ثقافي

جاسم محمد الكلابي

الحوار المتمدن-العدد: 2960 - 2010 / 3 / 30 - 16:44
المحور: الادب والفن
    

القصة في الادب العربي الحديث
جاسم محمد الكلابي
اتفقت اغلب الدراسات على ان القصة هي حكاية مصطنعة مكتوبة نثرا تستهدف استثارة الاهتمام سواء أكان ذلك بتطور حوادثها أو بتصويرها للعادات والأخلاق أو بغرابة أحداثها وقد اشترط أرسطو أن يكون للقصة بـداية (الموضوع) ووسط (العقدة أو لحظة التنوير) ونهاية (وتشمل الحل) فضلاً عن وجود عناصر مهمة -متعارف عليها- وعلى صلة بها تتضمن وصفا أكثر شمولا ودقة للحدث والشخصيات (حالتها النفسية) والحبكة ووصف للزمان والمكان والبيئة وصولا بها إلى النهاية.وقد اختلفت الاراء بين العلماء المحدثين في نشأة القصة العربية الحديثة فمن يتحمّس منهم لأصلها العربي ويري أنها وليدة التراث القديم واستمراراً له ومن ينفي أن تکون هناك أية صلة بين القصّة الجديدة وبين تلك الأنماط القصصية القديمة ويراها أنها وليدة الاحتکاك بالغرب والتعريف إلي نتاجه القصصي ونقله إلي العربية. يقول الاديب يحيى حقي رائد فن القصة القصيرة العربية الذي يعد أحد الرواد الأوائل لهذا الفن و له بصمات واضحة في أدب وإبداع العديد من أدباء الأجيال التالية يقول حقي عن القصة .القصة جاءتنا من الغرب وأول من أقام قواعدها عندنا أفراد تأثروا بالأدب الأروبي والأدب الفرنسي بصفة خاصة هکذا قال يحيي حقي وأكد إسماعيل أدهم ومحمد تيمور وإبراهيم المصري ومحمد حسين هيکل لم تکن الصلّة قوية بين القصة العربية الحديثة وسابقيها القصّة العربية القديمة فلم تبرز الأولي إلا من طريق الاتصال بالغرب. وذهب مئيد هذا الرأي الى ان النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي تهيأت الظروف للاتصال الفکري بالغرب وعلي الأخص في لبنان فأعجب المثقفون بالقصّة الغربية وبخاصة منها الفرنسي بينما يقول الكاتب يحيى الصوفي إذا أحببنا أن نعود إلى القصة كقصة (نوع أدبي مستقل عن المقامة أو الأمثال أو الرواية أو الشعر) كما هو متعارف عليها الآن فتاريخها قريب جدا لا يتعدى المائة عام الماضية وحالها كحال المسرح -رغم قدمه- لم يعترف به ويؤرخ ككتابة مستقلة عن القصة والرواية إلا منذ خمسين عاما والى زمن قريب كنت اقرأ لتوفيق الحكيم فلا يذكر القص أو المسرح إلا بعبارات متلازمة (رواية مسرحية - قصة شعرية) وهو حال القصة القصيرة والقصيرة جدا (العربية منها) فهي حديثة العهد جدا ولازالت حسب رأيي الشخصي (في تحديد هويتها) في طور التكوين ولم ترى النور بعد. بينما عارض هذه الااراء عديدون منهم الدكتور فاضل والي فقال في (جذور القصة في الأدب العربي)أن مثل هذا الإدعاء فيه كثير من الافتراء والمغالطة لحقائق التاريخ الأدبي في اللغة العربية وإن مثل هذا الإدعاء والإنكار سواء من الغربيين أنفسهم أو من النقاد العرب إنما جاء لأنهم وضعوا القصة الغربية بمفهومها الغربي وصياغتها الخاصة كأنموذج فبحثوا عن مثل هذا اللون في التراث العربي فلم يجدوا وهذا مقياس خاطئ في تعميم عدم وجود الفن القصصي في الأدب العربي فالقصص في العربية له خصائصه ومناهجه وألوانه وأشكاله في تصوير المجتمع العربي(بآماله وآلامه وواقعه وأحلامه. والحق أنه قد وجد في العربية فن قصصي منه ما هو مترجم مثل (ألف ليلة وليلة) و(كليلة ودمنة) ومنه ما هو مكتوب أصلاً بالعربية مثل قصص المقامات والقصص الشعبي، وقصة (حي بن يقظان) وقصة (زنوبيا) ملكة تدمر. وتقسم القصة الى انواع متعددة وهي الرواية: وهي أكبر الأنواع القصصية حجما وهي المفضلة دوما لدى قراء القصص لأنها تكون في طابعها غنية بالأحداث والشخصيات والمحاور المختلفة - وغالبا - المتصارعة وأيضا غالبا ماتحتوي الرواية على مجموعات من القصص الأقصر بداخلها وتكون متحدة المحاور أو الشخصيات في إطار متماسك قوي يسلب القارئ لبه ويحظى بجل اهتمامه ومن أهم الأمثلة على الروايات الثلاثية المعروفة لكاتبنا الكبير نجيب محفوظ (بين القصرين وقصر الشوق والسكرية ) وهناك أيضا روايات عالمية مثل (مائة عام من العزلة ) للكاتب الكبير جابريل جارسيا ماركيز .بالاضافة الى الحكاية : وهي وقائع حقيقية أو خيالية لا يلتزم فيها الحاكي قواعد الفن الدقيقة وغالبا ما تكون من الأدب الشعبي أو من موروثات الشعوب مثل (سيرة أبو زيد الهلالي ) أو ( حكايات علي الزيبق ) بالاضافة الى القصة القصيرة: تمثل حدثا واحدا، في وقت واحد أو زمان واحد، - وهي حديثة العهد في الظهور و الأقصوصة: وهي أقصر من القصة القصيرة وتقوم على رسم منظر أو مشهد واحد ويتم التعمق فيه بشكل أكثر من القصة - وأكثر تركيزا - لبيان التفاصيل الدقيقة من مشاعر أو أحداث أو تفاصيل لشخصيات الأقصوصة .واخيراً القصة: وتتوسط بين الأقصوصة والرواية ويحصر كاتب الأقصوصة اتجاهه في ناحية ويسلط عليها خياله، ويركز فيها جهده، ويصورها في إيجاز وهي بذلك تختلف عن القصة القصيرة في الحجم وإن لم تختلف كثيرا عنها في طريقة السرد .أما عن عناصر القصة فهي كالأتي: الموضوع وهو الوحدة البنائية المستهدفة من القصة الفكرة أي فكرة القصةو هي وجهة نظر القاص في الحياة ومشكلاتها التي يستخلصها القارئ في نهاية القصة بالاضافة الى الحدث والحبكة البيئتان الزمانية والمكانية والشخصيات والاسلوب واللغة فضلاً عن الصراع والعقدة والحل أي تأزم الأحداث وتشابكها قبيل الوصول إلى الحل او ليس من الضروري ذلك فيمكن أن تكون نهاية القصة مفتوحة تستدعي القارئ أن يضع النهاية بنفسه وبخياله...

#جاسم_محمد_الكلابي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات