|
ثلاثون عاماً على النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 933 - 2004 / 8 / 22 - 10:02
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
لم تكن الحركة النقابية السورية ، بوعيها النقابي السياسي العريق ، تحتاج إلى قنونة التزامها بالنضال لتحقيق أهداف الطبقة العاملة بحياة مجتمعية على مستوى الأمة تسودها الحرية ، وتتجه بناها الاقتصادية - الاجتماعية لتحقيق العدالة المؤدية إلى إلغاء كل أشكال الاستثمار والاستغلال للإنسان ، ذلك الإلتزام الذي نص عليه قانون التنظيم النقابي رقم 31 عام 1964 ، والقائل : أن تناضل النقابات من أجل " الوحدة والحرية والإشتراكية
وحين صدر القانون المذكور أثار تساؤلات عديدة عن الهدف الحقيقي لمثل هذا النص . إلى أن ساد الرأي في الوسط النقابي وفي الحركة العمالية ، أن الهدف هو تبعيث النقابات ، أي إلحاقها بحزب البعث الحاكم المنفرد بالسلطة . عزز هذا الرأي الملاحقات والإعتقالات التي تمت في ذلك الحين ، وخاصة قبيل صدور هذا القنون ، لعدد من الكوادر النقابية الماركسية والناصرية والمستقلة ، وإجبارها على الابتعاد عن مواقعها النقابية
ثم جاء القانون النقابي رقم 84 عام 1968 ليكرس هذا الإتجاه . ومن عام 1964 إلى عام 1974 جرت ثلاث دورات انتخابية تقابية . وخلال هذه السنوات العشر تمت تصفية واحتواء مئات النقابيين غير المتكيفين مع عهود البعث المتعددة التي شهدت تغيرات عدة ، أهمها حركة 23 شباط 1966 التي أبعدت نقابيي " القيادة اليمينية " ثم" الحركة التصحيحية " في 16 تشرين أول 1970 التي قامت بدورها إما بتصفية أو باحتواء نقابيي العهد السابق . وتبلور نتيجة لذلك في أوا سط السبعينات وضع نقابي يتحرك ضمن إطار نقابي واحد بقيادة حزب البعث الحاكم يضم كوادر البعث النقابية وكوادر من أحزاب " الجبهة الوطنية التقدمية " وعدد من المسقلين الموالين لهذا الجهاز الأمني أو ذاك
وحسب الواقع السيا سي القائم على احتكار قيادة الدولة والمجتمع من قبل حزب البعث ، وحسب قانون التنظيم النقابي رقم 84 -1968 تم إحتكار العمل النقابي وصودرت الحريات النقابية . وتعرض الكثير من النقابيين المعارضين إلى الإضطهاد والطرد من العمل وإلى السجن .
الاّ أنه رغم كل التدابير لتبعيث الحركة النقابية واحتوائها ، بقي حتى بإطار البعث عدد من النقابيين المتمرسين بالعمل النقابي حاملين للقيم النقابية الطبقية ،في مستوى الاتحاد العام وفي بعض الاتحادات المهنية واتحادات المحافظات والنقابات الكبرى ، ، يتابعون تحركهم النقابي .. ولكن بطرق ذكية جديدة . إذ تجنبوا المساس بأي شكل كان بالذات الرئاسية ، ودخلوا في مواجهات " نضالية " مع الجهات السلطوية والإدارية .. ذات العلاقة بالشأن الإقتصادي والعمالي وهذا ماأعطى الحركة النقابية في إطار النظام وزناً غير مستحب لدى الآخرين الطامعين بنهب ثمار جهود العمال والمال العام ، واتسمت العلاقة بين الطرفين المذكورين بالتوتر ، خاصة حول الغلاء وسبل معالجة معادلة الإجور والأسعار ، وحول دور الإدارة وأثره على حقوق العمال والصالح العام . وهو ما أدى إلى حدوث شرخ واضح بين الجهاز الإداري والجهاز النقابي ، وكان لابد من تلافيه
وقيل آنئذ .. أن الرئيس الراحل كان منزعجاً جداً من دور النقابيين إزاء " رفاقهم " في الجهاز الإداري ، ووجه نقداً لاذعاً للنقابيين مفاده ، أنهم بتحركهم ضد الجهاز الإداري يقفون ضد الدولة والحزب القائد ، لأن الأخيرين إنما يمثلون أولاً له ومن ثم للحزب والدولة ، وعلى خلفية الولاء لقائد الحزب والدولة والمجتمع ، اتخذ القرار بوقف الصراع بين الإدارة والنقابة ، بتوافق الطرفين على أ ساس " النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي " أي أن تكرس الحركة النقابية نشاطها بالإلتزام ب " مصالح الدولة " ووقف النضال المطلبي . وأبعد عدد من النقابيين من مواقعهم القيادية النقابية بأشكال متعددة ، وحلت عملياً مقولة مصلحة الدولة الديكتاتورية هي العليا، بدلاً لما قاله الرئيس ذات يوم " اليد المنتجة هي العليا "
وبعد ثلاثين عاما ً السؤال المشروع الآن هو : ما هي المحصلة الفعلية لتطبيق النقابية السياسية بديلاً للنضال المطلبي .. بالنسبة للحركة النقابية ودورها في حياة الطبقة العاملة بشكل خاص وفي حياة البلاد بشكل عام ؟
نتابع الموضوع في حلقة قادمة
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متى ترفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية في سورية
-
إلى عاشق الحرية والحب والفرح .. عماد شيحا
-
انتصار ميسلون
-
مابين الأمير .. والجلاد .. والضحية
-
الإصلاح في سورية .. والخيارات المفتوحـة
-
نحو نهوض كفاحي ضد عالم الاستغلال والقهر
المزيد.....
-
لو الفلوس مش بتكمل معاك اعرف موعد زيادة المرتبات الجديدة 202
...
-
المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة ببني ملال يندد بالتجاو
...
-
استقالة المتحدثة الناطقة بالعربية في الخارجية الأمريكية احتج
...
-
استقالة متحدثة من الخارجية الأميركية احتجاجا على حرب غزة
-
سلم رواتب المتقاعدين في الجزائر بعد التعديل 2024 | كم هي زيا
...
-
الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين
-
“زيادة 2 مليون و400 ألف دينار”.. “وزارة المالية” تُعلن بُشرى
...
-
أطباء مستشفى -شاريتيه- في برلين يعلنون الإضراب ليوم واحد احت
...
-
طلبات إعانة البطالة بأميركا تتراجع في أسبوع على غير المتوقع
...
-
Latin America – Caribbean and USA meeting convened by the WF
...
المزيد.....
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
-
نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين
/ عذري مازغ
-
نهاية الطبقة العاملة؟
/ دلير زنكنة
-
الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج
...
/ جورج مافريكوس
المزيد.....
|