أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - الجمعية العراقية لدعم الثقافة - إستراتيجية النهوض الثقافي في العراق : مشروع للنقاش















المزيد.....


إستراتيجية النهوض الثقافي في العراق : مشروع للنقاش


الجمعية العراقية لدعم الثقافة

الحوار المتمدن-العدد: 2814 - 2009 / 10 / 29 - 23:08
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تمهيد
نفهم النهضة الثقافية بالمعنى الجزئي الضيق للمصطلح، على انها اكتساب منظومات النشاط والانتاج الثقافيين حيوية متجددة في بيئة مواتية ومحفزة، واتساع فعلها ليشمل شتى ميادين الأدب والفن والعلم والفكر، وانتشار تجلياتها وثمارها ( عبر التسويق وغيره ) على نطاق واسع.
في ظل شروط كهذه تعود الثقافة بالتدريج جزءا اساسيا من حياة الناس اليومية، وتغدو مصدرا لا ينضب لمتعتهم وفائدتهم، وتتحول الى حاجة لا غنى لهم عنها.
وبالمعنى الاوسع للمصطلح يشكل ما ذكرناه كله جزءا جوهريا من مفهوم النهضة الثقافية، التي ننظر اليها، خصوصا، من زاوية تأثيرها النهائي على افراد المجتمع في المستوى التنويري - التربوي وعلى الصعيد المعرفي – القيمي والانساني العميق، وانعكاس ذلك كله في سلوكهم وعلاقاتهم المتبادلة وحياتهم الاجتماعية. كذلك من زاوية تأثيرها في المجتمع ككل، في حركته ونهضته، عبر ادماجها كعنصر ستراتيجي في السياسات الانمائية، واسهامها الجوهري المباشر وغير المباشر في التنمية الاقتصادية – الاجتماعية والتنمية البشرية والارتقاء بنوعية الحياة.
في كل الاحوال، وبالمعنى الاوسع للمصطلح خصوصا، تشكل النهضة الثقافية وشرطها الاساس – التنمية الثقافية الشاملة، عموديا وافقيا، شأنا يخص الدولة والمجتمع على حد سواء.
وبالنظر الى ان المجتمع المدني في بلادنا ما زال في طور التشكل، شاقا طريقه في ظل شروط صعبة سياسيا واجتماعيا وتشريعيا، فان الدور الذي يمكن ان يلعبه راهنا في هذه العملية عبر تنظيماته ومنابره الوليدة ( المنظمات غير الحكومية، الأحزاب السياسية، وسائل الإعلام .. الخ ) يبقى محدودا ومتناقضا وحتى سلبيا في أحيان غير قليلة. في حين تظل المؤسسات الاجتماعية التقليدية ( العائلة، القبيلة، الطائفة، المؤسسة الدينية وغيرها ) تمارس في الواقع العملي دورا كابحا.
في مقابل ذلك تبرز الدولة، بما تتوفر عليه من امكانيات مادية وقدرات تنظيمية ووسائل تنفيذية، باعتبارها القادرة في المرحلة الراهنة على تأمين انطلاق هذه العملية وتواصلها وبلوغها الاهداف المرتجاة. وهذا الواقع يوجب عليها ( الدولة ) القيام بالمهمة، لا سيما وان المادة 35 من الدستور ( التي تتطلب اعادة نظر تعيد الاعتبار للثقافة بوصفها نشاطا اجتماعيا رفيعا ومعرفة خلاقة، وتخرجها من الباب المخصص للتربية والتعليم ) تنص على رعاية الدولة لـ " النشاطات والمؤسسات الثقافية " والحرص على " اعتماد توجهات ثقافية " ملائمة.



اولا
منذ الخلاص من النظام الدكتاتوري وثقافتنا تعاني شللا على هذه الصعد. فالبنى التحتية القديمة المدمرة لم تمتد اليها يد التعمير والبناء، ولم تتم بالطبع اضافة جديد اليها. وتمويل الثقافة - من ميزانية الدولة طبعا ، فقدرات المجتمع منعدمة عمليا مع استمرار ركود عجلة الاقتصاد والانتاج - يتسم بالشحة المفرطة ويعجزعن حفز التقدم المرتجى في الحياة الثقافية. اما النظرة الثقافية الستراتيجية، فبعد تحديد ملامحها الاولية في وثيقة " نهجنا الثقافي " ( وزارة الثقافة 2004 ) ثم خصوصا في وثائق مؤتمر المثقفين العراقيين ( بغداد 2005 )، لم يُبذل اي جهد لتطويرها وبلورتها وصياغتها واعتمادها.
وما تحقق – الى حد بعيد - هو شرط الحرية الذي لا يمكن تصور نهوض ثقافي حقيقي من دونه.
إنما، ومثلما بيّن واقعنا الجديد ذاته ، ليس بالحرية وحدها تحيا الثقافة وتنمو وتنهض!
صحيح ان ثقافتنا لم تعدم الحراك في اطار هذا الواقع ، وكان حراكها وما زال محملا بالوعد.
الا انه بقي وحيد الجناح ، عاجزا عن الانطلاق صعودا بعنفوان وتوازن.
فالى جانب جناح الحرية لا بد موضوعيا من الجناح الآخر : البنى التحتية والتمويل ، والرؤية الستراتيجية.
هنا اذن نقطة البداية الضرورية : اعمار البنى التحتية للثقافة وتطويرها وتوسيعها، وتأمين التمويل لانطلاق التنمية والنهوض الثقافيين، على وفق استراتيجية ثقافية مدروسة ومعتمدة.
سوى ان واقع الحال يبين بقاء الثقافة العراقية، بعد خمس سنوات ونيف من انهيار النظام الدكتاتوري ، تبحث عن منطلق رصين وفاعل لنموها ونهوضها في الظروف الجديدة.
نعم، وجدت الثقافة نفسها في اجواء ما بعد الانهيار طليقة بنحو لا سابق له ، متمتعة بحرية في التعبير تكاد تكون غير محدودة - فلا قيد حكوميا يثلمها ، ولا رقيب يكبتها. ( وإن لم ينف هذا نشوء " رقابة ذاتية " في اوساط منتجيها بفعل عربدة الارهاب وسقوط عديدين منهم ضحايا له)
وفي هذه الاجواء تفتح كثير من زهرها ، ورأى النور كثير من نتاج مبدعيها – القديم حبيس الادراج السرية ، والوليد الطالع لتوّه. ونزل الى الميدان جيل جديد واعد من رواد الابداع الثقافي بشتى صنوفه وانماطه .
ثانيا
يتوقف نجاح عملية التنمية والنهوض الثقافيين على التوظيف الصحيح للاطر والآليات والادوات – المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية وغير الحكومية، التي تتكون منها المنظومة الثقافية العراقية، وعلى فاعليتها.
على صعيد الدولة ( الحكومة ، البرلمان ، مجالس المحافظات، الهيئات الرسمية الاخرى) تبرز بين الآليات : الستراتيجية الثقافية الواضحة والمعللة، القائمة على الفهم العميق للموقع المؤثر للثقافة في حياة وتطور المجتمع الانساني عموما والمعاصر خصوصا، وعلى ادراك دورها في نموه وتقدمه.
هذه الآلية الاساسية غائبة اليوم تماما لاسباب سبقت الاشارة اليها.
وهناك الآليات والاطر القائمة، لا سيما المتصلة مباشرة بالثقافة والتنمية الثقافية:
• تخصيصات موازنة الدولة السنوية للاغراض الثقافية، التي يتم منها تمويل قطاع الثقافة عبر الوزارة المعنية ووزارة الاقليم ومجالس المحافظات وبعض المؤسسات الثقافية الاخرى. وهذه التخصيصات بالغة الهزال حاليا ( لا تقارن بامثالها حتى في بلدان اضعف قدرة مالية من العراق بكثير )، ولا يستقيم حجمها مع التوجه المعلن نحو تحقيق تنمية وتحديث شاملين في البلاد. فهي اذا استثنينا منها الانفاق على الاجهزة البيروقراطية المكلفة بالادارة، كانت وما زالت بعيدة عن تأمين الحد الادنى من الاحتياجات الاساسية للقطاع، وفي مقدمتها اعمار البنى التحتية الثقافية وتوسيعها وتحديثها.

• وزارة الثقافة – المؤسسة الرسمية الاساسية المعنية بالثقافة وادارتها. وهي تبدو عاجزة عن النهوض بمهماتها. والسبب لا يكمن فقط في ما سبق ذكره من افتقارها الى الرؤية الستراتيجية، ومن ضآلة المخصص لها في الموازنة السنوية للدولة. انما يرجع ايضا الى افتقادها السياسات الملموسة والخطط السنوية للاعمار والتنمية الثقافيين، مثلما يعود الى الادارة غير الموفقة لعملها والتصرف غير الرشيد بتخصيصاتها المالية المحدودة، الناجمين كليهما عن عدم العناية باختيار قياداتها وكوادرها المسؤولة.

• المؤسسات التعليمية والاكاديمية والبحثية من مدارس ومعاهد ومراكز وجامعات. وهي ذات طبيعة تأسيسية بالنسبة الى الثقافة في معناها الاوسع، لكنها تقع خارج نطاق اهتمامنا المباشر في هذه الورقة، باستثناء بعض قليل من حلقاتها مثل معاهد واكاديميات الفنون الجميلة التابعة لوزارتي التربية والتعليم العالي، والمجمع العلمي وبيت الحكمة ومراكز اخرى. وليس واضحا موقع بعض هذه المؤسسات ودور البعض الآخر في اطار المنظومة الثقافية القائمة، ولا واقع علاقاتها مع بعضها، وشكل وحجم اسهامها في العملية الثقافية.

• المؤسسات الثقافية في الاقليم والمحافظات. وهذه بالنسبة الى المحافظات – وشأن بنية الحكم المحلي بمجملها – ما زالت في طور التكوين، ولا تتوفر معلومات كافية عنها وعن عملها. كما لا تتوفر معطيات عن حجم المخصص لها وللعمل الثقافي عموما في موازنات الاقليم والمحافظات، وما اذا ينفق عليها فعلا ام يرحل الى ابواب اخرى غير الثقافية، والمعايير المعتمدة في تحديد هذه التخصيصات ، ثم في توزيعها وانفاقها. وليست واضحة ايضا علاقة هذه المؤسسات في المحافظات بوزارة الثقافة، وطبيعة هذه العلاقة، وتقسيم العمل بين طرفيها والتنسيق والتكامل بين نشاطاتهما.

اما على صعيد المجتمع فهناك خصوصا الكيانات الثقافية ذات الطبيعة المهنية، والمنظمات غير الحكومية، ووسائل الاعلام، فضلا عن المنابر االثقافية الاهلية وجهات اخرى بينها احزاب وشخصيات تعي اهمية الثقافة وتكرس لها الجهد والانتباه الذي تستحقه:
• فالاتحادات والجمعيات والنقابات الثقافية ( اتحاد الادباء، جمعية الفنانين التشكيليين، نقابة الفنانين، اتحاد الفنانين الموسيقيين .. وغيرها ) التي تضم عادة منتجي الثقافة في ميادين الابداع المختلفة، تـُعنى قبل كل شيء بنشاط منتسبيها والجوانب المهنية لعملهم الابداعي، والتعريف بنتاجاتهم، فضلا عن انشغالها بأحوالهم المعيشية والحياتية الصعبة، وسعيها لتأمين اسباب البقاء لهم في الوقت الذي يواجهون فيه تجاهلا تاما تقريبا من طرف الجهات الحكومية. فيما يبقى اهتمامها بالواقع الثقافي عموما والتنمية الثقافية، وبدور الثقافة والمثقفين في حياة المجتمع وتطوره وتقدمه، محدودا ان لم يغب تماما. ويكاد يكون اتحاد الادباء الاستثناء الوحيد وبدرجة معينة.

• كذلك حال المنظمات غير الحكومية المعنية بالثقافة، والتي تركز اساسا هي الاخرى على تنظيم النشاطات الثقافية، ويندر ان يتسع اهتمامها ليشمل المسائل الكبيرة للثقافة، وعلاقات الثقافة المتبادلة مع المجتمع والدولة، ودورها في التنمية الاجتماعية – الاقتصادية، وسوى ذلك من القضايا.

• وتبقى المنابر الاهلية، خاصة ً المجالس الثقافية، تنشط في نطاقات ضيقة ويظل دورها وتأثيرها محدودين.

• اما وسائل الاعلام فقد لعب العديد منها، في ظروف العجز الراهن للبنية التحتية للثقافة، دورا لا معوض عنه في تعريف الرأي العام بالنشاط والانتاج الثقافيين وتشجيعهما، وفي الترويج للثقافة واحياء وتنشيط الاهتمام العام بها، وكشف الاهمال الذي تلقاه من طرف الدولة والضغط من اجل وضع حد له.

ثالثا
ما هي التغييرات التي ينبغي ادخالها على الوسائل (الاطر والآليات والادوات ) سابقة الذكر، والاجراءات التي يجدر اتخاذها لتفعيل تلك الوسائل، وتأمين انجازها المهمات المحددة في ميدان اعمار البنى التحتية الثقافية، وتنمية الثقافة والنهوض بها؟
من الواضح اولا ان الثقافة، نشاطا وانتاجا، ينبغي ان تستعيد استقلالها عن السلطة الحكومية، الذي سلبها النظام السابق اياه، وان تعود – مثلما كانت حتى سبعينات القرن الماضي - شأنا يخص المجتمع اولا ومنتجي الثقافة قبل غيرهم.
ولكنّ الاحترام المطلوب لاستقلالية الثقافة من جانب اجهزة الدولة، وكفّ السلطات الحكومية عن التدخل في العمل الثقافي وعن السعي للهيمنة عليه وتوجيهه، وتركها امر الانتاج الثقافي لمبدعي الثقافة انفسهم .. ان هذا كله لا يعني تخلي الدولة عن واجب رعاية الثقافة وحفز تطورها، ودعم منتجيها وناشطيها، وتشجيع العمل الثقافي بوجه عام. بل العكس هو الصحيح، وهو المعتمد في عامة بلاد العالم. ويصح ذلك اكثر في حالنا الراهن، الذي تفتقد فيه الثقافة ومبدعوها الحدود الدنيا من متطلبات الاستمرار والنشاط والانتاج، واذ يعجز المجتمع – للاسباب المذكورة سابقا – عن القيام بدوره الطبيعي في هذا السياق.
في ضوء ذلك يتوجب النظر في التغييرات والاجراءات المشار اليها في السؤال اعلاه، من خلال ما يأتي:
• لا بد من استكمال رسم واعتماد الستراتيجية الثقافية الوطنية في بلدنا متعدد الثقافات ومتنوعها، وذلك من مهمات الدولة والمجتمع على حد سواء. ويتطلب الامر العودة الى ما انجزته وزارة الثقافة سنتي 2004 و 2005 في هذا الشأن بالتعاون المباشر مع المثقفين، والانطلاق منه في مسعى متجدد يتصدره المثقفون انفسهم ويساهم فيه سائر المعنيين بالموضوع الثقافي والتنموي.

• في مجال تخصيصات الموازنة العامة السنوية للاغراض الثقافية، يتوجب ادخال تغيير عميق وجوهري حتى من دون الحديث عن تنمية ونهضة ثقافيتين. ولكي يمكن حسم اعتماد الزيادة الكبيرة الضرورية، وتأمين نفقات اعمار البنى التحتية للثقافة ومتطلبات التنمية المستدامة في القطاع الثقافي، لا بد من نظرة مغايرة الى الثقافة من جانب النخب السياسية والمشرعين. نظرة ترى الى الثقافة كغاية ووسيلة في وقت واحد، كعامل جوهري لا غنى عنه في عملية ارتقاء الانسان وتقدم المجتمع على حد سواء. علما ان هذه النظرة الناضجة والرشيدة، التي يتطلب فرضها سعيا متفانيا وحثيثا وضغطا لا يكف ولا يكل، من جانب مثقفينا وسائر الوطنيين المخلصين، هي ما يكمن خلف توجه الكثير من البلدان نحو تخصيص نسبة ثابتة من دخلها الوطني ( او من مجمل موازنتها السنوية ) للثقافة والتطوير الثقافي. الامر الذي يجدر ان نستلهمه ونحذو حذوه.

• في خصوص وزارة الثقافة - لا مفر من اعادة النظر في طبيعة هذه الوزارة ووظائفها في الظروف الجديدة. فمع تقدم عملية اعمار البلاد وانطلاق الدورة الاقتصادية والنشاط الانتاجي، واستعادة المجتمع وحياته عافيتـَهما، سيتمكن مبدعو الثقافة من الوقوف على اقدامهم، والانطلاق في نشاطهم الانتاجي المستقل. وسيكون على وزارة الثقافة ان تخلي المواقع التي تحتلها الآن في حقول النشاط والانتاج الثقافيين، وان تباشر وظيفتها الاساسية الجديدة. وهذه تتمثل من جانب في صياغة الرؤية الستراتيجية العامة للثقافة، معتمدة في ذلك اساسا على المثقفين انفسهم، وفي تطويرها وتحديثها باستمرار والسهر على تنفيذها، ومن جانب ثان ٍ في الرعاية الشاملة للثقافة، وتأمين الدعم للمبدعين - المنتجين المستقلين، وتقديم التسهيلات والخدمات والحوافز للنشاط والانتاج الثقافيين بوجه عام.

وبديهي ان الوصول الى هذا كله سيستغرق سنوات. وحتى ذلك الحين، وبالافادة من النظرة الجديدة الضرورية من طرف القيادات السياسية والمشرعين الى الثقافة، وما تفرضه هذه النظرة من عناية باختيار اصحاب القرار في الوزارة، وادخال زيادات كبيرة في تخصيصاتها المالية السنوية .. حتى ذلك الحين تباشر الوزارة مهمات " فترة انتقال " تنصرف فيها اساسا، وفضلا عن انجاز الستراتيجية الوطنية الثقافية وما يرتبط بها، الى اعداد وتنفيذ خطط الاعمار والتنمية وفقا لهذه الستراتيجية، واعادة النظر في القاعدة التشريعية للوزارة والمؤسسات المرتبطة بها، وللثقافة بوجه عام وما يتعلق بها.

• بجانب ذلك يتوجب توضيح مواقع المؤسسات الثقافية الرسمية الاخرى غير التابعة لوزارة الثقافة، وادوارها في اطار العملية الثقافية، والنظر في امكان ربطها بعلاقات تنسيق هادفة مع الوزارة، تؤدي الى تفعيل اسهامها في الوصول بالعملية الى غاياتها.

• وينطبق هذا ايضا على المؤسسات الثقافية في المحافظات، الممولة من ميزانيات مجالسها، والتي ينبغي بناء علاقات عمل فعالة تربطها مع وزارة الثقافة، وتحقق التكامل بين نشاطات المركز والاطراف على الصعيد الثقافي.

• في هذا السياق طرحت كثيرا وتطرح فكرة تأسيس مجلس اعلى للثقافة، على غرار المجالس القائمة في عدد من البلدان العربية الاخرى. ولا ريب ان البحث في الفكرة مطلوب، خاصة وان المساعي الملموسة لتحويلها الى واقع، قطعت شوطا لا يستهان به. ويتطلب البحث الاجابة على العديد من الاسئلة : ما الغاية من تأسيس المجلس؟ ما هي الوظائف التي يفترض ان يقوم بها؟ وفيم ستختلف عن وظائف وزارة الثقافة؟ واذا كان يراد له ان يكون رديفا للوزارة لا بديلا عنها، فكيف ستكون علاقته معها، وكيف سيقسم العمل الثقافي بينهما؟ وكيف سيخدم ذلك الثقافة ومهمات اعمارها وتنميتها والنهوض بها؟ ثم كيف ننظر الى عمل المجلس في ضوء ورقتنا هذه وما تتضمن بخصوص الثقافة وادارتها والوزارة وغيرها؟ هل يكلف المجلس بمهمات النشاط والانتاج الثقافيين التي يفترض ان الوزارة تقوم بها حاليا، فيما تنصرف الوزارة منذ الآن الى وظائفها الجديدة المقترحة ( الستراتيجية والتشريعية وتقديم الدعم والخدمات لمنتجي الثقافة وناشطيها )؟ وماذا يكون مصير المجلس بعد انتهاء " فترة الانتقال" ومباشرة منتجي الثقافة وناشطيها عملهم المستقل؟ ام يكون المجلس ثقافيا اعلى حقا، بمعنى ان يكون فوق الوزارة ( والوزارات )، ويُعنى بدراسة ورسم الاطر والتوجهات الستراتيجية العامة في ميدان الثقافة بمعناها الواسع الشامل، لتنفذها الوزارات ذات العلاقة والمؤسسات الثقافية الاخرى الحكومية وشبه الحكومية، بالتنسيق مع المثقفين ومنظماتهم ووسائل الاعلام؟ ان الرد على هذه وغيرها من التساؤلات، سيلقي الاضواء الضرورية على الجوانب المختلفة للمسألة، ويتيح التوصل الى رأي متوازن في شأنها.

على صعيد منابر المجتمع الثقافية تبرز الحاجة الى اعادة نظر عميقة في اوضاع وعمل اتحادات المثقفين وجمعياتهم ونقاباتهم، والى اعادة تعريف طبيعتها ورسم مهماتها. فمن الضروري ان تتجاوز طابعها المهني المجرد او الغالب، وان تولي اهتماما متزايدا للموضوع الثقافي وكل ما يتصل به، وان تكون قرينا مكافئا لمؤسسات الدولة الثقافية، خاصة وزارة الثقافة، في توجيه وادارة العملية الثقافية، وان تمارس دورا اساسيا ومباشرا في صياغة الستراتيجية الثقافية الوطنية وتنفيذها. وفي الوقت عينه ينبغي ان تكرس اهتماما لقضايا الثقافة في علاقتها بالمجتمع، ولتفعيل دور المثقفين في الحياة والحراك الاجتماعيين. كما يتوجب ان تـُعنى بتحشيدهم لشن حملة ترويج متواصلة للنظرة السليمة آنفة الذكر الى الثقافة، وحملة ضغط لا تنقطع بالتعاون مع القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني وغيرها، على مؤسسات الدولة والقيادات السياسية كي تتبنى النظرة الجديدة وتعتمدها. هذا اضافة الى حملات مماثلة بالتنسيق مع الجهات المشار اليها، ضد تدخل السلطات في شؤون الاتحادات والنقابات والمنظمات غير الحكومية الثقافية وغيرالثقافية، والعراقيل التي تضعها في وجه عمل بعضها والتضييق على وجود البعض الآخر، وللمطالبة باحترام حقوقها والاسراع في استصدار تشريعات جديدة، ديمقراطية حقا، تنظم وجودها وعملها.
كذلك الحال بالنسبة الى المنظمات غير الحكومية المعنية بالثقافة، التي يجدر ان تنصرف في مرحلة التغيرات الكبيرة التي تشهدها البلاد، بجانب اهتمامها بتنظيم الفعاليات الادبية والفنية المختلفة، الى القضايا الجوهرية للثقافة وعلاقتها بالانسان والمجتمع، والى الاسهام الملموس في الحملات المشار اليها اعلاه وسواها، والانخراط في برامج واسعة للتنوير ونشر المعارف، واشاعة الوعي بالحاجة الماسة الى التنمية والنهوض الثقافيين.
( في شأن الفعاليات والنشاطات الثقافية المختلفة، التي نظمتها في السنوات القليلة الماضية الجهات غير الحكومية، ومعها المؤسسات والاجهزة الحكومية، لا بد من الاشارة الى انها شكلت من الناحية الكمية على الاقل، اوسع نشاط ثقافي في تاريخ الدولة العراقية الحديثة. وكان لها دورها المشهود في الجهود التي بذلها المجتمع وقواه الحية لدرء الارهاب والتعصب والطائفية، ونشر قيم الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والرأي الآخر، وتطبيع الاوضاع في البلاد. )
ولا بد اخيرا من التوقف عند الدور الذي قام به العديد من وسائل الاعلام، المرئية والمسموعة والمقروءة وبضمنها الانترنت، في عكس النشاط الثقافي ومستجداته، والترويج للثقافة، والسعي الى رد الاعتبار الكامل اليها على صعيد المجتمع وعلى مستوى الدولة. لا بد من وقفة تتيح تأمل موقع وسائل الاعلام في المشهد الثقافي عامة، والنظر في ما يمكن ان تنهض به ثقافيا في المرحلة المقبلة.



#الجمعية_العراقية_لدعم_الثقافة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - الجمعية العراقية لدعم الثقافة - إستراتيجية النهوض الثقافي في العراق : مشروع للنقاش