أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رندا قسيس - عداء -الانا- للحرية














المزيد.....

عداء -الانا- للحرية


رندا قسيس

الحوار المتمدن-العدد: 3019 - 2010 / 5 / 30 - 11:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في غالبية الاحيان يتم التعرف على الافكار المختلفة لفهمها من خلال توافقها و تطابقها مع مفاهيمنا الشخصية -فمثلاً- عند التعرف على وجه ما و معرفة درجة صلته بنا، يتم ذلك عبر المنطقة اللحائية للدماغ لتقديم هوية الشخص المعني، بينما تقوم منطقة اخرى في الدماغ باستخراج معلومات القرابة او الصلة، و يتم ذلك عبر عمل مشترك للمنطقتين من خلال الالياف اللحائية التي تمد و تغذي التدفق الواعي للمعطيات.

من هنا نستطيع ان نقول ان استيعابنا او ادراكنا للامور الخارجية المرسلة من الذوات الاخرى، عبارة عن "انوات" صدامية او متوافقة فيما بينها، فإذا تمعنا قليلاً في تداول "الانا" الشخصي للنصوص و الكلمات و العبارات، نراها ترتكز و بالتحديد على القاعدة البيولوجية اولاً، و من ثم على المعلومات و التجارب المخزنة في ذاكرتنا الطويلة، و التي تعكس اختلاف كل منا.
اذاً نستطيع القول ان فهمنا و تعاطينا مع الامور يتم من خلال "الانا" المركبة و التي لا تخلو من الخيال، فلا يمكننا ان ندعي بموضوعية الامور بنسبة كاملة، انما ما يمكننا عمله هو محاولة تداول اي فكر او مفهموم خارجي او غريب عن الاسس البنيوية للادراك الانوي من خلال تحجيم "الانا" الفردية للسعي وراء المعرفة و الاكتشاف.

بالطبع يختلف النموذج الانوي حسب الثقافات و المجتمعات، و هذا ما لقبه الانتربولوجيون ب" النموذج الثقافي"، فقد لوحظ ان الافراد الذين يتداولون نصوصاً مختلفة عن ثقافاتهم، يصعب عليهم فهمها، فيضطرون للجوء الى بناء النص من جديد، كي يقوموا بإعطائه مفاهيماً مختلفة عنه ليتناسب مع مفهومهم الثقافي، او في بعض الاحيان يقومون برفضه و رميه و ذلك لصعوبة تداولهم معه.
بناءً عليه، اعتقد الاختصاصي بعلم النفس "فريدريك بارتيليت" بوجود مخططات مختلفة في دماغ الانسان، هذا المخطط يتشكل من خلال الغرائز، و التي تلعب الدور الريادي، ليأتي بعدها عامل المثل و الاخلاق الاجتماعية المختلفة بين مجتمع و آخر، و لا ننسى ايضاً دور المصالح التي تلعب دوراً هاماً في تشكيل هذا النموذج الثقافي على حد تعبير الانتربولوجيين.

اخترت هذه المقدمة محاولة مني شرح بعض آليات التجاوب و التعاطي عند الافراد لما هو مختلف عن تفكيرهم، سعياً لتفسير حالة عدم الاصغاء، او عدم فهم ما يريد الاخر إرساله.
شخصياً، اعتقد ان الامر مرتبط بحالة انوية، فعند تخلينا نوعاً ما عن "الانا" الساعية دوماً لتأكيد نفسها، و عند تعلمنا ان "الانا" المختلفة ليست بالضرورة حالة الغاء لشخصنا، بل يمكنها ان تكون مكملة، كي نستطيع ملء الفراغات الواسعة علنا يوماً ما نستطيع التوصل الى ادراك اكبر و تجانس مع "الانا" الاخرى ليتم بعدها التناغم مع كافة الاجناس الحية و مع الطبيعة نفسها، و ربما نستطيع بعدها التصالح مع غريزة الموت لمعانقة الحرية و العودة الى المادة اللاحية حيث الراحة، و انعدام الوعي، و الكف عن الصراع الوجودي، و من اجل التصالح معه، ارى انه من الافضل ان نبحث عن الانتصار على الالم، فالموت يمثل لنا الخوف و القلق من الالم و الفناء، و هدفنا ليس الانتصار على الموت بل الحياة و الموت من دون الم، لهذا اجد ان المحاولات الهادفة لتقليل مبدأ الهيمنة، و الخروج من دائرة الصراع المدعومة من "الانا" تصب في مبدأ الحرية نفسها.

ربما يكون لكلماتي صدى مختلف عما اريد ان اعبر عنه، الا انني اؤمن بجميع المحاولات الفردية دون الوقوع في فخ الصواب، فنحن جميعاً ننتفس من هذه الذات ، و نعارك لاثبات "الانا" سعياً منا الى تحسين الحالة اليومية و التي تغذي حالة الهيمنة على الآخر، انه مبدأ الواقع المتعارض مع غرائزنا و الداعم لتأجيل مبدأ اللذة من اجل التصعيد الحضاري.
لكن علينا طرح السؤال التالي، الا يصب التصعيد بشكل او بآخر في خانة "الانا"، ليعززها و ليحرفها عن جميع الابعاد التاريخية و الغريزية؟ اي بمعنى اخر، اعتقد ان التسامي و التصعيد من دون وعي للامور الخارجية لا يمكنه الا ان يؤجج حالة انحصار في الرؤى و المفاهيم. الم تأتينا الاساطير، و الاديان، و الايدلوجيات من اجل التصعيد بشكل لاواعي لدى الافراد و المجتمعات حتى اصبحنا قطيعاً لا يفقه معنى التجارب المختبئة وراء العبارات و الكلمات؟
اذا دققنا النظر اكثر، نجد ان جميع المنغلقين على مفاهيمهم و ثقافاتهم، (هنا اعني الثقافة بشكل شامل)، يعانون من فهم الافكار المطروحة المختلفة عنهم، و الانجراف وراء كلمات براقة لا يعوها و لا يشعروها، لهذا نرى الانفصام ما بين سلوكياتهم و اقوالهم.
نعم، جميعنا نقع في فخ "الانا" العارفة لكل شيئ، الا اننا و بفضل وعينا المتراكم و محاولاتنا الجدية لاستقبال الافكار، نستطيع ان نحجم هذه "الانا"، و بتحجميها يمكننا الانطلاق عبر مسافات شاسعة لادراك الاخر، و عند اختراق الجدار الفاصل بين "الانوات" نستطيع امتصاص الذوات الاخرى لاكتساب ادراك اوسع.

ما يتوجب عمله اليوم، هو نبش جميع التجارب الفردية، و الجماعية، و القيام بعملية تصالح ما بين مبدأ الواقع مع مبدأ اللذة و الغرائز، و هذا لا يتم الا بعد السفر و التجوال في الماضي، و الادراك ان الصواب متواجد في كل فرضية، و في كل تجربة انسانية، انه مفهوم التكامل و ليس الالغاء.

قبل ان انهي مقالي، اود لفت الانتباه الى تضخيم "الانا" المتواجد عند جميع الافراد و المجتمعات، الا اننا نلمسه بشكل واضح في مجتمعاتنا، حيث نرى ظاهرة الاستخفاف بالآخر و بمحاولاته الجدية الهادفة على الاقل للتعبير عن ذات فردية، او ليس من الاجدر بنا الابتعاد عن حالة تقييم الافراد؟ من الجميل تبني هذا القول كلامياً، الا انه من الامتع ان نتبناه فعلياً.
من السهل جداً الوقوع في فخ "الانا" و الركض وراء طعن الافكار التي لا تلائم مسارنا، و هنا علينا الحذر و الابتعاد عن هذا الفخ، و الاقتناع ان المعرفة لا تأتي الا بعد توسيع ادراكنا و الحد من رغباتنا الذاتية الصغيرة.



#رندا_قسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجماع و لحظة العودة الى الرحم
- عدوانية الصور الابراهيمية
- متلازمة الجنس و الموت
- لا حرية لسارقي الحريات
- انتعاشات باريسية حرة-2
- انتعاشات باريسية حرة-1
- ابناء الخطيئة
- الفكر، الدين خطان منفصلان
- هذيان الرسل
- الدين، وجه آخر للخرافة
- اللاوعي بين الثابت والمتغير
- رهاب الالحاد
- -اردي- بين داروين و الدين
- نظرة انتربولوجية لمنبع الاخلاق
- اقتباس الاله للانا الاعلى
- العنصرية الرابعة
- اثر الفلسفة الصينية على اوروبا الثامن عشر
- العقم الفكري في التفكير الطائفي
- البحث عن الخالق
- غيبوبة المجتمع العربي


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رندا قسيس - عداء -الانا- للحرية