أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - احمد الحاج الحياري - ليتكم تعاملون المواطن كحيوان غاب - رسالة الى قوات الدرك الاردنية















المزيد.....


ليتكم تعاملون المواطن كحيوان غاب - رسالة الى قوات الدرك الاردنية


احمد الحاج الحياري

الحوار المتمدن-العدد: 2833 - 2009 / 11 / 18 - 21:53
المحور: حقوق الانسان
    


ليتكم تعاملون المواطن كحيوان غاب ، إكراما لحياته. بداية أسأل الله تمام الشفاء والسلامة للمهندس ليث سبيلات ، والرحمة للمواطن صادم السعودي ، والعزاء لأهله ، والشفاء والرحمة لكل من أهين أو مات فلم يسمع عنه أحد - وأدعو الله بالرحمة للمواطن فخري عناني آخر ضحايا شرطتنا الباسلة ، حتى اليوم .

في الغابات ، يمهر المحترفون من قوات الدرك الكينية وشرطة البقاء للأصلح ، في صيد الأسود والنمور التي تشاغب في الأدغال وذلك باستخدام طلقات الإبر المخدرة ذات الريشة الزهرية التي تشعرك بأن الشرطي رماك بوردة لكي يخفف من وحشيتك أيها المواطن.

قاطعني أحد الجرحى ، وهو يقول : يا ريت.

في جامعة اليرموك عام 1986 ، رمضان ، الموقع ما بين مبنى الدراسات الإسلامية وعمادة شئون الطلبة ، الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ، هاجمت قوات الدرك بمصداتها البلاستيكية وهراواتها جموع الطلبة السهرانين على الأرض وهم ينشدون ويهتفون اعتراضا على فصل قرابة ألف طالب بموجب تدني مستواهم عن المعدل التراكمي المقبول وكان قد رقي إلى 75% فأثار فوضى انتهت تلك الليلة بمجزرة دركية. كنت أدخل بسيارتي الرينو 18 من بوابات الجامعة بدون اعتراضات ، فحيث أدرس في الدراسات العاليا بالجامعة ، أعود من عملي الصباحي في شركة الكهرباء لحضور محاضرات المساء ، وأزاول عملي المسائي أيضا مراقبا صحيا في بلدية إربد ، وأحمل هوية مراقب صحة من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، ابنتي التي كانت بعمر سنتين كانت تظل معي حيث تدرس والدتها أيضا في كلية طبية ، مما يستدعي ألا أتمكن من حضن طفلتي الصغيرة والدخول مشيا بها ، حيث يلزمني انتظار والدتها بعد المحاضرة لتسليمها الأمانة فأعود للبيت القرب من الجامعة ثم أرجع للجامعة لإكمال المحاضرات ، وبعدها أنطلق ليلا للتفتيشات الصحية. عندما دخلت قوات الدرك ، كنت ليلتها قد اصطففت بالسيارة قريبا جدا من موقع جلوس الطلاب ، ويعرفني معظمهم ، وفي لحظة واحدة ، انهالت قوات الدرك بهجوم صاعق ، لقد قتلوا عددا من الطلاب الذين لم يتمكنوا من الهروب. فماذا فعلت وقتها.

انسحبت فورا إلى السيارة وفتحت الباب ورميت كوعي عليه ، لاحظ أحد الدرك أن هيئتي ولا حالتي من الارتباك وعدم وجود أحد بجانبي مثلما اصطف فريق من ضباط الأمن والعسكر أمامي يسار حيث كنت مواجها لمبنى الدراسات الإسلامية وأمامي في الساحة الطلاب وعن يساري أشجار السرو المزروعة ، وعن يميني ثلة الضباط المراقبين. تحرك إلي شرطي الدرك ، مكافحة الشغب ، بيده اليسرى لوح الحماية من الزجاج الليفي ( الفيبر جلاص ) وبيده اليمنى المباركة هراوة كان يرفعها ، فبادرته قائلا بصياح وسط الهرج والمرج ، إيش وله ، روح شوف شغلك ، فاحتار ظنا أني أحد المراقبين المفوضين. هبطت الهراوات على رؤوس الطلبة ، رأيت الشهيدة مروة تموت أمام عيني ، اختلطت ثورتي بخوفي على نفسي بمشاعري ، كانت أقل من 3 دقائق ، أقبلت سيارتا إسعاف ، يقود أحدها زياد أبو عين صديق لي في النادي العربي كنا نلعب البلياردو معا أحيانا ، وتساعدنا في حمل المصابين كانوا نحوا من 16 طالب ، معظمهم بلا أي حراك ، كان أحدهم ولا زال ينادي بي إلى الآن وقد فار الدم من رأسه : طليب على عرظك ، طليب على ولاياك ، ساعدني ، جمجمتي مكسورة هسا بموت ، وتساعد مجموعة من الأمنيين في حمل الطلاب.

تم وضعهم جميعا في سيارتي إسعاف ، مثل الشوالات ، لم يكن بيدي أن أبدي رأيا ، فقد كنت أحد الطلاب ، وإن لم أكن لحظتها في المصابين. تحركت سيارات الإسعاف ، ووجدت المصيبة أعظم من أن استطيع الخروج بسيارتي من بين رجال الأمن ، فقد عرفوا بالتأكيد أنني كنت دائرة الشك الوحيدة في الإجابة عن سؤال : كيف دخل سعد الطاهر ورمزي الخب " الأول إخوان والثاني يسار شيوعي " كيف دخلا إلى ساحات الجامعة والأمن والدرك والمخابرات وكل شرطي في الكرة الأرضية تم إرساله إلى بوابات جامعة اليرموك الأربعة؟ ولم يكن للسؤال غير جواب واحد ، أنني حملت رؤوس الاعتصامات في صندوق سيارتي ، فذلك ما اعترف به أمام مخابرات إربد أحد الزملاء ، ولم يعترف به الشيوعي اليساري رمزي الخب ، رغم أن الكل تعرض لنفس العاطفة الجياشة في دوائرنا الأمنية من التحقيق والإهانات المعروفة لكل من كان يتم التحقيق معه ، وربما إلى اليوم لست أدري.

أثناء خروج سيارتي الإسعاف ، وقد حركت سيارتي فاستوقفني ضباط في المكان قبل الانطلاق فركبوا معي حيث انتهت الحفلة ، ولما سرنا وراء الإسعاف وصل الإسعاف إلى نقطة لا بد من الالتفاف يسار حيث يصبح سكنا الطالبات " سكن مدام كوري " وسكن " الباعونية " على يمين الشارع ، وكانت طالبات يهتفن من بلكونات السكن في الدور الثالث بصوت ينوح بأحزان القتلى والمصابين ويشتمن الأمن، وتصدى أحد نشامى الوطن من رجال الأمن يحمل بندقية غاز مسيل للدموع ، فأطلق طلقة أصابت إحدى الطالبتين ، وعم الغاز ليمر الأبطال الأمنيين بسلام.



خرجنا من البوابة ، ولم أكد ألتقط أنفاسي بعد نزول الضباط أمام مديرية شرطة إربد ، حتى رجعت للبيت غير مصدق أني مررت بتلك الأوقات كلها التي مرت علي كأنها سنة ، بسلام. بالطبع لم تمر الأيام التالية بسلام، وكان للواسطة دور، فيما توجهت بعد إكمال خدمتي العسكرية إلى جدة ، أبحث عن سلام. تعلمت من دروس الأمن والدرك ومن عنتريات نشامى الشرطة الودودة اجتماعيا دروسا هاكم خلاصتها: ها هو المقترح أمامكم في كل الأردن لماذا لا تعامل قوات الدرك والبعث الجنائي " البعث بالعين واقرأ الكلمة على الطريقة الشامية" ، لماذا لا تعامل المواطن الأردني الأرعن المشكلجي ، بطلقات مخدرة مثل التي يستخدمونها مع النمور والأسود ، ثم يحال إلى المحاكم المختصة. أليس ذلك أخف ضررا على حياته وأكثر قربا في الالتزام بأحكام الدستور التي تكفل كرامة المواطن ، فهل سيعترض أحد المتدربين فيقول : وكيف نفش غلنا - لا ما بدنا طلقات مخدر - بدنا نرفش ببطن اللي ما بعجبنا ونكسر راسه !؟



وكيف نحقق أوامر ضباطنا بمسح كرامة المواطن ؟ الأسد والنمر من حيوانات الغابة ليس بينهم وبين البعث الجنائي والأمن والدرك مشاعر غل وحقد وانتقام ، فلا بد من طلقة المخدر الرحيمة ، ولكن المواطن المشكلجي ، ربما لا يستحق مثل هذا التكريم حتى ولو انسجم مع دستور حماية الحيوانات والبشر غير المروضين.



وأختم تعليقي المقالي بتساؤل بريء جدا جدا ، هل كان فيمن نالوا الترفيعات قبل يومين من كوادر الشرطة بعض المميزين ممن ساهموا من مواقعهم الخلفية أو حتى الأمامية في قتل المواطن الطفيلي صادم السعودي بضربه حتى الهلاك داخل مخافر التفتيش بعمان ( تسبها بمحاكم التفتيش في الأندلس ) ، وهل نال الترفيع بعض ممن قد يكونوا والله أعلم ساهموا في الزعرنة البلطجية والطعن الجبان في الظهر مع المهندس ليث شبيلات؟ تساؤل لا أدعي صحته ولا أنفيه ولكنه سؤال أتمنى أن تجيب عنه حقائق المعلومات في حكومتنا الإلكترونية المقبلة.
بدأت أحداث اليرموك باحتجاج طلاب كلية الهندسة التي كانت وقتها ضمن جامعة اليرموك ، في زيادة 90 دينار على الرسوم ، وفرضت أوامر فصل يوم 13 أيار 1986 نتيجة للاعتراضات والتظاهرات شملت 32 طالب وكان شعار تلك التظاهرات والاعتصامات " وحد صفك ، بالعالي سمعني كفك ، يا يرموك هيجي هيجي ، حق الطالب لازم ييجي " واشترك فيها الشعار المشترك بين اليسار واليمين " يا عمال العالم صلوا على النبي " صلى الله عليه وسلم ، وكانت المجزرة في 15/5/1986 الموافق لليوم 6 رمضان المبارك 1406 هجرية.

في ليلة المجزرة ، حضر مدير شرطة إربد الساعة 1 صباحا ، وبعد ساعات من بعد الفطور في ممحاولات من الدكتور أحمد الكوفحي والدكتور عبد الرزاق طبيشات وغيرهم من وجهاء إربد لتسوية الأمر وحل الاعتصام ، وكان الطلاب قد لانوا ووافقوا على الخروج من الجامعة وفض الاعتصام شريطة ألا يتم احتجازهم عند الخروج من الجامعة وبدون تفتيش على الهويات، وتم رفض هذا الطلب للأسف ، ولإصرار الأمن على احتجاز المطلوبين ، تدخل مدير الأمن وقال بمحبة وإنذار في الواحدة صباحا، إن الأمور خرجت عن سيطرة الأمن المحلي ، والدولة لازم تتدخل ، وأرجو أن تسمحوا نصيحتي بالموافقة على الخروج على الهويات وكل مطلوب يسلم نفسه لأن أمور خطيرة قد تحصل لكم ولا تحمد عقباها ، ولكن الطلاب رفضوا ، وفعلا كما أنذر مدير الشرطة بعد نصف ساعة تماما في تمام ال 1.30 ليلا ، هرعت وانهالت قوات حرس البادية بالهراوات عن جنب وطرف فوق كل الطلاب المعتصمين ، وكان ما كان.

كان يجب أن يكون هناك طول نفس في إدارة الأزمات ، كان يجب أن يكون هناك صبر بدل إزهاق الأرواح لتأديب الطلاب ، ويجب أن يكون الآن ما كان يجب منذ زمن طويل.

نظرية الإرهاب الاجتماعي من أجل تحقيق الأمن ، أثبتت أنها فاشلة في كل الدول والحكومات المعاصرة ، فالقسوة لا تولد إلا قسوة مع مجتمع نفوس أبنائه عزيزة كالأردنيين.

صحيح إن الأردنيين طيبون جدا ، ومتسامحون ، ولكن حين يكون هناك اعتراف واعتذار وبوادر محبة وتواصل من قبل من يدير شئونهم.

الحكمة تقتضي من وزير الداخلية التدخل بحكمة ، لم يكن من عيب لو زار المرضى من الطرفين ، والمصابين من الطرفين ، وأهالي المقتولين من الطرفين.. ولم يكن عيبا لو اعتذر علنا وشعر بالأسى علنا وأبدى حزنه وعزاءه أبدا لما أحزن عائلات الطرفين ، أليس هذا ما فعله أوباما في أكثر الدول تحررا في زياراته التي يقوم بها فضلا عن وزرائه لأي أسرة تتعرض للمهانة من قبل أي فريق حكومي.

إن لم يكن دور وزارة الداخلية تقدير إنسانية أهالي المصابين ، ومحاكاة آلامهم وأحزانهم ، فدور من إذن؟

هل سنحتاج في كل مشكلة أن نناشد جلالة الملك لكي يتدخل في تسيير الوزراء للأمور التي تسير من قبل الوزراء بمزيد من المشاكل المتفاقمة فوق بعضها؟

إني أتمنى أن يستقيل وزير الداخلية إن لم يكن بإمكانه أن يصنع حلا وجيها للمشكلات المتفاقمة ، إن حصل أي حادث آخر ، بنفس الطريقة ، وأرجو أن يتعامل مع الإعلام باهتمام بليغ بأوراح المواطنين ومؤاساة أهاليهم ، تماما مثلما فعل مع المصابين من السياح الإسرائيليين، فيخاطب الناس بما يجري بكل شفافية ، ويتحدث في كل أمر يخص المواطن وكرامة نفسه وحياته ، فليس من العيب الحديث مع العامة من خلال الإعلام ، في زمن صار كل نفس نتنفسه خبرا في منافذ الفضائيات والإعلام الإلكتروني ثم الصحف المطبوعة ، ويجب أن تنبه وزارة الداخلية بمسئولها الأول على تزويد أي فريق أمني بكاميرات فيديو في السيارات وعدم التدخل إلا بموجب توثيق مصور ومسموع من قبل المكلفين بالقبض على المجرمين والمطلوبين وهو حق مهيب للدولة عليها ان تحقق كيف تقوم به وتراجع أي مشكلة تصدر من شكوى مواطنين من خلال مراجعة التسجيلات.

نزعم بجدارة وفخر أن من حق المواطن الاعتراض على مخالفة الرادار بمراجعة دائرة السير ومشاهدة إثبات مخالفته مصورا مقابل رسوم ملزمة إن كانت شكواه غير صادقة.

بينما لا يمكننا أن نزعم أنه يجب على وزارةالداخلية أن تضمن مصداقية سير الأمن والإجراءات ونزاهة رجال الأمن بتصوير كل أعمالهم التي من شأنها أن يتم تفسيرها بطرق غير سليمة إن كانت وزارة الداخلية واثقة من أن رجال الأمن لا يخطئون.

وحتى ذلك الحين كي يعود الهدوء من دون تكرار حالات مشابهة ، فإن كلفة الكاميرا لا تعدو عن تصوير من جهاز خلوي ، لضمان مصداقية وحدات الأمن والدرك في أي تبرير يدعونه أثناء التعامل مع الغوغاء في أي مكان.

في بلاد العم سام ، توجد في كل سيارة مرور ، كاميرا تسجل الأحداث أولا بأول ، من أجل التقييم والمراجعة التي تفيد الحقيقة وهي ما تكفل معرفة أصل الداء وكيفية علاجه.

فإن كان ولا بد يا إخواني الدرك والشرطة بأنه لا بد من القتل ، فبالحسنى ، إستخدموا طلقات التخدير المستعملة في الأدغال مع النمور والأسود ، ثم خذوا المواطن بنعومة ، ثم استتروا فيما تفعلون يا إخواننا الدركيون والشرطة الغضبانين ، بدون إثارة الهيزعة والجلبة وعمل العلقات السخنة.

على الأقل بهذه الطريقة ، تضمنوا عدم وجود إثارات إعلامية وتضمنون أيضا خلو الصحف الإلكترونية من كتابات معلقين مزعجين مثل من يكتب الآن.
فخلال دراستي في اليرموك من 1983 إلى 1986 كنت في الإخوان في أسرة تنظيمية من الكبار خارج محيط الجامعة منهم من صار قنصلا أو سفيرا أو نائبا وفقهم الله جميعا ، وفي تنظيم الجامعتين الطلابي كنقيب لبعض الأسر من الطلاب الجامعيين ، لم أعلم يوما أن الإخوان فكروا في عمل مسلح بأي أسلوب أبدا ، وكنت أعلم أن القطاع المسلح من الإخوان محدود جدا وسري جدا ولا يمكن أن يفكروا بأعمال من هذا النوع أبدا.

كما أني لا أظن أن خلايا الشيوعيين كان فيها من يفكر في أعمال من هذا النوع.

صراحة جامعة اليرموك كانت تضم تشكيلة عجيبة من التنظيمات من كل الاتجاهات ، ولكني أشهد أنه تم قتل الطلاب المعتصمين والضرب المتعمد للتكسير بأي طريقة لكل المجتمعين في الساحة بين المركز الإسلامي والكافتيريا ( أخطأت وأعتذر حين قلت عمادة الطلبة فلم أدخل الكافتيريا أبدا ) من دون أن يقاوم أو يتمكن من المقاومة أحد ، لكني رأيت كيف قتل الطلاب ، أحدهم حاول الإفلات لكن شباب الهراوات أسقطوه فكان يدافشهم برجليه وأمام هذا الدفاع انهالوا على رأسه بأقسى الضربات حتى لم يعد به أي حراك ، وأما الشهيدة مروة فقد كانت أمامي في الزاوية اليمنى الخلفية حيث كانت الطالبات يجلسن في موقع خلف الطلاب وظهرهن للمركز الإسلامي ومنهن من أتت من السكنات داخل الجامعة رغم حرص الأخت الكريمة والأم الفاضلة وقتها السيدة .. البطاينة نسيت اسمها على عدم السماح أبدا بمغادرة السكن ، ولكن الأحداث من التظاهر صنعت بعض الفوضى ، فقد تعطلت الدراسة كليا ، وفرغت السكنات إلا من طالبات لم يعرفن لهن مكانا آخر للالتجاء إليه خوفا مما قد يحصل، الشهيدة مروة الشيخ كانت لا تتمكن رحمها الله من سرعة الانطلاق والهرب كبقية طالبات بادرن فور انهيار الهراوات تضرب بلا أية ضوابط ، فقد كانت رحمها الله تعاني من إصابة تمنعها من الحركة بشكل شبه دائم ، وحين انهالت عليها الهراوات ، لم أرها ، لكني وعند تحميل الجثث والمصابين ، رأيتها مثل آخرين من الطلاب والزبد من أفواههم من إثر الوفاة تحت هراوات النشامى.

أكرر أشهد الله تعالى أني لم أشاهد أحدا منهم يحمل أية أداة يقاوم بها ، كانوا طلابا من دون أية وسائل ولقد فاتهم ذكاء الاستطلاع وحماس اللحظات بغباء ، فقد حذرهم مدير الشرطة وحدد وقت الصفر وقدم إلى الله والتاريخ أنه ليس بيده ما يمكنه فعله ، ولكنهم لم يفكروا لا في استطلاع من يمكن أن يهاجمهم فيتحسبون ولا في الاستعداد ولو بكسر الشبابيك وإخراج المطافيء للدفاع بها عند الضرورة ، ولكن شيئا من هذا لم يحصل مما يدل على أنهم جميعا برؤوسهم التنظيمية المختلفة كانوا شبابا طائشا وربما كنت أطيش منهم ، فلم يحسبوا حسابا ولم يقرروا أمرا ، وكان سعد الطاهر أمير التنظيم الطلابي للإخوان ، ولكن حصل ما حصل وأراد الله بحكمته أن يتم أمرا كان مفعولا ، سيتحمل كل منا عند الله تعالى أجره أو وزره مما فعل إن خيرا فخير وإن شرا فشر " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره "

الأدهى من كل ما حدث أن وزاراة الداخلية أصدرت بيانا إعلاميا كاذبا بكل تفاصيله ، وأن كل من شاهد وعاش ما حصل كان يعلم أن الحكومة التي نقلت الطلاب إلى مستشفيات "الأميرة بسمة" و"حجازي" ( راهبات الوردية لاحقا ) وغيرها كان يرى كيف أن الحكومة تتكتم كليا وبكل حرص على تفاصيل ما أريد له أن يكون.

هناك أكثر من هذا ، فما كانت أجهزتنا الأمنية تقدمه وقتها من بيانات لجلالة الملك حسين رحمه الله وتطمئن إلى القرارات التي تستجلبها لواقع ما تهوله من أخطار وهم مؤتمنون على أمن المواطن ، كان معظمه خداعا تصويريا يتعاون عليه ساسة متكرشون لهم أجندات الله أعلم بها.

المشكلة أن هناك من يستخدم الأذرعة الأمنية لأغراضه فيهول كل صغيرة ويجعل كل مشكلة خطرا ، فما أسهل من شعبنا البسيط الذي لم يتعلم فن الخداع ولا أساليب المكر من رؤوس الوصول ، فهناك من يريد أن يكون هناك معضلات ومشاكل كي يكون له دور رائد في إصلاحها.

حتى ما سمي بالانتفاضة نهاية الثمانينات والتي شملت مدن أردنية عصماء ، كانت من صنع معارضين تكرشوا فيما بعد على حساب متكرشين سابقين.

عندما كنت في المؤسسة الاستهلاكية العسكرية في سوق السلط التجاري ، وقفت جموع من فوق عمارات الضمان الاجتماعي ومؤسسة إعمار السلط وقتها فهرب كل من في السوق تحسبا للحجارة التي هددوا برميها من فوق الأسطح على السوق التجاري.

خرجت ومعي القفل ، صاح بي أحد الانتفاضيين ، يللا يا حياري بسرعة ، لكني أصررت على
إقفال بوابة المواد التموينية المؤدية للمستودع وأنا أرجوهم الانتظار، والحمد لله أخي ابن البحبوح لا زال فضله علي بالوقوف لمنع الرماة ، فقد توقعت أن " يراجدوني " بالحجارة ، وبعد قليل خلال أقل من دقيقة حيث رحت لجموع العسكر الواقفين على مدخل " الجورة " وسمعت مذياع لم يتجاوز الوقت دقائق مما حدث ، كانت إذاعة العدو الصهيوني تصف بدقة متناهية ما يحصل في السلط ؟ فمن كان يرسل لذلك العدو تلك التقارير اللحظية؟

للأسف ، فمن يريد أن يكون كالنعام يدس رأسه في الرمال سيقول دوما : كل الأردنيين شرفاء مخلصين.

ولكني سأقول : هناك أردنيون يبيعون النفس والأهل والعشيرة والكرامة والقرآن والإنجيل والدين والوطن من أجل مصالحهم ، فعلينا أمام هؤلاء أن نبني علاقات محبة وصراحة ووضوح وصدق متين بيننا وبين كل شرطي ورجل درك وأمن ، وأن نحترمهم بكل إخاء ، ومن يثير الشغب متعمدا غير قاصد طلب حق عجز عنه ، هو هو من تسيره الأيدي الخفية للعبث بأمن الأردن وجعله جاهزا للفوضى كخطوة نحو مؤامرة الوطن البديل.

" كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله "

ألا لعنة الله على كل من يثير الفتنة.

لا زلت أتمنى على وزارة الداخلية أن تستخدم التصوير والتسجيل في كل عمليات أفرادها وفرقها الأمنية لكي نعرف من يحرك الدمى ؟ ومن هو البريء المضحى به لأهداف ما ؟ ومن يقرع الجرس؟ ومن يطرق الخزان؟ ومن يرفع المصاحف على الرماح ، ومن يلبس الأقنعة ؟ ومن هو "أخو الشليتة" الذي يريد أن يلعب بأمن الأردنيين لعبة قذرة ؟ ومن ينادي من وراء الجبل ؟ ومن يركب الأمواج ؟ ومن يرقص على الجراح ؟ ومن يثير الفتن ؟

أتمنى أن يبادر وزير الداخلية لتضميد الجراح المنكوءة بوقفة إخاء بل أبوة للجميع ، فهو معالي نايف القاضي ابن الشيخ سعود القاضي شيخ مشايخ البدو ، وكل الفخر أن يكون وزيرا للداخلية ولكن كل الفخر أن ينجح في أبوته وأخوته لمن تحت مسئوليته من أمنيين ومواطنين ، وأن تغير بالأمل المرئية بوادره كل ما يتدفق في الناس من ألم وحزن ، وأن يبادر أهل معان وآل كريشان الكرام بتقديم الزهور وما علمته اليوم أن آهل المرحوم فخري العناني رضوا بتحويل الجاني لكي يحاكم على جرمه مدنيا ، ولكن من يثورون لغوغائية أو غائية قصدوا أفعالا مثيرة.

ففي هذه الحالات ، يتمثل في شرفاء معان والطفيلة أن يتصدوا لأي فتنة مفتعلة ويصارحوا الناس بما يجري.

فأول العلاج كشف الحقائق والمبادرة لمواساة كل أهل مصاب لا الوقوف مع هؤلاء وترك أولئك.

وفي المصابين كان ليث شبيلات ، وكان وكان ، نـأمل أن يفرض سيدنا جلالة الملك على الجميع روح الشفافية والمؤاخاة والإنسانية في تناول ومعالجة أي مشاكل ، الإنسانية مع جميع الأطراف الجاني والمجني عليه والإنسانية حق حتى للمجرم ولو كان مطلوبا ، مالم يحكم قاضي المحكمة بتكسير رأسه.

فإن كان ولا بد من اتخاذ إجراءات الهراوة فبالتسجيل الموثق بالصوت والصورة وإبرة المخدر المنصوح بها والخاصة بالمشاكسين المقاومين حين يكونون مطلوبين ولا تنفع معهم إلا أساليب العنف في القبض عليهم.



#احمد_الحاج_الحياري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - احمد الحاج الحياري - ليتكم تعاملون المواطن كحيوان غاب - رسالة الى قوات الدرك الاردنية