|
عمدة كفر البلاص
محمد سنجر
الحوار المتمدن-العدد: 2876 - 2010 / 1 / 2 - 22:23
المحور:
الادب والفن
( طرق شيخ الخفر الباب ، جاءه صوت العمدة من الداخل ) ـ أدخل . ـ السلام عليكم . ـ و عليكم السلام ، ادخل يا شيخ الغفر تعالى ، هيه ، عملتوا إيه ؟ ـ كله تمام يا حضرة العمدة . ـ يعني إيه كله تمام ؟ فين التقارير و الإحصاءات بتاعتك ؟ ـ ههههههه ، تقارير إيه يا عمدة ؟ قال عد غنمك يا جحا .... ـ ها تفضل طول عمرك بلاصي ، شوف بقى أما أقولك ، تلات ساعات ما فيش غيرهم ، و إذا ما غطست و قبيت و لقيتك حاطط قدامي تقرير مفصل ، قول على نفسك يا رحمن يا رحيم . ـ لا و على إيه ، سلام عليكم . ( خرج شيخ الخفر مسرعا ، ما هي إلا دقائق حتى عاد ثانية و في يده ورقة واحدة ) ـ اتفضل يا حضرة العمدة . ـ إيه ده يا روح ست أبوها ؟ ـ التقرير . ـ ورقة ؟ بقى هازز طولك و ركبت الحمار و رايح فين يا شيخ الخفر ؟ رايح أجيب التقرير ، و راجع ليه يا شيخ الخفر ؟ أصلي كنت بجيب التقرير ، و آخرة المتمة ألاقي التقارير ورقة يتيمة ؟ ـ ما هي الورقة دي فيها كل حاجة يا عمدة ، بالتفصيل ، و بعدين دي غرقانة كتابة وش و ضهر . ( وضع العمدة نظارته و أخذ يقرأ ، باغته شيخ الخفر ) ـ أموت و أعرف لزمتها إيه المصاريف دي كلها يا حضرة العمدة ؟ ما يموتوا و الا يغوروا فيستين داهية .... ( نظر إليه العمدة حانقا ) ـ و أنا أموت و أعرف أقرا اللي انته كاتبه ده إزاي ؟ نبش فراخ ده يا شيخ الخفر و إلا إيه بالظبط ؟ ميت مرة أقولك حسن خطك ، حسن خطك ، يعني أخنقك و أخلص البلد من خطك ... ( أمسك العمدة شيخ الخفر من رقبته ، صرخ شيخ الخفر يحاول الخلاص) ـ خلاص يا جناب العمدة أنا في عرضك ، مش كاتب أيتها حاجة تاني ... ( أفلت من يديه ، عندها قذفه العمدة بالورقة ) ـ طيب عقابا ليك لازم انته بقى اللي تقراها ... ـ حاضر يا جناب العمدة حاضر ، أنا اللي استاهل ... ( بدأ شيخ الخفر في القراءة ) ـ نمرة واحد ، حسان أبو شوشة ، و مراته زينب و ابنه خالد و بناته سوسن و تفيدة ، توب قماش ، شوال رز ، شوال دقيق ، شوال بطاطس ، صفيحة زيت ، نمرة اتنين ، محمود أبو اسماعين و أخوه عوض ، عشرة متر قماش ، نص رز ، نص دقيق ، نص بطاطس ، عشر قزايز زيت .... ـ عملت إيه مع الواد أبو الروس جوز البت جميلة أم المتولي ؟ ـ بس ده يا عمده مش من بلدنا ، ده من كفر أبو حطب ..... ـ و لو يا بقف ، طالما متجوز من بلدنا و قاعد فيها يبقى زيه زينا ، و إلا يعني أبو الروس مش بنى آدم بياكل و يشرب زينا ؟ و إلا هو ما لوش كرش و انته بكرشين ؟ ـ أيوه بس أموت و أعرف إيه لزمته ده كله ؟ ما يطفحوا و إلا عن أبوهم ما طفحوا ، ليه المصاريف دي كلها ؟ هو انته خلفتهم و نسيتهم ؟ ـ ما فيش فايدة ، الله يرحمه قال ما فيش فايدة ، أفهمك يا طربش ، القط اللي كانت أمك ست أبوها مربياه في بيتكم فاكره ؟ ـ قطع و قطعت سيرته ، ده أنا نزلت عليه دب بالفاس لحد ما فطسته ... ـ ليه ؟ ـ مش لاقيناه واكل الكتاكيت .. ـ طيب ما عرفتوش هو كلهم ليه ؟ ـ عشان كان جعان . ـ الله ينور عليك ، طيب لو انته مأكله و شبعان أول باول ؟ كان ممكن يعملها ؟ ـ لأ طبعا ، ما هو كان طول عمره عايش معانا من أيام أبويا الله يرحمه ، و لا عمره قل بأصله ..... ـ أيوه ، لأن أبوك كان مراعيه مأكله و مشربه و مهنيه ، لكن ست أبوها كانت مصدرة له الطرشة ...... ـ و هو ربنا بينسى حد يا جناب العمدة ، ده ربك ها يرزقه لو في بطن الجبل . ـ أهو انته عملت زي اللي واقف على القضيب و شايف القطر هاجم عليه و مش عاوز يتحرك و بيقول لو ربنا عايز القطر يفرمني ها يفرمني ، أمال ربنا خلق لنا عقل ليه ؟ و ليه خلى الإنسان خليفته في الأرض ؟ ـ طيب و إيه دخل القط في العاطلين اللي عندنا في البلد يا عمده ؟ ـ الناس دول قاعدين لا شغله و لا مشغلة ، عطلانة يعني ، أو زي ما بيقولوا في الجرايد ( بطالة ) ، لا عندهم أرض يأجروها أو يزرعوها ، فيهم اللي مريض أو تعبان أو مش لاقي شغل ، يعني ناس جعانة بصريح العبارة كده ، لا هدمة تسترهم و تستر عيالهم و لا لقمة تسكت كلاب الجوع السعرانة اللي بتقطع في معدتهم ... ( يشير شيخ الخفر بسبابته إلى رأسه ) ـ عشان كده بتأكلهم و تشبعهم قبل ما ندخل عليهم في يوم نلاقيهم كلوا الكتاكيت زي القط بتاعنا ، صح يا حضرة العمدة ؟ ـ تسلم دماغ اللي نفضك ، دي إيه النباهة دي كلتها ؟ ـ أيوة بس برضك دي مصاريف كتيرة قوي يا عمدة ... ـ كام يعني ؟ ـ لو عملناها مرتين ، يعني ممكن يكلفوك حوالي خمس ست الاف في السنة . ـ عليك نور ، طيب و لو سبناهم هايجين زي مقاطيع كفر أبو حطب ؟ احسب كده بقى مصاريف حادثة واحدة من اللي عملوها هناك ... ـ دول لما سرقوا دوار عمدتهم بس ، خدوا عشر جمايس على الأقل بمتين ألف ..... ـ و حصان و حمارين ، ده غير دهب مرات العمدة ، و غير العربية اللي اتقلبت في الترعة و همه بيطاردوهم ، و السين و الجيم و التحقيقات و الاقلام و الورق و الملفات ، و مدير الأمن و المأمور و وكلاء النيابة و الظباط و العساكر و الشهود و عطلة الناس ..... ده كله كوم و التلات غفر اللي ماتوا لما ضربوا عليهم نار كوم تاني ، و نسوانهم اللي بقوا أرامل و العيال اللي اتيتمت ، شوف انته بقى الناس الي ماتوا دول ، الواحد فيهم يسوى كام ؟ ـ لو قلنا الغفير الواحد بألف ( ينظر للسقف ) يبقى التلاتة بتلات الاف . ـ هو إيه اللي بألف ؟ ( احمر وجه العمدة حتى كاد الدم أن يتفجر من خديه ) ـ مالك يا حضرة العمدة ؟ ـ هو إيه اللي بألف يا شيخ الغفر ؟؟؟؟ ـ الغفير ، الواحد بألف ....... ( أخذ الشرر يتطاير من عين العمدة ، أخذ يبحث حوله ، لم يجد ضالته ، عندها انحنى يخلع حذائه ، أمسكه بسرعة بين يديه ، أطلقه ناحية وجه شيخ الخفر ، و أخذ يصيح ) ـ مافيش فايدة ، مافيش فايدة ... ( انتفض من مكانه ، هجم على رأس شيخ الخفر ينزع شعر رأسه ، شعرة شعره ، يردد ) ـ فيه فايدة ، ما فيش فايدة ، فيه فايدة ، ما فيش .... ( أخذ شيخ الخفر يصرخ من شدة الألم ) ـ خليهم ألفين ، خليهم ألفين .... ( حاول جاهدا الفرار ، أخيرا ينجح ، يخرج مسرعا ، يجري بشوارع القرية ، يصرخ ) ـ خليهم ألفين ، خليهم ألفيــــــن ، خليهم ألفيــــــــــــن ...
#محمد_سنجر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذهب مع الريح
-
الرقص على إيقاع كلمات سبارتكوس الأخيرة
-
جيفارا الذي لا يعرفه أحد ( دقات بقلم : محمد سنجر )
المزيد.....
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|