أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى الحاج - محض دخان ...!















المزيد.....

محض دخان ...!


منى الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 2824 - 2009 / 11 / 9 - 10:16
المحور: الادب والفن
    


محض دخان...!

حوبتنا ما تضيع ...تعودت اطلاق هذه العبارة في محاولة ربما تكون مجدية للتخفيف عن كاهلها الذي اثقلته احمال سنين جارفة لخفقات انفاسها البكر ، شيء ما بداخلها صار يتلاشى بخلاف ما يبدو ،صلابة وان كانت هشة الجوهر هي ما ينبغي التشبث بها ، وساحت بخيالها ، حالهما وقد تحودب ظهريهما لخذلان عكاز منوا النفس بادخارها لايام قيل انها ارذل العمر وغاب عن بالهما استحالة الحياة الى رذيلة ينعشها من يعومون انتشاء ببحر غواية لا تكتفي الابازدراد ضحاياها ،
_علينا بالصبر والدعاء لا نملك سواهما ،ظل متشبثا بهذه العبارة ،محاولا التخفيف قدر المستطاع لاسيما عن جدتي التي اعيتها الفجيعة ،
_امي اسمع خطا احدهم ... ، ربما هم يتلصصون علينا ..."انه صفير الريح ليس الا" مدفأة علاء الدين هي الرفيق الاوفى والاكثر حنوا وان شح زيتها ؛ اذ لطالما جمعتنا حولها في ليال هي الاكثر ظلاميه ،انزياحات كثيره ،طوحت بذاكرتي المتعبه ،لكنها تلك الكلمات العصية على التآكل ،والتي صارت تعويذة اسد بها منافذ الخوف الهاجمة دون هواده "لم اشهدها لكن اعلموا ستكون هي عين العداله ،صدقوني ربما سيخيم ليل انتظارها الطويل لكنها حتما آتية لا محاله "لن يبرحني ابدا رنين جرس ظل يهاتفني حتى بعد ان غيبته تلك اللحظة التي ارادته اطباقا على باقي المتبقي من امل يبدد وحشة الليالي السوداء ، دمعة حارقة ابت الا ان تؤنس وحشتها كلما جالت بها الذكريات صوب متاهات الغياب المتكرر ،لكنه ذلك النحيب الشجي يؤرقها حين وصل ذروته بفقدان رفيقة الكرب والاحزان بعد ان جعلت منها الفجيعة والخوف كومة سوداء تنحب حلما استحال على حين غفلة من زمن فزع كابوسا يجثم على صدر لياليهم المسروقه "ردتك يايمه لاردت مال ولا ردت حجل ولا سوار انا ردتك يايمه العازات الزمان هذا الزمان يريد وليان" ،كان الولد الموعود بعد ولادات متقطعة لخمس اناث ، ...وليد ،وليد كانت صرخة (الجده) ،التي رعت ولادتي كفيلة بتبديد آلام المخاض المتعسر ولتبث بعدها فرحة اختزلت كل معاناة الانتظار الطويله ،صارت اشبه بنشيد اعتدنا ان نردده معها كلما عصفت بها رياح الوجد لوحيدها الذي انتزع من بين حنايا صدرها ،حدقت طويلا في زوايا المنزل تستنطقها تساؤلها عن احبة رحلوا دون وداع ،خمسة وعشرون عاما لم تمنحه الا المزيد من الحزن والتآكل ،اسقف متهالكه ، وجدران توحدت مآرب الارضة والرطوبة في نقش خريطة البؤس التي صحرت اياما مقتلعة جذور عيشها الآمن ، ظلام حالك لف ثنايا منزلنا ما اغوى جحافل الجرذان ان تتراقص مختالة وفي تحد مستمر لانفاس قدر لها ان تألف مالم يكن مألوفا ، فقط هذه السدرة ابت الا ان تشاطرنا احزاننا تكتم اسرارنا لا تضجر من شكوانا ، وبصلابة معهودة ودعت احبابنا الواحد بعد الآخر ،ترى ماذا لو انهال نعال هذا الرجل قبل اكثر من عشرين عاما ؟ ،ليرحمكما الله ، ماذا لو شهدتما هذه اللحظات لكن من يدري ، ربما انفاسكم الراعشة لا تقوى على تجرع وقع المشهد الذي لطالما آمنتم بتحققه ؟ والذي صهل بكل عذابات السنين وخوفها ليتفجر صرخة عويل طوحت بالمكان حتى صار كل ما يسمع صراخ ونحيب توزع اركان منزلنا ، وجدتني اتمالك آلامي لأحنو عليها ، اربت على ظهرها ، _امي كفي عن الصراخ ،اقسم عليك الا توقفتي عن البكاء ،
_كيف يابنيتي ألا ترين ... أي خدعة احبست انفاسنا ووشحت حياتنا بالسواد ،
_امي احمدي الله كثيرا لتمننه عليك برؤية هذه اللحظة ولتترحمي على من غيبتهم يد المنون .

* * *
_امي ألم اطلب اليك ان تكفي عن لعبة البحث عن ...
_لكن ياعزيزتي انت الان ...
_حتى وان صرت في الخمسين ...
_لا ...لا تقولي هذا انشاءالله ... جاءها الرد مقاطعا
_امي انا لا آبه ان تزوجت ام ...
_كم تمنيت لو ان لعماتك اولاد يقاربونك سنا ،وكالمعتاد اقابلها بابتسامة فاترة ، واشيح بوجهي عنها ، وانا اشفق لبؤس امنية تبحث عن عريس لفتاة عابها زمن معيوب ، والا فمن يجرؤ على التفكير مجرد التفكير للاقتران بفتاة والدها موصوم بخيانة السلطه ؟، فاجأتها عيناها اللامعتان في مرآة تصر على قول الحقيقة دون مواربه ،"ما بالهما عيني بريقهما بدا يخبو "،وتذكرت كلمات والدها وهو يستمع عبر المذياع الى اخبار الحرب في لبنان "ستكونين يااحلام اجمل مراسلة في العالم" ،لكنها الطفولة يا ابي تحرضنا على المزيد من المشاكسات التي سرعان ما تتقهقر تحت سطوة الواجب المكروه والمقدس الدنس ،الموهبة والذكاء لا يجديان نفعا ما دام هنالك ثمة متربص يحصي لنا الانفاس ، ويختم بالشمع الاحمر على فايل مدرسي ومن بعدها على مستقبل اريد له ان يكون قانيا كلون الدماء التي اصطبغت ايامنا النازفه ،
"سأصحبك اليوم" ،كان هذا بمثابة اعلان قطيعة بين ما كنت احلمه وبين واقع فرض نفسه بقوة ، قرار لا بد منه وألا ...؟ اخوة صغار ووالدة هرست شبابها مصيبة الغياب لمن كان يحمل عناوين الرجل في حياتها هو الاب والاخ والحبيب والزوج ما ارقها والدتي حين تستكين بعد نوبات النحيب والعويل لتخرج من بين شفتيها اسرار ما كانت لتنطق بها لولا لحظات الوله التي تعقب هذه النوبات فتاة تتفتق انوثتها على حقيقة ابن العم السند والمعوض لسنين اليتم والحرمان ، فموت الوالد وزواج الأم ، كفيلان بتوجيه الرعاية والاهتمام ،اعتدت سماع هذه القصة لا سيما في السنوات الاخيره ، حتى ان مشاعر البوح تتغلب لتسرني كيف انه كان يتحين الفرص ليختلي بها مغازلا مشغوفا للحظات تسترق من رقابة الاهل ليتوجها اميرة الاميرات ، واجمل الجميلات ، وليعاهدها بانها له وحده ولن يسمح لاحد ان يظفربها ، آه ...وتهز رأسها لو تتخيلين دبيب سحرها تلك الكلمات وما تفعله ، وما ان تقع عيناها في عيني حتى تدرك عظيم ما انقادت اليه ولتنطلق بعدها عبارات التوبيخ المستفيقة من حلم مسلوب،
_هيأتي النقود ؟
_السؤال ذاته امي !
_تعلمين جيدا انني اذهب مبكره ...
اتذكرها جيدا لحظة الاختيار التي فاقت قدراتي ، ان انوب عنها في ادارة الدكان ، شيء لا يطاق لكنها تسعينيات الجوع والفوضى ابت الا ان تحيطنا بنطاق شظفها وانين جبروتها ، مشاعر اضحت من الماضي فأنا لا اتخيل نفسي بعيدة عن السوق وضجيجه الذي بات هو الآخر من ضمن المألوفات...!
...العصر سيتوافر كل ما تطلبينه ،... صدقيني هذه النوعية افضل بكثير ، لا يمكن الف دينار للمتر الواحد ،...احتاج ثلاثة امتار من الدانتيل الذهبي ،...لم ار والدتك أهي بخير؟ ،" انه موعد التبضع من سوق الشورجه ،"انتابني شيء من القلق وبدأت افقد التركيز مع الزبائن ، في كل مرة اطلب اليها ان تحمل الهاتف النقال ، ماذا لو كان الآن ...؟ ياآلهي أي حياة تلك التي قدر لنا ان نحياها ؟"قلق وخوف وموت هي عناوين تصر ان تسم ايامنا ،بدأت افكاري تتقافز متشيطنه ،وانفاسي تتسابق لاهثه ، سحقا... اين انت يا اماه"وما ان نظرت في ساعة نقالها حتى استحال كل شيء الى محض دخان يلف ارجاء المكان .





#منى_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انفاس لزمن محتبس
- هواجس ...لابدمنها
- يقينيات سومريه_2
- يقينيات سومريه
- الجواهري ...النهر الثالث**
- طور تاسيس وبناء....ام محاكاة وتقليد....؟
- مشهد ضبابي
- ما بين الامس واليوم
- ألأن....؟
- ارض السواد
- مهلا....انه السيد العراق
- قمم حجريه
- ضئيل على الانصهار
- حجر بيضوي


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى الحاج - محض دخان ...!