمّ عينها اغتصاب الاميركيين لخمس فتيات، وان معظم الاناث اللواتي كنّ فيه تعرّضن للاعتداء الجنسي».

كما ينقل فيسك عن مصادر دقيقة وموثوقة للغاية في واشنطن، وعلى صلة قريبة من دوائر البنتاغون تأكيدها ان «هناك سلسلة مرعبة من حوادث الاغتصاب قامت بها عصابة من المهووسين جنسياً ضد النساء في ابوغريب وسجون عراقية اخرى»، مشيرا الى ان هناك قراراً حازماً بعدم نشر أي صور عن هذه الحوادث، حرصاً على عدم تأجيج الامور وتصعيد الاستياء الشعبي والرسمي من سجن ابوغريب الذي اكتسب سمعة سيئة ومقيتة للغاية على مستوى العالم، وعدم زيادة موقف ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما صعوبة وتعقيداً.

حكاية عجيبة

واستمع فيسك في عمان الى حكاية غريبة من ليما نبيل وثلاثة صحافيين آخرين، ومفادها أن امرأة في بلدة مأدبا جنوب العاصمة الاردنية، هربت من بيت الزوجية مع شاب تحبه، ولجأ زوجها ورجال القبيلة الى شيخها لطلب الحفاظ على شرف العائلة، لكن الشيخ حكم بطلاقه من زوجته وإتمام زواجها من حبيبها، وبتزويج شقيقة حبيبها من زوجها، مفسراً ذلك الحكم بانه اذا ما رغب حبيب الزوجة في يوم من الايام ان يفاخر بانه سرق زوجة الرجل فإنه يمكن للاخير ان يردّ بالقول إنه يعاشر شقيقة ذلك العاشق.

وتقول فرزانة باري، الاكاديمية في جامعة قائد العزام في اسلام اباد، إن «الهنود بمن فيهم الهندوس والسيخ وكذلك الباكستانيون يرتكبون عدداً كبيراً من جرائم الشرف، وان جهودها لزيادة الوعي الشعبي بضرورة تقليل عدد هذه الجرائم لا تترك أثراً كبيراً، وتبدو ضعيفة ومعزولة أشبه بصوت في البرية»، وانه يجري توظيف الاسلام كأداة او وسيلة للقتل والثأر وتصفية الحسابات. وان اي امرأة تخفق في توعية ابنتها بخطورة تجاوز العادات والتقاليد او اقامة علاقات عاطفية محرمة او غير مشروعة، هي أم فاشلة بكل المقاييس.

من جانبها، تقول الناشطة الفلسطينية، نعيمة الرواج، في غزة إنها لم تسمع عن أي رجل فلسطيني قتل بسبب جرائم الشرف، وان المجتمع في قطاع غزة ذكوري ومحافظ للغاية، ويعطي اهتماماً كبيراً للدين والعادات والتقاليد، وان المرأة تتعرض للقمع والتضييق الشديد.



#عقل_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- حَمّاد فوّاز الشّعراني / حَمّاد فوّاز الشّعراني
- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - عقل عبدالله - جرائم الشرف.. تغليب سلطة التقاليد على القانون