أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - مازن السيد - أميركا احتلت العراق و«تنسحب» من فدرالية اليتامى والأرامل















المزيد.....

أميركا احتلت العراق و«تنسحب» من فدرالية اليتامى والأرامل


مازن السيد

الحوار المتمدن-العدد: 3099 - 2010 / 8 / 19 - 10:23
المحور: بوابة التمدن
    


السفير
العـــراق مـــا قبـــل موعـــد انســـحاب آب 2010

ينساق المتابع العربي لشؤون العراق، بالمطرقة الإعلامية والإلهاء السياسي، إلى التركيز على ما بات يسمى «العملية السياسية» العراقية، وما يدور في مشهدها من تنازع لأتباع القوى الخارجية، وأمراء المذهبية، على كراسي الحكم ومناصب السلطة. إلا أن واقع بلاد الرافدين، هو واقع أبنائه، وثرواته، وثقافته، لا صورة المتنافسين على مبنى وزارة في بلد، قطّع الاحتلال أوصاله وأسقى أبناءه لوث الفتنة بعدما عطشوا.
عند محطة «انسحاب القوات الاميركية المقاتلة» في 31 آب الحالي، تكون أكثر من 7 أعوام قد مضت على الغزو الاميركي - البريطاني للعراق، جرى خلالها تدمير منهجي لأسس المنظومة الاجتماعية الوطنية، على كافة مستويات الوجود والهوية، الفرد والدولة. حصيلة ضحايا الاحتلال، تجاوزت 655 ألف قتيل خلال سنواته الأربع الأولى، بحسب هيئات دولية عديدة بينها جامعة «جونز هوبكنز» الأميركية، أي حوالى نسبة 3 في المئة من مجمل عدد العراقيين، فيما تتجه التقديرات اليوم إلى الحديث عن مليون ونصف مليون قتيل، ومليوني جريح، بينهم نسبة كبيرة من المعاقين، وخمسة ملايين مهجر، ومليون ونصف مليون أرملة و5 ملايين يتيم.
وفي تقريرها للعام 2006، اعتبرت بعثة الأمم المتحدة للإغاثة في العراق ، ان «البلاد غرقت في البربرية منذ الغزو الأميركي في العام 2003». فمنذ الغزو، والعراق يعاني من تدهور الحالة الأمنية، وانتشار الجرائم بأنواعها، يقابله تدنّ في مستوى ضبط الجريمة وكشفها. وقد اعتبر تقرير «التصنيف العالمي للسلام» الصادر في حزيران 2009، أن العراق أخطر بلد في العالم للسنة الثالثة على التوالي. أخطر البلاد، اكثرها ظلما للأطفال والنساء.
أطفال العراق
عندما سئلت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، مادلين اولبرايت في العام 1996، عمّا إذا كان موت نصف مليون طفل عراقي دون عمر الخمس سنوات، خلال أعوام الحصار، ثمنا مقبولا لتحقيق الأهداف الأميركية، اجابت أولبرايت «نعتقد أنه يستحق ذلك».
وخلال الاحتلال الأميركي - البريطاني للعراق، تعرضت حقوق الأطفال، لانتهاكات منهجية ومتواصلة، أبرزها: القتل المباشر، كمثل مجزرة حديثة في العام 2005، واعتقال الأطفال وتعذيبهم في المعتقلات الأميركية والعراقية، وتجويع مدن كاملة قبل مهاجمتها، كما يؤكد تقرير لمنظمة «اوكسفام» في العام 2007. إضافة إلى ذلك، يؤكد الباحث الاميركي مايكل هاس في تقرير يعود إلى العام 2009، أن التلوث المائي وقطع الإمدادات عن 70 في المئة من المواطنين، أديا إلى مقتل ثُمن الأطفال العراقيين قبل بلوغهم سنّ الخامسة.
أما الأسلحة المحظورة التي استخدمتها قوات الاحتلال، كقنابل النابالم والفوسفور الأبيض، واليورانيوم المخصّب، فقد أدت إلى ارتفاع كبير في التشوهات الخلقية، والإصابات السرطانية، في مناطق عدة، نذكر منها الفلوجة على سبيل المثال، حيث ولد 24 في المئة من الأطفال، في تشرين الأول 2009، بتشوهات خلقية، بحسب «المعهد العالمي للعناية بالصحة العامة». وقد ادت «الاغتيالات المتعمدة للأطباء»، كما تؤكد مراكز أبحاث عدة، منها «غلوبال ريسرش»، إلى ارتفاع عدد وفيات الأطفال، فيما تشير إحصاءات وزارة التربية العراقية إلى نسبة لا تتجاوز 30 في المئة من الأطفال الذين يتابعون تعليمهم المدرسي، مقارنة بنسبة 100 في المئة، التي سجلتها منظمة الـ«يونيسكو» قبل الاحتلال.
وتقدر الـ«يونيسكو» عدد اليتامى العراقيين، بحوالى 5 ملايين، يعيش منهم 500 ألف في الشارع، من دون أي عناية، فيما يقبع 800 طفل في السجون العراقية والأميركية.
المرأة العراقية
بين الترمّل والاغتصاب، والاعتقال والفقر، يرزح هذا النصف الأضعف من المجتمع العراقي تحت واقع مأسوي أوجده الاحتلال الأميركي الذي يتغنّى بحمله لواء تحرير المرأة، ويوظفه في خدمة مشاريعه الاستعمارية.
وقد تكشفت للعالم كله فظائع «أبو غريب»، وغيره من المعتقلات والسجون من تعذيب واغتصاب، وثبت أن القوات الأميركية احتجزت زوجات من تعتقد انهم من المقاومين، أو المطلوبين، بغية الضغط عليهم لتسليم أنفسهم، وتتحدث وزارة حقوق الانسان في العراق عن وجود نحو 10 آلاف معتقلة خلال العام 2009، كما أكد المركز الدولي لرصد الاحتلال أن هؤلاء المعتقلات محتجزات في أماكن لا تصلح لان تكون «زريبة للحيوانات» كسجن الكاظمية والمعسكر السري للأطفال والنساء في مطار المثنى، ومعسكر شيخان للنساء في الموصل، إضافة إلى الأعداد الكبيرة من السجون والمعتقلات في جنوب العراق.
وقد تعرضت المرأة العراقية للاغتصاب وتم الإعلان عن حالات محدودة لكون هذا الموضوع من المسكوت عنه في المجتمع العراقي. ومن بين أبشع هذه الجرائم، حادث اغتصاب الفتاة عبير قاسم حمزة ذات الأربعة عشر ربيعا في منطقة المحمودية حيث اقتحم في 12 آذار 2006 اربعة جنود اميركيين منزل عائلتها وقاموا باغتصابها بعد قتل أهلها، ثم قتلوها واحرقوا جثتها. وقد تحدث النائب محمد الدايني، عن توثيق 1053 حالة اغتصاب ارتكبها عناصر من قوات الاحتلال والميليشيات والحرس الوطني منذ العام 2003، فيما ذكر اتحاد الأسرى والسجناء العراقيين أن حوادث الاغتصاب هذه لا تمثل نسبة 1 في المئة من حجم الجرائم المماثلة التي تتعرض لها المعتقلات العراقيات في السجون.
وفي دراسة مسحية أجرتها منظمة الصحة العالمية في العام 2007، ذكرت ان نسبة 22 في المئة من النساء العراقيات تعرضن للعنف العائلي، وعجزن عن مراجعة الاجهزة الامنية لخوفهن من عنف تلك الاجهزة وممارسات الفساد فيها. ولا شك في ان المرأة هي أكثر المتضررين من الهجرة والنزوح لما ينتجه من تفكك العائلات والقضاء على شبكات الأمان والاتصال وسلخ النساء من واقعهن مع تغير نمط حياتهن وأوضاعهن النفسية، خاصة ان خروجهن تم بعد تعرض احد أفراد أسرهن للقتل أو تعريض المرأة أو عائلتها للتهديد، وتدهور وضع الأسرة والمرأة الاقتصادي في الغربة ما دفع بعضهن لممارسة البغاء آو مزاولة أعمال تحط من قيمتهن وكرامتهن الإنسانية، وهذا ما كشفته منظمات عديدة خارج العراق.
إن الاحتلال وتداعياته السياسية سحقت شروط حياة الإنسان العراقي، فخضعت المرأة للارتداد إلى الوراء أفقيا وعموديا. وقد شخصت منظمة «الاسكوا» هذا الواقع بالقول إن «ما يجري في العراق هو مثال على عملية التراجع الذي يحصل في حقوق المرأة مع نشوء الحروب، بعدما حققت المرأة أشواطا في ان تتبوأ مراكز سياسية واجتماعية متقدمة والوصول إلى درجات عليا في العلم والعمل بفضل جهودها وبفضل قوانين تنطوي على درجة كبيرة من المساواة»، حيث تم استبدال قانون الأحوال الشخصية بالقانون الرقم 137، وجرى إقرار دستور آخر للعراق يميز بين المرأة والرجل ويعطي الحرية لكل طائفة لان تضع قوانينها للأحوال الشخصية. وتحذر «الاسكوا» من انه أمام هذه الحالة من المستحيل رصد القوانين التمييزية إضافة إلى التراجع عن حق العمل للمرأة والرجل معا وتحويله إلى منطق فرص العمل في الدستور الذي اقر بعد الاحتلال.
وفي مقال بعنوان «الدعارة العسكرية واستغلال النساء في عملية احتلال العراق»، تذكر الكاتبة والباحثة الاميركية ديبرا مكنت في دراسة نشرت في تموز 2007 قضية التأسيس لظاهرة الدعارة في المجتمع العراقي بشكل معتمد منذ الايام الاولى للاحتلال وفتح بؤر منتشرة لها في المنطقة الخضراء واسهام الشركات الخاصة الاجنبية في التأسيس لجلب واستقدام المومسات بصفة عاملات مطاعم وصالونات ومن ثم تعيين نساء عراقيات من قبل ادلاء ومحترفين. كما تستعرض وسائل انتشارها وتنظيم تجارتها داخل العراق وخارجه كجزء من استهداف المنظومة القيمية العراقية والاسلامية والعربية في ظل حالة الاحتلال والتواجد العسكري الاجنبي.
عقول العراق
هكذا، وفيما أغرق الاحتلال بلاد الرافدين، في القتل والتهجير، كان لا بد له من أن يحرم البلاد من عقولها النيّرة وكفاءاتها العلمية التي في قدرتها أن تعيد نهضة البلاد، متى تلاءمت الظروف.
إن ما يتعرض له العلماء في العراق يعد نوعاً من الإبادة الجماعية المدبرة لإفراغ هذا البلد من طاقاته، كما كتب الصحافي البريطاني روبرت فيسك، قائلا «يشعر منتسبو الهيئات التدريسية في جامعات العراق بوجود مخطط لتجريد العراق من علمائه وأكاديمييه، لاستكمال تدمير الهوية الثقافية للعراق في أعقاب احتلاله»، فيما تحدثت تقارير أعدتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية عن مقتل أكثر من 300 أستاذ جامعي منذ الغزو، أما الأساتذة الذين غادروا البلد بسبب مخاوفهم فقد تجاوز عددهم 3 آلاف.
وفي إحصائية نشرتها صحيفة «المركز الدولي لرصد الانتهاكات في العراق»، جاء أن نحو 500 عالم عراقي قد تم اغتيالهم على أيدي مجهولين وفق قائمة معدة سلفاً تضم أكثر من 1000 عالم عراقي.
ونشرت صحيفة «دايلى نيوز» الباكستانية في تشرين الثاني 2008 قائمة بأسماء 154 من كبار الأكاديميين في بغداد، الذين لهم صيتهم الذائع في اختصاصاتهم، اغتيلوا جميعا. فيما يذكر الباحث الجامعي الأميركي جيمس بتراس أن هناك ما يقارب 281 مثقفا معروفا من التدريسيين في الجامعات الكبرى داخل العراق وقعوا ضحية «فرق الموت» في ظل الاحتلال الأميركي، ومن هؤلاء 25 في المئة، من أبرز الأساتذة والمحاضرين في كلية طب جامعة بغداد، وهي أعلى نسبة سجلت مقارنة بأي كلية أخرى. أما ثانية أعلى النسبة من أعضاء هيئة التدريس الذين قتلوا وذبحوا، فمن مشاهير اساتذة وباحثي كلية الهندسة في جامعة بغداد، يليهم كبار الأكاديميين المتخصصين في العلوم الإنسانية، بواقع ثمانية أكاديميين من كلا اختصاصي العلوم الطبيعية والاجتماعية.
صفحات طويلة، لن تسع لعرض المأساة التي أنتجها الاحتلال الأميركي، الذي بدأ خنقا وحصارا قبل العام 2003 بكثير، وسيستمر طويلا بعد نهاية آب 2010، في تمزيق أنسجة العراق الاجتماعية والثقافية، فوق حطام مؤسساته التي استبدلت بـ«العائدين فوق دبابات الاحتلال». أميركيون وبريطانيون، واسرائيليون، وغيرهم ممن لهم أطماع تاريخية، لم ولن تهدأ قبل شرذمة بلاد الرافدين، عاثوا في العراق فسادا انقطع له نظير، وينفضون عن أكتاف مسؤوليتهم اليوم، «غبار» ما جنوه على ملايين البشر، ربما استعدادا لجريمة جديدة، فوق أرض جديدة... كأن شيئا لم يكن.
مـازن السـيّد



#مازن_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- حَمّاد فوّاز الشّعراني / حَمّاد فوّاز الشّعراني
- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - مازن السيد - أميركا احتلت العراق و«تنسحب» من فدرالية اليتامى والأرامل