أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق الطائي - محمد عمارة من وهج اليسار الى الانكفاء الطائفي















المزيد.....

محمد عمارة من وهج اليسار الى الانكفاء الطائفي


صادق الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 2988 - 2010 / 4 / 27 - 16:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



من يقرأ المشروع الفكري للكاتب الاسلامي د. محمد عمارة ، يرى وبوضوح ان الرجل كان مفكرا يساريا واعدا في حقبة الستينات تعرض للملاحقة والمضايقة ابان الحفبة الناصرية في مصر وصراعها مع اليسار المصري، وكان للرجل ما يميز مشروعه الفكري وهو الاعتناء احياء رموز النهضة العربية قديما وفي التاريخ الحديث وربما كان هذا الانشغال هو المدخل الذي ادخله الى ما اصبح عليه اليوم كمفكر اسلامي ، والطامة انه محسوب على التشدد لا على مفكري الاسلام المعتدلين.
ففي عموده الاسبوعي (هذا اسلامنا ) في جريدة القاهرة عدد 24 /ابريل /2007 يقول (ان المقاومة شيء ومذهب المقاومين شيء اخر ..والصمود والبطولات ليست وقفا على دين بعينه ولامذهب بذاته ) وهي مقولة موضوعية علمية نتفق معها كل الاتفاق ،الا ان الكاتب لايلبث ان يعقبها بأستدراك مخل ربما لخص الفكرة الاساسية للمقال حيث يقول (والمقارنة بين اهل السنة والجماعة في الجهاد والمقاومة قديما وحديثا وبين الشيعة هي كمن يقارن بين الثريا وبين الثرى ..كما شهد على ذلك وتشهد حقائق التاريخ ).
ونتسائل اي حقائق تاريخ تلك التي اورد بعضها الاستاذ عمارة ليصل الى هذا التعميم المخل ؟ وكيف تم له لوي عنق الحقيقة ليصل الى هذه النتائج ؟
بدءا نقول ان المذهبية شيء والطائفية السياسية شيء اخر ،ان المذهبية بما فيها من تنوع في المذاهب الاسلامية حقيقة واقعة بل هي من التنوع المثري في الاسلام (اختلاف امتي رحمة –حديث شريف )وان هذه الظاهرة لها اسبابها التاريخية التي اوجدتها ولامجال هنا للخوض في تفاصيلها ، اما الطائفية السياسية فهي ايديولوجيا سياسية تستند على فكر ديني لمجموعة او طائفة ما وغالبا ما تدعي امتلاك الحقيقة المطلقة وتتعامل مع الاخر بمنطق الرفض اوالاجتثاث او في احسن الاحوال التهميش ، ان ماقدمه الاستاذ عمارة في مقاله من شواهد تاريخية جاءت نتيجة النظر بعين واحدة مصابة برمد الطائفية السياسية فاوصلته الى هذه الصورة الشوهاء التي قدمها على انها (حقائق التاريخ ) .
ان نظرية السبب الواحد في العلوم الانسانية قد تم تجاوزها منذ اكثر من قرن ورغم ذلك مازال البعض يستخدمها وبتطرف كما هو الحال في المقال المشار اليه ، فمن المقدمات التاريخية التي ساقها الاستاذ عمارة في بداية المقال ليصل الى استنتاجه الذي اشرنا اليه قوله (ان الاستعمار الغربي استغل التشيع الصفوي الايراني في اضعاف الدولة العثمانية ثم اخذ في احتلال ولايات هذه الدولة الاسلامية الجامعة ولاية بعد بعد ولاية حتى عمت بلوى الاستعمار الانجليزي والفرنسي والايطالي اغلب بلاد الاسلام ).
ونحن نقول ان الصراع بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية هو صراع استعماري محض على المستعمرات الاسواق والنفوذ وقد ذاق اهل العراق بكل طوائفه الامرين جراء هذا الصراع فتارة يقعون تحت نير الاحتلال العثماني وتارة تحت نير الاحتلال الصفوي وما من فرق بين الاثنين الا الصبغة الطائفية التي تحاول الدولتين من خلالها تغطية اطماعها ،اما ان الاستعمار الغربي استغل التشيع ليقضم ولايات الدولة العثمانية الواحدة بعد الاخرى فالكل يعلم حال( الرجل المريض) كما كانت تسمى الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر ثم لااعلم اين ومتى وكيف استغل الاستعمار الغربي التشيع ليحتل ولايات عثمانية هل في الحملة الفرنسية على مصر التي تعتبر فاتحة الاستعمار الغربي للدول العربية في العصر الحديث؟ ام في احتلال فرنسا للجزائر وتونس والمغرب واغلب بلاد الشام ؟ ام في احتلال بريطانيا لمصروسواحل الخليج والعراق؟ ام في احتلال ايطاليا لليبيا ؟ ام في احتلال اسبانيا لمراكش ؟
ان المعطيات التاريخية الموضوعية تخبرنا ان مرجعيات النجف وكربلاء والكاظمية لم يكتفوا باصدار فتاوى الجهاد بوجه الاحتلال البريطاني عام 1914 وانما قادوا جبهات القتال وعلى رأسهم المرجع الديني الاعلى اية الله كاظم اليزدي واية الله محمد سعيد الحبوبي يساعده في القتال العديد من علماء الشيعة نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الشيخ عبد الكريم الجزائري والشيخ جواد الجواهري والشيخ علي الشرقي والشيخ محمد باقر الشبيبي والسيد كاظم الحلو واية الله السيد مهدي الحيدري اكبر علماء الكاظمية الذي خرج للجهاد وهو مثقل باكثر من ثمانين عاما ،... الخ، ومنهم من استشهد في جبهات القتال ومنهم من جرح ومنهم من ذاق ويلات الاختباء بعد تلك الحرب ، وفي نفس الوقت ولقناعات سياسية ووجهة نظر مختلفة تولى السيد عبد الرحمن الكيلاني –نقيب اشراف بغداد والمرجعية السنية العليا في العراق – رئاسة اول حكومة تحت ظل حكم الاحتلال المباشر فيما عرف بالوزارة الكيلانية الاولى قبل ان يصار الى تنصيب الامير فيصل بن الحسين ملكا على عرش العراق ليشكل الكيلاني بعد ذلك وزارته الثانية تحت ظل الحكم الوطني .
ان الثورة العراقية الكبرى – ثورة العشرين – التي اندلعت عام 1920 كانت ثورة العشائر في منطقة الفرات الاوسط الشيعية ومن قادها هم المرجعيات الدينية في مدن الشيعة المقدسة وهي التي كانت السبب الرئيس في تغيير السياسية البريطانية من الادارة المباشرة الى الادارة الوطنية وربط العراق بمعاهدة الانتداب المشهورة .
كذلك ان من قام بالثورة الكبرى في بلاد الشام عام 1925 في جبال الدروز وجبال العلويين هم شيعة ودروز وعلويين،وهم كما هو معروف يرتبطون مع الشيعة في الاصول البعيدة .
ثم ومن ناحية اخرى ولتبيان لوي عنق الحقيقة نتسائل ،هل كانت جبهة التحرير الجزائرية سنية ومن ( ااتباع امام دار الهجرة انس بن مالك ) كما حاول المقال ان يفهمنا ؟ بالتأكيد ان هذا خبط عشواء انها حركة سياسية علمانية استلهمت روح الاسلام لما كان يمثله من رمزية عالية في مقاومة الاحتلال الفرنسي ، ان الحركات التي ولدت في النصف الاول من القرن العشرين وقادت وتحملت اعباء حركات التحرر الوطني كانت حركات سياسية قومية اوليبرالية او ماركسية علمانية تتصارع ضمن حراك سياسي وطني كان موجودا في دول العالم الثالث كله ،ولم يمت مليونا شهيد في الجزائر كسنة كما يشير المقال وانما كشهداء حركة التحرر الجزائرية ولدينا دليل وشاهد من الامس القريب الذي رأيناه بام اعيننا الا وهو الصراع الدموي والمفجع بين حركات الاسلام السياسي الجهادي (السنية ! ) التي خرجت من عباءة جبهة الانقاذ الاسلامي وبين جبهة التحرير الجزائرية وكذا الحال بين من حرر مصر وليبيا وتونس والمغرب من الاستعمار الغربي من جهة وبين الحركات الاسلامية الجهادية (السنية ) من جهة اخرى ، اذن هو صراع سياسي محكوم بمنطق وقوانين بعيدة كل البعد عن المذهبية الفكرية سنية كانت ام شيعية .
اما في احداث الامس القريب التي يحاول المقال ليها ايضا وكل العالم شاهدها على شاشات التلفاز ، نقول ان فترة الحرب الاخيرة التي شنتها الولايات المتحدة مع دول التحالف على العراق من 20/3/2003 الى 9/4/2003 هي فترة مقاومة وقتال في المدن ذات الاغلبية الشيعية –لان الهجوم كان من جهة جنوب العراق فقط –كلنا شاهدنا قتال مدن الجنوب من ام قصر في اقصى الجنوب مرورا بحرب الشوارع في كربلاء ومقاومة محافظة بابل وصولا الى العاصمة العراقية بغداد وسقوط نظامها المدوي ،اما مدن العراق ذات الاغلبية السنية شمال وشمال غرب بغداد فقد دخلها الامريكان دون قتال وهذا الامر جاء محصلة حاصل بعد اخنفاء القيادة المركزية وتركها الشعب كل يتولى امر نفسه وضمن رؤية قيادات فيالق الجيش العراقي في هذه المدن وللوصول الى انقاذ مايمكن انقاذه فقد تم الاتفاق على دخول الامريكان الى هذه المدن على ان لاتتعامل مع قوات الجيش العراقي كأسرى حرب وان لاتدمر المدن وهذا ما تم ضمن ظروف الواقع الموضوعية في تلك الساعات ،وهذا ما حصل في محافظات الرمادي وصلاح الدين ونينوى وديالى ،فأين هم الشيعة الذين فتحوا ابواب بغداد للمحتل كما يدعي الاستاذ عمارة ؟
اما موضوع العملية السياسية في العراق و(من يحكم العراق من المنطقة الخضراء) ،فانه ومنذ اليوم الاول لتشكيل مجلس الحكم الانتقالي ، وهو الصورة الاولية لنظام الحكم لعراق ما بعد صدام ،نقول منذ اليوم الاول لهذه التجربة التي لم تخل بالتأكيد من الاخطاء ،شاهدنا الكثير بل ربما الابرز من رموز السنة في العراق قد اشتركوا في هذه التجربة وكانوا لاعبين فاعلين في العملية السياسية ويقف في مقدمتهم الحزب الاسلامي العراقي (وهو احد اشكال تنظيم الاخوان المسلمين ) ممثلا بأمينه العام وكذلك العديد من الشخصيات السنية البارزة سواء كانت علمانية ام اسلام-سياسية مثل الشيخ غازي الياور شيخ مشايخ شمر اكبر القبائل السنية في العراق والدكتور عدنان الباججي وزير خارجية العراق اللاسبق والاستاذ نصير الجادرجي رئيس الحزب الوطني الديمقراطي ..الخ وغيرهم ممن خططوا لمقاومة الاحتلال سياسيا وحاولوا تقصير عمر الاحتلال لاقصر امد ممكن ، اما من لم يدخل العملية السياسية ورأى ان يقاوم المحتل عسكريا من حركات الجهاد السنية وتيارات شيعية مثل التيار الصدري وتيار الخالصي وتيار المرجع الصرخي نقول ان لهم وجهة نظر اخرى في مقاومة الاحتلال ولكن يبقى مشروطا على المقاومة الحقيقية ان لايكون الدم العراقي ثمنا بخسا لاقتتال طائفي .
ان في عراق اليوم سنة وشيعة دخلوا العملية السياسية وشكلوا برلمانا اكثر تمثيلا وديمقراطية من العديد من دول المنطقة -شارك في الانتخابات اكثر من 13 مليون ناخب يمثلون اكثر من 80% من عدد الناخبين - افرز حكومة تحاول ان تعمل شيئا للعراق ولو بتعثر لان تركة الزمن الذي ولى ثقيلة على كل من يتصدى لهذا الامر ومن الاجحاف بل والظلم ان نرمي كل هؤلاء بتهمة العمالة والخيانة ، ان التعميم الذي يطلقه محمد عمارة على عواهنه لا يخدم الا الاحتراب الطائفي البغيظ الذي يمزق قوى الامة في وقت نحن احوج فيه الى الحوار وتقبل الاخر والسعي في مشروع نهضوي ، وان لا نتخدر او ننام على مقولات لاتغني ولاتسمن يطلقها البعض هنا وهناك من قبيل بأننا الامة الاقوى التي قبرت اربع امبراطوريات في ارضها ، فالكل يعلم اننا في الصراع العالمي مانزال موضوع وهدف وضحية هذا الصراع ولن نكون فاعلين ومؤثرين ولاعبين اساسيين دون امتلاك مشروعنا النهضوي الحقيقي ،وهذا الامر بالتأكيد لن يأتي بخطاب طائفي نستعدي فيه بعضنا على البعض ،انما تكون اولى خطواته الحوار البناء ونبذ الفرقة الهدامة .



#صادق_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية لكتاب التطهير الثقافي او التدمير المتعمد للعراق


المزيد.....




- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق الطائي - محمد عمارة من وهج اليسار الى الانكفاء الطائفي