أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسعد عبدالله عبدعلي - فكرة التسليم للقدر















المزيد.....

فكرة التسليم للقدر


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 2940 - 2010 / 3 / 10 - 20:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



لا ادري كيف تسللت هذه الفكرة لعقول الناس وأصبحت عندهم من البديهيات التي لا تقبل النقاش . فموارد دحض وجودها بسيطة بدأها البهلول في نقاشاته مع المدافعين عن هذه الفكرة عندما رمى احدهم بحجارة وهرب فاشتكى الرجل المصاب من حجر البهلول عند القاضي فقال البهلول انه أمر مقدر وما لي أي اختيار فلما تشتكي وتريد عقابي !! وهنا سكت ذلك الرجل الذي كان كثير النقاش والمحاججة مع الناس حول القدر وما نحن إلا مثل الدمى التي تحرك من قبل الغير كي تعمل ما هو مقدر لها هكذا كان يصرح أهل هذا الفكر ! . . إن الحضارة الغربية لها مأخذ عديدة على الإنسان العربي لكن من المأخذ المهمة التي أخذت إبعاد من الكتابات والمناقشة هو فكرة التسليم التام والاستسلام للقدر .. إن القضية متجذرة في تاريخنا وكثرت الكتابات عنها في فترات سابقة لكن الذي نشهده ألان ونحن نمر في هذا المقطع التاريخي الحرج من تاريخ البلد نشاهد تجذر وتأصل هذه الأفكار عند طائفة واسعة من المجتمع !!فهذا الإنسان الذي يفتقد الكثير كي يكون إنسان مدرك لما يجري في هذه الحياة يجد صعوبة في فهم طبيعة المحن والمصاعب التي تلازمه وقضية القدر.. أن إنسان هذا المجتمع وجد نفسه وبحسب التنشأ والتربية التي خضع لها وعوامل أخرى من وجود الأنظمة العبثية المتوالية واختتمت بالطاغوت المخلوع الذي جر البلاد إلى الحروب التي أكلت الكثير وغيرت الكثير من القيم والمفاهيم وأسست لأمور يصعب اليوم تلافيها مع زرعه لبذرة الطائفية والفساد ومحاربة العلم والعلماء وأصحاب الكلمة الصادقة وتهميش دور النخب مع تحطيم مؤسسات البلد وخلقه نظم تعليمية متأخرة ...فأصبح هذا الإنسان يؤمن بالمقدر له والمكتوب ولن يقاوم عوامل القهر والظلم وكذلك هو لن يقدر على الاختيار فالأمر غير مخول له وما هو إلا ادات تحرك من قبل الغير ..إن مجتمعنا عانى من طول أيام المحن والظلم والقهر واستلاب الشخصية الإنسانية جيل بعد جيل والموضوع يتجذر ويتأصل مع دواخل الإنسان المقهور إلى إن وصلنا إلى هذا الجيل حيث غدى يعيش الإنسان في غربة مع ذاته لا يحس بالإيمان بماضية بل يتنكر له ويعيش بحالة خوف من القادم وهو بين الاثنين , لا يدرى إلى أين المسير , فالضياع سمته .إن هذا الإنسان قد عانى كثيرا لم يملك القدرة على مقاومة عوامل القهر التي تضغط على كيانه ولم يجد من الأدوات ما يقاوم بها شراسة الهجمة الفكرية..ولا من وعي كامل فهو يفتقد القدرة على تفسير الإحداث , مع الكثير من ترسبات الأفكار المغلوطة التي تعشعش في عقل هذا الإنسان فالتشويش سمته !!فكيف تراه سيقدر على مقاومة القهر ؟ .. بالتاكييد الأمر جد صعب .. فلا ادري كيف يستطيع إنسان هذا البلد إن يستمر بالحياة مع كم الضغوط التي توجه إلى وجوده ( القلق من المستقبل , الخوف من المجهول , الضياع الفكري والنفسي , العنف الموجه إليه من قبل النظام ثم من الجماعات المسلحة , ضغط العرف , سيطرت الخرافة على المجتمع , العوز والفقر , ضعف الإدراك , قلة الوعي , مصادرة الحريات الشخصية , وعوامل أخرى جزئية ...) كل هذا ولد إنسان يرتمي في أحضان الأفكار المغلوطة كي يجد الأمان والراحة !! كل هذا صنع لنا إنسان مشوش متقلب عاطفي غير منطقي ومن دون إدراك كامل يعيش حالة الدونية والنقص في مقابل الحضارة الغربية اقرب وصف لحالته بالإنسان الضائع. لم يستطع إن يقاوم عوامل قهره ولم يستطع من اجتياز المحنة فمركبه لا يقوى على الإبحار لذلك وجد في فكرة التسليم للقدر والمكتوب وسيلة للدفاع عن نفسه. إن الضغوط التي يتعرض لها الإنسان الخارجية والداخلية جد مرعبة تزلزل كيانه وتخنق وجوده لكنه وجد في الاستسلام للضغوط وعوامل القهر وربطها بالغيب وبالأمر المقدر الذي لا يمكن الفرار منه بل يجب الوقوع ولا مجال لتغييره !! فهو بهذا الأسلوب يهرب من صفة الفشل التي تلازمه ويجعل من كل صور فشله مجرد أمر خارج عن القوى الطبيعية ومرتبط بالغيب وهو ليس إمامه إلا الاستسلام لها, وهكذا يحقق لنفسه بعض الاتزان والراحة !! وهكذا أصبح هذا الإنسان يملك القدرة على التعايش مع ظروف قهره وعوامل الحرمان والظلم فكل شيء مكتوب !! وما هو إلا لوحة قد رسمت وتمت فيما مضى ولا مجال لتغيير شكلها فلا إرادة ولا عزم ولا اختيار فقط عليه الصبر كي تستمر الحياة !!! فعدم النجاح في الدراسة مثلا أمر ليس بسببه بل هو مقدر له الفشل فيه!! والخسارة في التجارة مثلا أمر مقدر وليس الأمر لخطأ في حساباته !! وحتى عندما يقترف الخطيئة فالأمر ليس منه بل هو أمر مقدر له وما عليه الاتكفير عن ذنب قد قدر له ولا مجال لتغيير خط حياته !! وهكذا تستنتج مدى سذاجة هذا الفكر وضحالته إمام العقل والمنطق فيا ترى هل يعذبنا الله عزوجل على ذنب هو قدره لنا !! فما ذنبنا نحن !! وكيف نحاسب ونحن لا نملك الإرادة ولا الاختيار مادامنا وبحسب هذه الفكرة القدرية منزوعين الإرادة والاختيار ؟؟نحن هنا لا ننفي وجود القدر حيث جاءت الإخبار عن النبي والمعصومين عنه لكن ليس بصورة التي رسمها القدرية أو بالتطبيق الساذج نتيجة العوامل التي تم ذكرها لكن القدر إن للإنسان حرية الاختيار ويملك الإرادة والعزم والاختيار غير مسلوب للاختيار فما يعمل يكون نتيجة اختياره هو لا من اختيار غيره وإلا بطل الحساب والعقاب بل يصبح من الظلم واللغو محاسبة عن ذنب مكتوب أو يكأفة الأخر عن عمل ليس من صنعه ..مع التاكيد ان كل شيئ لا يغادر علم الله عزوجل فالله العالم بكل شيئ وعلمه لا يفوته شيئ .. فالفكرة القدرية بليدة جدا لكن إنسان هذا العصر لجأ لتفسير ما يحدث له طلبا لراحة نفسه وهربا من تحمل الفشل الذي تسبب بحدوثه نتيجة لتراكمات عديدة مما جعله يفضل الهروب من ساحة ألمواجهه والفعل إلى ساحة الركون والاستسلام .مما تسبب بنتيجة وخيمة على تاريخ هذه الأرض حيث تحققت نتيجتين حتمية لهذه الفكرة الأولى دوام سعادة الطغاة والظالمين بسبب فراغ ساحة ألمواجهه والنتيجة الثانية كانت الراحة النفسانية الغريبة التي حققها هذا الإنسان بعد تحويل مسؤولية الفشل إلى القدر والقوى الغيبية التي هي خططت لكل هذا الفشل إلي يحصل له.. إن المشكلة تكمن في ترسخ هذه الأفكار في عقول طائفة واسعة من إفراد المجتمع وعلى اختلاف طبقاتها الجاهل والمتعلم بل حتى النخب !! ولكن هناك محاولات هنا وهناك في تأسيس ثقافة عقلانية لكن ما زالت مجرد محاولات فردية فان الأمر يحتاج إلى جهد اكبر ويقع على العائلة والمدرسة ومناهج التعليم والجهات الإعلامية فلو تكاملت هذه الجهات الأربعة وعملت سوية وفق منهج يوضع من قبل الدولة في إزالة كل الرواسب التي تعلق بعقولنا كي نصبح امة واعية مدركة.. ولكن التركيز الأكبر تتحمله العائلة في تغيير لوحة العصر المشوشة فالعائلة تحتاج لدعم الدولة المادي والمعنوي وكذلك تحتاج من الدولة إن تشكل لجنة تعمل على تطوير العائلة ثقافيا وان يكون للعائلة مرشد تربوي يتابع طريقة التربية ويعمل مع العائلة على رفع السلبيات التي تواجه العائلة وصولا في إنشاء جيل واعي مثقف مدرك بعيد عن رواسب التخلف والأفكار البليدة . كي يتم تصحيح مسيرة المجتمع وتزال قيود القهر والحرمان ويعود مجتمع حر مدرك بعقلانية للحياة.



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بن غفير يعلن تأسيس أول سرية من اليهود الحريديم في شرطة حرس ا ...
- “ابسطي طفلك” تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سات وعرب س ...
- سوناك يدعو لحماية الطلاب اليهود بالجامعات ووقف معاداة السامي ...
- هل يتسبّب -الإسلاميون- الأتراك في إنهاء حقبة أردوغان؟!
- -المسلمون في أمريكا-.. كيف تتحدى هذه الصور المفاهيم الخاطئة ...
- سوناك يدعو إلى حماية الطلاب اليهود ويتهم -شرذمة- في الجامعات ...
- بسبب وصف المحرقة بـ-الأسطورة-.. احتجاج يهودي في هنغاريا
- شاهد.. رئيس وزراء العراق يستقبل وفد المجمع العالمي للتقريب ب ...
- عمليات المقاومة الاسلامية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال
- إضرام النيران في مقام النبي يوشع تمهيدا لاقتحامه في سلفيت


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسعد عبدالله عبدعلي - فكرة التسليم للقدر