أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يوسف تيسير جبارين - عن الذكرى العاشرة، ويهودية الدولة، والرفيق توفيق طوبي














المزيد.....

عن الذكرى العاشرة، ويهودية الدولة، والرفيق توفيق طوبي


يوسف تيسير جبارين

الحوار المتمدن-العدد: 3134 - 2010 / 9 / 24 - 21:16
المحور: القضية الفلسطينية
    


تحل الذكرى العاشرة ليوم القدس والأقصى وأكتوبر 2000 الأسود، ذكرى هبة الاحتجاج الشعبي على تواصل الاحتلال وممارساته، وعلى استمرار سياسات التمييز ضد الجماهير العربية الباقية في وطنها، وسط سيلٍ جارف من مشاريع القانون والممارسات العنصرية الوقحة، التي تهدف أساسًا إلى النيل من الوجود الجماعي للأقلية العربية في البلاد والسطو على بقائها وحرياتها الأساسية. وتأتي هذه المشاريع والممارسات تجسيدًا ميدانيًا للبرامج اليمينية المتطرّفة التي تحملها أحزاب المركز واليمين التي تسيطر على السلطتين التنفيذية والتشريعية في البلاد، إمعانًا منها في ترجمة مفهوم "يهودية الدولة" إلى سيرورة متواصلة من تعميق سياسات الإقصاء ضد الأقلية العربية، قيادةً وجماهير.

وتتزامن هذه التطورات مع مرور ربع قرن على التعديل الذي أقرته الكنيست في العام 1985 في قانون أساس: الكنيست، والذي تم من خلاله قوننة تعريف إسرائيل كدولة الشعب اليهودي (ومن ثم تعديل هذا التعريف "لدولة يهودية وديمقراطية") وذلك لأول مرة كتعريف رسمي من خلال قانون يحمل صبغة دستورية. في خضم البحث الذي أجرته الهيئة العامة للكنيست حول هذا التعديل، وقف القائد الشيوعي توفيق طوبي وطرح موقف الجماهير العربية من هذا التعريف الرسمي، محذرًا:

"أن تأتوا اليوم وتقرّروا بالقانون أنّ دولة إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، يعني القول لـ 16% من مواطني الدولة أن لا دولة لهم بتاتًا والإقرار أنهم سكان بلا دولة، وان دولة إسرائيل هي دولة مواطنيها اليهود فقط، وأنّ المواطنين العرب يعيشون فيها ويسكنوها بمنة، بدون حقوق متساوية كما للمواطنين اليهود. ألا يشعر مُعدّو هذا التعريف أنهم يقولون لـ700 ألف مواطن أنهم مواطنون من الدرجة الثانية؟
"جماهير الشعب العربي التي تعيش في إسرائيل، مواطني الدولة، لا وطن لها سوى هذا الوطن. هذا وطنهم، سيعيشون فيه، ويناضلون فيه من أجل مساواة حقوقهم، وفيه يريدون والعيش كمتساوين بين متساوين. ولن يوافقوا على تعريفات تعني سلب حقهم في المساواة، وإلغاء حقيقة أنّ دولة إسرائيل هي دولتهم أيضًا. وسويًا مع القوى الديمقراطية اليهودية سيناضلون من أجل العيش بكرامة ومساواة. وأنا أسأل: ألا يفهم مُعدُّو هذه الصيغة أنهم بهذا التعريف يلطخون دولة إسرائيل كدولة أبرتهايد، كدولة عنصرية؟ اقتراحنا هو إبقاء النص.. بأن تكون دولة إسرائيل كرامةً وبيتًا ووطنًا لكل مواطنيها اليهود والعرب".

تحمل كلمات توفيق طوبي الكثير من الأهمية والدلالات السياسية والاستشراف بالنسبة لتعريف الدولة. ويمكن الإشارة هنا إلى خمسة أبعاد أساسية في خطابه هذا. أولا، يفسر طوبي الموقف الديمقراطي والإنساني والأخلاقي الرافض لهذا التعريف، موضحًا الإسقاطات الخطيرة على مكانة المواطنين العرب إذ يتنكّر التعريف لمواطنتهم المتساوية في الدولة ويضعهم في خانة "الضيوف" على الدولة دون حقوق، بل يجعلهم سكانًا بلا دولة.

ثانيًا، يحذر طوبي، بحكمة المجرِّب الذي يستشرف التطورات السياسية المستقبلية، من أنّ ترسيخ التعريف الرسمي للدولة كدولة الشعب اليهودي لا يكرس المكانة الدونية للمواطنين العرب كمواطنين من "درجة ثانية" فحسب، بل قد يقود الدولة في نهاية الانحدار إلى نظام "أبرتهايد".

ثالثًا، يؤكد طوبي على موقف الجماهير العربية إزاء هذا التعريف: هذه الجماهير ترفض أن تعيش في وطنها، الذي لا وطن لها سواه، في ظل التمييز والإقصاء، بل ستناضل من أجل ضمان الحقوق متساوية، والعيش "كمتساوين بين متساوين".

رابعًا، يوضح طوبي أن النضال من أجل المساواة والحياة الكريمة هو نضال عربي-يهودي مشترك، فضمان الحقوق المتساوية في البلاد ورفض تعريف الدولة التمييزي هو ليس نضال للعرب ضد اليهود، بل هو شأن العرب واليهود التقدميين ضد سياسات العنصريين.

وأخيرًا، لا يترك طوبي للتاريخ أن يملي التطوّرات المستقبلية، بل يطرح الموقف الأيديولوجي الذي تناضل الجماهير العربية من أجله: "على الدولة أن تكون الكرامة و البيت والوطن لكل مواطنيها من اليهود والعرب". ويحمل هذا الطرح الديمقراطي (هذه الجملة الواحدة) بحد ذاته ثلاثة أبعاد مفصلية وتاريخية: أولا، أنّ مجرّد طرحه بهذا الوضوح الرؤيوي وفي قلب الهيئة التشريعية الإسرائيلية يحمل رسالة هامة تخرج الجماهير العربية من خانة المتفرج مكتوف الأيدي، وتضعها في موقع النضال من أجل التأثير على صنع القرار السياسي في البلاد، وعلى مستقبل الشعبين فيها، كلاعب شرعي في الساحة السياسية. ثانيًا، يحدد طوبي التصوًر المستقبلي المحوري لتقاسم القوى في البلاد، فأمام طرح "دولة الشعب اليهودي" الذي تتداوله الكنيست يضع طوبي الطرح البديل لدولة كل مواطنيها اليهود والعرب.

ومن المهم الانتباه هنا أن طوبي لا يكتفي بطرح دولة "كل مواطنيها"، بل يولي طرحه تشديدًا هاما برأيي على التركيبة القومية والهوية الجماعية المختلفة للمجموعتين القوميتين فيها: اليهود والعرب. هي، إذًا، دولة المساواة المدنية (دولة كل مواطنيها) والقومية (اليهود والعرب). دولة المتساوين بين متساوين. ثالثًا، وأخيرًا، يجدر الانتباه إلى تشديد طوبي في طرحه على أن هذه الدولة (المنشودة) يجب أن توفر الكرامة والبيت لمواطنيها، وهي برأيي عبارة قد تحمل الجانب الطبقي المنشود في دولة المساواة، بحيث تضيف، إلى جانب المساواة المدنية والقومية كما أسلفنا، بعدا ثالثًا يرتبط بالحياة الكريمة في هذه الدولة، بحيث تشمل المساواة الاقتصادية أيضًا. هي دولة المتساوين، بحق وحقيق.


• أخصائي حقوقي. محاضر في جامعة حيفا ومدير "دراسات" المركز العربي للحقوق والسياسات



#يوسف_تيسير_جبارين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يوسف تيسير جبارين - عن الذكرى العاشرة، ويهودية الدولة، والرفيق توفيق طوبي