أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - التيه السياسي الفلسطيني الجديد















المزيد.....

التيه السياسي الفلسطيني الجديد


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 2849 - 2009 / 12 / 5 - 18:16
المحور: القضية الفلسطينية
    



لا تغرنا التصريحات المتوالية من السلطة وخصوصا الدكتور سلام فياض حول قيام الدولة الفلسطينية بعد عامين ،فتجسيد الدولة الفلسطينية العتيدة في ظل الواقع الفلسطيني والعربي الحالي،لم يعد شأنا فلسطينيا داخليا،بل دولي وإسرائيلي، والسلطة في الضفة تتآكل وتفقد كل مضمون سياسي وطني.ولا تغرنا الشعارات الكبيرة حول المقاومة وانتصارات رفع المعنويات عند حركة حماس ومن يشايعها ويوظفها من دول و فضائيات التهريج السياسي والديني ،فغزة تحت حكم حماس أكثر بؤسا مما كانت عليه في ظل السلطة.المدقق بمواقف مختلف القوى السياسية الفلسطينية،خصوصا حركة فتح وحركة حماس،سيلاحظ حالة من التخبط والتيه السياسي ينتاب هذه القوى،تيه مرجعه وصول خياراتهما المعلنة لطريق مسدود سواء كان خيار المفاوضات والتسوية السلمية لدى منظمة التحرير وحركة فتح أو خيار المقاومة لدى حركة حماس ومن يشايعها من الفصائل،تيه يغذيه تيه مواز عند العرب والمسلمين ،فالخلافات العربية والمحاور الإقليمية ليست بعيدة عن مأزق الحالة الفلسطينية الداخلية.هذا التيه السياسي الذي يذكرنا بتيه ما بعد النكبة مباشرة، ولكن بشكل أكثر مأساوية وإحباطا حيث تيه تلك المرحلة كان نتيجة صدمة هزيمة جيوش عربية أضاعت فلسطين وقبل أن يختبر الشعب الفلسطيني خياراته وممكناته،أما التيه الحالي فهو أكثر خطورة لأنه يأتي بعد تجارب سياسية وعسكرية مريرة توزعت على مجمل الأيديولوجيات:الوطنية والقومية واليسارية والإسلاموية.
هذا التيه السياسي الراهن يستدعي مراجعة إستراتيجية شمولية لمجمل الحالة السياسية الفلسطينية بتكويناتها الداخلية وعلاقاتها الخارجية،مراجعة مبعثها الخوف على المشروع الوطني التحرري والرغبة بأن يستدرك المثقفون والسياسيون الفلسطينيون الأمر قبل أن تصبح عملية المراجعة والعلاج مستحيلة.
عندما أصبحت مظاهر التيه السياسي معممة: من المواطن العادي حتى المسئول والقيادي ،من السلطة وفصائل منظمة التحرير إلى حركة حماس، وأصبحت البوصلة السياسية بلا اتجاه عند الجميع ولم يعد بالإمكان إخفاء الحقيقية ،وخصوصا بعد أن تراجعت واشنطن عن وعودها تجاه الاستيطان وأعلنت تل أبيب نهاية مسار التسوية بالمعايير المنصوص عليها بالاتفاقات الموقعة،وبعد أن أصبحت حركة حماس تستجدي لقاء أو حوارا مع هذا المسئول الأوروبي أو ذاك الأمريكي بعد أن التزمت بتهدئة كانت تتمناها إسرائيل منذ سنوات ،حينئذ انهالت التصريحات الفلسطينية المرتبكة والمربِكة .، بداية يعلن صائب عريقات وآخرون بأن نهاية خيار حل الدولتين يعني الذهاب لخيار الدولة الواحدة قبل أن يتراجع ويعلن عن خيار إعلان تجسيد الدولة،وآخرون ومنهم عباس زكي في مقابلة مع الجزيرة يقول بأن كل الخيارات واردة بما في ذلك خيار المقاومة المسلحة،حتى محمد دحلان تحدث أيضا عن العودة لخيار المقاومة المسلحة! ، ثم يعلن الرئيس أبو مازن عن عدم ترشحه للانتخابات القادمة قبل أن يعلن عن تأجيل الانتخابات لأجل غير مسمى!، أما حزب الشعب فيتقدم للمجلس المركزي لمنظمة التحرير منتصف نوفمبر بمشروع تشكيل مجلس انتقالي تأسيسي للدولة الفلسطينية،و الجبهة الشعبية وعلى لسان النائب في التشريعي جرار تطالب بوضع إستراتيجية فلسطينية جديدة دون أن تحدد معالم وتفاصيل هذه الإستراتيجية،ثم تعلن السلطة وعلى لسان فياض ثم الرئيس عن الاستعداد لإعلان تجسيد قيام الدولة في الضفة وغزة ،وبعد ردود فعل سلبية من واشنطن وأوروبا وتهديدات إسرائيلية يتم التراجع ويوضح الرئيس بأن السلطة ستطلب من مجلس الأمن بحث هذا الخيار ثم يتم التحدث عن أن القرار قرار عربي وسيقدم لمجلس الأمن عن طريق العرب،فيما لم نلمس أي موقف عربي موحد تجاه هذا الموضوع حيث التيه العربي أكبر من التيه الفلسطيني،و أخيرا وفي إطار نفس المنظومة يطل علينا مروان ألبرغوثي من سجنه لينتقد الرئيس أبو مازن ونهجه ويطالب بوضع إستراتيجية جديدة!.

أما حركة حماس فبالإضافة إلى رفضها المبدئي لكل ما يصدر عن السلطة والمنظمة والرئاسة سواء كان صحيحا أو غير صحيح ،فالتيه السياسي الذي يسود مواقفها أكبر من تيه السلطة،فتارة تتحدث عن تحرير كل فلسطين من البحر إلى النهر وتارة تتحدث عن استعداد للاعتراف بدولة في الضفة وغزة ،تارة ترفض المفاوضات وأي اتصالات مع واشنطن وتل أبيب، وتارة تتسلل عبر الكواليس والوسطاء لتستجدي جلسة حوار أو مقابلة مع أي مسئول أمريكي أو أوروبي وأخيرا سمعنا عن اتصالات سرية مع إسرائيليين،تارة تتحدث عن المقاومة فيما هي متوقفة عن المقاومة منذ فترة بل وتتصدى لمن يريد المقاومة انطلاقا من قطاع غزة، وانشغالها بالسلطة وعلى السلطة أكثر من انشغالها بالمقاومة،تارة تقول بأنها تريد المصالحة وتارة تعمل كل ما من شانه إعاقة المصالحة،وأخيرا تعلن أنها اتفقت مع حركات المقاومة على وقف الصواريخ من غزة فترد الفصائل بالقول إنه لم يحدث هكذا اتفاق... غياب الرؤية عند حركة حماس تيه أكبر وأخطر من تيه السلطة لأنه تيه مَن كان الناس يراهنوا عليه أن يكون المنقذ.
التيه السياسي الراهن الذي يعاني منه النظام السياسي الفلسطيني ليس خللا ظرفيا وعابرا، بل خلل بنيوي قبل أن يكون وظيفيا ،سواء تعلق الأمر بكل حزب وحركة على حدة أو من خلال ما تم تسميته بالمشروع الوطني القائل بدولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وحل عادل لقضية ألاجئين .خلل الفصائل يكمن في كونها فصائل منفردة لا يجمعها إطار وطني واحد ولو ضمن ائتلاف كما كان الحال مع منظمة التحرير في سنوات السبعينيات،أو جبهة تحرير فيتنام أو جبهة تحرير الجزائر الخ،والخلل أيضا في غياب استقلالية قرارها وتبعيتها لأجندة دول وأطراف خارجية لأسباب أيديولوجية وغالبا ما تؤدي التبعية الأيديولوجية لتبعية مالية والمال الخارجي له ثمن سياسي لا يتوافق غالبا من المصلحة الوطنية،هذا بالإضافة إلى أن تبعية حزب أو حركة لمرجعية خارجية يؤشر على ضعف الانتماء للوطن:ثقافة وهوية وانتماء،وهي تبعية تعيق الشراكة السياسية الوطنية بما فيها التوصل لإستراتيجية عمل وطني،أن يكون لكل حزب إستراتيجية سياسية وعسكرية خاصة به،وميليشيات مسلحة بل ومستشفيات وجامعات ومعسكرات تدريب ..هذا لا يعني وجود إستراتيجية عمل وطني، ولا يندرج في إطار التعددية السياسية والحزبية التي تعرفها المجتمعات الديمقراطية، حال الأحزاب والحركات السياسية في فلسطين فئوية مدمرة للمشروع الوطني وكانت أهم أسباب فشله.أما خلل (المشروع الوطني) الذي تقوده حركة فتح ومنظمة التحرير فيكمن، بالإضافة أنه لا يعبر عن توافق وطني حيث لا تقر به حركة حماس والجهاد الإسلامي وقوى أخرى،إنه مرتهن بالتسوية السياسية ولن تقوم له قائمة إلا في إطار تسوية سياسية تُقر بها إسرائيل، وذلك بسبب مرجعية هذا المشروع وهي الاتفاقات الموقعة التي تعتمدها المنظمة والسلطة لإنجاز هذا المشروع، وبسبب الجغرافيا السياسية حيث تفصل إسرائيل ما بين الضفة وغزة ،ومن هنا تصبح إسرائيل وكأنها شريك في هذا المشروع الوطني ،هذا كان حال المشروع الوطني قبل الانقسام وفصل غزة عن الضفة وفي ظل وجود أفق للتسوية ،فكيف الحال الآن مع الانقسام ومع وصول مسار المفاوضات لطريق مسدود وانغلاق أفق المصالحة الوطنية؟.

أن يأتي نقد الحالة السياسية وطلب المراجعة من داخل البيت الفلسطيني وعلى أرضية الحرص الوطني فإنما لقطع الطريق على أشباه كتاب ومثقفين من عرب وأجانب وجدوا في مأزق المشروع الوطني الفلسطيني ومأزق مجمل الحركة الوطنية الفلسطينية فرصة لتصفية حسابات، إما نيابة عن أنظمة ومأجورين لها أو كنوع من التشفي والحقد وحالهم حال الذي يتعجل إطلاق رصاصة الرحمة على المريض قبل أن يتأكد بأن حالته ميئوس من شفائها،ومدعي الرحمة في ذلك لا يسعى لتخليص المريض من عذاباته بدافع الشفقة بل لتحقيق رغبة دفينة بالتخلص من المريض حتى وإن لم يكن مريضا.كل مراقب حصيف يلمس أن قوى عربية وإقليمية بالإضافة لإسرائيل وحلفائها سعداء بما آل إليه الحال الفلسطيني من تراجع بل وتشتغل على إنهاء الحالة الوطنية التحررية الفلسطينية بشقيها :المقاوم والمفاوض،وإلا ما سبب هذا الصمت العربي الرسمي المريب عما يجري في الساحة الفلسطينية وخصوصا من دول الجوار القريب.
ندرك صعوبة أن تعترف القوى السياسية الفلسطينية بفشلها فلكل منها ذخيرة من الحجج التي تدافع بها عن وجاهة خياراتها ونهجها السياسي ،وبالتالي فنحن لا نقول بالمراجعة بمعنى التجاوز والمحاسبة بل بمعنى تصحيح المسار،وفي هذا السياق يأتي دور المثقفين وكل أصحاب الفكر من فلسطينيين وعرب ومسلمين ،فما دام الكل يقول بان القضية قضيته:وطنية أو قومية أو إسلامية،والكل يزعم انه ناضل أو جاهد في سبيلها فعلى الجميع المساهمة في إصلاح الخراب الفكري والسياسي الذي أصاب القضية الفلسطينية،وكفى المثقفين والمفكرين التهرب من المسؤولية باسم الطهرية السياسية والأخلاقية أو بسبب الإحباط واليأس ،وعليهم الخروج من موقع الناقد المتعالي عن الواقع.آن الأوان ليمارس المفكرون والمثقفون دورهم الطليعي ويأخذوا زمام المبادرة لإجتراح حلول غير أيديولوجية للقضية الفلسطينية بأبعادها الوطنية والقومية والإسلامية والدولية.



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية العلاقة بين الانتخابات والمصالحة الوطنية والتسوية ال ...
- نحو مفهوم جديد للمصالحة والشراكة السياسية
- السياسة لا تقاس بالنوايا ولكن بالممارسات-منح جائزة نوبل للسل ...
- نعم أخطأ الرئيس أبو مازن ،ولكن ماذا بالنسبة للآخرين؟
- تداعيات متشعبة لتأجيل مناقشة تقرير جولدستون
- خطورة تاجيل بحث تقرير جولدنستون
- نعم لدولة فلسطينية منزوعة السلاح
- لماذا الآن تشترط حماس المصالحة قبل الانتخابات ولم تشترط ذلك ...
- الإصرار على إجراء الانتخابات الفلسطينية في موعدها
- نحو صياغة مشروع وطني فلسطيني جديد
- مَن الذي سيملأ فراغ سقوط (الشرعيات) في يناير القادم؟
- لا مشروع وطني بدون حركة فتح ولا فتح بدون غزة
- هل فقد مؤتمر حركة فتح أهميته فبل أن ينعقد؟
- الفضائيات وسياسة الفوضى البناءة
- هل سيكون مؤتمر حركة فتح سببا في إعاقة المصالحة الوطنية والتس ...
- هل أصبحت حركة فتح كالهرة التي تأكل أولادها:قراءة في تصريحات ...
- هل تستحق السلطة كل هذا الثمن؟
- ما وراء استهداف الرئاسة الفلسطينية
- علاقة حكومة فياض بحركة فتح وبالمشروع الوطني
- لغز حل الدولتين


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - التيه السياسي الفلسطيني الجديد