أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ناصر اسماعيل جربوع - رحلة الى جمهورية أنفاق ستان














المزيد.....

رحلة الى جمهورية أنفاق ستان


ناصر اسماعيل جربوع

الحوار المتمدن-العدد: 2885 - 2010 / 1 / 11 - 17:31
المحور: كتابات ساخرة
    


رحلة إلى جمهورية أنفاق ستان – بقلم د. ناصر إسماعيل جربوع (اليافاوي)
في مشهد يستحق الوقوف أمامه جلياً ، في زمن قهر الموت وتحدى الصعاب ، في زمن اقوي من نظرية الحاجة ام الاختراع ، انه زمن جمهورية أنفاق ستان الواقعة على الحدود المصرية الفلسطينية ، جمهورية سكانها من المغامرين ، وأرضها تحت الأرض السفلية وسماءها طينية ، والموت فيها اختيارياً ، جمهورية سكانها وأبطالها حقيقيون، مغامرين ، الموت والخوف أمر لا يستحق التفكير فيه، لأن الموت ليس أفضل بكثير في الحدود الشمالية أو الشرقية من جمهورية أنفاق ستان ..!
سكان جمهورية أنفاق ستان هم خليط من البشر، وربما خليط من الأجناس واللغات فمنها( المصري والفلسطيني بحكم قرابة الجغرافيا والانثروبولوجيا ، وآخر السوري و السوداني والصومالي والمغربي والروسي بحكم الهروب إلى واقع قد يكون اقل بؤسا أو بحثا عن المستحيل للهروب من المستحيل..


تبلغ مساحة جمهورية أنفاق ستان 11 كيلومتراً بطول الحدود الفاصلة بين مصر وقطاع غزة، التي يبلغ طولها نحو 13.5 كيلومتراً، وتم استثناء 3 كيلومترات التي تنعدم فيها عمليات حفر الأنفاق بسبب نعومة تربتها الرملية، وعرض كيلو متر يغوص في أعماق الحدود الفلسطينية المصرية ..
أما مناخها : حار خانق جدا مع انعدام الرياح بالمطلق ، وهوائها محمل برائحة الكيروسين والسولار والغاز القاتل صيفا المسمم شتاءا .
توجهت برحلة تاريخية غير مكلفة إلى جمهورية أنفاق ستان بجواز سفر غير معترف فيه دوليا ، وهناك التقيت بالأمراء والعبيد ، تذكرت - كدارس للتاريخ – حياة القن والعبيد في العصور الوسطى ، ولكنى أدركت أنهم كانوا أكثر رقياً واستقرارا من عمال أو حافري الأنفاق، فأيقنت فشل مقارنتي ، وشرع فكري يقف عند العديد من المحطات التاريخية التي قرأتها منذ عصور مؤسس الدولة المصرية الأول مينا نعرمر ، وعرج فكري إلى سيد فلسطين ملك اليبوسين (ملكى صادق) ، ووقفت عند حياة العبيد هناك ، ولكنى أيضا أدركت أنهم كانوا أرقى من حافري الأنفاق ، وانتقلت بفكري إلى المذاهب والتسميات الفكرية الحديثة التي أطلقها الروسي لينين ن ونظرائه من المفكرين أمثال( هيجل وشافتسبري وهيوم ) وغيرة ، وفكرت بطبقة البرولوتاريا وعمال المناجم في الهند وجنوب أفريقيا ، ولكنى ما رايته بأم عيني كان بعيدا عن هذه التسميات حتى تسمية حثالة البرولوتاريا أصبحت بعيدة المنال .!
هالني ما رأيته- ليس من بضائع مختلف أشكالها وألوانها كثير منها لا يسر الناظرين – بل من أشكال أشباه بالبشر ! شباب بعمر الزهور المتفتحة تخر مثل الأصنام المكتشفة حين عمليات الحفريات لا يعرف شكل وجوهها ولا لون عيونهم ، وشعر بلون التراب والسكن ، والعينان زائغتان، وصدمة الاحتكاك برائحة الهواء الصافي النقي ، وهول الاقتناع أنهم لازالوا على قيد حياة مخالفة لحياة جمهورية أنفاق ستان !
التقيت بأحدهم وأمعنت النظر في وجه احدهم وكأني أعرفه منذ سنوات وقلت له أليس أنت فلان ، فنظر اليّ وأحدق بما تبقى به من بصر، وشرع يتفحص في وجهي قائلاً ( أظن انك أستاذ ناصر ؟) نعم عرفني عندما رجعت إليه آدميته ، وتذكر أنني كنت معلماً له في الثانوية العامة ، ناولته ما تبقى معي من ماء ، وسألته ما رمى بك إلى هذه الحياة الشقية ، فأجاباني وشعرت من كلامه انه لازال مخدرا تائها، إنها الحاجة وشظف العيش في غزة ! انه شظف العيش والهروب من الموت إلى الموت مقابل الحصول على فتات من الأموال احصل عليها مساهمة منى – بطريقة انتحارية – للحصول على دراهم بخسة معدودة لأسد رمق إخواني وأسرتي المعدومة من ابسط قوانين العيش بكرامة ..
أصابني وابل من الذعر والهلع ، ونسيت حين أنهيت حديثي ورحلتي أنى أعيش في القرن الحادي والعشرين ، وبينما كنت شارداً متصارعاً مع أفكاري، وصل إلى مسامعي قيام الجرافات بانتشال مجموعة من شباب فلسطين المستقبل انهار عليهم احد الأنفاق، وتعسر بعضها من الحصول على من تبقى منهم تحت الرمال الظالمة ، ورأيت بعضهم يبكى بكاء الحسرة على حالهم ، وصرخت غاضباً لكم الله يا شباب قطاع غزة ( الموت والحصار والفقر والحصار والمرض ) ..
أمسكت قلمي، وشرعت بالكتابة لأنقل صورة معاناة شباب غزة ليس في الحصول على مركز متقدم في تصفية مونديال كأس العالم ، بل في الحصول على كأس مليء بالحليب لأطفالهم والمياه النظيفة ، وطبقًا به بعض اللقيمات الهنية، وانتزاع بسمه عابرة ، والحصول على حياة تشبه حياة البشر حتى في دول العالم الثالث ، فهل سيحقق حلمهم ويصبحوا عماد لدولة ربما تلوح لهم في الأفق القريب ، أم لا زلت أعنى من أحلام اليقظة وما كتبته دربا من دروب الحيل الدفاعية السيكولوجية .



#ناصر_اسماعيل_جربوع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسرى فلسطين بين تخرصات جوناثان بولارد وفتاوي السنهدرين -دراس ...
- أنفلونزا الملوخية
- أنفلونزا الخنازير مسلسل آخر لحصار غزة
- سمو الأمير شمعون بيرس شيخ في قطر وذليلأً في الارجنتين
- محمود عباس نحن لانعبد الأصنام ولكن ؟
- دراسة تحليلية -في كتاب التراث الشعبي والمواجهة للدكتور محمد ...
- إعلان الرئيس لموعد الإنتخابات دستوري ولن يؤثر بالمصالحة
- موطني- موزتي - والجزيرة -ودرب الخيانة
- أبعاد ثقافة الردح الحزبية وآفاق المصالحة
- أمريكيا تسمم منتظر الزيدي لإغتيال الكاريزما والكرامة العربية ...
- من الكيبور إلى العرش وصمود مدينة القدس- دراسة تحليلية تاريخي ...
- أقصانا لا كيبورهم - دراسة تحليليلة تاريخية
- نتنياهو وكومبارسه - يجهزون لفتنة جديدة فى غزة والضفة
- من الذاكرة الفلسطينية :قرية أم خالد باقية في قلوبنا - ونتاني ...
- التطور التاريخي لحلويات رمضان ( الكنافة والقطايف )وأخواتها
- العم صابر كحيان الغزاوي يستقبل موسم (رمضان والمدارس والعيد)
- من الذاكرة الفلسطينية - مذبحة قرية منصور الخيط
- قرية الصبيح الفلسطينية وسجل الشرف الفلسطينيى
- في ذكري النكبة طوابير الذل وانعدام الدواء في عيادات وكالة ال ...
- في غزة الناس تتساقط كأوراق الأشجار


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ناصر اسماعيل جربوع - رحلة الى جمهورية أنفاق ستان