أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أمجد إبراهيم - القيادة السورية بين العزلة والثوابت















المزيد.....

القيادة السورية بين العزلة والثوابت


أمجد إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 942 - 2004 / 8 / 31 - 11:23
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كتب الكاتب المعروف توماس فريدمان قبل بضعة اشهر مقالة تحمل عنوان " وأخيرا بتنا نرقص وحدنا " وقد ظهر فريدمان خلال كلماته التي ارتصت في أسطر مرتبكة مستائا من السلوك الأمريكي وبالتحديد سياسة الرئيس بوش في العراق التي أدت حسب رأيه إلىدفع الولايات المتحدة الأمريكية نحو عزلة سياسية دولية وجعلها تخسر معظم أصدقائها حول هذا العالم, ولكنه طرح وجهة نظره مبتدأ بسؤال منطقي لا يتعارض مع مبدأ الحرب على العراق وإنما مع ما تلى سقوط بغداد من أخطاء وشرح بعض أوجه الخلاف ضمن إدارة بوش و كيف أنها انعكست على مزاج قادة البيت الأبيض في تعاملهم مع الواقع العراقي .
لقد تسائل فريدمان فيما إذا كانت أمريكا تمتلك أية فرصة للنجاح في تغيير النظام في العراق دون أن تغير النظام في إدارتها أي في سياسة البيت الأبيض ؟
لقد قوبلت تساؤلات و مخاوف فريدمان من قبل الكتاب والمراقبين السياسيين العرب بترحيب بارد و غاضب لا يعدو كونه محاولات شرقية لإعادة التوازن النفسي إلى الشخصية العربية التي تعرضت للعديد من الصدمات عبر عقود طويلة مبتعدين بذلك عن جوهر ما قدمه فريدمان من نصائح غير مباشرة خلال هذه المقالة للإدارة الأمريكية ,فإذا كان فريدمان قد أتخذ من العراق نموذجا لينطلق منه في أنتقاد السياسة الامريكية فإنما يهدف من وراء ذلك تنبيه إدارة بوش أو تذكيرها على الأقل بأن مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يشكل العراق خطوة أولى في تحقيقه يتطلب أتزان و جهد أكبر بل وأنه اشار صراحة إلى وجوب قراءة تاريخ العراق و فهم الثقافة السائدة للوصول إلى الطريقة المثلة في التعامل مع تفاصيله لتفادي الوقوع في مآزق قد تكلف الشعب الأمريكي الكثير و تؤدي إلى فشل مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي لم يشير فريدمان إليه صراحة .
إذا كان فريدمان يرى أن القطب الأقوى ( أمريكا ) باتت ترقص وحدها فهلا نتعلم منه السؤال ذاته ونتفكر فيمن يرقص حولنا اليوم ؟
إن المخططات التي يعمل البيت الأبيض على تنفيذها والتي تمثل أستراتيجية سياسية توسعيةأعلنت من خلال الحرب على الارهاب بعد أحداث 11 أيلول صارت تمثل لحظة ميلاد عالمي لسياسة جديدة وشكلت المفصل الأبرز في سيرالسياسة الدولية, وألقت بظلالها على كافة مكونات المجتمع الدولي, ولكن ترى ما مدى التغيير الذي طرأ على السياسة السوريا لمواجهة هذه المخططات التي بتنا أقرب من غيرنا أليها نتيجة الموقع الجغرافي والمواقف السياسية التي جعلتنا في مواجهة الأدارة الأمريكية مباشرة عبر التصريحات النارية المتبادلة خلال الحرب العراقية؟
فمنذ نهاية الحرب العراقية وسقوط النظام البعثي الحاكم في بغداد دخلت كل من الولايات الأمريكية المتحدة وسوريا في ما يشبه حوار الطرشان حيث أقتصرت السياسة الأمريكية على مجموعة من المطالب و التهديدات, أما سوريا التي تحاول صياغة سياسة استراتيجية منسجمة فقد
أعتمدت سياسة لننتظر ونرى مقدمة بضعة تنازلات مع الأحتفاظ بما تراه أوراق رابحة في ظل أستمرار الصراع مع أسرائيل كدعم المنظمات الفلسطينية و حزب اللله في لبنان .
العلاقة السورية الأمريكية :

لقد أستطاعت سوريا بفضل الدهاء السياسي للرئيس الراحل حافظ الأسد ان تلعب دورا ساسيا أقليميا تجاوز وزنها الأقتصادي و العسكري كما أنها تعتبر البلد الوحيد بين البلدان الموضوعة على لائحة الارهاب والتي تحافظ على علاقات دبلوماسية طبيعية مع امريكا وأعتقد أن هذا التناقض الذي ساد الحالة السورية الأمريكية كان نتيجة إدراك الإدارات الأمريكية السابقة وحتى الإدارة الحالية مدى خطورة الدور السياسي الذي تلعبه سوريا في المنطقة كما أنها لا تشك في أن مفتاح الأستقرار في الشرق الأوسط هو صفقة سلام عربية أسرائيلية .
إن خطورة الدور السوري تأتي من خلال الدور النافذ الذي قامت به في الشؤون الفلسطينية عبر دعم فصائل مختلفة بالأضافة إلى الضغط الذي مارسته على أسرائيل عبر مساندة حزب الله و حصولها على المساعدات من السعودية وإيران معا عبر دعم إيران ضد العراق دون تنفير دول الخليج التي أيدت بغداد حسب الICG و قد حافظت على علاقات استراتيجية مع الأتحاد السوفيتي وفاقت واشنطن مناورة في لبنان وفوق كل هذا حافظت على علاقات معينة مع الولايات المتحدة الأمريكية . ولكن هذا التوافق التناقضي الذي دام خلال عقد التسعينات يقرأ في الإدارة الحالية للبيت الأبيض على أنه تقصير وتساهل من قبل الإدارتين السابقتين ( إدارة الرئيس كلينتون و بوش ) و قد أتخذت من الأجراءات ما دفع بالمسار الأمريكي السوري إلى ما يشبه حالة من الجمود المشحون بحمم لا ندري متى تنفجر حيث لم تعد السياسة الأمريكية أكثر من مطالب وتهديدات مفادها أن أمريكا لن تلتفت إلى سوريا و ربما تزيد ضغطها إذا لم يقم النظام بعمل حاسم بخصوص المجموعات المتطرفة أما السياسة السورية فليست سوى بضعة أيماءات رمزية ترسلها دوريا بأنتظار أن تنقشع العاصفة و تتحسن الظروف مع تمسكها _كما سبق
ذكره _ بما تراه الأوراق الرابحة أي دعم حزب الله والمنظمات الفلسطينية و حسب تقرير ال ICG فإن سوريا لن تغير سياستها بشكل جذري و لن تتخلى عن ثوابتهامالم تستعيد مرتفعات الجولان ومن جهة أخرى فإن الولايات المتحدة الأمريكية لن تحرك عملية السلام ما لم تغير سوريا سياستها بشكل جذري .
لقدأبدت سوريا تعاونا كبيرا مع الولايات المتحدة خلال أحداث 11 سبتمبر من خلال تقديم المعلومات الأستخباراتية التي يشهد البيت الأبيض عليها و على مدى أهمية تلك المعلومات ولكن قواعد اللعبة قد تغيرت في واشنطن ولم تعد التنازلات السورية الصغيرة ترضي الرئيس بوش فإتخاذ نصف إجراء حسب رأيه لم يعد كافيا كما أن أعضاء في الإدارة الأمريكية لا يرون وجوب مكافئة سوريا لقيامهابما كان عليها فعله منذ زمن و هذا يعني أن الأمر لم يعد مقتصر على تخلي سوريا عن دعمها للتنظيمات الفلسطينية و حزب الله فهم يريدون اليوم خطوات استراتيجية ملائمة وغير قابلة للعكس عندها سيمكنهم المشاركة في تحريك عملية السلام.
إن حقيقة ما يدور في المنطقة الآن من شد وجذب بين الحكومة السورية من جهة وأمريكا و أسرائيل من جهة أخرى يجعلنا على بعد لحظات من عمل عسكري ما, لا يفصلنا عنه سوى عملية أنتحارية ما تعلن مسؤليتها عنها إحدى المنظمات التي تأويها سوريا أو هجوم عسكري على أسرائيل من قبل مسلحي حزب الله وقد حصل هذا الأمر في 5 تشرين الأول 2003 حيث شنت الطائرات الأسرائيلية هجوما أستهدف منطقة عين الصاحب على مقربة من دمشق وقد وصف الرئيس بوش الغارة الأسرائيلية بأنها دفاعية و أضاف أننا كنا سنفعل الشيء ذاته لو كنا مكانهم .
إن الحديث عن الحرب الكلامية أو حرب الاعصاب هذه يطول إذا ما دخلنا في تفاصيل و جزئيات كثيرة تجتمع لتعطينا فكرة محددة مفادها أن الولايات المتحدة لن تتساهل من اليوم فصاعدا مع الذين وقفوا حسب رأيها في الجانب الخاطئ خلال الحرب على العراق.
> وإذ كنت قد أطلت في الحديث عن التحديات الخارجية التي تواجهها سوريا _ رغم أن للحديث بقية_ وربما أركز على ما يسود العلاقة السورية الأمريكية من توتر فلأن ميزان القوى قد تبدل بشكل متسارع وتمحور في واشنطن بعد الأنهيار التاريخي للأتحاد السوفيتي مما أربك الدول التي كانت تحقق التوازن السياسي بين الداخل والخارج بفضل المساندة التي كان يقدمها لها ذلك القطب الشرقي , واليوم و خاصة بعد إعلان الحرب على الأرهاب و و قوف المجتمع الدولي عامة في مواجهة هذا الخطر الذي ليس له حدود أو خطوط سياسية واضحة فإن على سوريا تحمل عبئ أضافي و عليها إعادة النظر فيما طرأ من تغير سريع في السياسة العالمية ثم أن الأثر الأمريكي يبدو واضحا في الحياة السورية في العديد من الجوانب منها الأقتصادية كمعارضة الولايات المتحدة لأنضمام سورية إلى منظمة التجارة العالمية ,و منها سياسية متمثلة في العزلة التي تعيشها سوريا عربيا و دوليا, و كان قد ذكر الوزير الأمريكي باول للمسئولين السوريين في رسالة غاضبة أنه لم يجد زعيما عربيا يلح على أمريكا لدعوة سوريا لحضور قمة شرم الشيخ أما التهديدات العسكرية فلم تعد أمرا مستحيلا في ظل ما تعيشه المنطقة
من فوضى و تهديد متزايد للمصالح الأمريكية و ما سبق ذكره من قصف الطائرات الاسرائيلية لموقع عين الصاحب قرب دمشق مؤشر لا يمكن تجاهله في هذه المعادلة .
و لابد من الإشارة إلى الصدمة التي تلقتها سوريا من المجتمع الأوربي إثر رفض الطلب الذي تقدمت به للأنضمام إلى السوق الأوربية المشتركة و من هنا يبدوا لي مدى التقاطع الطبيعي للمصالح الأمريكية الأوربية بعد أحداث 11 أيلول فالطلب السوري سيبقى تحت الطاولة ما دامت قضية أسلحة الدمار الشامل التي تتهم سوريا بإيوائها غير قابلة للتسوية وهذا ما دفع الرئيس بشار للتوجه بأنظاره نحو الصين بحثا عن أسواق بديلة عسى أن تعوض ما فقد من موارد كانت تعتمدها سوريا و كانت تلك الموارد حقا تعوض عن الخلل الداخلي وقد تمثلت تلك العوائد في الدخل الناجم عن المساعدات الأيرانية في الثمانينيات و الخليجية في أوائل التسعينات ثم التجارة غير المشروعة مع العراق بعد ذلك .
وهاقد ولت هاتيك الايام و صارت سوريا محاصرة من الخارج ومن الداخل , حيث أنهك أقتصادها الفساد و قدم التجهيزات الصناعية التابعة للدولة بالإضافة للأداء المتدن و المتقلب للقطاع الزراعي كما أن النظام التعليمي مفوت لا يمت لعصرنا بالاضافة إلى هجرة الرساميل و افتقاد الاستثمار الأجنبي .
إن القيادة السورية كانت قد لمحت إلى أتخاذ خطوات إصلاحية هامة داخيا بما في ذلك تغيير يشمل هرمية وعقيد حزب البعث حسب تقرير ICG و ربما نحو سياسة خارجية أكثر أنفتاحا على العالم الخارجي لكن لطالما سمعنا مثل هذه الوعود وسرعان ما تم تجاهلها و تناسيها, ولكن على القيادة السوريا أن تحاول جهدها لتحقيق هذه الرغبات و الأماني و ترجمتها على أرض الواقع و عدم التساهل مع وضع أقليمي و دولي حساس و دقيق كالذي نعيشه اليوم ,وأن تحاول رسم صورة الشرق الأوسط الكبير و فق خط بياني محدد تنتقيه من بين خيارات عدة بما يحفظ لها مصالحها الأستراتيجية المنسجمة مع الواقع الجديد بحيث تتمكن من تفادي الخطر المحدق بها حكومة وشعبا .
إن ما أثار فييا دافع البحث لشرح الحالة السورية كان العنوان الذي أفتتح به فريدمان مقالته فأثار في نفسي تساؤلا حول السبب الذي جعل فريدمان يعتقد بعزلة الولايات المتحدة التي سببتها الأزمة العراقية والتي لم يتجاوز عمرها العام في حين لا نعيش نحن سوى أزمات متعاقبة متتالية عبر تاريخ المنطقة وقلما نشعر بأننا معزولون ونجد ما يدفعنا للمطالبة بالأنفتاح على العالم الذي تتغير معالمه وقوانينه بأستمرار و نصر على التمسك بأيديولوجيتنا التي لاشك في إفلاسها ولاشك في أنها ستترك فراغ خطيرا لا ندري من يمكنه ملئه .



#أمجد_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إصلاح الإنسان أم إصلاح الجدران


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أمجد إبراهيم - القيادة السورية بين العزلة والثوابت