أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الهادي حسين - سكرتير الحزب الشيوعي العراقي: الشارع العراقي يتساءل إن كان الأمريكان سيختارون أحد الموالين لهم لحكم العراق - العراق ليس أفغانستان ومن الصعب رؤية حربين في الشرق الأوسط في وقت واحد















المزيد.....


سكرتير الحزب الشيوعي العراقي: الشارع العراقي يتساءل إن كان الأمريكان سيختارون أحد الموالين لهم لحكم العراق - العراق ليس أفغانستان ومن الصعب رؤية حربين في الشرق الأوسط في وقت واحد


عبد الهادي حسين

الحوار المتمدن-العدد: 188 - 2002 / 7 / 13 - 07:39
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

 


في ندوة عقــــدت فـــــي لنــــــدن منتصـــــف شهر حزيران (يونيو)، تحـــــــدث سكرتير الحزب الشيــــوعي العراقي حميد مجيد موسي عن تطورات القضية العراقية مشددا علي أنها تأثـــرت بشــــكل كبــير باحــــــداث الحادي عشر مــــــن ايلــــول (سبتمبر) الماضي.
وحضر الندوة سياسيون ومندوب عن (الزمان)، ويعكس المتحدث في ارائه جانباً من مواقف المعارضة العراقية التي تضم اتجاهات متباينة خاصة من جهة صلتها بالولايات المتحدة ورؤيتها حول مستقبل البلاد.
وفي الآتي ما ورد في المحاضرة:
شهد العالم احداثا كبيرة ترتبت عليها انعكاسات مباشرة خاصة علي قضية وطننا، واقصد بذلك احداث 11 ايلول (سبتمبر) المشؤومة وما نجم عنها من مضاعفات وتداعيات.
ولست بصدد إعادة البديهيات المعروفة لديكم. وانما ستكون مهمتي فقط التركيز علي ما يحتمل ان يحصل بالعراق، ارتباطا بالتطورات التي جرت بالمنطقة، وفي العالم. اعتقد كلنا شهود علي ما جري في واشنطن ونيويورك، حيث ادينت تلك العملية باعتبارها عملا ارهابيا، وايضا لا أريد ان ادخل في تعريف الارهاب وما نعنيه نحن بالارهاب وما تعنيه السياسة الرسمية الامريكية بالارهاب، وما يترتب علي هذا الفهم من ممارسات وسلوكات سياسية. المهم في كل ذلك هو الوصول الي النتيجة التالية: إن السياسة الرسمية الامريكية اعتبرت العراق الهدف الثاني بالحرب ضد الارهاب، والذرائع كما نشرت، وكما يجري الحديث عنها، تتلخص اولا: في محاولات اتهام أو تورط النظام بمساندة بن لادن او تنظيم القاعدة او في نشر الانتراكس (الجرثومة الخبيثة).
حقا إن النظام العراقي هو نظام ارهابي، وحينما لا تثبت عليه تهمة المشاركة في العمل الارهابي في واشنطن ونيويورك لا يعني انتفاء صفة الارهاب عنه، ولكن الاختلاف في ما نقصده اننا نعتبر النظام ارهابيا في حق شعبه وفي حق جيرانه، أما الامريكان فلهم حساب آخر في العراق. الآن يبحثون عن ذريعة جديدة، ذريعة متيسرة، خصوصا وأن مستحقات قرارات الأمم المتحدة سارية المفعول لحد الآن، فالعراق لم يدمر أسلحة الدمار الشامل، ويرفض عودة المفتشين، وهذه في حد ذاتها ذريعة كبيرة، وهي ايضا شرعية قانونية تستند إليها الولايات المتحدة الامريكية ومجموعة الدول الاوروبية واعضاء مجلس الأمن، وغيرهم من أعضاء الأسرة الدولية، وحتي بلدان عربية ترفض الحرب وتدين التدخل العسكري ولا تتسامح مع النظام العراقي في تلكئه في رفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وبالذات تصفية اسلحة الدمار الشامل.
هل حقا ستقوم الادارة الامريكية باتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ ما اعلنته؟

الصقور والحمائم
ان القرار السياسي اتخذ الآن والجدل بين من يسمون الصقور والحمائم قد انتهي، علي الاقل، بصدد الاتفاق علي مسؤولية النظام او اعتباره محور الشر، واحد اركانه الاساسية، وانه المستهدف بالحملة ضد الارهاب. طبعا كان هناك حماس، وحماس واضح، في ان تتخذ الخطوات العملية لشن حرب علي العراق بهدف معلن هو تغيير النظام. التفصيل هنا ضروري: شن حرب، ضربة عسكرية، تغيير النظام، لأن هناك ما زال من يعتقد بأن العملية ستكون ليس اكثر من تكرار لعمليات سابقة، شبيهة بـ ثعلب الصحراء .
نحن علينا مسؤولية ان نحدد الموقف في ضوء ما يقوله الامريكان انفسهم. هم المعنيون بالتصريح ورسم سياستهم. واذا كان الجدل قد انتهي في تسمية العراق، كعنوان ثان في الحرب ضد الارهاب وخصوصا في خطاب بوش في (حال الاتحاد) الامريكي في مطلع العام الحالي، فان التفكير الآن يتركز علي كيفية وموعد تنفيذ الهجوم العسكري بهدف تغيير النظام. هناك مواعيد كثيرة وحددت للحرب اوقات مختلفة. كان هناك من يري بانها ستشن قبل نهاية السنة الماضية او في بدايتها أو في الربيع أو بعد الربيع او ارتباطا بحزيران (يونيو) والآن ترحل الي تشرين الثاني (نوفمبر) ارتباطا بانتخابات الكونغرس، وهناك من يرحل الامر الي السنة القادمة ارتباطا بالجو، وحتي نهاية او قبل تجدد انتخاب بوش، لم يكن هناك موعد مقرر بصورة اعتباطية، وانما لم تتح الفرصة لمن كانوا اشد اندفاعا او الصقور ان ينفذوا ما في أذهانهم قبل هذا الوقت او في هذا الوقت مستفيدين من الانتصار المعنوي الذي تحقق في افغانستان. ولكن هناك عوامل استجدت فرضت علي الامريكان والادارة الامريكية التأجيل او التردد في تنفيذ ضربتهم او حربهم، اقصد بذلك اولا الاوضاع المتردية في المنطقة العربية، فالانتفاضة الفلسطينية الباسلة، فرضت وقائع وغيرت حسابات كما تعرفون، مع تسلم ادارة بوش لدفة الحكم، كانت الاولوية لسياسة الخارجية للقضية العراقية، ولكن الاحداث وتصاعد الانتفاضة والعدوان الاسرائيلي وتفاقمه وما جري من تعقيدات في المنطقة أجبر الامريكان علي تغيير اولوياتهم، أي فرضت القضية الفلسطينية نفسها برغم القرار الامريكي باعتبار الاولوية للعراق وبالتالي رجعت القضية العراقية الي المرتبة الثانية. اليوم تشن الحرب ضد بلد ثان، ووجود حربين في آن واحد في المنطقة ــ قطعا ــ يمثل صعوبة، أنا لا اتحدث عن الامكانية الكمية، الامريكان يستطيعون عمل الكثير، انهم يستطيعون بالقنابل النووية ان يمحوا بلدانا من علي الخارطة.
عندهم طاقة، لا، نحن نتحدث عما ينسجم مع الظروف والشروط القائمة، فهم يريدون انتصارا بمعني تغيير ضمن تصوراتهم في تنفيذ مشروع مستقبلي بعيد المدي، فالهروب الي اسلحة الدمار الشامل او الحلول القصوي مسألة غير واردة، لان هذا يحدث وقت الانكسار، فاشعال حربين في آن واحد في الشرق الاوسط صعب جدا.

بطولة رائعة
الانتفاضة الفلسطينية تثبت بطولة رائعة في مقاومة العدوان الاسرائيلي، وتفرض ايضا حقائق في المنطقة لا يمكن تجاهلها، هناك رأي عام جماهيري واسع، مناهض للموقف الامريكي المساند للصهاينة، رأي عام رافض للحرب، للحصار، يحرج حتي الحكومات.
لا توجد حكومة في المنطقة تستطيع ان تعلن تأييداً مكشوفاً للسياسة الامريكية، او لشن حرب ضد العراق، واعتقد انكم كلكم تابعتم لقاءات مع تشيني وفشل زيارته، لا حبا في صدام ولا في نظامه وانما خوف مما يمكن ان تأتي به هذه الحرب من اشكاليات وتعقيدات ولهذا السبب فهذه اشكالية كبري أدت الي تأخير التنفيذ طمعا في حلول اجواء جديدة، اما كيف ستحل القضية الفلسطينية ــ طبعا ــ ليس بالضرورة ان تؤمن كل مطامح الشعب الفلسطيني، مثل ما نري ان مسلسل المفاوضات، مسلسل الاتصالات هو بمثابة تدحرج للقضية وتراجع مكشوف عن كثير من المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني.
هذا سبب اساس. السبب الثاني، العالم ما زال ينظر بسلبية لاستفراد الولايات المتحدة بالقرار الدولي. الكل يشكو تجاهل امريكا للشرعية الدولية، للأمم المتحدة لميثاق الأمم المتحدة، فاذا كان الأمر خروج النظام العراقي علي الشرعية الدولية وعلي قرار مجلس الأمن عن تصفية اسلحة الدمار الشامل، فلماذا لا نلجأ إلي مجلس الأمن مجددا؟
اوروبا كلها ضد، وترفض الاستفراد الامريكي. هل هذا فقط من منطلق الايمان بمبادئ حقوق الانسان والتمسك بالشرعية الدولية؟ أم أن هناك مصالح؟ حقا ان هناك مصالح عميقة لكل هؤلاء، هم ايضا معنيون بالارث والتركة وتقاسمها. الاستفراد الامريكي بالاساس يستهدف احتكار مصير العراق ومستقبله، ولذلك يرفضون طرح المسألة علي الأمم المتحدة.
هناك قرار 688 وفيه ما يشير إلي المعارضة. وبصرف النظر عن كيفية الاشارة ولكنه يعتبر المعارضة طرفا في تقرير مصائر البلد. يطلب من النظام ان يدخل في حوار لايقاف القمع. النظام يرفض ايقاف القمع، كل الشرعية والمنطق لدي مجلس الأمن والأمم المتحدة تدرج في جدول عملها وبموجب قرار 688 تفرض علي النظام قرارات عقابية وفق الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة. هنا يطرح سؤال لماذا تصر الولايات المتحدة الامريكية التعامل مع القضية العراقية في هذا المقطع أو في المقاطع اللاحقة في التعامل مع نشاط المعارضة العراقية، وتفضل التعامل المباشر. البعض يتحدث عن اجتماعات في بون ومؤتمر بون الذي عقد للافغان ويمكن ان يعقد للعراقيين. وهنا يطرح السؤال التالي: لماذا يعقد مؤتمر بون للافغان تحت اشراف الأمم المتحدة فيما يقترح ان يجتمع العراقيون تحت اشراف امريكي مباشر؟ لا يوجد منطق في ذلك الا الرغبة في الانفراد بالقضية العراقية ارتباطا بالاعتبارات الاساسية التي تريدها. فعلا الامريكان ايضا بحاجة إلي حلفاء، اذا كان الحكام العرب قد اعلنوا عدم استعدادهم للمشاركة العلنية والمباشرة في امور الحرب، غير ان الاوروبيين ــ وهم معنيون ايضا ــ يبدون تحفظات كبيرة علي شن هذه الحرب.

العراق يختلف عن افغانستان
العنصر الثالث الذي يطرح نفسه، ان العراق غير افغانستان وما امكن عمله في افغانستان يصعب تكراره في العراق لجملة اعتبارات، القدرة لطبيعة القوة، فاذا لا بد من تهيئة واعداد آخر سياسي عسكري واعلامي، وخطط، وتهيئة لوجستية، كل هذه المتطلبات تفرض نفسها علي الادارة الامريكية للتعامل معها بمنظور آخر.
واخيرا وان أعدد الاسباب الرئيسة يمكن ان تندرج اسباب اخري، هي مشكلة البديل، من يكون بديلا لنظام صدام حسين؟ نحن نواجه منهجا معروفا للادارة الامريكية، والتحليل الجدي، يقتضي ان نبحث بالموضوع ليس من أواخره ولكن من بداياته واساسيته.
إن احداث 11 ايلول (سبتمبر) لعبت دور المسرع والمعجل المكثف للعملية، ولكنها لا تلغي الملامح الاساسية للمشروع الامريكي. فمنذ سنوات تكللت النقاشات والحوارات بقرار وصيغ حول مشروع قانون تحرير العراق وجرت حول هذا المشروع جملة من المداولات.
فماذا أثرت هذه المداولات؟ وصلنا ان منهج التفكير الخاص بالادارة الامريكية في تغيير فوقي في العراق، من خلال ضربة سريعة من داخل المؤسسة، أي ان التغيير الشعبي عبر ثورة، عبر انتفاضة، عبر تحالف قوي هو أمر غير مرغوب فيه، هذا ليس استنتاجا منا وليس تحميلا للامريكيين ما لم يقولوه، نحن نعكس أراءهم كما هي، كما ابلغتنا الاطراف في اكثر من لقاء حيث تحدثت مع الامريكان. فلكي نعرف مواقع اقدامنا أين؟ بهذه الطريقة هم يسعون الي التغيير، التغيير المطلوب من داخل المؤسسة وفوقي، وهذا ما يفسر استمرار الحصار برغم عمليات التخفيف واصرارهم علي ان تكون الحرب هي الوسيلة الاساسية، ولمنع المعارضة العراقية من ان تشكل تحالفها الوطني الديمقراطي علي اساس استقلالية القرار الوطني العراقي. وهو ما يعلنونه صراحة، والمعارضة بالنسبة لهم غير مطلوبة للتغيير، ولكنها مطلوبة ما بعد التغيير. عقدت مؤتمرات بهذا القصد. اولبرايت.. وآخرون قالوا انتم غير مطلوبين في عملية التغيير، انتم غير معنيين باطلاق الرصاصة الذهبية علي صدام، وانما انتم مطلوبون لما بعد التغيير، ومهمتكم الآن عمل سياسي واعلامي محدد، هذا هو الرأي الرسمي الامريكي. فالهدف يتشابه ويتماثل مع الوسيلة والطريقة التي يراد اعتمادها للتغيير. وهذا ينعكس حتي علي تصرفاتهم ازاء المعارضة العراقية، واذا تجاوزنا النواقص الذاتية الخاصة باطراف المعارضة العراقية التي اشبعناها بحثا في اكثر من مناسبة للبحث عن اسباب اساسية تعرقل وحدتها لا يمكن الا وضع اليد علي ان التدخل الدولي والاقليمي تبعا لذلك هو السبب الرئيس، في اللحظة الراهنة، في عدم وحدة المعارضة، واشخص بذلك العامل . فكلما ما بدأت نشاطات ومحاولات محددة للقوي المعارضة نحو تشكيل اطار لوحدتها، او ان تبدأ في التحرك، يظهر في الوقت نفسه وفي سرعة فائقة تحرك مقابل لافشالها، حتي هذه التحركات المقابلة، كيف التصرف ازاءها؟ نحن نتداولها ليس من باب التشفي، ولكن معانيها تعنينا كمعارضة حتي نتدبر أمرنا. يقولون ان هذا المؤتمر الوطني هو المظلة الوحيدة هو الخيمة الوحيدة، وهو الاطار، ثم بعد ذلك، يقولون: لا، المؤتمر الوطني لا يكفي، يجب ان تكون هناك قوي اخري نتعامل معها.. بعد ذلك، نريد مؤتمرا عسكريا، لان القضية الآن تحتاج وفق تصورهم الي تحشيد الطاقات العسكرية في المنفي وخبرتها، ثم.. لا للمؤتمرات العسكرية فوزارة الخارجية الامريكية ترفض اعطاء العسكريين المدعويون للمؤتمر تصريحات الدخول (الفيزا) بحجة انها تخشي من ان يتجه المدعوون الي طلب اللجوء في امريكا.. أي مهزلة هذه؟
انتهي هذا الامر، لكنهم قالوا بعد ذلك: اعملوا مؤتمرا موسعا، مؤتمرا للخبراء يدرس الصحة والتربية بعد التغيير، اي لا يدرس عملية التغيير. شكلت لجنة تحضيرية. ثم سحب الكونغرس التمويل وهي خمسة ملايين دولار. هذا ليس كاريكاتيرا. أليست هذه الحقائق؟

قناة الحرية
بدأ الامريكان يدعون خبراء لاستشارتهم، وفي مقابل ذلك اوقفوا قناة الحرية. حقا ان العراقي يخجل من هذا الامر. حتي لو تكن تعنيه بشكل مباشر. انها بهدلة للمعارضة في آخر المطاف. أنا اسرد هذه الاشياء حتي اصل الي نتيجة. هل حقا ان الادارة الامريكية راغبة في توحيد المعارضة؟
هذا هو السؤال؟ ثم ما العمل ازاء هذا الوضع؟
قبل ان نقول هل تصيب الحرب صدام أم لا؟، نناقش الحرب كوسيلة او خيار لتغيير الوضع في العراق. ليست اي حرب، وانما حرب حديثة، شاملة، بالاسلحة التي نسمعها وبالطريقة التي تدار بها من قبل جهة واحدة، دون مشاركة للآخرين، ودون ان يكون للشعب العراقي وممثليه أي رأي، اي دمار سيحصل؟ حتي المواطن العراقي الذي يتمني اليوم قبل غيره ان يري خلاص النظام ويخلص منه، وفي اللحظة نفسها يتساءل ماذا بعد ذلك؟ وما هو نوع النظام الذي سيأتي؟ سيكون النظام الذي يأتي اضعف؟ نعم سنتخلص من هذا النظام، ولكن هل هذا الذي نطمح اليه؟ أهذه أهدافنا؟ بالتأكيد لا.. نحن كعراقيين وكمعارضة ــ تملك تاريخا وارثا، نبحث في كيفية تخليص شعبنا بطريقة مضمونة. احيانا حينما نناقش المسألة يرد انتقاد، لماذا تتجاهلون العامل الخارجي، وأحد السياسيين يقول ان الحزب الشيوعي العراقي مهتم بالنضال ضد الامبريالية وغير مهتم بالشعب، وانه من علي مسافة آلاف الكيلومترات يريد تحرير الشعب؟
حزبنا الشيوعي يعطي يوميا ضحايا من اجل تحرير الشعب، ونحن غير متجاهلين العامل الدولي ومعني العامل الدولي وتأثيره، والنقاش لا يجري حول العلاقة مع امريكا او عدم العلاقة معها. ولكن اي نوع من العلاقة؟ وعلي أي أساس تقام؟ وعلي اي هدف تقام هذه العلاقة؟ يقال ان هناك حاجة لدعم خارجي. فالتغيير في العراق اصبح من البديهيات، والمعارضة العراقية بحاجة إلي اسناد للخارجي. ليس ثمة شك في هذا الموضوع. ولكن هل المعارضة الداخلية المعارضة الوطنية العراقية دبرت شؤونها، واعدت بيتها، ووحدت امكانياتها ووضعت صيغة مناسبة للعمل.
احيانا نتساءل بجزع: إلي متي ننتظر؟، وهذا سؤال لسياسي مسؤول؟ كلنا مسؤولون عنه، يجب ان نعجل بوحدة المعارضة، قيادات وكوادر، وقواعد، كلها مسؤولة لتلعب دورها في ان تخلق الاجواء. والمناخ المناسب للتقارب، هل من الممكن ان تتوحد وتتجاهل الضغط الامريكي؟ الضغط الامريكي كبير، ولكن هناك تجارب في العالم فرضت نفسها، علينا ان لا نلعب دور المستسلم للتأثيرات وللضغوطات الخارجية فقط، من حق المعارضة الوطنية ان تقاوم بإرادة واعية وبتشكيل تحالفات، وتفرض ايضا برنامجها ووجهة نظرها التي لا تتجاهل مصالح الآخرين ولا وجهات نظرهم، وانما تبحث عن نقطة التوافق عن نقطة الالتقاء بالخيارات الاخري، بحيث يكون التوافق في خدمة مصالح الشعب العراقي مع مصلحة العالم الدولي. في اعتقادنا ان المعارضة العراقية ما زالت تملك قدرة برغم الصعوبات، وبرغم الضعف بتشكيل وحدتها، واذا كنا نستهدف ان نقيم نظاما ديمقراطيا، فالحرب والتدخل العسكري المباشر كوسيلة كأسلوب لن توصلنا للديمقراطية، ان الموقف السلبي مقدما من المعارضة ونشاطها ومساهمتها لا يؤدي للديمقراطية، بل ان وحدة المعارضة ومساهمتها وعلي أساس مشروع وطني ديمقراطي واضح هو الضمانة الوحيدة لتحقيق الديمقراطية في العراق وحل القضية القومية تبعا لذلك، وبدونها تصعب رؤية عراق مستقر، عراق ديمقراطي، يفتح طريق التنمية، صديق مع جيرانه، عامل سلم، عامل دعم لحركات التحرر الوطني العربية والشعب الفلسطيني.. الخ. هناك امكانية وهناك قدرة يفترض ويقتضي ان نستجمع ارادتنا، وحديث عن الارادات واختراع الارادات، ليس حديثا مزاجيا، وحديثا ثوريا فارغا، وانما هو حديث يعبر بحق وحقيقة عن مصالح شعبنا. القوي المعنية تملك تاريخا، لديها برامج، لديها ممارسات سابقة، ولا بد من أن تخطو الخطوة الصحيحة لمعالجة مشاكلنا وتقوية اواصر علاقتنا، بعضنا مع بعض والاقدام الجريء علي توحيد طاقتنا ومن ثم سوف تكون الاستعانة بالعامل الدولي. وبهذا نستطيع ان نرسي علي قاعدة صحيحة. واعتقد ان هذه الامكانية ليس امكانية خيالية، بل هي امكانية واقعية يتطلع اليها الشعب العراقي، وينتظر منه خصوصا قواه العراقية ومن ابنائه موقفا جادا ومسؤولا وحازما لحمايته. هذه المعمعة الرهيبة التي يعيشها والاجواء والمعاناة الرهيبة التي يعيشها، والتي فاقمت كل مشاكله السابقة، فاقمت القمع والارهاب. والمجتمع العراقي يعيش حالة من التوتر القصوي، وحالة من القلق والترقب. وليس فقط يعاني من الجوع والقمع والملاحقات وغيرها، وانما ايضا فوق ذلك من الاجراءات الجديدة الامنية العسكرية الاحترازية التي فرضها الجو الجديد، وهو يعاني ولا يزال يعاني من الحصار، والقلق وغير محدود بالمنطقة التي تحت سيطرة صدام، القلق من الغد يشمل كل اجزاء العراق ومن ضمنها كردستان. لان الناس لا تستطيع ان تري نهاية للنفق، او ضوءاً في نهاية النفق، في ظل هذا الوضع الذي يجري، والمعارضة الوطنية تتحمل مسؤولية كبيرة في ديمومته واستمراره.

المزاج العام
û ا رداً عل سؤال ل(الزمان) حول لمزاج العراقي العام داخل البلاد، وكيف يتعامل المواطنون مع التهديدات الامريكية قال:
ــ العراقيون يعيشون مأساة، أنا لن اتناول بالتفاصيل، اوجه هذه المأساة، وهي معروفة، ولكن منذ 11 ايلول (سبتمبر) المشؤوم، نعيش حالة غير طبيعية من التوتر، اعني احيانا، نقول باندفاع: العراقيون يعيشون في جحيم، فوق ما كان اضيفت اجراءات جديدة. طبعا هذا يدفع المواطنين للتفكير بالخلاص من النظام، ويتمنون ظلامه اليوم قبل غد، واحيانا ترد علي لسان البعض حتي لو الشيطان يخلصنا، ولكن الخطأ او الخطيئة هو الاكتفاء برأي المواطن عند هذا الحد، انه حالة من الجزع، حالة من التعب والارباك، المواطن ينفعل وانفعاله يدفع به للتصريح باللامعقول.
نحن نتفهم هذا الموقف، وهو موقف نبيل ينطلق من الرغبة العاجلة للخلاص من النظام، ولكن ما ان تتوقف للبحث مع هذا المواطن عن الامر، يسألك: هل الامريكان جادون في التغيير؟ ان هذا النظام صديق لهم، ألم يساعدوه علي البقاء؟ ألم نراهم كذلك في اذار (مارس) عام 1991، الم نراهم في القصف في ثعلب الصحراء؟ هذه تساؤلات، تعكس المزاج الشعبي، الذي يتكون من كل هذه الاسئلة. طيب إذا غُير النظام، وتخلصنا منه، ماذا يحدث بعده؟ هل نرجع نعيش حياة طبيعية، كما عشناها من قبل، يتأمن الاستقرار والهدوء؟
لا نذهب للكلمات الكبيرة، لنتوقف علي التساؤلات الصغيرة، الشارع العراقي يسأل هل سيحلون (الامريكان) واحدا من جماعتهم، بديلا عن صدام لانهم يرون امامهم الوسيلة والاسلوب والاستهداف والتركيز.
أين المعارضة؟ ولماذا لا تنقذنا؟ وهؤلاء ــ المعارضة ــ ماذا يعملون؟ خصوصا اذا توجهوا للمعارضة في الخارج، ويرون اننا ساهون عن قضيتهم. هذا هو المزاج الشعبي، علينا ان نحلله ونضع مهماتنا علي ضوئه. طبعا نحن بحاجة الي تقص الي ارتقاء. والمسألة غير مجردة، اي اللهاث وراء عفوية الشارع. الناس قدمت وستقدم. كانوا ــ العراقيين ــ اوفياء في انتفاضة اذار ــ مئات الآلاف فقدنا، لذلك لا يجب، ان نردد كما يقول البعض بسهولة، لماذا شعبنا نائم، وهل نحن متفرجون عليه؟
اعتقد انه سيكون لوحدة المعارضة دور حاسم ومقرر في بلورة المزاج باتجاه الطريق الـصحيح ان توحدت، وسيكون لوحدة المعارضة تأثيره الفعال لا علي الناس المكتوين من السلطة فقط، بل ايضا علي المنتسبين لحزب السلطة العاملين في المؤسسات والذين يعانون من هذا النظام.
وعندي من الادلة الكثير الكثير، الممكن سردها عن تأهب واستعداد اعداد هائلة واوساط كثيرة من داخل المؤسسة الحاكمة. فهي مستعدة في لحظة الحسم، الخيار، ان تكون مع الشعب وليس مع الدكتاتور.

جريدة (الزمان) العدد 1259 التاريخ 2002 - 7 - 13/14


#عبد_الهادي_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الهادي حسين - سكرتير الحزب الشيوعي العراقي: الشارع العراقي يتساءل إن كان الأمريكان سيختارون أحد الموالين لهم لحكم العراق - العراق ليس أفغانستان ومن الصعب رؤية حربين في الشرق الأوسط في وقت واحد