أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نجلاء حمادة - إكراه الفلسطينيين على حب وطنهم















المزيد.....

إكراه الفلسطينيين على حب وطنهم


نجلاء حمادة

الحوار المتمدن-العدد: 3062 - 2010 / 7 / 13 - 14:19
المحور: حقوق الانسان
    


في حمأة ما يقال عن الحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان وحول الاعتراف لهم بحقّ يتوافر لجميع الفئات المقيمة أو الزائرة الأخرى في شراء عقار من مال تفيض أحياناً الأرض به وأحياناً عرق الجبين، نجد أن الحجة الرئيسة المستخدمة لتبرير منع هذه الحقوق عن الفلسطينيين هي إبقاء رغبتهم بالعودة إلى بلادهم مشتعلة وملحّة.
فهل تزايد الدولة اللبنانية عليهم في حرصها على حقوقهم وحبها لأرضهم، أم أن شعوبنا العربية ألفت الإكراه وسيلة، حتى عندما يتنافى مع البراهين الواقعية وعندما ينضح بعدم الثقة بالآخر وبعدم احترام حقوق الناس في تقرير مصائرهم وعندما ينبىء عن خصائص للمكرهين لا تشرّفهم؟
فقد ألفت بعض شعوبنا العربية ضرب سيقان الناس بالعصي لإرسالهم إلى الصلاة وتهديدهم بالسجن لحثّهم على الصوم، وكأنه يبقى للصلاة والصوم معنى أو أجر عند اللّه عندما يكره المرء عليهما! وأذكر من طفولتي عجائز كنّ يوصين الأهل بعدم تدليل بناتهم، بل بتعريضهنّ للقهر والحرمان، حتى يقبلن على الزواج وكأنه الخلاص. ولعلّ الشعور بالكرامة والمصلحة الوطنيين أكثر تجذّراً وألحّ حاجة عند الناس من التديّن أو من الرغبة في تكوين أسرة. فالحفاظ على الهوية الجامعة وعلى الإرث التاريخي والموقع من المجتمع الأكبر تمسّ الحياة اليومية لكلّ فرد وتصيب "طلّته" بين الناس وحتى بينه وبين نفسه أكثر ممّا تمسّها وتصيبها أي أمور أخرى. فإن وجدنا الممارسات على الإكراه من أجل التقوى وتحقيقاً للحب والزواج غريبة ومسيئة للغايات المطلوبة ينبغي أن نجد الإكراه على الحفاظ على الهوية والتمسّك بالحق الوطني أكثر غرابة وفجاجة. فالإكراه الأخير ينطوي على نظرة أكثرتشييئاً للآخر واحتقاراً له، إذ أنها تنطوي على تعطيل إرادته والشك باهتمامه بأمور هي الأكثر مركزية والأبعد أثراً على كلّ مرافق حياته.
ولو طالعنا الواقع بعيداً عن جدليات المعاني والقيم، لوجدنا أن الفلسطيني "الشبعان" أو الذي تتاح له خيارات أخرى لا يتخلّى عن هويته وقضيته إلا في القليل النادر. ألا نجد أن المتمولين الفلسطينيين الكبار أمثال عبد المحسن قطان وحسيب الصباغ وألبير أغزاريان يبذلون جهد العمر وجناه من أجل قضيتهم؟ وألا نرى أن الموهبة والعلم الفلسطينيين جنّدا لما اعتبره أربابهما قضيتهم الأم وهمّهم الأكبر؟ فالتعداد يطول لأمثال غسان كنفاني ومحمود درويش وإميل حبيبي وميشال خليفي وأخيراً الصبية التي تحمل عائلتها الجنسية الأميركية منذ أكثر من جيلين والتي ناضلت واجادت من خلال فيلمها "أميركا"، إلى أمثال إدوار سعيد وابراهيم أبو لغد ووليد ورشيد الخالدي واسماعيل الفاروقي وأنيس صايغ.
ومنهم من أتعبتهم هويتهم الوطنية وأحبوا الاستعاضة عنها أو إردافها بهوية أخرى دون أن ينسوا وطنهم الأساس وحقهم المسلوب، أفلا يحق لهم كما لسواهم شق الطريق الذي يريدون من خلال الدراسة والعمل؟ لماذا تفتح سبل الهجرة والعلم وحريّة تقرير المصير للبنانيين بينما يفرض على الفلسطينيين إكراهاً أن يعيشوا في سجن مؤبّد لا نافذة فيه لطموح أو مجال لتحقيق مستوى أفضل من العيش؟ لو كانت الغاية هي فقط عدم توطين الفلسطينيين في لبنان، فوضع قانون بهذا الشأن يفي بالغرض، من غير فرض أوضاع تضيّق الخناق على قدراتهم وتحبط هممهم وتدفعهم نحو السلبية واليأس.
إن الكلام على الحرية والديموقراطية وعلى حقوق الإنسان التي نتشدّق تكراراً بمساهمة لبنانيّ في وضع شرعتها يتعارض مع مواقف يتخذها لبنانيون كثر من حقوق الفلسطينيين المقيمين في لبنان. وهذه المواقف تتذرّع بأسباب شبيهة بما يتذرّع به سائقو المصلين بالعصا ودافعو الفتيات نحو زواج لا يختارونه إلا كأفضل شرين. فأين حقوق الأنسان ممّن لا يتركون للآخرين خياراً وممن يدفعون بهم قسراً أو بفضل القهر والظلم نحو غير ما يختارونه؟ وهل كان من خدموا القضية ليقدرون على الخدمة لو أوصدت في وجوههم أبواب العلم وحرموا من جني ثمر جهدهم؟
في الأيام القليلة الماضية فقدنا علمين من أعلام الصدق والجرأة في التعبير عن عصارة العقل والإرادة. فالسيد محمد حسين فضل اللّه اجتهد وجاهر بالمواقف التي أملاها عليه العقل والضمير والقراءة الخيّرة للواقع المعيش. وكثيراً ما أغضبت مواقفه المتزمتين والظالمين من دعاة تديّن متزمّت يغلق الأبواب على المنطق ولا يحفل لو فتحت للظلم والقهر. ونصر حامد أبو زيد قاسى النفي والإجحاف في حقوقه الأكاديمية والإنسانية، وكاد الإكراه على تطليق زوجته منه يطاله. كل هذا بسبب المجاهرة بما اقتنع به من قراءة تاريخية لنزول القرآن الكريم. أما ما ندّعيه من أجل إكراه الفلسطينيين على التمسّك بأرضهم فهو على نقيض الصفات التي تحلّى بها الراحلان الكبيران اللذان أخشى أن نفتقدهما لزمن طويل إن لم يحلّ بيننا مشابهون لخلقيتهم العالية التي لا يكون التغيير نحو الأفضل إلاّ بما يماثلها. مراءاة وتكاذب تختفي وراءهما العنصرية وحبّ التحكم بمن جار الزمان عليهم (وكثيراً ما يقابله الانبطاح المهين أمام من منّ الزمان عليهم بالثروة وما يناط بها في زمننا السعيد هذا من سطوة وسلطان). ومن البراهين السافرة على هذه المراءاة مصادقة بعض دعاة إكراه الفلسطينيين على حبّ أرضهم لسارقي أرض فلسطين، من جهة، وتجنيس الفلسطينيين من طوائف بعينها، من جهة أخرى. فكلا الظاهرتين تدلّ على أن الغيرة على حق العودة للفلسطينيين ما هي إلا حجة يتخذها البعض وما يراد في الواقع من ورائها هو باطل وظالم ولا ذرّة فيه من التعاطف الإنساني أو "الأخوي".
ليت المتداولين في مسألة أوضاع الفلسطينيين في لبنان يقتدون بصدق العالمين الراحلين مؤخراً بدل تعطيل عام يوجد سابقة ما كان أمثالهما ليرضوا عنها. ليتهم يفصحون عن حقيقة مراميهم ويسعون جهاراً إلى تحقيقها بعد الحوار الصريح حولها. فالحوار مستحيل مع التكاذب، وتحقيق أي إنجاز نحو الإصلاح لا ينتج عن النوايا السيئة المبيتة ولا عن العنصرية والأنانية، وهاتان لا بدّ أن تقابلهما عنصرية مضادة وحقد وتزمّت وأذى. وإكراه الناس، حتى على ما فيه مصلحتهم، ينطوي على إهانة لا تولّد إلا الحقد حتى عند من ندّعي أننا نبتغي خيرهم، خاصة عندما يعلمون كما نعلم أن كلامنا هذا مراءاة وادّعاء، ممّا يفقدنا المصداقية، إزاءهم وإزاء سواهم.
بل ليت متسلمي قياد دفة الوطن يقلعون عن تكاذب مماثل في الكلام على مسائلنا الوطنية العالقة حتى نواجهها بصدق ونجد الحلول الشجاعة لها. فمثلاً بعد كل سلوك طائفي سافر، يتسارع المراؤون لنفي تعزيزهم للطائفية ومتاجرتهم بما تجيّشه من غرائز يستقوون بها، فيتحدثون عن الوحدة الوطنية والمساواة والسيادة وغيرها من كلام جميل يحاولون به تمويه حقائق يعرفها الجميع، بينما عوراتهم ظاهرة للعيان وكلامهم الذي يعلم الجميع بعده عن حقائق سرائرهم لا يحرّك في السامعين إلا الملل وإحباط الأمل في أي بادرة إصلاحية.



#نجلاء_حمادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نجلاء حمادة - إكراه الفلسطينيين على حب وطنهم