ابراهيم هيبة
الحوار المتمدن-العدد: 2866 - 2009 / 12 / 23 - 23:06
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نحن نؤمن بالله لأن الحياة ليست سعيدة؛ إذ لو كانت الحياة كلها ورودا وزهورا لأصبح الله كائنا من الدرجة الثانية أو الثالثة. ولكن لأننا نعيش في عالم يحتكره الحزن والغبن، سنكون دائما في حاجة ماسة إلى الكائن الأول. عندما يتخلى عنك الأقرباء والأصدقاء، وتجد نفسك في حالة من الهجران المطلق، ينبثق الله كحد أقصى لذلك الهجران وكمبرر للحوار؛ فحينما يبلغ منك الأرق مبلغا، بينما البشرية تغط في نوم عميق، بمن تستغيث سوى الله؟ إن الواحد منا لا يتحمل العزلة إلا عندما تكون في حدود المعقول، أما عندما تبلغ هذه العزلة مستويات جحيمية فإننا نتطلع تلقائيا بأعيننا إلى السماء بحثا عن من يؤازرنا.
عندما يخبو نور الحياة يصعد نجم الله. فلولا تمزقات الجسد وانهيارات الحب وعدم الرضا الذي يحيط بالكائن من كل جانب، لما كان للدين وجود ولغدا الله مجرد نظرية لا تشغل إلا عقول الفلاسفة . لا يظهر الله إلا في حياة مضطربة؛ والشخص الذي يتمتع بصحة جيدة ومزاج محايد لا يمكن أبدا أن يؤمن به؛ إنه صرخة يطلقها المرضى وأمل يتشبث به أولئك الذين ظلمتهم الحياة. قال لي، ذات مرة، رجل ثري حينما تغير النظام السياسي في بلده من نظام ليبرالي إلى نظام شيوعي:"عندما جردتني الدولة من كل ممتلكاتي اكتشفت الله." لا شيء يمكن أن نعلّق به على ما قاله هذا الرجل سوى القول بأن الله هو ذاك الشيء الوحيد الذي يتبقى لنا عندما نفقد كل شيء.
لا يمكن أن تؤمن بالله إلا إذا كانت تتوفر فيك الشروط التالية: أن تكون متفائلا، محبا للاستقرار، وتسلم بوجود شيء اسمه الحقيقة. أما إذا كنت متشائما وشكاكا، فانك لن ترى في الله إلا خطأ من أخطاء القلب البشري.
#ابراهيم_هيبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟