ميتشيل وبلير يبيعان سمك البحر للفلسطينيين

محمد خضر قرش

الحوار المتمدن-العدد: 3053 - 2010 / 7 / 4 - 11:36
المحور: القضية الفلسطينية
    

محمد خضر قرش – القدس
لا أعلم كم باحثا أو متخصصا أحصى عدد المبعوثين والممثلين الدوليين والاقليميين والمندوبين الذين تم إنتدابهم للبحث في أزمة الشرق الأوسط ، وبالتحديد منذ ما بعد حزيران عام 1967 . ومن أراد إلقاء المزيد من الضوء حول العدد والمهمات عليه أن يقارن بين عددهم وجنسياتهم ومهماتهم في الشرق الأوسط وعددهم في الأزمات المنتشرة في أنحاء العالم . ولان هذا ليس هو موضوع بحثنا ، رغم أهميته ، فإن من شأن معرفته إعطاء صورة أو لمحة موجزة عن حجم الوهم والغباء السياسي الذي تتصف به القيادات العربية والفلسطينية . فمنذ الجولات المكوكية للمبعوث الدولي غونار يارنغ – لمن ما زال يتذكر أسمه - عام 1967، حتى إنتهى الأمر بجورج ميتشل وطوني بلير، توسط في حل هذه الازمة عشرات المبعوثين الدوليين لمحاولة التوسط بين إسرائيل وبين العرب والفلسطينيين في محاولة لحل الأزمة دون جدوى يمكن تسجيلها أو توثيقها أو الإحتفاظ بها. ومع كل مبعوث جديد تبدأ نفس الحكاية والرواية مع إختلاف المندوب نفسه وأحيانا جنسيته . فالأولى تعارفية والثانية تمهيدية والثالثة لسماع وجهات النظر والرابعة لطرح الافكار والخامسة لجسر الهوة والسادسة لتسليم ورقة نقاش والسابعة لتحديد نقاط الإتفاق والاختلاف والثامنة للتحضير لعقد مؤتمر دولي والتاسعة لتحديد أسماء الأطراف المشاركة والعاشرة لتحضير جدول الاعمال والحادية عشر للإتفاق على صلاحيات المؤتمروالثانية عشر لتنظيم جلوس المشاركين والثالثة عشر للإتفاق على كلمات المندوبين والوقت اللازم لكل كلمة والرابعة عشر للإتفاق على البيان الختامي والخامسة عشر لإختيار مكان عقد المؤتمر والسادسة عشر للمتابعة ...الخ .وكل هذه الجولات تتم في ظل توسع الإستيطان وتهويد القدس وشن الحروب ضد الفلسطينيين واللبنانيين والعرب . والنكتة الغبية غير المضحكة أن جولة كل مبعوث تبدأ من نقطة الصفر وتجب ما قبلها والأنكى والأمرمن ذلك ،أن جولة كل مبعوث تجد آذانا صاغية وترحيبا عربيا وفلسطينيا منقطع النظير. منذ 43 عاما والمبعوثون الدوليون لم تنقطع أرجلهم ولم تقصر ألسنتهم وتتقلص نفقتهم المدفوعة على بند المساعدات للشعب الفلسطيني . ماذا سيحقق جورج ميتشيل وطوني بلير من جولاتهم المتكررة والمملة ؟؟ العشرات قبلهما لم يحققوا شيء وزيارات رؤساء الدول العربية الكثيرة جدا ومثلها من رؤساء العالم إلى المنطقة العربية لم تحرك إسرائيل بوصة واحدة عن مواقفها ،اللهم سوى الكانتونات ( المعازل) والانقسام الذي نعيش به منذ 1994 . لقد تحول طوني بلير وبشهادة المحللين والرسميين الإسرائيليين أنفسهم إلى مسوقٍ ومبرر للتصرفات والسلوكيات الإسرائيلية . فقد تمكن من تحويل الأنظار عن إسقاط وكسروإنهاء حصار غزة إلى إنتظار قائمة السلع الإسرائيلية الممنوع دخولها إلى القطاع والتي لم تسلم بعد ،وسط ترحيب وموافقة عربية وعدم إعتراض فلسطيني جدي.أما جورج ميتشيل فبات كل همه الإنتقال إلى المفاوضات المباشرة بدون شروط مسبقة !! وهذا يوحي وكأن الفلسطينيين يضعون شروطا مسبقة ، مع ان حقيقة الموقف انهم لم يفعلوها ولا مرة واحدة . فوقف الإستيطان هي ضمن مستلزمات ومتطلبات خريطة الطريق التي شارك فيها جورج ميتشيل وثبتها جورج تينت نفسه وأضيفت كوثيقة من وثائق الصراع العديدة المهملة وغير المعمول بها والمجمدة . والغريب في الأمر ان موافقة الجانب الفلسطيني على إستئناف المفاوضات غير المباشرة تمت بعد أن تعهد جورج ميتشيل شخصيا وقام بدق يده اليمنى على صدره ملتزما ببحث قضية الحدود خلال الشهورالأربعة التي حددت للمفاوضات ،امام الرئيس أبومازن بحضور الوفدين الفلسطيني والإميركي في مقر الرئاسة . لقد تحولت مهمة ميتشيل إلى تسهيل مرور السلع والبضائع إلى قطاع غزة ،بدلا من البحث في موضوع الحدود . وطبقا لمصادر مطلعة على الإجتماع الذي تم بين د . سلام فياض وميتشيل ، فإن الأول أبدى إستغرابه من جولة ميتشيل على المعابر ،معتبرا ان هذه هي من مهمات نظمي مهنا وليست من إختصاص ميتشيل . نتنياهو كان صريحا وواضحا حينما قال بإنه لن يبحث مسألة الحدود مع الجانب الفلسطيني قبل مناقشة المواضيع الأمنية والإتفاق عليها والتي سيكون من ضمنها القواعد العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية والمجال الحيوي الإسرائيلي ..الخ. مهمة ميتشيل كمهمة بلير كلاهما يرغبان ببيع سمك البحر للفلسطينيين والعرب . وللأسف فإن في الجانب العربي والفلسطيني من لديه الإستعداد للإنصات والإستماع جيدا لوجهة نظر ميتشيل ومن ضمنها الموافقة على شراء السمك في البحر . ستمضي وتنقضي الشهور الأربعة المحددة للمفاوضات غير المباشرة دون ان تسجل خطوة واحدة إلى الامام وسيذهب الفلسطينييون إلى المفاوضات المباشرة بقرار من مجلس الجامعة العربية الذي بات يشبه مجلس الشعب المصري أو السوري أو أي مجلس نواب عربي .من هنا وحتى تتغير العقلية التفاوضية الفلسطينية لن تحقق المفاوضات المباشرة وغير المباشرة أية تقدم يمكن ذكره أو تدوينه. شاب فلسطيني لم يزد عمره عن 18 عاما سألني كل الإجتماعات المباشرة التي عقدت على إمتداد العقدين الماضيين بين الفلسطينيين والإسرائيليين في كامب ديفيد وانابولس وطابا وشرم الشيخ ولندن وواشنطن وباريس والقدس ورام الله لم تسفر عن شيء يذكربما فيها الحدود ،فهل من الممكن تسجيل نجاحا أو إنجازا في الأربعة شهور الحالية والتي إنقضى منها اكثر من شهر؟؟؟ قلت له عليك توجيه سؤالك إلى كبير المفاوضين الفلسطينيين الذي لم ولن يتغيرحتى يرث الله الأرض ومن عليها أو يقضيً الله امرا كان مفعولا .

#محمد_خضر_قرش (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات