أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - خالد شوكات - لبنـان..حيث -الاستثناء الفاسد- يطرد -الاستثناء الصالح-















المزيد.....

لبنـان..حيث -الاستثناء الفاسد- يطرد -الاستثناء الصالح-


خالد شوكات

الحوار المتمدن-العدد: 945 - 2004 / 9 / 3 - 10:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لبنـان..حيث "الاستثناء الفاسد" يطرد "الاستثناء الصالح"

قديما قال المقريزي العالم المسلم الجليل " أن العملة السيئة عادة ما تطرد العملة الحسنة"، وحديثا وصف الدكتور المنصف المرزوقي المفكر السياسي والمناضل الحقوقي العربي المعروف، الحالة العربية بأنها "استثناء" ديكتاتوري قياسا بالحالة الدولية المتجهة باخلاص نحو الديمقراطية، مثلما وصف لبنان من قبل العديد من الكتاب والمفكرين، طيلة النصف قرن الماضية ويزيد، بأنه "الاستثناء الديمقراطي" في السياق العربي الاستبدادي.
ومن هذه المقولات والأوصاف، يملك المتابع للمشهد السياسي اللبناني الراهن، وللجدل الدائر حول التمديد للرئيس إميل لحود، أن يوجز ما يحدث بالعبارة التالية: " إن "الاستثناء الفاسد" بصدد طرد "الاستثناء الصالح"، إذ ليس للبنانيين الحق بالمنطق الرسمي العربي أن يظلوا استثناء ديمقراطيا لأنظمة حكم قهرية، كما لا يحق للعرب عامة أن يملكوا استثناء صغيرا يفسدون به على حكامهم صورة استثناء كبير، شيدوه طيلة عقود بكثير من القسوة والجبروت والفساد، وعمدوه بخليط من أجساد معارضيهم ودمائهم وآهاتهم.
الدستور اللبناني بالمنطق الرسمي العربي، يجب أن يكون عربيا أيضا، فما حاجة اللبنانيين إلى أن يكون لديهم دستور محترم، في حين يعيش عامة العرب من محيطهم إلى خليجهم "مهازل دستورية" لا تتوقف، تجعل من ابن الرئيس وريثا للعرش في دقائق، ومن الجمهورية قيصرية في لحظات.
و ما حاجة اللبنانيين إلى رئيس محدد الولاية في منطقة عربية أصبح فيها عدم تحديد الولايات قمة في ممارسة الديمقراطية، ثم ما حاجتهم إلى أن ينتخب نوابهم بحرية رئيسا جديدا، ما دامت لائحة الصلاحيات الممنوحة للنواب في العالم العربي لا تنص على هذه الوظيفة، وتقصر عمل ممثلي الشعوب على التزكية والتحية.
اللبنانيون الذين كادت نسبة الأمية تصل فيهم إلى العدم، والذين انتشروا في العالم بأسره، أصحاب رؤوس أموال وأعمال وأطباء ومهندسين وكتاب وأدباء وصحافيين وفنانين، وحققوا من النجاحات العملية والعلمية أكثر مما حقق أي شعب عربي آخر قياسا إلى عددهم، يجب أن يعاملوا كقصر غير عارفين بمصالحهم وغير قادرين على تحمل مسؤولية اختياراتهم، تماما كما هو حال بقية العرب، الذين لم يبلغوا بحسب أنظمتهم سن الرشد، فلا استحقوا أن ينتخبوا إلا موجهين سلفا، ولا استحقوا أن يتداولوا على سلطة أو يتعددوا في أحزابهم وجمعياتهم كبقية خلق الله في كافة أنحاء المعمورة.
لقد عفا الله عن لبنان ردحا من الزمن، إذ نجاهم من عبادة البشر، وخلصهم من نير الحكام- الآلهة، الذين يحكمون محيطهم العربي القريب والبعيد على السواء، حتى أن الرؤساء اللبنانيين وحدهم من بين نظرائهم العرب، من تمتع بإجازات التقاعد بعد آداء الوظيفة، ووحدهم من مات بعضهم ميتة طبيعية بين أهله وذويه، وكان في هذا الأمر إحراجا كبيرا للنادي الرئاسي العربي، فالآلهة التي لا يلج الخطأ قراراتها وتوجهاتها، تفضل التعامل مع إله أو آلهة لبنانية من طينتها، و من هنا كان المطروح على لحود أو المطلوب منه التحول إلى "رجل لكل المهام"،مثلما تضمنت ذلك يافطة من الحجم الكبير زينت شوارع بيروت مؤخرا، وربما قريبا "رجل كل الأزمنة"، فالآلهة لا ترحل ولا تموت من تلقاء نفسها، بل تنتظر حتى تصرعها آلهة أخرى من ذات جنسها.
لقد كان لبنان الضعيف عربيا منذ حربه الأهلية، وخصوصا ما بعدها، قوي خارجيا، لأنه وحده من يملك رئيسا منتخبا، ووزيرا أول تذهب الانتخابات به وتعود، فلحود – والحريري أيضا- عندما كان يزور باريس أو واشنطن، وحده من دون نظرائه العرب من كان مرفوع الهامة يمشي، فواشنطن وباريس وغيرهما من عواصم الدول الغربية تقدر وتحترم وتقرأ ألف حساب لمن هو منتخب فعلا، لا منتخب بالأربعات التسعة.
أما بعد مهزلة التمديد الأخيرة، فلن يكون بمقدور لحود ولا الحريري أن يمشي منتصب القامة، ولن يكون بمقدور المسؤولين اللبنانيين أن يدافعوا عن مصالح شعبهم الخارجية بتلك القوة المطلوبة، قوة حق التمثيل الشرعي والانتخاب الحقيقي، فالذي لا يحترم قانونه ولا يقدس دستوره، والذي يرضخ في دقائق معدودة للإملاءات قبيحة الشكل والمضمون، لا يضمن أن يحترمه الآخرون، ولا أن يجلوا دستوره أو قانونه أو مصلحته.
إن المعين من قبل شعبه حقا، ليس كما المعين من قبل غيره، وليس المنتخب بالكاد بخمسين أو ستين بالمائة من الأصوات، كما المنتخب بالمائة إلا سنتيما، وليس الزاهد في السلطة كالطامع فيها، وأخيرا ليس المقيد بالدستور والقوانين ورقابة المؤسسات والصحافة كمطلق الصلاحيات، المتوج فوق كل السلطات والعابث بكل الثوابت والحرمات..إن النوع الأول أضعف ما يكون في مواجهة شعبه أقوى ما يكون في مواجهة الخارج وفي الذود عن مصالح أمته، أما النوع الثاني فجبار على شعبه خوار أمام القوى الخارجية، متعال بين ناسه ذليل في المحافل الدولية، وتلك هي مفارقة الرئاسة العربية.
لقد استاءت أطراف عربية رسمية من تصريحات وزارتي الخارجية الفرنسية والأمريكية، الرافضتين لتجاوز الدستور اللبناني وتمديد ولاية لحود الرئاسية، باعتبار ذلك تدخلا في الشؤون اللبنانية الداخلية، وما كان أحد ليتدخل لو قيض للبنان ولدستوره أن يظلا محترمين، فالمحترمون لا يتدخل أحد في شؤونهم الداخلية، أما وقد خطط لأن يفقد لبنان ما بقي له من احترام ديمقراطي وأن يلحق بزمرة الدول التي لا حرمة لدساتيرها أو قوانينها، ولا دور لمؤسساتها أو آراء المصلحين فيها، فإنه سيكون من الطبيعي أن يتدخل في شؤونه وأن يقول البعض حقا وباطلا في قضاياه..إن شرط الاستقلال الخارجي أن تكون داخليا نزيها وشرعيا وديمقراطيا، وتلك هي المعادلة التي تسعى الأنظمة العربية بشكل دؤوب ومتواصل إلى الالتفاف عليها ومراوغتها بحجج ومبررات واهية لا تقنع أحدا، إنما يجبر الناس بالحديد والنار على الاقتناع بها.
لقد كنا نأمل كإصلاحيين وديمقراطيين عرب، أن نرى لبنان قد استعاد عافيته كاملة، وذلك بأن يستكمل اللبنانيون مسيرة استعادة قرارهم بعد أن استكملوا استعادة أرضهم، غير أنه قد بدا أن للقائمين على لبنان من لبنانيين وغيرهم وجهة نظر أخرى، ترى أن الأفضل هو "تعريب لبنان" – على نحو ما قالت الكاتبة سوسن الأبطح أخيرا- بدل "دمقرطة العالم العربي"، بحيث تصبح للبنان ملامح ومواصفات عربية، في مقدمتها الاستهانة بالدساتير والعبث بالقوانين ومبايعة الرؤساء العظام وتأليههم.
إن الراغبين في الاستهانة بالدساتير والتمديد للرؤساء إلى ما لا نهاية، لن يعدموا ايجاد المبررات والذرائع، لكنها كما أسلفت حجج ومبررات واهية وخادعة، ومن أخدعها وأزيفها شماعة القضية الفلسطينية ومصارعة الدولة العبرية، إذ إنها لمفارقة أن تتمكن اسرائيل من ربح جل معاركها ضدنا، وهي تغير رؤساء حكوماتها أكثر مما يغير مواطنوها أحذيتهم، وتحترم دستورها العلماني غير المكتوب أكثر مما يحترم المتدينون الارثدوكس فيها التوراة والتلمود، فيما نخسر نحن المعارك، ليقول زعماؤنا أن سبب الهزيمة عداء القوى الامبريالية، لا طبيعة أنظمة الرعب والخوف والقهر التي تقودنا..إن الأنظمة الديمقراطية العادلة وحدها من تقدر بحق على ربح المعارك والأزمات، لأنها قبل ذلك تصنع مواطنين كراما وأوطانا محترمة تستحق من أبنائها أن يدافعوا عنها ويضحوا بالمال والأنفس.
لقد جرب لبنان كيف أن احترام القيم الديمقراطية يفضي إلى ربح جميع أنواع المعارك، العسكرية والديبلوماسية والسياسية، فيما جرب الراغبون في جره إلى مستنقع الشمولية، كيف أن الديكتاتورية قد أفضت باستمرار إلى هزائم على كافة الأصعدة، هزائم عسكرية وتنموية وخارجية، فهل من المنطقي أن تقاد الانتصارات من قبل الهزائم، وهل من المعقول أن تخضع القيم الديمقراطية للإرادات الشمولية الاستبدادية..إن المنطق والمعقول في فضاء اللامنطق واللامعقوال ليس غير ضرب من الجنون...
د.خالد شوكات
* مدير مركز دعم الديمقراطية في العالم العربي - لاهاي



#خالد_شوكات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أليست الدولة العلمانية ضرورة دينية؟
- الدولة العلمانية


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - خالد شوكات - لبنـان..حيث -الاستثناء الفاسد- يطرد -الاستثناء الصالح-